تاريخ الولاياتالمتحدة يمتد عبر عقود من الحروب والنزاعات، وفى خضم مشهد جيوسياسي مضطرب، تجد واشنطن نفسها عند مفترق طرق مع تصاعد الصراعات فى الشرق الأوسط؛ من غزة إلى لبنان، كانت السياسات الأمريكية تتدخل بشكل مباشر وغير مباشر فى تحديد مسار الأحداث، مما أدى إلى تشكيل واقع معقد لا يزال يؤثر على الأوضاع السياسية والاجتماعية فى المنطقة. ومع ظهور الصين كقوة عالمية، بدأت التساؤلات تثار حول السياسة الخارجية الأمريكية، فى حين اتخذ الكونجرس خطوات كبيرة لمواجهة ما يعتبره تهديدًا متزايدًا من بكين. ◄ استراتيجيات الكونجرس تزيد التوترات «الأمريكية - الصينية» ◄ دعم واشنطن لإسرائيل سمح بتدمير غزةولبنان تُعد غزة واحدة من أكثر البؤر توترًا فى الشرق الأوسط؛ القضية الفلسطينية تمتد لعقود، ولعبت الولاياتالمتحدة دورًا مركزيًا فى دعم إسرائيل عسكريًا وسياسيًا. على الرغم من جهود السلام المتكررة، فإن الصراع لا يُظهر أى علامات على التهدئة. لقد وضعت الولاياتالمتحدة نفسها تاريخيًا كحليف قوى للكيان الصهيونى، حيث قدمت الدعم العسكرى والدعم الدبلوماسى. ومع ذلك، فإن هذا الدعم الثابت يتعرض للاختبار الآن مع تصاعد الأعمال العدائية وارتفاع الخسائر بين المدنيين، وفقًا لصحيفة «واشنطن بوست». هذه التدخلات تُعتبر سببًا رئيسيًا فى تصاعد التوترات، حيث يطالب الفلسطينيون بحقوقهم وأراضيهم فى مواجهة السياسة الأمريكية التى تُعزز من موقف إسرائيل. ولا يمكن الحديث عن الحروب الأمريكية دون الإشارة إلى لبنان، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية، مستهدفة ليس فقط المنشآت العسكرية ولكن أيضًا المناطق السكانية. لقد وجه الانفجار المميت فى جميع أنحاء لبنان ضربة أخرى لجهود الرئيس الأمريكى «جو بايدن» المحاصرة للحد من التوترات فى الشرق الأوسط، حتى مع وجود كبار دبلوماسييه فى المنطقة يرددون دعوات الهدوء، مما أثار ناقوس الخطر بشأن احتمال اندلاع صراع إقليمى أوسع نطاقًا يمكن أن يجتذب قوى أخرى. إن المخاطر عالية؛ فقد يؤدى سوء التقدير إلى حرب شاملة تزعزع استقرار المنطقة بأكملها. ◄ قوانين غير مسبوقة ووفقًا لمجلة «فورين بوليسى» الأمريكية، مع تدهور الوضع فى الشرق الأوسط، تعمل واشنطن فى الوقت نفسه على تكثيف تركيزها على الصين. فى سبتمبر 2024، وافق الكونجرس على 25 قانونًا غير مسبوق ضد الصين خلال ما أطلق عليه «أسبوع الصين». وتعكس هذه الحملة التشريعية إجماعًا متزايدًا بين الجمهوريين والديمقراطيين على أن الصين تشكل تهديدًا كبيرًا للأمن القومى الأمريكى والهيمنة العالمية. وأشارت شبكة «NBC NEWS» وتوسيع القوائم السوداء للشركات الصينية إلى أن التكنولوجيا تشكل محور العديد من التدابير المقترحة، وحالة من المنافسة بين الولاياتالمتحدةوالصين؛ لا تزال الحرب حول تصنيع أشباه الموصلات مستعرة، لكن التشريع الذى تم إقراره بالفعل يهدف إلى الحد من وصول الصين وتعاونها فى مجالات أوسع نطاقًا، مثل التكنولوجيا الحيوية والطائرات بدون طيار. تمنح واشنطن 1,6 مليار دولار لشركة Texas Instruments لبناء مصانع أشباه الموصلات. التمويل المقترح، وهو جزء من قانون CHIPS، يهدف إلى تعزيز تغليف الرقائق، وهى العملية التى تساعد فى دفع التقدم فى أشباه الموصلات ولكنها تحدث فى الغالب فى آسيا. من السهل نسبيًا العثور على دعم ثنائى الحزب لمثل هذه القوانين، وخاصة تلك التى تركز على منع الصين بدلاً من تمويل المبادرات الأمريكية الجديدة. ◄ اقرأ أيضًا | أمريكا تفرض عقوبات على كيانات وفرد يعملون لصالح الحوثيين ◄ عداوات مُتنامية فى مدينة مليئة بجماعات الضغط مثل واشنطن، من المهم أن تلحق هذه التدابير الضرر ببعض الشركات، لكنها تحظى بدعم كامل من شركات أخرى تقف للفوز عندما يخسر منافسوها الصينيون فى الأسواق الأمريكية. وتشمل مشاريع القوانين الأخرى التى تمت الموافقة عليها فى «أسبوع الصين» تشريعات تقويض مكتب هونج كونج الاقتصادى والتجارى، وتسعى إلى تعزيز النفوذ الأمريكى فى منطقة المحيط الهادئ، وتعميق العلاقات مع اليابان وكوريا الجنوبية. يُحدد السياق العداوات الجيوستراتيجية المتنامية بين الولاياتالمتحدةوالصين، حيث يختبر كلٌ منهما الآخر فى الحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة غرب آسيا، والنزاعات فى بحر الصين الجنوبى، ومجموعة من الحروب التجارية والتعريفات الجمركية. وعلى الرغم من استعداد قادتهما العسكريين للعمل معًا وجهود الوفود رفيعة المستوى لعقد اجتماع محتمل بين الرئيس «بايدن» ونظيره الصينى «شى جين بينج» فى وقت لاحق من هذا العام، يبدو أن هناك إجماعًا بين المشرعين على جانبى الانقسام. ومع تصاعد التوترات فى كلٍ من الشرق الأوسط والصين، أصبح من الواضح أن الولاياتالمتحدة تبحر فى مشهد دولى معقد بشكل متزايد. إن احتمالات تصعيد العدوان الإسرائيلى فى غزةولبنان تلوح فى الأفق مع غزو الأخيرة بريًا خلال الساعات القادمة، فى حين تعكس تصرفات الكونجرس ضد الصين استراتيجية أوسع نطاقاً لتأجيج الصراعات، وقد يكون لها آثار طويلة الأمد.