نجحت البورصة الأمريكية فى تعويض كافة خسائرها لتقود أسواق المال العالمية على رأسها أوروبا واليابان، وكان التعافى فى الأسهم خلال المرحلة الأخيرة من أسبوع جامح سببًا فى دفع السوق إلى أكبر صعود متتالٍ لها عام 2024، ووفقًا لتقرير وكالة بلومبرج، كانت السوق التى ظهرت عليها بعض علامات الإرهاق بعد ارتفاع المخاوف بشأن تأخر بنك الاحتياطى الفيدرالى فى خفض سعر الفائدة عقب الأرقام الاقتصادية الضعيفة، قد دفعت السوق إلى حافة الهاوية. جاء تقرير طلبات إعانة البطالة ليحول مؤشرات البورصة الأمريكية إلى المنطقة الخضراء، حيث أظهر تقرير وزارة العمل الأمريكية أن عدد الأمريكيين الذين تقدموا بطلبات إعانة البطالة الأولية خلال الأسبوع الماضى، انخفض بمقدار -17 ألفًا ليصل إلى 233 ألفًا، وهو أقل من المتوقع البالغ 241 ألفًا وانخفاضًا من 250 ألفًا خلال الأسبوع السابق. كريس لاركين من بنك مورجان ستانلى، قال إن بيانات مطالبات البطالة نجحت فى تخفيف بعض المخاوف التى أثارها تقرير الوظائف الضعيف، وكانت أحد الأسباب الرئيسية لتعويض السوق لكافة خسائره، لكن مع صدور بيانات التضخم الأسبوع الحالى فمن غير الواضح إلى أى مدى سوف تتحرك السوق. اقرأ أيضًا | رئيس مجلس إدارة المعاهد القومية: نقدم تعليمًا متميزًا ومدارسنا الأقل مصروفات ليز يونج توماس من شركة صوفى تشير إلى أنه حتى لو انتهت هذه الأزمة يعتبر الدرس المستفاد مدى حساسية الأسواق الآن للبيانات الاقتصادية الأمريكية التى تشير إلى تباطؤ اقتصادى ومدى قناعة المستثمرين بأن خفض أسعار الفائدة علاج لكل مشكلة. وقال رونالد تيمبل من شركة الأبحاث لازارد، إن شدة الانزلاق كانت بمثابة تذكير بأن السوق ارتفعت بشكل كبير، ووصلت إلى تقييمات يتفق معظم الخبراء على أنها مرتفعة للغاية، ومع ذلك، فهو يرى أن عمليات البيع «مفرطة». ويضيف أنه بالنسبة للمستثمرين الذين يقيسون الأداء بالسنوات، فإن الانخفاضات العشوائية مثل تلك التى حدثت الأسبوع الماضى يمكن أن تمثل فرصًا عظيمة إذا لم تتغير الأساسيات الاقتصادية بشكل ملموس. تعويض المؤشرات عوض مؤشر ستاندرد آند بورز 500، كافة خسائره خلال الأسبوع الماضى وأغلق مرتفعًا فى آخر جلسات الاسبوع الجمعة الماضية بنسبة 0,5٪، كما نجح مؤشر ناسداك 100 لشركات التكنولوجيا فى تعويض كافة خسائره أيضًا وأغلق مرتفعًا فى آخر جلسة تداول له الأسبوع الماضى بنسبة 0,5٪، وانخفضت عائدات سندات الخزانة لأجل عشر سنوات، خمس نقاط أساس إلى 3.94٪، وقد حددت العقود الآجلة لأسعار الفائدة الأمريكية احتمالات إلى حوالى 100 نقطة أساس من التيسير لهذا العام. ويرى معظم خبراء الاقتصاد الذين استطلعت آراءهم وكالة بلومبرج، انخفاضًا بمقدار ربع نقطة فقط فى سبتمبر، وهذا يتعارض مع دعوات من بعض البنوك الكبرى لخفضٍ كبير. وقال جون ستولتزفوس فى أوبنهايمر لإدارة الأصول، إن السوق الصاعدة لديها مجال أكبر للتحرك، حيث إن هناك تفاؤلًا بشأن الأسهم، وتظل الارقام الاقتصادية الأمريكية على قدمٍ صلبة على الرغم من عراقيل السياسة النقدية المتشددة، والتى من المتوقع تيسيرها قريبًا عبر خفض الفائدة. انحسر «مؤشر الخوف» فى وول ستريت ، وهو مؤشر لقياس التقلبات ، بشكل أكبر يوم الجمعة الماضية ليحوم حول 20 دولارًا، وذلك بعد ارتفاع غير مسبوق جعل المؤشر يتجاوز 65 دولارًا، وهو مستوى نادر يشير عادة إلى الذعر التام، وقد أثار هذا الارتفاع غير المعتاد بعض التساؤلات حول ما إذا كان المؤشر «يبالغ» بالفعل فى تقدير كل هذا الضغط فى سوق الأسهم الأمريكية. والقول المأثور بأن «التقلب هو الثمن الذى تدفعه مقابل عوائد سوق الأسهم صحيح تمامًا، ولكن فك رموز ما تقوله الأسواق المتقلبة عن المستقبل يعد مهمًا على الرغم من ذلك، وفقًا لنيكولاس كولاس من شركة داتا تريك ريسيرش». وقال كولاس إن ظروف السوق الحالية ليست مريحة، على أقل تقدير، لكن لا يوجد تحذير قوى من الركود ولذلك هذا أمر مهم يجب التأكيد عليه. ومع انتشار عمليات البيع واسعة النِطاق فى أسواق الأسهم خلال وقت مبكر من الأسبوع الماضي، انخفضت مؤشر المشاعر إلى واحدة من أدنى مستوياتها فى التاريخ. وأوضح دين كريستيانز من شركة سنتمنت تريدر، أن مؤشر المشاعر نسبة الأسهم إلى السندات، التى تقارن مؤشر اس اند بى 500 بسندات الخزانة طويلة الأجل لاختبار ما إذا كانت الأسهم رخيصة أو باهظة الثمن مقارنة بالسندات ويعمل أيضًا كمقياس لمشاعر السوق. ويشير كريستيانز إلى أنه تتبع فترات مماثلة من الخوف الناجم عن الذعر بالماضى، وهى تحقق عائدات ممتازة، حيث إنه منذ عام 1962، انخفضت النسبة إلى هذا الحد 13 مرة أخرى فقط، وفى أكثر من 90٪ من تلك الحالات، ارتفع مؤشر إس آند بى 500 بعد عام. مخاوف الركود أحد الأسباب التى أدت أيضًا إلى ارتفاع السوق وتعويض خسائره هو تأكيد عدد كبير من الخبراء أن الاقتصاد الأمريكى ليس حاليًا فى مرحلة ركود اقتصادى رغم وجود المخاطر بسبب سياسات التشديد النقدى من قبل البنك الفيدرالى الأمريكى. وأوضح مايكل هارتنيت من بنك أوف أمريكا أن الاضطرابات لم تصل بعد إلى أبعاد من شأنها أن تشير إلى مخاوف بشأن هبوط اقتصادى حاد، وقال هإن: «ردود أفعال المستثمرين «متوترة»، لكن توقعات خفض أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطى الفيدرالى تعنى أن تفضيل الأسهم على السندات لم ينته». وكان أحد المؤشرات الاقتصادية التى أثارت المخاوف بشأن ما يُسمى بالهبوط الحاد، تعنى تراجعًا اقتصاديًا أثناء فترات التشديد النقدى ورفع الفائدة هو تقرير الوظائف المخيب للآمال فى الثانى من أغسطس، والذى أظهر أن معدل البطالة قفز إلى 4.3٪ خلال يوليو من 4.1٪ فى الشهر السابق، أدى هذا الارتفاع إلى التطابق مع مؤشر «ساهم» الخاص بالركود، وهو عندما يرتفع متوسط معدل البطالة الوطنى لمدة ثلاثة أشهر بمقدار 0.5 نقطة مئوية فوق أدنى مستوى له فى 12 شهرًا سابقًا. ويشير المؤشر إلى بداية الركود، ولكن خبراء الاقتصاد يعتقدون أنه فى حين لا يبدو دقيقًا هذه المرة فى كشف الركود، فإنهم يرون مخاطر متزايدة من انزلاق الاقتصاد إلى الانكماش. وتم إنشاء مؤشر ساهم بواسطة كلوديا ساهم، كبير الاقتصاديين فى شركة نيو سينشورى وخبيرة اقتصادية سابقة فى بنك الاحتياطى الفيدرالى. والفكرة كانت إنشاء أداة من شأنها أن تساعد الحكومة فى تحديد تحذير محتمل للركود من قبل المكتب الوطنى للبحوث الاقتصادية، وهى المنظمة التى تقوم بالإعلان الرسمى عن دخول البلاد أو خروجها من ركود. وقال جريجورى داكو، كبير خبراء الاقتصاد بشركة اى واى بارثينون، إنه ليس الأمر أن أساسيات الاقتصاد الكلى أضعف كثيرًا»، «ولكن فى ظل تشديد الظروف المالية، زادت احتمالات الركود». ومنذ تطابق المعايير مع مؤشر ساهم الأسبوع الماضي، قال داكو إنه لا يعتقد أن الولاياتالمتحدة فى حالة ركود، خاصة أن المؤشر ليس سوى مؤشر واحد من مؤشرات متعددة تعطلت بسبب الاقتصاد غير المعتاد خلال السنوات الأربع الماضية. وأشار داكو إلى أن مؤشر ساهم لا يسير على ما يرام هذه المرة، لأن البطالة ارتفعت بسبب زيادة المواطنين فى سوق العمل وليس لأن الشركات تطرد العمال، ويمكن أن يزيد عدد العاطلين عن العمل إذا كان عدد العمال الذين يخرجون من سوق العمل أكبر من عدد الذين يدخلون، خاصة إذا لم يجد كل هؤلاء العمال وظائف. وقال داكو إنه «على الرغم من أن الاقتصاد الأمريكى ليس فى حالة ركود، فإن مسار الولاياتالمتحدة يتسم بالتباطؤ، وسواء كانت الرواتب أو معدل البطالة أو تسريح العمال، فإن كل هذه الأمور تشير إلى تباطؤ فى التوظيف». ويمكن أن تبدأ فترات الركود بعدة طرق، من الاختلالات المالية، مثل انهيار سوق الإسكان عام 2006، إلى الصدمة الاقتصادية، مثل الوباء الذى أغلق الأعمال التجارية العالمية عام 2020. خبراء الاقتصاد قلقون الآن بشأن خطر الركود المتزايد الناجم عن الظروف المالية الصعبة التى تواجهها العديد من الشركات والمستهلكين، بينما كان بنك الاحتياطى الفيدرالى يكافح التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة إلى أعلى نقطة لها خلال 23 عامًا، وكانت هذه الزيادات تضغط بشكل متزايد على الأمريكيين الذين يسعون للحصول على قروض لشراء العقارات أو تحمل ديون بطاقات الائتمان. وأضاف داكو أن الانهيار الأخير للسوق قد يغذى هذه القضايا أيضًا خاصة إذا تراجعت الثقة فى الاقتصاد، مما يتسبب فى قيام الشركات بخفض الوظائف أو تأجيل التوظيف مع جعل المستهلكين مترددين فى إنفاق الأموال.. وأشار إلى أنه «إذا اشتدت الظروف المالية وخاف المستهلكون والشركات، فقد يكون هناك تراجع فى الاستثمار والإنفاق الاستهلاكى مما قد يؤدى إلى الركود»، ويمكن أن يؤدى الجمع بين كل هذه العوامل إلى تجسيد الركود المخيف». وعلى الرغم من المخاوف بشأن المخاطر المتزايدة، يعتقد معظم خبراء الاقتصاد أن احتمال الركود لا يزال ضئيلًا، حيث أشار بنك جولدمان ساكس إلى أن «النمو المستمر أكثر احتمالًا من الركود». ومن ناحية أخرى، يركز خبراء الاقتصاد والمستثمرون على اجتماع قرار أسعار الفائدة المقبل لمجلس الاحتياطى الفيدرالى 18 سبتمبر، حيث فتح رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى جيروم باول الشهر الماضى الباب أمام خفض أسعار الفائدة الاجتماع المقبل. أوروبا واليابان وعلى صعيد الأسواق الاوروبية، ارتفعت الأسهم الأوروبية يوم الجمعة الماضى لتعوض خسائر الأسبوع الماضى مع تراجع المخاوف من احتمال انزلاق الاقتصاد الأمريكى إلى الركود. واختتم مؤشر ستوكس 600 جلسة الجمعة الماضية مرتفعًا بنسبة 0.6٪ مع ارتفاع قطاعات العقارات والرعاية الصحية والسفر والترفيه، ليحقق المؤشر مكاسب طفيفة خلال الأسبوع الماضى بنسبة 0.7٪. أما على صعيد السوق الياباني، فقد نجح السوق فى تعويض كافة خسائره، وأغلق مؤشر نيكاى 225 مرتفعًا بنسبة 0,5٪ خلال جلسة الأسبوع الماضي، إلا أن الأسهم اليابانية تعتبر على مسار هابط على خلفية تخفيض توقعات أداء السوق بسبب ارتفاع قيمة الين مما يؤثر على مستقبل الصادرات اليابانية ويرفع تكلفتها. وعلى صعيد البورصة المصرية خسرت البورصة المصرية نحو 32 مليار جنيه خلال تعاملات الأسبوع الماضى ليغلق رأس المال السوقى للأسهم المقيدة بالسوق عند مستوى 1.974 تريليون جنيه، بنسبة تراجع بلغت 1.57٪.. وانخفض مؤشر السوق الرئيس «إيجى . إكس 30» بنسبة بلغت 2.07٪ محققًا 28750 نقطة، كما سجل مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة «إيجى . إكس 70»، تراجًعا بما نسبته بلغت 4.34٪ ليصل إلى 6502 نقطة، وهبط مؤشر «إيجى . إكس 100 «، الأوسع نطاقًا، بنسبة 3.13٪، مغلقًا عند مستوى 5631 نقطة.