مصروفات المدارس الرسمية 2026 وموعد سداد الأقساط    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 5 يوليو 2025: استقرار ملحوظ في منتصف التعاملات    تفقد بدء تجربة الجمع من المصدر..تفاصيل جولة محافظ الدقهلية المفاجئة بمدينة المنصورة ..صور    الجريدة الرسمية تنشر قرار جمهوري جديد للرئيس السيسي    مصادر: التعديلات اللبنانية ستنص على تنفيذ مرحلي لتسليم السلاح بما يضمن إلزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية التي تحتلها    نجوم كرة القدم في تشييع جنازة جوتا    راحة لمنتخب ناشئي اليد عقب العودة من السويد.. وعودة التدريبات الأربعاء    ملابسات فيديو تضمن سير سيارة أجرة برعونة وتلويح أحد مستقليها بسلاح أبيض    غدًا.. طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحانات الرياضة البحتة للحديث والجيولوجيا وعلم النفس والجبر للقديم    ضبط 5 أطنان من الدقيق المدعم في حملات تموينية خلال 24 ساعة    الأحد.. في أغاني منسية نعيمة الصغير وزوزو ماضي على إذاعة القاهرة الكبرى    إلهام شاهين برفقة كريم عبد العزيز والكدواني وإيمي من حفل زفاف حفيد الزعيم    منطقة الغربية الأزهرية تحتفل بتكريم أوائل مسابقة حفظ القرآن الكريم بحضور قيادات الأزهر    آخر تطورات رحيل وسام أبو علي.. 3 عروض والأهلي يطلب 10 ملايين دولار    وزير الإسكان يصل محافظة بني سويف لمتابعة موقف عدد من المشروعات ضمن "حياة كريمة"    حادث الطريق الإقليمي.. ارتفاع عدد المتوفين ل9 وإصابة 11 آخرين في تصادم سيارتين ميكروباص    حالة الطقس في مصر من السبت إلى الخميس: موجة حارة ورطوبة مرتفعة    تجديد حبس المتهم بسرقة شقة سكنية في مدينة نصر    سرقة منزل وزير الاتصالات في الطالبية.. والتحريات تكشف التفاصيل    صحة غزة: 70 شهيدا و332 إصابة جراء عدوان الاحتلال آخر 24 ساعة    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات بولاية "هيماشال براديش" الهندية إلى 72 قتيلًا    الليلة.. عرض درامي يناقش زيف المشاعر في «العائلة الحزينة» على مسرح العجوزة    تقدم 6 مرشحين في انتخابات مجلس الشيوخ بالمنوفية في أول أيام الترشح    الصحة: زراعة 12 صماما رئويا بالقسطرة التداخلية العلاجية مجانا بمعهد القلب خلال 6 أشهر    تنسيق الجامعات 2025.. ننشر جدول أماكن أداء اختبارات القدرات لطلاب الثانوية العامة    رئيس جامعة دمياط يستقبل ممدوح محمد الدماطي وزير الآثار الأسبق    فينيسيوس وبيلينجهام مهددان بالغياب عن الريال فى نصف نهائى مونديال الأندية    باريس سان جيرمان يتحدى بايرن ميونخ فى نهائى مبكر بمونديال الأندية.. فيديو    مدبولي يشارك في قمة "بريكس" بالبرازيل نيابة عن الرئيس السيسي غدًا    غدًا.. البرلمان يناقش تعديل بعض أحكام قانون تنظيم شئون أعضاء المهن الطبية    تنسيق الجامعات 2025.. ما هي رسوم التقدم لحجز اختبارات القدرات؟    أمين عام "الجبهة الوطنية": تقدم 10 مرشحين للحزب على المقاعد الفردية بأوراق ترشحهم اليوم    عقيلة صالح يشيد بدور الرئيس السيسي في دعم وحدة ليبيا واستقرار مؤسساتها الوطنية    تبدأ من العلمين وتنتهي بالسعودية.. تامر عاشور يستعد ل3 حفلات خلال أغسطس المقبل    أول قرار من يانيك فيريرا مع الزمالك.. تأجيل انطلاق فترة الإعداد 24 ساعة    محمود الطحاوى: يوم عاشوراء من النفحات العظيمة وصيامه يكفر ذنوب السنة الماضية    ترامب يعبر عن رغبته في مساعدة أوكرانيا في مجال الدفاع الجوي    مصر تشارك ب 10 كوادر طبية في برامج تدريبية بالصين لتنمية المهارات    10 فوائد مذهلة لطبق العاشوراء    أسوان تنضم لمنظومة التأمين الصحي الشامل.. خطوة جديدة نحو مجتمع صحي وآمن    فلومينينسي يحرم الهلال من 21 مليون دولار    جهاز المشروعات يتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية لدعم مشروعات المرأة المصرية    وزير الري: جار إعداد منصة رقمية لمتابعة صيانة وتطهير المساقي الخصوصية    الجار قبل الدار    ماريسكا يشيد ب إستيفاو.. ويؤكد: حققنا ما نريده    البابا تواضروس يكشف عن لقاء "مخيف" مع مرسي وسر تصريحاته "الخطيرة" في 2013    اليوم.. نظر محاكمة 37 متهما بخلية التجمع الإرهابية    الصين: الحرب لن تحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني    في هذا الموعد.. نجوى كريم تحيي حفلًا غنائيًا في عمان    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    علاء مبارك يعلق علي دعوة إثيوبيا لمصر بحضور حفل افتتاح سد النهضة    لويس إنريكي: لا نفكر في الانتقام من بايرن ميونيخ بكأس العالم للأندية    رمزي وحلمي وملك وجو.. نجوم الكوميديا الرقمية    بعد مكاسب تتجاوز 60 دولار.. ننشر اسعار الذهب في بداية اليوم السبت 5 يوليو    أمير صلاح الدين عن مرضه النادر: الدكتور قال لي لو عطست هتتشل ومش هينفع تتجوز (فيديو)    اليوم عاشوراء.. صيامه سنة نبوية تكفّر ذنوب عام مضى    دعاء يوم عاشوراء مكتوب ومستجاب.. أفضل 10 أدعية لمحو الذنوب وقضاء الحاجه (رددها الآن)    4 أبراج «أثرهم بيفضل باقي»: متفردون قليلون الكلام ولا يرضون بالواقع كما هو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"متون الأهرام" نصوص رثائية فريدة من مصر الفرعونية
نشر في نقطة ضوء يوم 03 - 11 - 2020

"التحيات لك يا أبي أوزير، أنا حورس، جئتُ إليك، لأفتح فمك مع بتاح، ولأمجدك مع تحوت، أرد لك قلبك في أحشائك، كي تتذكر ما نسيتَ، أعطيك خبزاً، لتأكل متى تشاء، كما كنتَ تفعل على الأرض، أعطيك ساقيك وتسرع بنعليك، في ترحالك مع ريح الجنوب، وفي رفقتك لريح الشمال، لتكن سريع الخطو كلمح البصر، وتذهب إلى هناك في غمضة عين...".
ما سبق مقطع من نص جنائزي مصري قديم، بترجمة شريف الصيفي في إطار مشروعه لترجمة التراث الجنائزي المصري، الذي صدرت حلقته الثانية أخيراً في كتاب تحت عنوان "الصعود للسماء: متون الأهرام" (607 صفحات، مكتبة "تنمية" –القاهرة)، فيما تضمنت الحلقة الأولى كتاب "الخروج للنهار" الذي صدر عن الدار نفسها في 2020. وترجمة الصيفي لهذه النصوص الجنائزية تمَّت من المصرية القديمة، وقد علّق عليها في إطار تحقيق علمي استند إلى عدد كبير من المراجع.
هذه المتون هي أقدم نصوص دينية في التاريخ. كان التدوين الأول لها على الجدران الداخلية لهرم الملك "ونيس"؛ آخر ملوك الأسرة الخامسة (2300 ق - م تقريباً)، ثم استمر هذا التقليد في أهرامات ملوك الأسرة السادسة. وبالطبع لم تظهر هذه النصوص فجأة، فهي تعود إلى أصل أكثر قدماً لكنه لم يصل إلينا بعد، بحسب ما أكده شريف الصيفي.
الصعود إلى السماء
موضوع هذه المتون هو صعود الملك إلى السماء، إذ تحوي نصوصاً درامية، وتراتيل دينية، وتعاويذ سحرية، تضمن أن يحظى الملك المُتَوَفى بوضع إلهي، وحياة أبدية، عبر التماهي مع الآلهة، وتدمير أعدائه، ونقل صلاحياتهم إليه، ودرء كل الأخطار التي قد تصادفه في مسيرته/ من الجوع والعطش ولدغات الثعابين، وألا يُجبر على تناول الفضلات، أو السير مقلوباً رأساً على عقب في العالم الآخر، وأن يبحر في سلام مع مرافقي إله الشمس "رع" من النجوم التي لا تعرف الفناء، بحسب ما ورد في مقدمة كتبها الصيفي.
يضم هذا الكتاب ترجمة عربية علمية ومحققة، من اللغة المصرية القديمة مباشرة، لما هو متاح من متون الأهرام، ومن مراجعه: "عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم" (وليم لين)، "مختارات من الأغاني والعديد في الصعيد في أواخر القرن التاسع عشر" (داستون ماسبيرو)، "الموت في المأثورات الشعبية" ( سميح عبد الغفار)، "متون الأهرام المصرية" (ترجمة حسن صابر)، بالإضافة إلى عشرات المراجع بلغات عدة.
وشريف الصيفي (1960) خريج كلية التربية، قسم اللغة الألمانية عام 1987، درس اللغات المصرية والسامية القديمة في جامعتي ماربورغ وغوتنغن في ألمانيا، يعمل مترجماً وكاتباً حراً في برلين، عضو اتحاد الآثاريين الألمان، وعضو مشروع (متاحف في الدلتا) في جامعة هومبولت في برلين.
نبع الأدب الجنائزي
متون الأهرام هي أقدم نص ديني دوَّنه الإنسان على الإطلاق، وهو أيضاً النبع الذي فاضت منه كل صور الأدب الجنائزي في مصر القديمة وتطوَّرت. كان أول تدوين لها في عصر الأسرة الخامسة، ولم يُعثر لها على أثر قبلها، لكنها بالتأكيد مأخوذة من نص أقدم – لم يعثر عليه حتى الآن- وربما كان نصاً شفهياً حفظته أفئدة الكهنة سنوات طويلة قبل أن تتطور اللغة إلى المستوى الذي وصلتنا به المتون.
النص الأصلي بلا عنوان، والتسمية المتعارف عليها ابتكرها علماء الآثار، لكن الصيفي يميل إلى تسميتها "سفر المعراج"، أو "كتاب الصعود للسماء"، فهي عبارة عن شعائر جنائزية وتعاويذ وأناشيد دينية تدور حول فكرة صعود روح الملك (فقط) إلى السماء في ملكوت الأب إله الشمس "رع" وسط تهليل الآلهة.
كانت هذه المتون نصوصاً ملَكية بالأساس، ولم يصلنا أي دليل على أن الناس قد أخذوها لأنفسهم في مقابرهم الخاصة، لكن مع نهاية الأسرة السادسة دُوِّنت في أهرامات زوجات الملك "ببي" الثاني الثلاثة.
أكتشفت المتون في بدايات ثمانينيات القرن التاسع عشر على يد ماسبيرو وبروجش، في هرم "ونيس" وكان عدد فصولها 227 فصلاً. وكان ماسبيرو هو أول من نشر هذه المتون عام 1884. لكن العمل الضخم، الذي أنجزه كورت زيته ما بين 1908 و1922 بعرض المتون وترجمتها (إذ استطاع جمع 714 فصلاً) يعد حتى الآن المصدر الأساسي للدارسين.
مع الحفريات التي أجريت من 1924 إلى 1936 واكتشاف مزيد من الأهرامات، زادها فولنر إلى 759 فصلاً. ومع تجدد الحفريات ابتداءً من عام 1951 عُثر على مزيد من التعاويذ، وكان للتشتت التاريخي في اكتشاف النصوص ونشرها آثار جانبية على تقنية ترقيم النصوص؛ فقد رقَّم زيته التعاويذ التي كانت معروفة له آنذاك، فبدأ بنصوص "ونيس"، ثم ألحقها بنصوص ملوك الأسرة السادسة بالترتيب الزمني نفسه، وأسقط تراتبية النص والعلاقة بينه وبين موقع الحائط المنقوش عليه. وقد حاول جيمس آلن تصحيح هذا القصور في عمله الصادر عام 2005، إذ اشتمل على ترجمات للنصوص من أهرامات الأسرتين الخامسة والسادسة؛ كل كتلة نصية بحسب ترتيبها تماشياً مع الأبحاث والتفسيرات الحديثة. ومرة أخرى في عمله الضخم الذي صدر عام 2013 الذي أعاد فيه ترقيم النصوص من حيث انتهى زيته وأعاد ترتيب ترقيم فولكنر، وصل عدد التعاويذ في كتابه إلى ما يزيد على 800 تعويذة.
تدوين باللون الأخضر
تعود لغة تلك النصوص إلى ما يسمى اللغة المصرية القديمة، أي لغة المصريين في عصر الدولة القديمة، حين لم تكن لغة المكتوب قد وصلت بعد إلى مرحلة النضج في ما بعد في عصر الدولة الوسطى، إذ كانت الصيغ النحوية محدودة، كذلك الثروة اللغوية. وتميَّزت الجمل بالقصر، وغلبت عليها الاسمية، وافتقدت الروابط. وبمقارنة نصوص الأهرام بمثيلاتها في متون التوابيت و"كتاب الموتى"، يلاحظ أن متون الأهرام، تتسم بالتفاصيل والبعد عن الغموض وبمحدودية التعبيرات. دُونت المتون من دون رسومات عمودياً ولُونت بالأخضر تعبيراً عن الحياة وتجددها. وعلى خلاف المتون التي تطورت منها، ظهرت متون الأهرام غير معنونة عدا الفقرة 355 الخاصة بفتح السماء لروح الملك المتوفّى.
يمكن - بحسب الصيفي - تقسيم تلك المتون إلى مجموعتين أساسيتين من حيث الأسلوب: المجموعة الأولى نصوص كانت تستخدم لعبادة الآلهة والملك (الحي) في الحياة الدنيا، ضُمَّت إلى مكونات متون الأهرام من دون تغيير أو بتغيير طفيف. ومبرر وجودها أنها تؤكد الروابط بين الملوك والآلهة وضمان لنقل السلطة إلى الملك الجديد. المجموعة الأخرى وهي النصوص التي أعدت خصيصاً للملك بهدف جعل الأرباب تعتني بأمر صعوده إلى السماء.
بالنسبة إلى الخلفيات الميثولوجية للمتون، يقول الصيفي إن هناك حضوراً قوياً لللأساطير المصرية التي كانت في طور التكوين في متون الأهرام، وقصد هذا الحضور هو دمج الملك في نسيج الأسطورة كي يصبح جزءاً منها وأحد أبطالها، فهناك استعادة لأسطورة الخلق في هليوبوليس PT 527 ، وأسطورة "أوزير" و"سِت" PT 477.
من تحقيق الصيفي، نعرف أن الأسطورة لا تظهر في متون الأهرام كبنية سردية ذات تسلسل زمني للأحداث، بل في شكل تداخل مجموعة من الأدوار التي ينعكس فيها تفكك عقدة الموت في الجانبين المادي والاجتماعي.
في هذا التفكك، يكمن الإنجاز الحقيقي للأسطورة ومغزاها بجعل الموت حدثاً قابلاً للعلاج. وقد جرى ربط مصير الملك المتوفّى ب "أوزير" في متون الأهرام، فاستمدت الطقوس الجنائزية الملكية بذلك تفسيراً ومعنى إلهياً أسطورياً. ووفقاً لتحقيق الصيفي كذلك، فإنه تُمكِن ملاحظة ميل لا تنكره النصوص إلى تغليب عقيدة "رع" على عقيدة "أوزير"، التي وفق اعتقاد المترجم، دُمِجت في الدوغما السائدة وفي النصوص تحت ضغط شعبي، ربما لكبح سقوط الدولة القديمة، ولم تكن عقيدة "أوزير" قد تموضعت بعد بالكيفية التي ترسَّخت لاحقاً كما وصلتنا في متون التوابيت وكتاب الخروج للنهار.
تراثٌ ممتد
يلاحظ الصيفي كذلك، أن الكيفية التي تُقدم بها متونُ الأهرام الآلهة محيّرة، فهي لا تعرف الثبات، لأن الآلهة الوديعة والمساندة للملك المتوفّى قد تكون هي نفسها معيقة لمسيرته نحو السماء وتشكل خطراً عليه. فمثلاً إله الأرض "جب"، والد الرعيل الأخير من تاسوع هليوبوليس، يضم في جوفه الأفاعي الخطرة، ويضم مومياء الملك أيضاً، من هنا تأتي مخاوف الملك من أن يتمسك به في جوفه ولا يتركه يصعد إلى السماء. هناك رفض لفكرة موت الملك، وفي الوقت نفسه يقر بوجوده خالداً في المقبرة، فهو لم ينفِ الموت الأرضي؛ مصير كل البشر، لكنه صار روحاً مبجلة في السماء. السماء هنا هي بيت الآلهة، والصعود يعني الانضمام لمجتمع الآلهة، ليصبح المتوفّى واحداً منهم، وقد يحمل هذا الوجود بعضاً من سمات الواقع الأرضي: العرش والتيجان، الصولجانات والحاشية والأتباع والرعية. وهنا تتبنّى متون الأهرام تصوراً نخبوياً، إذ تصف الملك في العالم الآخر بأنه يختلف اختلافاً جوهرياً عن وجود الإنسان "الطبيعي". حتى بعد الموت، يتوقع الفرعون أن يحيا في السماء جامعاً بين وضعه الإلهي المتميّز، الذي كان له على الأرض، والوضع المستقبلي بين الآلهة، فنجد الملك يضاهي كل جزء من جسده بأحد الأرباب، حتى يصبح جسده مجمعاً إلهياً كاملاً رغبة في التوحد بمصيرها في الخلود وامتلاك القوة والقدرة.
استمرت الطقوس الجنائزية التي توسّعت مع الوقت لتشمل الأموات من الطبقات كافة، وبعد ما كاد يشبه الاندثار في ظل انهيار الأصل القديم تحت وطأة غزوات بثقافات مختلفة. استمرت، لكن، كما يقول الصيفي، في ثوب مسيحي، فقد كان مسيحيو مصر الأوائل يضعون مع المتوفّى في تابوته أو في قبره نصوصاً مسيحية مقدسة عوضاً عن المتون المصرية القديمة، وإلى وقت قريب كان المصريون يضعون بجوار المتوفى في المقبرة جرة ماء، وخصوصاً في مدافن الصعيد. كما استمر حرصهم – وهم يزورون المقابر – على رشّ الماء على المقبرة، أو قراءة ما تسمّى "العاتقة" على رأس المتوفّى قبل الدفن كي تعتقه من النار قبل خروج النعش من المنزل، كما ظهر في خطاب التلقين عند أقباط مصر ومسلميها، وهي عبارة عن كلمات إرشادية يرشد الملقِّن من خلالها الموتى إلى ما يجب أن يتذكروه في حياتهم الأخرى أو ما يجيبون به عن أسئلة الملكين المخصّصين لسؤال الميت في قبره. وتُعد امتداداً للنصوص الشفوية التي كان الكاهن المرتّل وكاهن التطهير يلقيانها أثناء إعداد الجثمان للدفن، أو التي كانت تدوَّن على جدران التوابيت أو على أوراق البرديّ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.