السودان يدين هجوم قوات الدعم السريع على مقر الأمم المتحدة بكادقلي    نائب وزير الإسكان يعقد اجتماعا لمتابعة الاحتياجات من الطلمبات لشركات مياه الشرب والصرف الصحي    وزير الاتصالات والنائب العام يوقعان بروتوكول تعاون لتنفيذ 10 مشروعات لتطوير وتحديث منظومة التحول الرقمى بالنيابة العامة    إعلام إسرائيلي: إيطاليا أعربت عن استعدادها للمشاركة في قوة الاستقرار بغزة    السعودية.. السماح للأجانب بتملك العقار وتطبيق النظام المحدث ينطلق قريبا    محمد علي خير: الأجور في مصر تحتاج إلى ثورة.. لا يمكن فتح بيت بأقل من 15 ألف جنيه    بعد مقتل 3 أمريكيين، قوات أمريكية وسورية تشن حملة تفتيش موسعة في "تدمر"    الشرطة الأمريكية تفتش جامعة براون بعد مقتل 2 وإصابة 8 في إطلاق نار    استشهاد طفل برصاص الاحتلال فى السيلة الحارثية غرب جنين    حبس مدير كيان تعليمي بدون ترخيص للنصب والاحتيال على المواطنين    إحالة ربة منزل للمحاكمة بتهمة تعذيب وقتل طفليها بالعمرانية    لميس الحديدي: اتفرجت على "الست" مرتين.. الناس بتصفق بعد كل مشهد    ستار بوست| عبلة كامل تتحدث بعد غياب.. وقرار غير حياة عمرو يوسف    مصدر أمني ينفي ادعاءات إخواني هارب بوجود دعوات لتجمعات بالمحافظات    في دورته الثالثة.. محافظ المنيا يشهد ختام مهرجان المنيا الدولي للمسرح    رئيس الإنجيلية يبدأ جولته الرعوية بمحافظة المنيا    حفاظًا على صحة الأم والطفل.. الصحة تدعو للمباعدة «بين كل مولود وآخر»    نائبة بالأقصر تزور مصابي حادث انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    فيلم فلسطين 36 يفتتح الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية بحضور مخرجته وكامل الباشا    نائب وزير الصحة: حياة كريمة كانت السبب الأكبر في إعلان مصر خالية من التراكوما المسبب للعمى    الصحة: لقاح الإنفلونزا يقلل الإصابة بنسبة 60% ويخفف شدة الأعراض    آرسنال ينتزع فوزًا مثيرًا من وولفرهامبتون ويواصل الابتعاد في الصدارة    باريس سان جيرمان يفوز على ميتز في الدوري الفرنسي    الكتب المخفضة تستقطب زوار معرض جدة للكتاب 2025    المستشار عبد الرحمن الشهاوي يخوض سباق انتخابات نادي قضاة مصر    أوروبا.. تعاون مشروط وتحمل مسئولية الحماية    توروب: الشناوي وشوبير؟ لست هنا لأصنف الحراس.. وهذا موقفي من عبد الكريم وديانج    رئيس هيئة المتحف الكبير بعد تسرب مياه الأمطار للبهو العظيم: تمثال رمسيس فقط الموجود في المنطقة المفتوحة    نائب وزير الصحة: نسبة الإصابات بكورونا لا تتجاوز ال 2% والإنفلونزا الأعلى 60%    طفل يلقي مصرعه خنقًاً.. ويُكشف عنه أثناء لعب أصدقائه بقرية اللوزي بالداقهلية    مصرع شاب تناول حبه غله سامة لمرورة بضائقة ماليه في العدوة بالمنيا    محامي عروس المنوفية: إحالة القضية للجنايات.. ووصف الجريمة قتل مقترن بالإجهاض    وزراء رحلوا وسيرتهم العطرة تسبقهم    أخبار مصر اليوم: الاحتياطي الاستراتيجي من زيت الطعام يكفي 5.6 أشهر، بدء الصمت الانتخابي في 55 دائرة بجولة إعادة المرحلة الثانية من انتخابات النواب غدا، الصحة تكشف حقيقة انتشار متحور جديد    توروب عن إمام عاشور: عودته من الإصابة تمنح الأهلي قوة إضافية    إسلام عيسى: على ماهر أفضل من حلمى طولان ولو كان مدربا للمنتخب لتغيرت النتائج    خلال ساعات نتيجة كلية الشرطة 2025    رئيس أريتريا يزور ميناء جدة الإسلامي ويطّلع على أحدث التقنيات والخدمات التشغيلية    الزراعة: التوعية وتغيير سلوكيات المجتمع مفتاح حل أزمة كلاب الشوارع    خالد لطيف ل ستوديو إكسترا: الكل مسئول عن تراجع الكرة المصرية    تراجع حاد في صادرات النفط الفنزويلية بعد مصادرة الناقلة والعقوبات الأمريكية    أخبار 24 ساعة.. موعد صرف معاشات تكافل وكرامة عن شهر ديسمبر    العثور على جثمان تاجر مواشي داخل سيارته بالشرقية    المصل واللقاح: الإنفلونزا هذا الموسم أكثر شراسة    إينيجو مارتينيز ينتظم في مران النصر قبل موقعة الزوراء    الداخلية تعلن نتيجة القبول بكلية الشرطة غدًا    "الإسكان" تناقش استراتيجية التنقل النشط بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ومعهد سياسات النقل والتنمية    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    استعدادات مكثفة بمستشفى أبو النمرس تمهيداً لافتتاحه    الليجا على نار.. برشلونة يواجه أوساسونا في مواجهة حاسمة اليوم    بيراميدز أمام اختبار برازيلي ناري في كأس القارات للأندية.. تفاصيل المواجهة المرتقبة    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كنوز| اتفاقية تبادل «الضرب» بين أمير الرومانسية والعندليب الأسمر!
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 04 - 09 - 2024

هل تصدق أن صديقين حميمين يكن الواحد منهما للآخر كل احترام وتقدير، وينزله فى نفسه منزلة الأخ، قد تواعدا على أن يتبادلا الضرب إذا حدث وسهر أىٌّ منهما بعد منتصف الليل خارج منزله عملا بنصائح الأطباء، نحن لا نهزل، فقد وقع العندليب عبد الحليم حافظ مع صديقه إحسان عبد القدوس على اتفاق بأن يضربه أمام الناس إذا تصادف والتقى به بعد منتصف الليل خارج منزله، وأقسم إحسان بدوره ألا يشفق على عبد الحليم وينهال عليه ضربا إذا التقى به خارج منزله بعد الساعة الثانية عشرة ليلا.
وحكاية الضرب بين الصديقين بدعة جديدة لم يكن أحد يعرفها قبل أن يتفق عليها إحسان مع عبد الحليم، وتعالوا بنا لنسمع حكاية البدعة الجديدة التى بدأت مع عودة إحسان عبد القدوس من رحلته التى قام بها إلى شمال أفريقيا وإسبانيا وبعض بلدان أوروبا، وشاءت الصدفة أن تكون عودته فى نفس اليوم الذى عادت فيها الطائرة بعبد الحليم من أحد مستشفيات لندن، توجه إحسان إلى منزله أولاً، ثم ذهب لزيارة صديقه العندليب للإطمئنان عليه!.
وعندما التقى الصديقان تبادلا العناق والقبلات والأشواق، واستمع إحسان من العندليب للتجربة المرضية القاسية التى مر بها، وكيف أن الطبيب البريطانى أخبره بأنه يهمال صحته وكأنه يكره نفسه ويسعى إلى النهاية بقدميه، وعندما انتهى عبد الحليم من روايته، نظر إليه إحسان قائلا: «وبعدين يا عبد الحليم.. ألم يوجه إليك مزيد من النصائح كعادته؟»، فقال العندليب: «لقد نصحنى بألا أجهد نفسى، وألا أسهر، وأن أدخل إلى فراشى فى التاسعة مساء، وهددنى بأننى إذ لم أطبق تعليماته بدقة، فإن مصيرى سيصبح مرهوناً بكف القدر»، فعاجله إحسان قائلاً: «وطبعاً سترمى هذه النصائح جانباً كعادتك، وتغرق فى العمل والسهر حتى الصباح»، انتفض عبد الحليم وقال فى جزع : «أعوذ بالله.. فليس فى كل مرة تسلم الجرة»، فسأله إحسان بجدية شديدة: «لو التقيت بك ذات ليلة خارج منزلك بعد منتصف الليل؟»، فضحك العندليب قائلاً: «لو حدث هذا فأنا على استعداد لأن أتلقى الضرب منك أمام الناس»!.
فأقسم إحسان برحمة أمه بأنه سيضربه ضرباً موجعاً إذا التقى به بعد منتصف الليل خارج منزله، ولم يشأ عبد الحليم أن يأكل «العلقة» لوحده فقال للكاتب الكبير: «لماذا تقيم من نفسك رقيباً علىّ وانت بحاجة إلى من يراقبك فأنت تشكو من أعصابك ومعدتك، ونصحك الأطباء أكثر من مرة ولم تنفذ نصائحهم ولا مرة، لماذا لا تقلع انت أيضا عن السهر وإرهاق نفسك، وتظن أنك من طينة غير طينة البشر؟»!
اقرأ أيضًا| كنوز| «الأخبار» تحيى ذكرى غيابه ال 18 حوار نادر مع نجيب محفوظ عن الحب والزواج والفلسفة
فقال إحسان: «أنا لم أعد أسهر»، هز العندليب رأسه وهو يقول: «أنا لا أصدقك، وإذا حدث والتقيتك سهران خارج منزلك ؟»، رد إحسان ضاحكاً: «عندها تستطيع أن ترد إلىّ الصاع صاعين، ابقى اضربنى يا أخى»، فأقسم العندليب برحمة والديه بأنه سيضربه إذا التقى به فى وقت متأخر من الليل ! والطريف أن إحسان أخرج قلمه وكتب تعهداً وقعه عبد الحليم جاء فيه أنه سيعمل على تنفيذ وصايا طبيبه، وأنه لن يسهر ولن يرهق نفسه فى العمل، وإذا حدث العكس فإنه يوافق على أن يضربه إحسان عبد القدوس، وشهد على الإقرار الموسيقار كمال الطويل، وشقيق عبد الحليم المطرب إسماعيل شبانة، وحمل إحسان الإقرار ونشره فى «روزاليوسف»، وطلب فى سياق كلمته من القراء الذين يحبون «العندليب» أن يتصلوا به إذا شاهدوه بعد منتصف الليل خارج منزله، والطريف أن أهل الفن تطوعوا لأن ينقلوا أخبار سهرات عبد الحليم إلى إحسان والعكس بالعكس.
وحدث أن أراد أحد الفنانين مداعبة الكاتب الكبير فأمسك بسماعة التليفون، وأخبره أن عبد الحليم استطاع أن يغافله، ويقضى سهرته فى منزل أحد أصدقائه، وبلهفة سأل إحسان المتحدث عن الساعة التى شاهد فيها عبد الحليم، فقال إنه لا يستطيع أن يحدد الوقت بالدقة ولكنه يعتقد أنها كانت الحادية عشرة والنصف، فضحك إحسان وهو يقول: «العب غيرها، أنا كنت فى زيارة عبد الحليم فى اليوم وفى نفس الوقت الذى ذكرته»!.
وأراد عبد الحليم أن يدبر مقلباً فى الكاتب الكبير الذى يراقبه، فغير نبرة صوته عندما اتصل به وقال له إن رقابته لم تف بالغرض لأن عبد الحليم غافله أكثر من مرة وسهر خارج منزله أكثر من مرة ولا يعود لمنزله قبل طلوع الشمس»، فضحك إحسان قائلاً: «الظاهر يا عبد الحليم انت عايزنى أضربك» وأطلق العندليب ضحكته قائلاً: «وأنا أبادلك نفس الشعور وانتظر أن أضبطك متلبساً بجريمة السهر خارج المنزل، وعندها ستنال ما فيه القسمة والنصيب»!.
وبالرغم من مرور فترة طويلة على هذه المعاهدة المكتوبة ولها شهود عليها، إلا أن إحسان لم يستطع أن يمسك بتلابيب العندليب، وتمنى عبد الحليم أن يضبط صديقه الكاتب الكبير بمخالفة المعاهدة حتى يضربه بحق وحقيق، ونفس الأمنية كانت تداعب خيال إحسان عبد القدوس، بدليل أنه كان يتصل بالعندليب فى أوقات متفاوتة فى الليل، ويفاجأ به يرد عليه بنفسه، فيغرق فى الضحك وهو يقول: «نفسى أضربك يا عبد الحليم.. جرب بس مرة واسهر خارج المنزل»!.. وحتى الآن لم يعملها لا عبد الحليم.. ولا إحسان عبد القدوس !
«الموعد» 31 أغسطس 1961
ذكرى استشهاد ناجى العلى و«حنظلة» مازال حيًا فى الضمير الفلسطينى
عاطف النمر
انت عقارب الساعة تشير للخامسة من بعد ظهر الأربعاء 22 أغسطس 1987، كان وقتها رسام الكاريكاتير الفلسطينى الشهير بنضاله بشخصية «حنظلة» وريشته الموجعة الساخرة فى طريقه إلى مكتب جريدة «القبس» بشارع «إيفز» بوسط لندن، وكان يسير بجواره شاب يرتدى سترة زرقاء، بعد ثوانٍ سمع دوى طلق نارى، نظر زميله من نافذة المكتب فرأى ناجى مضرجا فى الدماء على الأرض، ومطلق الرصاص يلوذ بالهرب من المكان !
تحقيقات الشرطة البريطانية أكدت أن مطلق النار كان يسير بمحاذاة ناجى العلي، اخترقت رصاصاته صدغ وجه ناجى العلى وخرجت من الصدغ الأيسر، تأخرت سيارة الإسعاف بسبب الزحام، وتم نقل ناجى العلى لغرفة العناية المركزة بمستشفى «سانت ستيفنز»، كان فى غيبوبة تامة، ثم نقل لمستشفى «تشارنج كروس» التى لفظ بها أنفاسه الأخيرة بعد 38 يوما من دخولها، وطيرت وكالات الأنباء خبر استشهاده بعد فشل محاولات إنقاذه ! والمثير فى تلك المأساة الدامية أن ناجى العلى كان قد أوصى أسرته بأن يدفن بجوار والديه فى مخيم «عين الحلوة» بالقرب من مدينة صيدا اللبنانية، لكن أسرته لم تنجح فى تنفيذ وصيته، وأقيمت الصلاة على جثمانه بمسجد المركز الثقافى الإسلامى بوسط لندن ودُفن فى الثالث من سبتمبر 1987 بمقبرة «بروك وود» الإسلامية بالعاصمة البريطانية، وانتصب العلم الفلسطينى فوق قبره.
37 عاما مرت على استشهاد ناجى العلى الذى جسد شخصيته النجم نور الشريف فى فيلم سينمائى كتبه بشير الديك ومن إخراج عاطف الطيب، وهو الرسام الفلسطينى الأشهر فى نضاله بالريشة وخصية «حنظلة» التى ابتكرها وكان يراقب بها الأوضاع فى فلسطين والعالم العربي، ولم يعرف الجهة التى تقف وراء تصفيته وإسكات ريشته للأبد، لكن عائلته أصدرت فى 9 سبتمبر من عام 1987 بياناً من لندن قالت فيه: «اغتالوا ناجى الفنان الملتزم بقضية فلسطين، لأن ريشته أدّت دوراً هائلاً ومؤثراً فى القضية الفلسطينية، فنه العظيم كان ينبع من الجماهير ويصبّ فى بحرها، كان ابناً باراً لكل الناس الطيبين، شكلت رسوماته طاقة جبارة أزعجت كثيرين، لكنها كانت تمثل نبض الإنسان الفلسطينى المعذب وخلجات كل عربى متضامن مع المقدسات الفلسطينية، فدفع الثمن غالياً من حياته وقبل استشهاده ودفعنا نحن عائلته الثمن إبعاداً ونفياً، إلى خارج الوطن العربى بأسره إلى لندن».
الصعب فى استشهاد ناجى العلى أن جثمانه لم يدفن فى مسقط رأسه بقرية الشجرة الفلسطينية المحتلة مثل فلسطين كلها من الكيان الصهيونى، ولم يدفن فى عين الحلوة بلبنان كما أوصى، وهو الملقب بضمير الثورة الفلسطينية المقاوم برسوماته للاحتلال والاضطهاد ومصادرة الأراضى والتوسع الاستيطانى، كان يناضل برسوماته ضد التهجير والإبعاد والقسرى، وكان يرى أن الصهيونى لا عهد له، وكان يرى أن المصالحة سوف تتيح للمستوطنين التهام الأرض وبناء المزيد من المستوطنات.
عاش ناجى العلى كل مراحل المأساة الفلسطينية بداية من النكبة الأولى، وحرب 1956، ونكسة 1967، وانتصار السادس من أكتوبر عام 1973، وغزو لبنان، وكانت ريشته التى جسد بها شخصية «حنظلة» شاهدا على الواقع المرير الذى تعيشه فلسطين، ويئس مما يجرى بها، فرسم لوحة تعبر على أن فلسطين مجرد فيلم سينمائى بلا جمهور والفلسطينى يحمل ابنه الذى ينزف دما وهو يخرج به من صالة السينما ومن خلفه لوحة «النهاية»! لكن حالة اليأس تبدلت عند ناجى العلى بفعل شباب المقاومة الذين يجاهدون بأى شيء فى مواجهة الاحتلال، فرسم «حنظلة» وهو يشاهد الفلسطينى المتشبث بأظافره فى الأرض بتصميم يؤكد أنه لن يترك أرضه ولن يغادر وطنه حيًا أو شهيدًا، رحم الله ناجى العلى الذى كانت تحتاجه مأساة غزة والضفة اليوم ليوثق بريشته ومشاعره الفياضة جرائم الكيان الصهيونى.
119 شمعة للبطل المصرى الذهبى
مرت علينا يوم السبت الماضى الذكرى 119 لميلاد الرباع المصرى سيد نصير المولود فى 31 أغسطس 1905 بمحافظة الغربية، ولد ليكون أول بطل مصرى عربى يحصل على الميدالية الذهبية فى مونديال أمستردام عام 1928 فى وزن خفيف الثقيل، ونظم أمير الشعراء أحمد شوقى قصيدة تقديرا منه للإعجاز الرياضى الذى حققه البطل المصرى ورفع به اسم مصر فى أرفع ملتقى رياضى عالمى، قال فى أبيات منها :
شرفاً نصير ارفع جبينك عالياً.. وتلق من أوطانك الإكليلا.
يا قاهر الغرب العتيد ملأته.. بثناء مصر على الشفاه جميلا.
إن الذى خلق الحديد وبأسه.. جعل الحديد لساعديك ذليلا.
كان سيد نصير وقتها يعمل موظفا بسيطا فى الأرشيف بوزارة الشئون الاجتماعية، ومن الأمور الطريفة التى تعرض لها عند عودته لتسلم عمله أنه فوجئ بخصم شهر من مرتبه، فذهب مباشرة لمكتب رئيس الأرشيف الذى سأله عن سبب تغيبه عن العمل بدون إذن مسبق، فقال له «كنت أظن أنك ستحتفى بى وبالإنجاز الذى حققته باسم مصر فى أوليمبياد أمستردام.
ألا تعلم أن السيد رئيس الوزراء كرمنى بالأمس فى حفل بنادى الجزيرة بتكليف من جلالة الملك فؤاد، وحضر الحفل عدد من الوزراء والنبلاء على شرف الميدالية الأوليمبية الذهبية التى فزت بها»، وأطلعه على الصورة التى نشرتها الصحف الهولندية وهو يصافح ملكة هولندا تقديرا لفوزه بالميدالية الذهبية، وعلى ما يبدو أن المدير لم يسمع من قبل عن هذا الأوليمبياد ولا يعرف معنى الأوليمبياد.
وظن أن سيد نصير يغرر به فقرر خصم نصف شهر آخر من مرتبه لعدم حصوله على إذن رسمى من المصلحة لمقابلة ملكة هولندا، كان المدير يطبق اللوائح كأى موظف بيروقراطى عتيق، اشتد غيظ البطل الذهبى وقال له «كيف تفعل هذا، رئيس الوزراء يكرمنى وأنت تخصم راتبى لأنى حققت ذهبية باسم مصر، أنت لا تدرى ماذا فعلت وسوف أشكوك للوزير»، لم يتحمل المدير ما يسمعه فخرج مسرعا إلى مكتب الزملاء الذين وجدهم ينشدون أبيات من قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقى التى نظمها فى البطل المصرى، فخرج لغرفة أخرى فوجد الزملاء يتحدثون عن بطولة نصير الدولية التى رفع بها اسم مصر فلم يتحمل الصدمة ووقع على الأرض مغشيا عليه!
عشق سيد نصير رياضة رفع الأثقال عندما شاهدها لأول مرة فى مولد «السيد البدوى» للبطل المصرى القديم عبد الحليم المصرى، فطلب بتأسيس فريق لتلك الرياضة فى مدرسته وتفوق فيها وتوج ببطولة القطر المصرى عام 1925 فى الوزنين الخفيف والثقيل، واحتفظ بلقب البطولة حتى عام 1928 الذى فاز فيه بالميدالية الذهبية فى أوليمبياد أمستردام 1928، وفى عام 1930 فاز سيد نصير ببطولة العالم فى رفع الأثقال للوزن الثقيل فى ميونيخ، ونشرت مجلة «اللطائف المصورة» خبرا بصورة كبيرة له عند وصوله لميناء الإسكندرية تقول سطوره: «وصل إلى ميناء الإسكندرية على ظهر الباخرة «فينا» فخر شباب مصر الرياضى الأكبر وبطل أبطال القوى فى العالم الرباع الشهير سيد افندى نصير بعد أن مثل مصر تمثيلا مشرفا فى ألمانيا وأحرز بطولة أوروبا فى رفع الأثقال فى المباراة التى أقيمت فى ميونيخ منتصرا على أعظم أبطالها، وشارك فى الألعاب الرياضية التى أقامتها الصحافة الألمانية فى برلين فرفع فيها 160 كيلوجراما، ضاربا بذلك أرقامه التى سجلها فى ميونيخ والتى نال البطولة من أجلها، وقد أعجب الألمان به إعجابا عظيما وقدروا قوته ونبوغه، وكتب العالم الكبير الدكتور «فيلى ميل» مقالا فى جريدة «فوربش زيونيغ» ببرلين بعنوان «الله هو الله ونصير هو البطل».
لفتت إنجازات سيد نصير المحلية والدولية انتباه الدولة لتشجيع رياضة رفع الأثقال بالأندية الرياضية فكان له فضل انتشار هذه الرياضة فى مصر، وأنهى مشواره كبطل فى رفع الأثقال فى بداية أربعينيات القرن الماضى عندما اتجه للتدريب وساهم فى تخريج عدد من الأبطال فى مقدمتهم خضر التونى وإبراهيم شمس وأنور مصباح، وكرمه الملك فاروق الأول بوسام النيل عام 1949، ومنحه الرئيس عبد الناصر وسام الرياضة من الدرجة الأولى عام 1965، وأقيمت أول بطولة دولية بالإسكندرية تحمل اسمه عام 1977، وساهم فى إعداد اللوائح والقوانين لرياضة رفع الأثقال، ويرجع له فضل تأسيس قسم الرياضة بوزارة الشئون الاجتماعية.
«كنوز»
رفيعة هانم: مش عارفة لحد إمتى الدول الكبيرة هاتستعبد اللى أصغر منها؟!
مفهوم السعادة
بقلم: إبراهيم ناجى
السعادة كلمة غامضة، ككلمة الشعر وكلمة الحب، أشياء يؤمن الإنسان بوجودها إيمانًا لا جدال فيه، والسعادة هدفًا لكل إنسان، ومن العجيب أن تكون هدفا غير واضح، وقد ألف الفيلسوف الشهير «برتراند رسل» كتابًا ضخمًا عن السعادة، وأخذ يدلل على أن السعادة هى فى تجنب أسباب الشقاء، منطق معقول لكنه غير عملى، لأننا يستحيل أن نتجنب أسباب الشقاء حتى ولو عرفناها، كيف نتجنب الظلم المتأصل فى النفوس، والنفاق العريق فى الطبائع، والكذب الذى هو من مقررات العصر؟ ودلل «برتراند رسل» على أن كل من طلب السعادة لنفسه لم يجدها؛ لأنها تحدث كنتيجة لإسعاد الغير؛ أى إن السعادة فى رأيه ظاهرة انعكاسية، ولكنه لم يقل ما هى هذه الظاهرة، ولم يخبرنا بطريقة إسعاد الغير، أهى السعى فى منفعتهم؟ وإشباع مسراتهم؟ ومنع الضرر عنهم؟ وهل القيام بالواجب نحو الآخرين يجعلنا سعداء لأنهم أصبحوا سعداء؟.
هل الجندى الذى مات فى الحرب فداء الواجب مات مسرورًا أو مات سعيدًا ؟ وما هى علاقة السرور بالسعادة وما الفرق بينهما، الكاتب الشهير «كوبر بويز» الذى ألف كتاب «فن السعادة»، دلل على أن السعادة «فكرة» وشيء لا يعتمد على الشعور الحسى، أى إنها شيء خارج عن ملذات السمع والبصر والشم واللمس، فإذا كانت السعادة فكرة، فمن الطرائف أن «أرسطو» لم يحدثنا عن حيوان نام سعيدًا، ولا عن طفل؛ لأنه ليس للأول « فكرة» إنسانية، والطفل لم تنضج عنده الفكرة بعد، وقد يقول القارئ : إن الفكرة بمعناها الدقيق موجودة عند الحيوان وعند الطفل، لكن الفيلسوف «أرسطو» يقصد الفكرة الآتية من الروح الواعية، فهل كل فكرة روحانية واعية تؤدى إلى السعادة، وهل كل نشاط روحى يؤدى إلى السعادة؟ وهل ينطبق رأى «أرسطو» على جميع العصور؟
يقول كثيرون : إن أكثر الفلاسفة لم يعرفوا السعادة فى حياتهم، وعرضتهم مثاليتهم لأقسى أنواع العذاب والاضطهاد، ويقول علماء النفس المحدثون إن السعادة هى غاية الحياة، وغاية الغايات، وكل الأهداف الصغيرة ترمى إلى هدف كبير هو السعادة بأوفى معانيها، أى إن رسالة السعادة تكون مرادفة لرسالة الحياة، فهل تكون الحياة قد أدت ما يطلب منها إذا اعتزلت الناس، وعاشت فى برج عاجى تمارس فيه مثاليتها ؟ وكيف تتم هذه الممارسة فى برج عاجي؟ ولنفرض أن قديسًا بلغ قمة الفضيلة واعتزل فى رأس برج، وأخذ ينظر إلى الناس من أعلى، ليراهم فى أحقادهم واقتتالهم وتكالبهم على الفاني، ماذا يكون أثر ذلك فى نفسه؟
أن يرفع رأسه للسماء قائلًا : «رب اهدهم»، إما أن يدير ظهره إليهم حزينًا، وإما أن ينزل من برجه إليهم. والحالة الأخيرة هى التى نأمل أن يمارسها الفيلسوف بفكرة أنها فضيلة كبرى أن يختلط القديس بالعامة ليهديهم ويرشدهم، ولا شك أن سيكولوجية الحياة السعيدة هى فى تكيف الإنسان مع محيطه، فلا يبيع نفسه له، ولا يرتكب موبقات بالثورة عليه أو الهدم من كيان المجتمع، يمشى بزورقه فى ذلك البحر الخضم، يماشى اللجج ويصانع العاصفة حتى يتعلم الناس الفضيلة، ويأخذوا فى ممارستها، وحتى يتعلم الناس أن الفرق بين الإنسان والحيوان هو فى الشعور الروحى فقط، وعندئذ يكون قد أدى رسالة الحياة ؛ أى رسالة السعادة. ولكن كيف يتكيف الإنسان وما هى مقتضيات هذا «الميزان» ؟، هناك قواعد أساسية مستقاة من واقع الحياة والجيل الذى نعيش فيه، وقواعد أخرى لا حاجة بنا لتفصيلها فإنها معلومة للذى يستقصى ويدقق، ويريد أن يتكيف مع الحياة بدون أن يفقد شخصيته وبدون أن يبيع نفسه.
من كتاب «رسالة الحياة»
يظل الرجل طفلًا حتى ترحل أمه عن الدنيا، فإذا ماتت شاخ فجأة، وانقطعت من لسانه كلمة أمى.
محمد عبد الوهاب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.