في مصر القديمة، كان الحفاظ على الجسد بعد الوفاة يعتبر جوهرياً لضمان الحياة الأبدية، لهذا السبب، أهتم المصريون القدماء بدفن المتوفيين داخل توابيت متقنة الصنع، لتكون حامية للجسد ومُعينة على الرحلة الأبدية، كما أكده الدكتور ولاء الدين بدوي، خبير المتاحف والتراث ومدير متحف الآثار بقصر الزعفران. اقرأ أيضا: أصل الحكاية| تاريخ علم إصابات الملاعب.. من القدماء المصريين إلى العصر الحديث وأكد بدوي، في تصريحات خاصة ل"بوابة أخبار اليوم"، أن أشكال ومكونات التوابيت على مر العصور قد تباينت، وبدءًا من عصور ما قبل الأسرات وصولاً إلى العصور اليونانية والرومانية، حيث تطورت من حيث التصميم والمواد المستخدمة، يعد التابوت الحجري للمدعو أنيفيري مثالاً بارزاً على هذه التحولات الفنية والدينية. التابوت الحجري للمدعو أنيفيري: مكوناته وأهميته وأضاف بدوي ، أن التابوت كان عنصراً أساسياً في عملية الدفن في مصر القديمة، ويعكس التابوت الحجري للمدعو أنيفيري أهمية الحفاظ على الجسد وتعقيدات الطقوس الجنائزية التي تميزت بها تلك الحقبة. تنوع التوابيت في الشكل والمادة: وأوضح بدوي ، أن أشكال التوابيت تعددت بين المستطيل والأدمي، وصُنعت من مواد متنوعة مثل الحجر، الخشب، الكارتوناج، وحتى الذهب والفضة في حالة الملوك، كان لكل نوع من هذه التوابيت دلالات ورموز تعكس مكانة المتوفي ومعتقدات المصريين في الحياة الآخرة. التعاويذ السحرية والنصوص الجنائزية: وأشار مدير متحف الآثار بقصر الزعفران، الي أن غطى التابوت الحجري لأنيفيري بنصوص تعاويذ سحرية تُقرأ بصوت عالٍ أثناء عملية التحنيط، كانت هذه التعاويذ تهدف إلى تحويل أنيفيري إلى روح أبدية، حيث اعتقد المصريون أن قراءة هذه النصوص تسهم في حماية الروح وتوجيهها في رحلتها نحو الحياة الأبدية، بالإضافة إلى ذلك، تضمنت النصوص أسماء خمسة أجيال من عائلة أنيفيري وألقابه الكهنوتية، مما يعكس تقدير المصريين للأنساب والألقاب. اكتشاف التابوت وأهميته الأثرية: عُثر على التابوت في هيليوبوليس، ويرجع تاريخه إلى عصر الأسرة السادسة والعشرين، هذا التابوت المصنوع من الحجر الجيري، يقدم لنا لمحة عن التقاليد الجنائزية والفنية لتلك الفترة، النقوش والرموز المنحوتة عليه ليست فقط دليلًا على براعة الحرفيين، بل هي أيضًا نافذة على المعتقدات والطقوس الدينية التي كانت سائدة. يمثل التابوت الحجري للمدعو أنيفيري شهادة حية على تقاليد الدفن في مصر القديمة، من خلال دراسة مثل هذه القطع الأثرية، نستطيع أن نفهم بشكل أعمق كيفية تعامل المصريين القدماء مع مفهوم الموت والبعث، وأهمية النصوص والتعاويذ السحرية في حماية المتوفي وضمان رحلته الأبدية، يجسد هذا التابوت جزءاً من التاريخ الغني للحضارة المصرية القديمة، ويبرز تطورها الفني والديني عبر العصور. ويضم المتحف مجموعة متميزة من المعروضات منها واجهة بوابة مقصورة الأمير نب ماعت رع بن الملك رمسيس التاسع (1125-1107 ق.م)، وكان يشغل منصب كبير كهنة الشمس (ور ماو) في معبد رع في إيونو، كما يضم تمثال إمحوتب من البرونز، والقاعدة من الألباستر، يرجع إلى الأسرة السادسة والعشرين- العصر الصاوي، وتابوت آدمي من الخشب عليه مناظر دينية لحماية المتوفى يرجع إلى الأسرة السادسة والعشرين-العصر الصاوي. ويضم أيضا مجموعة من الخزف، صناعة غيبي التوريزي رائد الخَزَّافين زمن المماليك، القرن 8ه/14، ومجموعة من النياشين والأوسمة والميداليات التذكارية للمملكة المصرية، عصر أسرة محمد علي القرن 1314ه/1920م، بالإضافة إلى مجموعة من مقتنيات الجامعة.