استكمالا لما أوردته الأسبوع الماضى من الأحاديث الموضوعة والضعيفة والمكذوبة المدسوسة على رسولنا صلاة الله وسلامه عليه، طبقا لتقييم موسوعة الدرر السنية، فإنه لا تصح كل الأحاديث التى وردت عن فضل سورة القدر، وهى ما بين باطل، وموضوع، وضعيف. ونختار بعضا من تلك الأحاديث التى يرددها العلماء «العملاء» بهدف زرع الفتن بين المسلمين وإظهار هذه الأحاديث الموضوعة - وبعضها يثير الاندهاش من صعوبة تصديق معانيها - وكأنها جزء من الدين الذى مركزه هو القرآن الكريم الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذى أكد المولى سبحانه وتعالى أنه هو سبحانه «حافظه» بقوله: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» الآية 9 من سورة الحجر. ومن أمثلة تلك الأحاديث على سبيل الحصر:»من قرأها (يعنى سورة القدر) أُعطى من الأجر كمن صام رمضان، وأحيا ليلة القدْر «. وكذلك « سورة القدْر عند دخولك البيت، وعند خروجك منه». أو «من حفِظ سورة القدْر، فكأنما حفظ جميع العلوم !». أو «ما من عبد يزور قبر مؤمن فقير، فيقرأ عنده سورة القدْر سبع مرات، إلا غفر الله له ولصاحب القبر!». وحديث للأمن من الفزع الأكبر: « أنَّ من زار قبر أخيه المؤمن، فقرأ عنده سورة القدْر سبع مرات، كان آمنًا من الفزع الأكبر». وأيضا « أيما مؤمن قرأ سورة القدْر عند وضوئه، خرج من ذنوبه كيومَ ولدته أمه !».. أو القول « من قرأ سورة القدْر إحدى عشر مرة فى فراشه، وكَّل الله أحد عشر ملكًا يحفظونه من شر الشيطان !». ومثله حديث « مَن نقَعها وشرب ماءها، أعطاه الله نور عين، وزيادة يقين، وقوة قلْب وحِكمة كثيرة». أو ذلك الحديث المدسوس «وأى مهموم، أو مريض، أو مسافر، أو سجين قرأ سورة القدْر، كشَف الله ما به!». وأخيرا الحديث المكذوب «من قرأ فى إثر وضوئه: إنا أنزلناه فى ليلة القدر مرة واحدة، كان من الصِّدِّيقين، ومن قرأها مرتين، كتب فى ديوان الشهداء، ومن قرأها ثلاثًا، حشره الله محشر الأنبياء». نعم أيها المسلمون لم يصح حديث واحد يخص سورة القدر على الإطلاق. وهناك حديث باطل بطلانا باتا من ذلك الذى يستهدف بث الرعب فى قلوب المسلمين، ويردده بالطبع العلماء «العملاء»على رغم سهولة إثبات بطلانه. وهو « من تهاون فى الصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة، ست منها فى الدنيا، وثلاث عند الموت، وثلاث فى القبر، وثلاث عند خروجه من القبر.أما السِّتة التى تصيبه فى الدنيا، فهي: ينزع الله البركة من عمره، ويمسح الله سمات الصالحين من وجهه، وكل عمل لا يُؤجر مِن الله، ولا يرفع له دعاء إلى السماء، وتمقته الخلائق فى دار الدنيا، وليس له حظ فى دعاء الصالحين. وأما الثلاثة التى تصيبه عند الموت، فهى: يموت ذليلًا، ويموت جائعًا، ويموت عطشانًا، ولو سُقى مياه بحار الدنيا ما روى عنه عطشه. وأما الثلاثة التى تصيبه فى قبره، فهى: يضيِّق الله عليه قبره، ويعصره، حتى تختلف ضلوعه، ويُوقد الله على قبره نارًا فى حمرها، ويسلِّط الله عليه ثعبانًا يسمَّى الشجاع الأقرع. وأما الثلاثة التى تصيبه يوم القيامة، فهى: يسلِّط الله عليه من يصحبه إلى نار جهنم على جمر وجهه، وينظر الله تعالى إليه يوم القيامة بعين الغضب يوم الحساب، ويقع لحم وجهه، ويحاسبه الله عز وجل حسابًا شديدًا ما عليه من مزيد، ويأمر الله به إلى النار وبئس القرار . وهناك مجموعة من الأحاديث تخص شهر رجب، أكدت موسوعة الدررالسنية أنها كلها لا تصح، وهى ما بين باطل، وموضوع، وضعيف. ومن تلك الأحاديث: «اللهمَّ بارك لنا فى رجب وشعبان، وبلِّغنا رمضان»، و«فضل شهر رجب على الشهور كفضل القرآن على سائر الكلام»، و«رجب شهرُ الله، وشعبان شهرى، ورمضان شهر أمتى». وهناك حديث مكذوب بطوله يقول: «لاتَغفُلوا عن أوَّل جُمُعة من رجب؛ فإنها ليلة تسمِّيها الملائكة الرغائب، وتفصيلها رجب شهر عظيم، يضاعف الله فيه الحسنات، فمَن صام يومًا من رجب، فكأنَّما صام سَنة، ومَن صام منه سبعة أيام، غُلقت عنه سبعة أبواب جهنم، ومَن صام منه ثمانية أيام، فُتحت له ثمانية أبواب الجنة، ومَن صام منه عشرة أيام، لم يَسأل اللهَ إلا أعطاه، ومَن صام منه خمسة عشر يومًا، نادى مناد فى السماء: قد غفر لك ما مضى فاستأنف العمل، ومَن زاد، زاده الله، وفى رجب حمَل الله نوحًا فصام رجب، وأمر من معه أن يصوموا، فجرت سبعة أشهر أُخر، ذلك يوم عاشوراء، أُهبط على الجُودى، فصام نوح ومَن معه والوحش شُكرًا لله عز وجل، وفى يوم عاشوراء فلَق الله البحر لبنى إسرائيل، وفى يوم عاشوراء تاب الله عز وجل على آدم، وعلى مدينة يونس، وفيه وُلد إبراهيم. وهناك القول «مَن صلى بعد المغرب أوَّل ليلة من رجب عشرين ركعةً، جاز على الصراط بلا نجاسة «. وأيضا «ومن صام يوما من رجب وصلى ركعتين يقرأ فى كل ركعة مئة مرة آية الكرسى، وفى الثانية مئة مرة قل هو الله أحد، لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة». « وأيضا القول: «مَن صام ثلاثة أيام من شهرٍ حرامٍ: الخميس، والجمعة، والسَّبت، كتب الله له عبادة تِسعمئة سنة» وفى لفظ «ستين سنة». وكذلك القول «صوم أوَّل يوم من رجب كفَّارة ثلاث سنين، والثانى كفَّارة سنتين، ثم كلُّ يوم شهرًا». وفى الأسبوع المقبل، إن كان فى العمر بقية، نستكمل بمشيئة الله، إلقاء الضوء على نماذج أخرى من تلك الأحاديث الموضوعة والمكذوبة المدسوسة دسا على الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام.