من آمن العقاب أساء الأدب وما لم تكن هناك عقوبات صارمة ضد أصحاب المصلحة فلن يتم تنفيذ القوانين الصادرة فى هذا الشأن فجأة بعد منتصف الليل فى أحد شهور الصيف الساخنة هذا العام.. كان صراخ سيارات المطافئ يشق هدوء الليل فقد نشب حريق فى أحد بدرومات المبنى السكنى وبعد مواجهة مع النيران التى ارتفع دخانها إلى عنان السماء لعدة ساعات تمكن رجال الحماية المدنية من إطفاء النيران والنتيجة وفاة أحد العمال ونقل الآخر إلى المستشفى مصابا بحروق شديدة. الحكاية أن صاحب البرج السكنى قام بتأجير البدروم لمصنع يستخدم مواد قابلة للاشتعال مثل التينر وغيره ومع حرارة الجو شديد السخونة حدث ماس كهربائى ووقعت الواقعة.. تم إطفاء الحريق وانتهى الموضوع على نحو سيتكرر فيما بعد لأن معظم أصحاب البنايات غيروا نشاط هذه البدرومات إلى نشاط آخر. وحدث ولا حرج من المسئول الذى سمح بهذه المخالفات فى الحى الفلاني؟ ومن ترك هذه المخالفات بدون محاسبة أو على الأقل إعادة الوضع إلى ما كان عليه.. وكلنا يعرف الإجابة عن هذه الأسئلة التى لا تحتاج إلى «فراسة»! تتضح خطورة تحويل البدرومات والأدوار الأرضية إلى محلات ومخازن عندما تتحول الشوارع إلى جراجات مفتوحة لعدم وجود أماكن لركن السيارات.. قبل عدة أيام بدأ العمل فى إنشاء محطة لمترو الأنفاق فى شارع الروضة قبل كوبرى عباس فى الخط الواصل إلى حدائق أكتوبر والمتحف المصرى الكبير وأصبحت هناك مشكلة عويصة للسكان.. أين يضعون سياراتهم فبعض الشوارع أغلقت وبعضها تم منع ركن السيارات فيه تماما لاستخدامها طرقا بديلة والكل يشكو وحتى الجراجات الحالية لا تتحمل ركن سيارات إضافية بداخلها ولو كان الحى ألزم من البداية أصحاب العقارات لما كانت هناك مشكلة فى الأساس وأقصد هنا العمارات الحديثة التى انتهت قبل بضع سنوات.. تركها الحى ولم يسأل عنها والنتيجة أن معظمها تحول إلى مطاعم وأنشطة تجارية تدر على أصحاب العقارات مبالغ كبيرة شهريا. بمعنى آخر لو تغاضينا عن المبانى التى أقيمت قبل نحو 50 عاما وهذا خطأ أيضا لكن هناك عمارات تم تسكينها قبل نحو 10 سنوات ولم تقم بإنشاء جراجات خاصة بالسكان الذين لجأوا إلى الشارع لركن سياراتهم. نفسنا نسمع عن مهندس تراخيص فى هذا الحى أو غيره تمت محاكمته على إهماله أو تستره حتى ينصلح الحال! من آمن العقاب أساء الأدب وما لم تكن هناك عقوبات صارمة ضد أصحاب المصلحة حتى بعد خروجهم للمعاش فلن يتم تنفيذ القوانين الصادرة فى هذا الشأن. نعم قانون التصالح فى مخالفات البناء جاء لتقنين الأوضاع ولكنه لم يحل المشكلة تماما فبدت المبانى غير متناسقة فهناك مبنى يزيد عن جاره بارتفاع طابق أو طابقين وأصبح الوضع عاديا ولم يعد لافتا للعين ويستغل السماسرة هذا الوضع فيقومون بشراء الأسطح للبناء عليها وهذا يخلق ضغطا على المرافق مثل المياه والكهرباء والغاز ورغم أن الدولة تنتبه لذلك إلا أن هذا ما نراه بأعيننا ولذا فإن الأحياء سواء فى المدن القديمة أو الجديدة مطالبة بالوقوف ضد هذه المخالفات قبل أن تتحول المدن إلى غابات أسمنتية قبيحة. وعلى سبيل المثال لو أن صاحب العمارة المجاورة لك قام ببناء دور إضافى حتما سيمنع عنك الشمس والهواء وهذا للأسف موجود فى كل محافظات مصر ومهمة الدولة منع ذلك بالقانون. أحد أصدقائى اشترى شقة بمدينة ساحلية ولم تكن هناك مبان حول عمارته فكان يرى البحر وكان سعيدا لعدة سنوات بهذه الوحدة السكنية التى تحولت إلى مقبرة على حد وصفه وأضحت بعض النوافذ لا قيمة لها بعد أن تلاصقت المبانى جنبا إلى جنب ويقول إن المبنى الخلفى لهم ارتفع طابقين إضافيين وأصبح نصف الشقة يتطلب إضاءة الأنوار صباحا ومساء.. من المسئول عما حدث.. أين كان مهندس الحى حال ارتكاب هذه المخالفة ولماذا لم يقم بواجبه لمنع هذه المخالفة؟