عامر: تأثير خطير.. الحناوى: جرس إنذار.. صابر: لا تصلح تليفزيونيا ظاهرة جديدة تشهدها الدراما التليفزيونية المصرية وهى دراما السفاحين حيث ينشغل السيناريست جوزيف فوزى بكتابة مسلسل «سفاح التجمع» بطولة الفنان أحمد الفيشاوى وهو العمل الذى انتهى منتجه من تسجيل فكرته وحصل على الموافقات الرقابية الخاصة به فى الوقت الذى أعلن فيه المنتج أحمد السبكى عن تقديمه فى مسلسل قصير بطولة حسن الرداد تأليف محمد صلاح العزب، وانضم «سفاح التجمع» لسلسلة دراما السفاحين بعد عرض مسلسل «سفاح الجيزة» العام الماضى بطولة الفنان أحمد فهمى بعد سنوات طويلة من اختفاء هذا النوع من الدراما منذ عرضت حلقات مسلسل «ريا وسكينة» عام 2005 بطولة الفنانة عبلة كامل وهى القصة التى رصدتها مسرحية تحمل نفس الاسم بطولة شادية وسهير البابلى وفيلم لنجمة إبراهيم وزوزو حمدى وآخر بطولة إسماعيل يس ونجاح هذا النوع من الدراما هو ما قد يدفع العديد من صناع الدراما التليفزيونية الفترة القادمة على تقديم نماذج مماثلة من السفاحين والقتلة، وهو ما جعل الأمر مثيرا للجدل.. وما بين التأثير السلبى والايجابى لدراما السفاحين نرصد آراء الخبراء فى السطور التالية.. قالت د. شيرين عامر خبيرة سلوكية ومهنية وطب الأسرة إن المشكلة الحقيقية والتأثير النفسى لهذه الأعمال تكمن فى طريقة العرض حين تجعل ضعاف النفوس يعتقدون انهم على حق فى فعل جرائمهم، وهو تأثير خطير، فأحيانًا تعرض الدراما بشكل مؤذ وليس علاجيا، وهناك أمر اخر يجب الالتفات له وهو التصنيف العمرى، فجميع المراحل العمرية تشاهد هذه المشاهد العنيفة المفتوحة بلا استثناء فتخيل طفلا عمره 9 سنوات يعيش فى منطقة شعبية، بالطبع سيمسك بالسلاح و«يهوش» به أصدقاءه على اعتبار أنه ولد قوى، وبعدها يكبر الطفل ويكون عمره 12 أو 15 عاما وتكبر معه العقدة خاصة إذا أصبحت القصة «تريند» يتطور الأمر معه، والمشكلة الأساسية التى يجب ان يتناولها صناع الدراما هى العلاقات الأسرية وكيف تظهر هذه العلاقة بشكل سوى على الشاشة. نوع موجود وأكد المخرج محمد النقلى أن عودة دراما السفاحين أمر طبيعى حيث انه نوع من الدراما مثل أى نوع اخر والمشاهدين يحبونه وبعد ايام ينسونه، بل إنها تعمل على توعيتهم وتنبيههم، وهو ما يحدث مع أى دراما اخرى، ويمكن معالجة هذا النوع من السيناريوهات بأكثر من طريقة، منها ألا يظهر فى الأحداث على المجرم إجرامه ابداً، وتقديم هذا النوع مهم لأن مجتمعنا اصبح ينتشر فيه الأمراض النفسية ويجب على الدراما المساعدة فى إزالتها من المجتمع. وجهتا نظر أضاف المؤلف بشير الديك: يجب أن يكشف العمل ما وراء الشكل الخارجى للسفاح أو المجرم، فالدراما ليست تحريضية وأيضا ليست علاجية، ولكنها ترصد القصة بشكل درامى، لأن العلاج النفسى مكانه فى المستشفيات ولو أصبحت الدراما هى المسئولة عن العلاج ستصبح كارثة، لأن كل يوم سيخرج طبيب نفسى ويقول: هذا لا يحدث فى الحقيقة، فالعمل الدرامى هو رؤية درامية فكرية تتحكم فى الأحداث وليس شيئا اخر. لا تصلح تليفزيونيا ويقول المؤلف مجدى صابر ان دراما السفاحين والجريمة ليست دراما تحريضية وليست علاجية بل هى نوع من انواع الدراما يفضله الجمهور وينجح كثيرا ولكن يجب على صناع الدراما عدم الانجراف وراءها وهذا النوع من الدراما يجب أن نسأل عنه الخبراء النفسيين: هل سيؤثر على الجمهور أم لا؟ لأنه بالطبع قد يؤثر على بعض المراهقين وأيضا الأطفال بالسلب، والمرضى النفسيين، لذا هذه الدراما لا تصلح للعرض التليفزيونى ولكنها تصلح للسينما فقط لأنه لا يمكن السيطرة على الأطفال المشاهدين للتليفزيون حتى ولو تمت كتابة التصنيف العمرى على الشاشات، بل إن الأطفال والمراهقين الان يستطيعون مشاهدة الأعمال على المنصات بسهولة بدون أى رقابة من الاهل، والأعمال المعروضة على المنصات دائما تجدها فى أى وقت عكس التليفزيون يتم عرض العمل مرة وانتهى والجمهور ينسى ما حدث. جرس إنذار وأشار المؤلف محمد الحناوى إلى ان الدراما كلما كانت أكثر تنوعا جذبت شريحة أكبر من المشاهدين، فالقضايا مطلوب مناقشتها دراميًا من كافة الجوانب، وفى «سفاح الجيزة» استطاع المؤلف ان يستثمر الفكرة على أرض الواقع رغم أن القضية نفسها لم يصدر فيها حكم نهائى وقتها ولكنها حادث لفت انتباه الجماهير وفريق العمل استثمر هذا الحدث، لكن لابد ان نعترف ان هذا النوع من الدراما له إيجابيات فهو جرس انذار للتوعية بأن هذه الظاهرة متواجدة ولابد ان ننتبه لها ونربى ابناءنا بعيدا عن العنف، ويجب ان يكون العمل فى اطار الدراما التحذيرية والتناول هو ما يفرق بين التحريض والتحذير، فالتناول الدرامى هو ما يجعل البطل يكسب تعاطف الجمهور حيث يكون له كاريزما، ويقول ان ارتكابه لهذه الجرائم كان له حق واسبابه فيها، وهو الأمر الذى يحدث كثيراً فى الدراما الغربية وهو ما حدث فى فيلم «الجوكر» الذى تم تقديم شخصية البطل فيه بشكل يجعل الجمهور يتعاطف معه، وبالتالى هذا هو التحريض، بأن الرجل الشرير الذى نراه فى الاحداث هو فيلسوف وضحوك ولديه الحق لفعل هذه الأمور، اما الدراما التحذيرية فهى أن يكون البطل الشرير طماعا وله شهوة دموية، أو مختلا عقليا وتبين الأحداث أنه شخصية منبوذة وكريهة ونهايتها مأسوية، ومن الضرورى ان يتواصل الكاتب مع خبراء علم نفس للتأكد من مدى تأثير مشاهده على الجمهور، فالعلاج فى الدراما هو التوعية المجتمعية لكيفية التعايش مع المريض وليس علاجه.