التعصب من الأمور التى نهى عنها الشرع؛ لما يؤدى من إثارة الفتن بين الأفراد ويولد العداوة والكراهية فى العلاقات الشخصية والاجتماعية، وقد توعد الله مرتكبه بالعقوبة الدنيوية والأخروية، فدين الإسلام دين السماحة واليسر والوسطية وأحكامه لا تعرف التعصب والمغالاة قال تعالى: «يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير» فما معنى التعصب وأشكاله وكيفية العلاج؟ عن ذلك يقول الدكتور بيومى إسماعيل من علماء الأزهر: التعصب ظاهرة قبيحة تطل علينا فتشوه صورة الوجه الجميل لكل شيء فتحوله إلى صورة قبيحة وتحول الإنسان العاقل المتزن الرزين إلى إنسان طائش يغضب لأتفه الأسباب ولا يزن الأمور بميزانها الطبيعى بل يضخم الأشياء حتى يظن السامع أن الأمر جلل مع أنه يسير، وقد عرف العلماء التعصب بأنه من العصبية بأن يدعو الإنسان إلى نصرة عصبته وأهله ولو كانوا ظالمين وأيضا هو انحياز الشخص إلى فكرة أو نظرية أو جماعة واستيلاء تلك الفكرة أو الجماعة على عقله حتى لا يرى سواها ويضيف أن التعصب أنواع كثيرة أبرزها التعصب القبلى هو أن يتعصب الفرد إلى قبيلته أو عشيرته ضد القبائل الأخرى وكان هذا موجودا فى الجاهلية كما حدث بين الأوس والخزرج حتى هاجر إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم فألف بين قلوبهم قال تعالى: «وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها». ولقد أراد رجل من اليهود أن يحيى هذه العصبية بأن جلس واحد منهم بين الأوس والخزرج وصار يذكرهم بما حدث بينهم من حروب يوم بعاث فثاروا وهاجوا وأرادوا أن يقتتلوا، فخرج إليهم النبى صلى الله عليه وسلم قال كلمة توزن بميزان الذهب: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم، دعوها فإنها منتنة»، فلقد سمى النبى صلى الله عليه وسلم التعصب للقبيلة دعوى جاهلية فيها يظهر الإنسان تعصبه لشيء لا يستحق. اقرأ أيضًا| جامعة الأزهر تنظم دورة تدريبية بعنوان «كيف تكون طالبًا ناجحًا ومتميزًا؟» أيضا من أنواع التعصب؛ التعصب لجنس أو لون أو عرق فهذا ليس من اختيارك ولا صنعك وإنما الأصل التعاون والود قال سبحانه وتعالى: «وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم» وكذلك التعصب الكروى وقد أخذ هذا التعصب منحنى خطيرًا هذه الأيام حيث يفقد الإنسان عقله ولا يسيطر على أعصابه وينسى أن هذا الذى يتعصب ضده أخوه فى الإنسانية والدين وقد يقوده هذا الانفعال والتعصب إلى السب والقذف وقد يصل إلى الإيذاء البدنى كما هو مشاهد الآن بالإضافة إلى الخسارة المادية من تحطيم الملاعب وغيرها. وقد فسر علماء النفس أسباب هذا النوع من التعصب أنه قد يكون وراثيا بأن ينشأ فى بيئة متعصبة لفريق وهذا ما نراه فى مدرجات كرة القدم فنجد أطفالا صغارًا يصرخون ويتعصبون وما ذاك إلا لرؤيتهم لأهلهم أيضا من أنواع التعصب الفقهى والمذهبى بأن يتعصب الطالب لشيخه وإمامه ولقد وصل التعصب فى بعض الأزمنة حتى قال بعض المتعصبين لا يجوز لصاحب المذهب الشافعى أن يتزوج من تعتنق مذهبًا حنفيًا مع أن الإمام الشافعى رضى الله عنه قال: رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب. أما عن أسباب التعصب فهو إعجاب الإنسان بذاته وتقديس بعض البشر أو الأشخاص والمغالاة فى الميل إليهم كمن يحب لاعبى الكرة والفنانين والمشاهير ويتعصب لهم بل يقلدهم. وقد عالج الإسلام هذه الظاهرة بالتربية السليمة التى تقوم على روح المنافسة الشريفة وحب الآخرين والتعاون والود بين الأفراد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حب لأخيك ما تحب لنفسك».