النصاب نوعية خاصة من المجرمين فهو لايستولي على اموال ضحاياه عنوة ولا يسرقها خلسة بل يأتي اليه الضحايا طواعية ويلقون تحويشة عمرهم بين يديه بل ويتوسلون إليه حتى يقبلها طمعًا في مضاعفة اموالهم. المتهم في هذه الواقعة يتصف بالذكاء وسعة الحيلة؛ حيث استغل وسرق ضحاياه وذلك بعد تعاون وصداقة قد تصل إلى ست سنوات، وهكذا قام ببناء قلعة الثقة بينهم فلن يتوقع احد من الضحايا انه سوف يكون الجزء من مسلسل ضحايا مستريح الحفاضات الذي يتصف بالذكاء الخارق في بيع الوهم والأعمال الزائفة . تخيل أن تنام على فرحة انك أقمت مشروع العمر في استثمار جديد، سيجلب لك المال والسعادة في غمضة عين وانت جالس في بيتك 24 قيراط، وفي لحظة تنقلب الموازين وتستيقظ على خبر كل شىء انتهى، والاستثمار الذي حلمت به دون تعب أو كد مجرد وهم وكذبة وحلم غير حقيقي، وذلك بسبب شخص يحتال على أموال الأفراد بزعم استثمارها في مجالات مختلفة، نظير عوائد مالية ضخمة، حتى تتسع الدائرة ويحصل على أكبر قدر ممكن من الأموال ثم يهرب ويختفي وكأنه تحول إلى سراب، في السطور التالية سوف نسرد تفاصيل اكثر عن مستريح جديد هذه المرة في استثمار الحفاضات وكيفية إقناع بعض ضحاياه الذين تحدثوا مع «اخبار الحوادث»، لكن قبلها نسأل من هو هذا المستريح؟! الصداقة بداية السقوط احمد .ص شاب في العقد الثالث من العمر، من محافظة قنا يعمل مندوب لإحدى الشركات الكبرى الشهيرة في صناعة حفاضات الاطفال والكبار والمنتجات الورقية؛ حيث يأخذ المال من التجار في المقابل اعطائهم كمية من الحفاضات لبيعها، ظل احمد يعمل مع التجار باسم الشركة التي يعمل مندوبًا لها طيلة 6 سنوات، فتلك المدة كانت كافيه لبناء صداقة قوية مع التجار والتي بدأت بتبادل الهواتف ثم تطور الأمر الى لقاءات ودعوات على الغذاء مرة والعشاء مرات حتى وصلت لدرجة أنه استطاع أن يدخل بيوت بعضهم وينام لديهم بسبب ظروف طارئة اخترعها لهم، وكان الرد الطبيعي له من صاحب المنزل، «البيت بيتك»! كان احمد دائما يتابع اخبار المستريحين فيقول مبديًا استياءه لكل التجار، للأسف لقد اصبح المستريحون ظاهرة غريبة في المجتمع، ثم يؤكد لهم امعانًا في أن يصدقوه؛ «كيف يمكن لهؤلاء أن يستغلوا ذكاءهم في اصطياد ضحاياهم؟!، لم يتوقع احد من التجار بأن كلمات احمد هذه مجرد فخ يصطاد به ضحاياه بعدما استغل هذا النصاب الصداقة التي بناها على طريقته مع التجار واستطاع عن طريقها أن يعرف حلم كل تاجر وهنا تبدأ خطة الاقناع للوقوع في الفخ، باحترافية عالية . اقرأ أيضا : أمن الجيزة يضبط «مستريحة بولاق الدكرور» لاستيلائها على مبالغ مالية فالبداية كانت مع حسام احد التجار في محافظة الدقهلية، كان احمد يتردد عليه كمندوب مبيعات لتسليمه كميات من الحفاضات والمناديل الورقية لاحدى الشركات الكبرى الشهيرة مقابل مبلغ مالي يؤخذ على دفعات، بدأ احمد يتقرب من حسام لبناء علاقه صداقة قوية، استغل احمد نقص حفاضات الاطفال والكبار والمنتجات الورقية في السوق، فأقنع حسام بأنه يستطيع توفير كمية كبيرة من منتجات الشركة وبيعها له بسعر مناسب ليعود على حسام بمكسب كبير، واقنعه بأن لديه علاقات داخل الشركه يمكن من خلالها حجز كمية كبيرة لصالح حسام، واتفق مع الضحية بأنها مجرد خدمة لصديقه خوفًا عليه من نقص وقلة المنتجات فاقتنع التاجر حسام بالفكرة وبالفعل اعطى احمد 650 ألف جنيه مقابل تسليمه المنتجات التي سوف تأتي اليه، وبعد أن حصل احمد على المال وتكرار الوعود الزائفة اختفى احمد من المحافظة بالكامل واغلق هاتفه وهرب، لم يتردد حسام وسافر إلى محافظة قنا لاسترداد ماله وكانت المفاجأة أن احمد فص ملح وداب وانها وكما قال له البعض انها ليست اول مرة يقوم احمد بعملية نصب، نزل الخبر كالصاعقة على رأس حسام، لم يتردد وتوجه الى قسم الشرطة وحرر محضرًا بالنصب ضد احمد والاستيلاء على مال منه بالخديعة، واثناء عملية البحث عنه علم انه ليس الضحية الوحيدة بل معظم التجار الذي يتعامل احمد معهم نصب عليهم. خداع واختفاء اما ايمان تاجرة بأكتوبر تقول:»تعرفت على احمد بنفس الطريقة،وهي بيع الحفاضات، بصراحة طمعنا في المكسب،فأعطيته 300 ألف جنيه مقابل استلام بضاعة، لكن بعد ما اخد المال اختفى»!، انقلبت حياة ايمان رأسًا على عقب، فقد اعطت له كل ما تملكه والآن صارت تواجه الديون، ليت الأمر توقف عند هذا الحد وإنما فقدت حياتها الزوجية بالطلاق، فلم تجد امامها إلا تحرير محضر ضد المتهم . أما مع التاجر محمد الذي يعيش في شبرا، استخدم احمد معه اسلوبا مختلفا تماما عن السابقين؛ فقد اقنعه بأن الشركة التي يعمل مندوبًا لديها تمر بحالة مادية سيئة، ولكي لا تغلق، قررت إدارة الشركة بيع اسهم للتجار، واستطاع اقناع التاجر محمد شراء اسهم والمشاركة في ملكية الشركة، ولم يكذب محمد خبرا وأعطى احمد 200 ألف جنيه مقابل شراء اسهم بالشركة الشهيرة، وعاش محمد على امل أنه شريك في الشركة وسوف يحصل على ارباح بعد وقت قصير، ولكي يطمئن التاجر اعطاه احمد ايصال امانة على نفسه بقيمة المبلغ وكالعادة اختفى في غمضة عين، ولا حد يعرف مكانه، فحرر محمد محضرين احدهما بالنصب والآخر بإيصال الامانة ضد المتهم . لم تنته حيل احمد الشيطانية عند هذا الحد فقد خدع صديقه رمضان سائق تاكسي بأن يقنع اقرباءه وأصدقاءه بأن يأخذ منهم مبالغ مالية واستثمارها في بيع المنتجات الورقية والحفاضات، وقد كان بعدما تمكن رمضان من جمع 300 ألف جنيه من اقاربه واصدقائه بحجة الحصول على فائدة شهرية، وبعد ان جمع رمضان 300 ألف جنيه،في البداية دفع احمد 10% فائدة لأصحاب المبالغ بعدها اختفى في غمضة عين تاركا رمضان في مواجهة الضحايا الذي اضطر لكتابة ايصالات امانة على نفسه لهم، بعدها تحولت حياة السائق الى جحيم واصبح يتهدده السجن . اما ماهر فقد اقنعه احمد بأن يعطيه المال لشراء وحجز حصة من حفاضات الاطفال والكبار وغيرها من المنتجات الورقية، وبالفعل دفع احمد كل ما يملك 200 ألف جنيه مقابل شراء البضاعة، لكنه اكتشف انه اشترى الوهم، فلم يخسر تحويشة عمره فقط وإنما اضطر لبيع بيته حتى يستطيع أن يقف على قدميه في السوق مرة اخرى، وفي النهاية حرر محضرًا ضد هذا النصاب. أحكام صدرت هنا يوضح اسلام مطر محامي الضحايا؛ بأنه صدرت بعض الاحكام القضائية بالفعل على النصاب بالسجن لمدة سنتين غيابيًا في كل قضية، وما زالت باقي المحاضر امام نيابة الاموال العامة من اجل التحريات، ومهما ظل المستريح هاربًا فحتمًا سوف يتم القبض عليه، فكل يوم يمر يتم اكتشاف ضحية جديدة له، فقد اوضحت التحريات بأن المتهم مندوب عن وكيل يتعاون مع الشركة الشهيرة للمنتجات الورقية وليس مندوبًا مباشرًا للشركة، وانه تحصل على مبالغ بلغت عدة ملايين من الجنيهات. وأشار مطر، بأن المتهم الهارب سوف يحاكم، حسب المادة 336 من قانون العقوبات، حيث تنص المادة على أن أي شخص يتسبب في الاستيلاء على أموال أو عروض أو سندات دين أو متاع منقول بواسطة الاحتيال، بهدف سلب ثروة الآخرين أو جزء منها، يعاقب بالحبس. كما يُعاقب أيضًا من يستخدم طرقا احتيالية لإيهام الأشخاص بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إثارة الأمل بحصول ربح وهمي، أو تسديد المبالغ المأخوذة بواسطة الاحتيال، أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزورة، أو التصرف في ممتلكات ليست ملكه، أو استخدام اسم مزيف أو صفة غير صحيحة. وإذا بدأ الشخص في ارتكاب جريمة النصب ولم يتمها، يعاقب بالحبس لمدة تصل إلى سنة، ويمكن وضعه تحت ملاحظة الشرطة لفترة تتراوح بين سنة وسنتين. كما أن المادة 21 من القانون رقم 146 لسنة 1988، نصت على أن «كل من تلقى أموالا على خلاف أحكام هذا القانون، أو امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو بعضها، يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على مثل ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق منها، ويحكم على الجاني برد الأموال المستحقة إلى أصحابها».