هواة بناء العقارات تنقصهم الخبرة ولا يهمهم سوى الربح السريع. نتحدث كثيرًا عن الاستثمار وتخفيف الأعباء التى تواجه المستثمرين وأغفلنا أخطر ظاهرة وهى التقليد الأعمى لبعض الأنشطة والذى يؤدى فى النهاية إلى الركود. خذ مثلًا نشاط مثل العقارات والمقاولات فهناك ما يقرب من 40 ألف شركة تعمل فى مجال البناء والعدد فى تزايد مستمر. وتشهد مقاولات البناء دخول أعداد جديدة كل يوم من المستثمرين الذين لا يملكون سوى المال وهو الأمر الذى يلحق أكبر الضرر لشركات المقاولات والتنمية العمرانية التى لها باع وتاريخ طويل فى عمليات البناء. القادمون الجدد لمقاولات البناء تنقصهم الخبرة وعدم التخصص ومجرد دخولهم لسوق التنمية العمرانية يحدث حالة من الفوضى والارتباك والتى تؤدى فى النهاية لإرباك السوق ووجود زيادات كبيرة فى الأسعار قد لا تعبر مطلقًا عن حقيقة التكلفة لأن من وضعوها لا يهمهم سوى الربح!! بالطبع فإن المواطن هو الذى يقع ضحية سوق أصبح أكثر رواده ومريديه من الهواة الجدد. هواة كانوا ضحية لرغبتهم فى الثراء السريع والفاحش وتصديقهم للشائعات التى تتردد عن المكاسب الضخمة للاستثمار فى التنمية العمرانية ومقاولات العقارات. ظاهرة التقليد الأعمى بين المستثمرين كانت السبب فى دخول أعداد جديدة من المستثمرين العقاريين لسوق البناء وبسبب عدم الخبرة أو الدراسة الحقيقية لاحتياجات السوق بدأت عملية المضاربة بأسعار الأراضى ثم المضاربة حول مستلزمات البناء وهو ما يؤدى لارتفاع جنونى فى أسعار البيع للعقارات ووجود حالة من الركود. بالطبع فإن الكل سوف يدفع الثمن فى النهاية وللأسف فإن شركات البناء صاحبة الخبرة الطويلة فى الأسواق تدفع الثمن مضاعفًا نتيجة دخول الهواة الجدد. قم بجولة فى مناطق التنمية الجديدة حيث ستجد مئات الكومبوندات والتجمعات العمرانية الجديدة وأرجوك لا تصب بالدهشة عندما تسأل عن أصحابها ومسوقيها فتجد أن أحدهم تاجر للعطارة وآخر كان جزاراً ثم تحول بقدرة قادر إلى مستثمر عقارى يبيع عقاراته بأعلى الأسعار. ظاهرة التقليد الأعمى قد تصيب أسواق العقار بالانهيار إذا لم يكن هناك تدخل جاد من الدولة. وسوق مقاولات البناء ليس مثل سوق محلات إصلاح وبيع الموبايلات والتى تجاوز عددها الملايين وتكاد تجاور بعضها نتيجة التقليد الأعمى لبعض تجارب النجاح. تجارب كانت تدرك وتعرف حقيقة التنمية وواجهت الصعاب والتحديات ومثال لذلك مدينتى الرحاب ومدينتى فقد كانتا كثبانًا من الرمال ووكرًا للعقارب والثعابين قبل أن تتحول إلى درة للمدن والتجمعات السكانية المتطورة وتجربة تسعى دول كثيرة لتطبيقها. تجربة تخلد اسم الراحل الكبير طلعت مصطفى والذى كان وطنيًا خالصًا وضع خبرته كلها لدعم جهود الدولة فى العمران وكان الربح هو آخر اهتماماته. أتمنى أن تتدخل الدولة لتنظيم سوق العقارات قبل أن تصبح لدينا منتجعات عشوائية وعقارات تباع بالتحايل والنصب واستغلال أحلام الفقراء فى مسكن يأويهم.