تقول رودينا باهر باحثة في الآثار المصرية القديمة، إن الكتب والنصوص الدينية هي مجموعة من النصوص التي تعبر عن تصور المصريين لحياة الموتى في العالم الآخر، وتضم مجموعة من التعاويذ التي تتلى عند تجهيز الجسد للدفن وعند إطعام المتوفى وتقديم القرابين له بالإضافة إلى تعاويذ حمايته من كل ماهو ضار وشرير قد يهدد حياته في العالم. وأضافت «باهر» أن بدايات هذه التعاويذ الدينية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ وعصر بداية الأسرات على الأرجح وإن لم تصلنا أي نصوص منها قبل عصر الدولة القديمة والتي تمثلت في نصوص الأهرام، وهي تلك النصوص التي شغلت جدران حجرة الدفن للملك المتوفى وبعض ممراته منذ عصر الملك ونيس إلا أن دراسة مثل هذه التعاويذ يؤكد استحالة أن تكون وليدة عصره وإنما هي بمثابة خلاصة أفكار المفكر المصري القديم ومعتقداته علي مر العصور الطويلة السابقة. اقرأ أيضا| نقل «آل طباطبا» من عين الصيرة إلى المتحف القومي للحضارة المصرية وقد تطورت هذه النصوص والمعتقدات خلال عصر الدولة الوسطي، حيث تراجعت مكانة الملك مما سهل من انتقال هذه المعتقدات للأفراد في ثوب جديد مميز تمثل فيما يعرف بنصوص التوابيت والتي انتشرت خلال عصر الدولة الوسطي. وعن نصوص الأهرام : تعد نصوص الأهرام أقدم التعاويذ الدينية في مصر القديمة وقد سجلت لأول مره علي جدران الداخلية بغرف وممرات هرم الملك ونيس آخر ملوك الاسرة الخامسة حوالي 2350 ق.م، في سقارة ثم استمرت تسجلها في كل أهرام الدولة القديمة خاصة في حجرة الدفن والحجرات السابقة لها كما ظهرت تلك المتون عند الملك تتي وذلك علي التابوت الملكي ومع حلول عهد الملك بيبي الأول فإن النقوش بدأت تمتد الي ما وراء الحجرة الأمامية وخلال عهد الملك بيبي الثاني فقد استخدمت هذه المتون في أهرام الملكات وبعد نهاية الدولة القديمة ظهرت هذه المتون علي جدران وتوابيت الافراد. وعن التركيب واللغة : تختلف هذه النصوص اختلافا ملحوظا في الطول كما لم تكن موضحة بالرسوم ككتب الدولة الحديثة وكانت تنقش في اعمدة رأسية علي جدرات الحجرات السفلية للأهرامات وتبدأ كل تعويذة أو كل عمود بالأفتتاحية ḏd mdw تلاوة تتلي أو تقال وهذه الأفتتاحية ظهرت فقط في بدايات التعاويذ بهرم ونيس أما نهايات التعاويذ لدي ونيس فهي عبارة عن خط أفقي. أما في الأهرامات التالية فهي عبارة عن علامة المنزل، ولغة المتون هي اللغة المصرية القديمة في عصرها القديم مع وجود بعض السمات الصوتية والقواعد الخاصة بتلك المتون تختلف الي حد بعيد عن بقية نصوص الدولة القديمة المحتوي: تنوعت نصوص الأهرام ما بين نصوص درامية وسحرية أو أساطير قديمة و اناشيد وصلوات وتعاويذ ونصوص وطقوس القرابين وغيرها، وبصفة عامة فإن هذه المتون معدة لتكون في خدمة الملك المتوفي أثناء صعوده للسماء واستقباله في المملكة المقدسة فهي تعد بمثابة ضمان وتحقيق السعادة للملك في الحياة الأخري كما تهدف بالدرجة الاولي الي حماية الملك (المتوفى) مما قد يواجهه من شرور في العالم الآخر حيث يتلقي الضوء علي تكوين العالم الاخر وكيفية وصول المتوفى إليه ويتضح فيها تأثير العقائد المختلفة التي ظهرت علي ساحة الديانة المصرية القديمة مثل مذهب هليوبوليس الذي يجعل من الإله رع محورا لهذه العالم الاخر والذي اعتبره هذا المذهب في السماء وأساطير اوزير والصراع بين حور وست . وعن نصوص التوابيت : تجدر الإشارة الي أن متون التوابيت كانت مستوحاة من متون الأهرام وكانت تسجل علي أسطح التوابيت الخشبية للموظفين وأتباعهم في الدولة الوسطي وقد تم نشر ما يزيد علي مائة تابوت منها تقريباً كما أنها ظهرت أيضاً علي جدران المقابر واللوحات الجنائزية وأواني الأحشاء وأقنعة المومياء والبرديات والمصادر الرئيسيه لهذه المتون هي جبانات حكام اقاليم مصر الوسطى في الأسرة ال 12، وعلي الأخص أسيوط و«بني حسن» و «البرشا» و «اللشت ومير» ومن مراكز الرئيسية التي امتدتا بمجموعة كبيرة من نصوص التوابيت هي «البرشا » جبانة هرموبوليس مدينة «المعبود جحوتي» . وعن التركيب واللغة : المعروف أن تقسيم المتون التوابيت الي 1185 تعويذة يعتمد علي المؤلف الشهير الذي أصدره DeBuck، وقد قام بنشر هذه المتون في سبعة أجزاء وبالرغم من أن اللغة المستخدمة هي اللغة المصرية القديمة في عصرها الوسيط لغة الدولة الوسطي دون الإشارة الي اية تأثيرات محلية إلا أنه توجد محاكاة متكررة للغة في مرحلة الدولة القديمة والمتون المكتوبة في اعمدة رأسية بالخط الهيروغليفي المختصر أو الهيراطيقي المبكر . ولقد الغت متون التوابيت الحظر أو الاستحواذ الملكي علي متون الأهرام وبذلك اصبحت المتون في متناول كل الموتى وبناء عليه أصبح الإستمتاع بالآخرة شئ متاح للجميع فالان أصبح كل شخص متوفى هو اوزير NN لكن المجموعة الرئيسة الي استفادت من المتون تكونت من حكام الأقاليم في بداية الألف الثانية قبل الميلاد وكذلك عائلاتهم. وقد كان الهدف من نصوص التوابيت هو ضمان الحياة الأبدية الخالدة للمتوفى والملاحظ أن المحتوي الأساسي لمتون الأهرام قد أستمر وعلي الأخص تلك التي تهدف الي الوجود المستمر وهذا الغرض قد تحقق عن طريق أفاريز الأمتعة الجنائزية المصورة علي التوابيت وكذلك المتن رقم 472 والمعروف بمتن الاوشابتي والذي يهدف الي تجنب العمل الشاق في الآخرة والحماية ضد للكائنات الخضرة والضارة وكذلك الدخول الي الدورة الشمسية المتواصلة. ومن الأفكار الجديدة في متون التوابيت هي الرغبة في إعادة في إعادة الأتحاد مع الأشخاص المحبوبين ومقابلة عائلة الشخص المتوفى في الآخرة وقد ظهر أتجاه جديد في نصوص التوابيت بلغ مبلغه في كتب العالم الآخر وينحصر هذا الإتجاة في تصوير العالم الآخر بأنه مكان تحف به المخاطر من كل نوع وبأشكال لا حصر لها وكان الوسيلة للتغلب علي هذه المخاطر والعقبات التي تواجه المتوفي هو التسلح بعدد من التعاويذ السحرية لحمايته. وعن كتاب الطريقين : يعتبر كتاب الطريقين هو حلقة الوصل بين «متون الأهرام» الخاصة بالملوك وبين متون التوابيت وكذلك الكتب التي ظهرت في عصر الدولة الحديثة مثل كتابي الإيمي دوات والبوابات وترجع نصوص هذا الكتاب بالتحديد الي أواخر الأسرة الثانية عشر وكان السبب في نشأتها أن عالم الآخرة أصبح في هذه الفترة غاية في الخفاء والسرية تحيط به المخاوف والمكاره. وقد سجلت نصوصه على قاع توابيت الدولة الوسطي من البرشا وهو بمثابة مرشد ويفترض انه يمد المتوفى بوسائل الحصول علي الحياة السعيدة المرغوبة بعد الموت ويمثل أول محاولة لتصوير العالم القديم جغرافيا عن طريق خرائط تخطيطية. وسمي بهذا الاسم "الطريقين" نسبة لوجود خريطة مصاحبة للنصوص تظهر طريقين متعرجين بالقرب من منتصف الخرائط: الطريق العلوي المائي والطريق السفلي الارضي وان كان هناك رأي حديث يقول أن كتاب الطريقين هو طريق واحد وليس أثنين ولكن يكتنفه ممرين احداهما سماوي والآخر أرضي وعلي ذلك يمكن تسميته بكتاب الطريق او كتاب الصراط. فقد اعتقد المصريون القدماء أن علي المتوفي أن يسلك في العالم الآخر طريقين إحداهما على الماء والآخر على الأرض وبين الطريقين بركة من النار وقد يسقط فيها المتوفى إذا انحرف عن الطريق الذي اختاره لنفسه وكان في الطريقين مجموعة من المخلوقات المخيفة التي تعترض طريقه ولا تسمح له بالمرور إلا إذا تلي عليها تعاويذ سحرية مخصصة لذلك حتي يستطيع في النهاية الوصول إلى جنان الوزير حيث ينعم بطيبات الحياة ولذاتها، ولم يكن مصرحا للمتوفى أثناء سيرة علي الطريق الذي يسير فيه أن يلتفت يميناً ويسارًا لأنه إذا فعل ذلك كان مصيره الهلاك.