لم تنقطع الجهود المصرية لحظة واحدة، للعودة إلى المسار الرئيسى فى غزة وليس إيران وجنوب لبنان، فلا مفر من الاستمرار فى البحث عن نقطة ضوء وسط الظلام، لمواجهة إصرار إسرائيل على توسيع رقعة الصراع، لتشتيت الأنظار عن القضية الفلسطينية. أولا : نقطة البدء هى وقف إطلاق النار وإتاحة الفرصة لمفاوضات جديدة بعد فشل الجولات السابقة، فى ظل العمليات العسكرية الهمجية لجيش الاحتلال، وصار ملحا العودة إلى إدخال المساعدات بالقدر المناسب الذى يحفظ حياة أهالى غزة مع قدوم فصل الشتاء، بعد أن ثبت فشل الرصيف البحرى والإنزال الجوى فى القيام بهذه المهمة. ثانيا: انشغل الجميع بالصراع الهزلى بين إسرائيل وإيران، وذهبت الاهتمامات بعيدا عن القضية الأم، وبات السؤال : هل نجح نتنياهو فى فرض واقع جديد أوسع بكثير من القضية الفلسطينية التى تتلاشى فى صخب المسيرات والغارات الليلية التليفزيونية ؟. ثالثا : الموقف المصرى الواضح ظل ثابتا ويتحرك من منطلقات أساسية، أهمها إنقاذ الأوضاع المتردية فى غزة،التهدئة وتبادل الرهائن والأسرى ووقف إطلاق النار، ثم الدخول فى مفاوضات الحل النهائي، وليس البحث عن مسكنات أو حلول مرحلية تستفيد منها إسرائيل. مصر ترفض تماماً أى تواجد عسكرى لإسرائيل فى غزة بعد وقف إطلاق النار، والالتزام الكامل بمساندة القضية الفلسطينية، اتساقاً مع دورها التاريخى الممتد منذ قرابة 75 عاماً حتى الآن، ويحتل هذا الملف صدارة الأمن القومى المصري. رابعا :لم يعد مؤثرا الاحتكام إلى الأممالمتحدة والقوانين الدولية التى تلزم سلطات الاحتلال المسئولية الكاملة عن حماية المدنيين وتوفير المساعدات الإنسانية، لأن المجتمع الدولى صار غير قادر على تفعيل المعاهدات والأحكام التى توافق عليها منذ سنوات طويلة. إسرائيل لا تحترم تعهداتها وتضرب بالقوانين والمعاهدات عرض الحائط ولا توجد آليات ولا تنفع ضغوطات، ومصر تتحرك فى كل الاتجاهات لطرح أفكار جديدة لتحقيق السلام بعد فشل أسلوب «إحياء المسار»، وتبذل قصارى الجهد لكبح رغبة إسرائيل المتعطشة لمزيد من الدماء، وتتصدر المشهد بمواقفها الوطنية تجاه القضية الفلسطينية. خامسا: نتنياهو يريد كل شىء دون أن يتحمل أى شىء، يريد التطبيع والعلاقات الاقتصادية والتعاون المشترك مع الدول العربية، ويريد أيضاً التخلص من حماس وحزب الله وتخويف إيران، وضم كل فلسطين إلى إسرائيل، وبدلاً من أن تكون «الأرض مقابل السلام» يريد التطبيع عربون السلام. نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب ولا تهمه قضية الرهائن والحفاظ على حياة ما تبقى منهم، وأصبح زعيماً شعبياً فى إسرائيل بعد قتل زعماء المقاومة، ويكتسب شعبيته على جثث الضحايا الفلسطينيين وحرب الإبادة، واختفت تماماً كل الجماعات والأصوات التى كانت تنادى بالسلام. سادسا :لا بديل إلا البحث عن نقطة ضوء وسط الظلام، وبمرور الوقت بدأت تخف حدة الانحياز الغربى الكامل لإسرائيل، ويزداد اقتناع دول العالم بضرورة إقامة الدولة الفلسطينية.