بمناسبة العام الدراسى الجديد الحكمة والرفق مع الطلاب اتباعًا للمنهج النبوى ونحن مع نفحات الذكرى العطرة لميلاد النبى محمد صلى الله عليه وسلم والعام الدراسى على وشك البداية، نستلهم من سيرته العطرة أساليبه فى التعليم، والتى تنوعت بين الأسلوب العملى فى التعليم وأسلوب الحوار والمناقشة المفيدة والإقناع العقلى وضرب المثال مع التشويق والتكرار، كل ذلك من خلال مراعاة ظروف وحال المتعلم.. وعن هذا المنهج النبوى يحدثنا الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر فيقول: رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه الله تعالى هاديا ومعلما ومرشدا للناس كافة فى كل أقطار الأرض بمقتضى رسالته العالمية الخاتمة، فقد كان صلى الله عليه وسلم فى تعليم من بعثه الله إليهم كما وصفه الله تعالى: «وإنك لعلى خلق عظيم»، وقوله تعالى «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك» ونعرف أن أصحابه لم يكونوا معصومين من الخطأ بل كان لكل منهم أخطاؤه من منطلق بشريتهم، فكان صلى الله عليه وسلم يعالج هذه الأخطاء بالحكمة؛ فمثلا اشتكى إليه من يأتمون بمعاذ بن جبل رضى الله عنه فى الصلاة بسبب إطالته القراءة فقال له صلى الله عليه وسلم: أفتان أنت يا معاذ.. اقرأ بسورة كذا وسورة كذا أى بقصار السور حتى لا يشق عليهم إن أمهم فى الصلاة. ويضيف أيضا فى صلح الحديبية اعترض عمر بن الخطاب رضى الله عنه على صيغة الصلح والشروط المقترنة به فأتى النبى فقال له: ألست نبى الله قال صلى الله عليه وسلم: بلى قال: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل، قال: بلى قال: فلم نعطى الدنية فى ديننا؟ قال صلى الله عليه وسلم: إنى رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري، قال عمر: أو ليس كما تحدثنا أنا ستأتى البيت فنطوف، قال هل أخبرتك إنا نأتيه العام قال قلت لا فإنك آتيه ومطوف به. اقرأ أيضًا| جامعة الأزهر تشارك في المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان» هذه المحاورة لا تتم بين أنداد بل بين نبى عزيز على ربه وبين أحد الصحابة، نلمح الثورة العارمة فى خطاب عمر وجواب الرسول فيها ليحتوى أصحابه، الذين خرجوا محرمين من المدينة ليعودوا إليها دون أداء النسك أو حتى دخول موطنهم الذى به النسك ليعلمنا امتصاص الغضب والسيطرة على الموقف المتأزم بالحكمة. ويؤكد أن النماذج على أسلوب النبى صلى الله عليه وسلم فى تعليم أصحابه وغيرهم من الكثرة بحيث لا يتسع لها المقام، ولكن نسترشد بالبعض منها، فقد روت السيدة عائشة رضى الله عنها قالت: أتى النبى أناس من اليهود فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم فقال صلى الله عليه وسلم: وعليكم قالت عائشة بل عليكم السام والذام فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ياعائشة لا تكونى فاحشة فقالت أما سمعت ما قالوا فقال لها: أو لست قد رددت عليهم الذى قالوا وقلت وعليكم، وهذا من الذكاء والفطنة المطلوبة من المعلم مع طلابه، أيضا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه فى غزوة قال جابر رضى الله عنه: أصاب رجل منا حجر فشج رأسه ثم نام فاحتلم فقال لأصحابه هل تجدون لى رخصة فى التيمم قالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات فلما قدموا النبى أخبروه بهذا قال: قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العى «الجاهل بالأمر» السؤال إنما كان يكفيه أن يتمم ويعصب جرحه بخرقة ثم يمسح عليها ويغسل بالماء جسده، هذا النموذج يبين حلمه على أصحابه الذين تسببت فتواهم فى وفاة صاحبهم ويعلمهم المشروع فى حالته. أيضا روى أبو هريرة رضى الله عنه قال: دخل رسول الله المسجد فدخل رجل فصلى ثم سلم على الرسول فرد الرسول السلام وقال: ارجع فصلى فإنك لم تصل فرجع الرجل فصلى كما صلى من قبل ثم جاء فسلم على النبى فرد عليه السلام ثم قال له: ارجع فصل فإنك لم تصل حتى فعل ذلك ثلاث مرات فقال له الرجل: والذى بعثك بالحق ما أحسن غيره فقال له النبى إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم افعل ذلك فى صلاتك.