رب ضارة نافعة، تلك الحادث الذي وقع في التجمع الانتخابي مع الرئيس السابق دونالد ترامب، ومحاولة الاغتيال، إذ جاء رد فعل الرئيس السابق دونالد ترامب، بعد سماع سلسلة من الفرقعات التي بدت وكأنها طلقات نارية، سريعة وعفوية، قام بالاختباء بعدها خلف المنصة، إلى أن سارع رجال الأمن بإخراجه من مسرح الأحداث. لكن طبيعة ترامب العنيدة والذكية والمحبة للأضواء نجحت في الاستفادة من اللقطة، والوقوف رغم الدماء السائلة على خده لطمأنة ناخبيه والتلويح بيده في إشارة إلى القوة والثبات وعدم الخوف، رغم أن ملامح وجهه تعبر عن الخوف والقلق الشديد. قد يقلب هذا الحادث الموازين رأسا على عقب في الانتخابات القادمة في نوفمبر لصالح ترامب، فالشعب الأمريكي شعبا يعشق التحدي والمغامرة، وهم قد يروا في ترامب تلك الصفات خاصة بعد الحادث الذي وصفه الرئيس جو بايدن، بأنه أمر مخجل في تاريخ الولاياتالمتحدة وأمر غير مسبوق. والحقيقة أن العنف السياسي ليس جديدا على الحياة السياسية الأمريكية. الرئيس دونالد ترامب ليس أول رئيس يتعرض لمحاولة اغتيال، بحسب الأرقام من الأرشيف الأمريكي، هناك ما يقرب من نحو ال 18 رئيسا تعرضوا لمحاولات اغتيال من قبل. وكان الرئيس ريجان في عام 1981 قد تعرض لمحاولة اغتيال مماثلة في العاصمة واشنطن، من قبل شخص كان يعاني من اختلال عقلي، وذلك خارج فندق هيلتون. ولكن خلال مئة عام من تاريخ الولاياتالمتحدة، والعديد من رؤساء أمريكا ال 46 تعرضوا لمحاولات اغتيال، نجحت أربع منها، أما غالبيتها فقد أفشلتها يقظة جهاز الحماية السرية، الذي يتمتع بقدرات عالية. وسجل التاريخ اغتيال أربعة رؤساء أمريكيين هم الرئيس ال 16 أبراهام لينكولن الذي اغتيل في أبريل 1865، والرئيس ال 20 جيمس جارفيلد الذي اغتيل في يوليو 1881 قبل أن يكمل شهره الرابع في البيت الأبيض، والرئيس ال25 وليام ماكينلي في سبتمبر 1901 في نيويورك، والرئيس الشاب جون أف كينيدي الذي اغتيل في ولاية تكساس في 1963، وكان كينيدي هو الرئيس ال35 للولايات المتحدة، والأصغر عمرا يتم انتخابه رئيسا للبلاد. الرئيس جيمي كارتر، كانت لديه محاولة اغتيال في 5 مايو 1979، لولا أن نجحت شرطة لوس أنجلوس في القبض على رجل في حوزته مسدسا زعم أنه عضوا في خلية خططت وسعت لاغتيال كارتر. كاد الرئيس ريجان أن يفقد حياته في 30 مارس 1981. عندما أطلق عليه جون هينكلي جونيور النار. وأصيب ريجان في صدره وتمأنقاذ حياته. نجا الرئيس الأسبق بيل كلينتون من عدة محاولات حيث كان هدفا لعدة مؤامرات اغتيال خلال فترته الرئاسية في البيت الأبيض، ثلاثة منها في عام 1994.وحسب صحيفة نيويورك تايمز سعى رونالد جين باربور إلى اغتيال الرئيس أثناء ممارسته رياضة المشي التي كان يحرص عليها يوميا. وفي وقت لاحق من السنة نفسها صدم فرانك يوجين كودور طائرته الصغيرة في حديقة البيت الأبيض في محاولة لاغتيال كلينتون وقتل كودور في الحادث. وبعد شهر من هذا الحادث، أطلق فرانسيسكو مارتن دوران عدة طلقات باتجاه حديقة البيت الأبيض، لكن مجموعة من السياح كانوا بالقرب من المكان هجموا عليه وأسقطه أرضا ومن ثم اعتقلته السلطات. وكانت هناك محاولة لاغتيال جورج بوش الابن عندما أطلق الموظف السابق في دائرة خدمات الإيرادات الداخلية IRS روبرت بيكيت عدة طلقات على البيت الأبيض في فبراير 2001 قبل أن يقوم أحد ضباط الحماية بإصابته في الركبة. وكان الرئيس جورج بوش حينها يمارس رياضته في حديقة البيت الأبيض. وفي 2006 وحين كان الرئيس برفقة الرئيس الجورجي آنذاك ميخائيل ساكاشفيلي أثناء تجمع في العاصمة الجورجية تبليسي، رمى أحد القوميين الجورجيين قنبلة يدوية باتجاه الرئيسين والمسؤولين الآخرين، لكن القنبلة لم تنفجر. وكان الرئيس باراك أوباما هدفا لعدة محاولات اغتيال، حين كان مرشحا رئاسيا في 2008 خطط بول شيلسمان ودانيال كاورت لقتل 102 أمريكي من ذوي الأصول الأفريقية. وكانا في سيارة كتب عليها "أطلق بوق سيارتك إذا كنت تحب هتلر". وكان أوباما واحد من أهداف الاغتيال، لكن الشرطة استطاعت اعتقالهما قبل أن ينفذا خطتهما بوقت طويل. وفي عام 2011 أطلق أوسكار راميرو أورتيجا هيرنانديز النار على البيت الأبيض، لكنه سبب حادثا خلال فراره بالسيارة، واعتقلته الشرطة وزعم هيرنانديز أن أوباما كان ضد المسيح. حكم عليه ب27.5 عاما. وفي أبريل 2013 تم اختبار رسالة كانت موجهة إلى أوباما وعثر على سم الريسن فيها. وحكم على مرسل الرسالة جيمس إيفيرت دوتشكي بالسجن 25 عاما. وفي 2015 أفادت "شبكة سي إن إن" الأمريكية باعتقال السلطات ثلاثة أشخاص وهم أبرور حبيبوف وعبد الرسول جورابيوف وسيدأخماتوف بتهم التخطيط لاغتيال أوباما والالتحاق بعصابة داعش. وإذا عقد الأمريكان مقارنة بين صورة الرئيس بايدن، في المناظرة الأخيرة والذي ظهر خلالها ضعيفا وبين مظهر ترامب عقب إطلاق النار فأن النتيجة ستأتي حتما في صالح ترامب، الذي بدا متماسكا رغم محاولة الاغتيال.