لم تتوقع أن يقهرها المصريون في ال 6 من أكتوبر، الهزيمة جعلتها تفكر في الإنتحار، ولكن يبقي الواقع أن المصريون عبروا خط برليف، وقهروا أسطورتها الكاذبة الجيش الذي لا يقهر، واستطاعوا كسر المرأه الحديدية جولدا مائير، والتي ظنت يوما أنها رئيس الدولة العليا دون أن تعي قدرة المصريون علي صنع المستحيل، لتكشف لنا جولدا في كتابها «حياتي»عن حالتها النفسيه وكيف أن نصر ال 6 من أكتوبر كان صاعقة قهرتها كارثة ساحقة فتقول جولدا في كتابها : «ليس أشق على نفسى من الكتابة عن حرب يوم كيبور 1973، لن أكتب عن الحرب من الناحية العسكرية فهذا أمر أتركه للآخرين، لكننى سأكتب عنها ككارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسي، وسيظل معى باقيًا على الدوام، عقدت اجتماعاً فى 5 أكتوبر لبحث الموقف، وخلال الاجتماع اقترح «إسرائيل جاليلي» تفويضى ووزير الدفاع سلطة استدعاء الاحتياطى وإعلان التعبئة العامة، وكان من واجبى أن أستمع إلى إنذار قلبي، وأستدعى الاحتياطي، وآمر بالتعبئة». انهيار نفسى ووصفت مائير شعورها بالهزيمة بقولها : «لم يكن منطقيًا أن آمر بالتعبئة مع وجود تقارير مخابراتنا العسكرية، وتقارير قادتنا العسكرية، التى لا تبررها ! لكنى فى نفس الوقت أعلم تمامًا أنه كان واجبًا علىّ أن أفعل ذلك، وسوف أحيا بهذا الحلم المزعج بقية حياتى، ولن أعود مرة أخرى نفس الإنسان الذى كنته قبل حرب « يوم كيبور»، كان التفوق علينا ساحقًا من الناحية العددية سواء من الأسلحة أو الدبابات أو الطائرات أو الرجال، كنا نقاسى من انهيار نفسى عميق، لم تكن الصدمة فى الطريقة التى بدأت بها الحرب فقط، ولكنها كانت فى الحقيقة أن معظم تقديراتنا الأساسية ثبت خطؤها، فقد كان الاحتمال فى أكتوبر ضئيلًا». اقرأ أيضًا | كنوز| 51 سنة ورايات النصر يا مصر مرفوعة فى السماء 49 طائرة ويكشف عندليب الصحافة محمود عوض فى كتاب « بالعربى الجريح » عن حالة الانهيار النفسى التى كانت عليها جولدا مائير فى الرسالة السرية التى بعثت بها للسفير الإسرائيلى بالولايات المتحدة ليدبر لقاء سرياً لها مع الرئيس الأمريكى فيقول: إن التليفون دق فى التاسع من أكتوبر، بغرفة نوم وزير الخارجية هنرى كيسنجر الذى رد متثائباً : «أهلاً يا سيادة السفير .. خير ؟ »، فقال سميحا دينتز السفير الإسرائيلى فى واشنطن : «لا ياهنرى، لا خير ولا شالوم، عندى برقية وردتنى حالاً من جولدا مائير، لا أستطيع البوح لك بالتفاصيل الآن حتى لو كان تليفونك محصناً ضد التنصت، أريد مقابلتك بصفة عاجلة وسرية، وفى الثامنة والثلث صباحا بدأت المقابلة السرية فى غرفة الخرائط ب البيت الأبيض الأمريكى، السفير يقرأ من برقية رئيسة وزرائه، إسرائيل خسرت حتى الآن فى 6 و 7 و 8 أكتوبر فقط 49 طائرة منها 14 طائرة من طراز فانتوم، لم يكن الرقم فى حد ذاته مفاجأة على ضوء ما هو معروف مسبقاً من فاعلية حائط الصواريخ المصرى والدفاع الجوى السورى، لكن هناك صدمة مروعة، إسرائيل خسرت أيضاً خمسمائة دبابة من بينها أربعمائة دبابة فى الجبهة المصرية وحدها، الحقونا بأسلحة بديلة فوراً وبالجو قبل أى وسيلة أخرى، ثم رجاء خاص من جولدا مائير إلى كيسنجر. الرئيس نيكسون هذه الأرقام يجب أن تظل شديدة السرية ولا يتطلع عليها أى أحد آخر بخلاف الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون، لو عرفت الدول العربية الأخرى بهذا الإنجاز من مصر وسوريا فسوف ينضمون إليهما، وسر آخر: وزير الدفاع موشى ديان أصُيب قبل ساعات بانهيار عصبى ومنعته من عقد مؤتمر صحفى، وسر ثالث يهمس به السفير الإسرائيلى فى أذن كيسنجر: «تقول لك جولدا مائير إنها تريد القدوم إلى واشنطن فى زيارة سرية لكى تُقنع بنفسها الرئيس نيكسون بفداحة الموقف» !