فى كل أسره تجد أن هناك شخصا مسئولا عاقلا مفكرا عطوفا على الجميع وليس بالضرورة أن يكون الكبير سنًا وإنما هو كبير العائلة.. يقدم بلا مقابل ويسارع فى حل أى مشكلة تعترض الآخرين حتى ولو لم يطلب منه ذلك، يحمل على أكتافه هموم الكل. أما إذا احتاجهم هو أو إذا لا قدر الله مرض، فقد يسأل عنه واحد منهم ويعتبر ذلك تفضلا منه ويتهرب الآخرون بأعذار واهية ورغم إحساسه وعلمه بذلك فهو لا يتغير ويظل يعطى بلا مقابل وعلى الجانب الآخر إذا طلبوا منه ما لا يستطيع تحمله اعتبروه مقصرًا فى حقهم، فهو مكلف بتحقيق أحلامهم حتى لو على حساب راحته أو حتى حياته... ونسوا جميعا أو تناسوا أن له احتياجات وأن طاقته فى تناقص وأنه فى يوم من الأيام يتمنى ان يشعر بلذة منح منهم له ولو لمرة واحدة.... كذلك هى مصر فلو كتبت مجلدات فيما فعلته أو ما قدمته لكل من حولها فلن أكفيها حقها وفى النهاية فشهادتى مجروحة، فأنا مصرية حتى النخاع.. أحب بلدى جدًا وأرفق بها وبأهلها وأتوجع من أجلها. حاصرتنى تلك الأفكار وأنا أتذكر حرب أكتوبر المجيدة وانتصاراته فى ذكراها الواحد والخمسين وأترحم على شهداء وطنى فى يومهم، ففى كل منزل رغم فرحة الانتصار كانت هناك دمعة تسقط على حبيب أو قريب أو جار بعد أن حصدنا فوزنا بأرواح أحسن وأشجع رجالنا، شهدائنا الأبرار الذين قدموا حياتهم فداء للوطن ولنا وبالمصابين الذى فقدوا جزءا غاليا من أجسادهم. والآن ونحن فى هذه الذكرى العطرة وفى خضم أحداث مؤسفة تحيط بنا من كل جانب لابد أن تتضافر جهودنا دون تصنيف، فهذا ليس وقت يسارى ولا يمينى، لابد أن نجتمع جميعًا ونقف صفًا واحدًا مع مصر بالقلب وبالفعل وننأى عن أى فكر متطرف أو حتى محايد فى حق مصر، فالحياد وقت الحرب خيانة.. نحن فى معركة حياتية من أجل البقاء، فمصر محاطة بألهبة النيران من كل الاتجاهات وعلينا التغاضى عن الصغائر لتمر هذه الفترة بسلام، فنحن نثق فى رئيسنا وفى رجال جيشنا وشرطتنا والأكثر من ذلك ثقتنا بالله فإنه خير حافظ.... حفظ الله مصر وأهلها.