نفق «تل السلطان» الذى أعلن عنه الجيش الإسرائيلى أمس الأول الجمعة جنوب رفح زاعما أنه يصل إلى الأراضى المصرية، تلفيق وكذب تفضحه الصور نفسها، واعترف المتحدث الإسرائيلى نفسه بأن المصريين قاموا بغلقه من ناحيتهم.. فماذا تريدون من مصر؟ إذا روجت إسرائيل أكاذيب الأنفاق، نعرف جيدا أنها تعرقل اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، وتلقى بفشلها على مصر، ومزاعمها ليست جديدة لأن مصر أكدت أكثر من مرة أنها أغلقت فتحات الأنفاق من جانبها، وإقامة منطقة آمنة على الحدود مع غزة.. فما الجديد؟ ولم يسمح الجيش الإسرائيلى للمراسلين الذين اصطحبهم الاقتراب من النفق الكاذب، وفضحت الصور ضحالة الدعاية الإسرائيلية، وتعمد إثارة عراقيل كلما اقتربت مباحثات وقف إطلاق النار من نقاط الاتفاق. وتؤكد مواقف نتنياهو أنه لا يريد تبادل الرهائن حتى لو لقوا حتفهم جميعا نتيجة الظروف المعيشية القاسية، ويواجه ضغوط الرأى العام الإسرائيلى بتأجيج الغضب بشأن الرهائن المتوفين، لخلق حالة من الرغبة فى الانتقام من المدنيين فى غزة، وتمرير عمليات القتل اليومية، التى تجاوز ضحاياها أكثر من 41 ألف شهيد ومائة ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال. ويبدو أن نتنياهو يعتبر الأنفاق الكاذبة طوق نجاة لاستمرار الحرب والهروب من الضغوط الدولية المتزايدة من أجل وضع حد للمأساة المروعة فى غزة، ويستهدف تمسكه بالبقاء فى محور فيلادلفيا وعدم الانسحاب منه، وبدأت فرق هندسية إسرائيلية فى تمهيد الطريق، وهو ما تحذر منه مصر بشدة، وتنبه إلى خطورة المساس ببنود معاهدة السلام. ويردد نفس الأكاذيب وزراء اليمين المتطرف بن غفير «وزير الأمن القومي» وبينى غانتس «وزير الحرب السابق»، بينما يؤكد زعيم المعارضة يائير لابيد أن نتنياهو يفعل ذلك للتغطية على فشله الشخصي. وتتجدد الأكاذيب كلما تلوح فى الأفق بوادر الانفراج، وتجيء فى هذا التوقيت بالذات للتغطية على اجتياح الضفة الغربية، على غرار ما حدث فى غزة، لتشتيت انتباه الرأى العام وإيجاد مبررات لإفشال صفقة تبادل الرهائن، والاستمرار فى سياسته العدوانية التى تضع المنطقة كلها على شفا الحرب. وأخطر من أكاذيب الأنفاق حرب الكراهية التى يؤججها نتنياهو واليمين المتطرف وعلى رأسهم بن غفير، الذى يطالب بتطبيق عقوبة الإعدام على الأسرى الفلسطينيين الذين أسماهم «المخربين»، لحل مشكلة الازدحام فى السجون، بعد أن وافقت حكومته على بناء جديد يتسع لألف سجين، ويتيح استقبال المزيد. والأسوأ أنهم يجعلون حلم السلام والاستقرار فى المنطقة بعيد المنال، فى ظل جماعة عنصرية تحكم إسرائيل، وترتكب جرائم الإبادة المنظمة، فى وقت تتزايد فيه الجهود للتهدئة وعدم توسيع نطاق الصراع، وإحياء فكرة حل الدولتين. عاشت إسرائيل على «عقدة المظلومية» بعد الحرب العالمية الثانية، لكسب التعاطف واستثمرت ما أسمته محرقة الهولوكوست لمزيد من الدموع الزائفة على حائط المبكى، حتى انكشف الوجه العنصرى القبيح فى أحداث غزة، وتوالت التصريحات الأكثر قبحًا لوزراء بدرجة سفاحين.