■ عامر تمام فى مهمة تبدو صعبة.. طالب أعضاء منظمة شنغهاى للتعاون خلال قمتهم السنوية التى عقدت الأسبوع قبل الماضى إلى الوصول إلى عالم متعدد الأقطاب، وسعت الصين خلال مشاركتها فى القمة إلى حشد أعضاء المنظمة أو من يمكن أن نطلق عليهم «دول الجنوب العالمي» إلى مواجهة من اعتبرته تهديدات ومخاطر قادمة من الغرب. قال الرئيس الصينى شى جين بينغ خلال مشاركته بالقمة «علينا أن نوحد القوى ونتكاتف فى مقاومة التدخلات الخارجية، يجب علينا أن ندعم بعضنا البعض بقوة ونتعامل مع خلافاتنا الداخلية بروح السلام والوئام». لكن ما تسعى إليه بكين ليس بالأمر الهين، لاسيما أن هناك العديد من الدول الأعضاء فى المنظمة حلفاء مقربين للولايات المتحدة والدول الغربية مثل الهند التى مثلها وزير الخارجية خلال هذه القمة، بخلاف دول أخرى يشاركون فى المنظمة شركاء حوار منهم تركيا عضو الناتو ومصر والسعودية. تعد منظمة شنغهاى أحد التكتلات الفاعلة عالميا، فهذا التكتل يضم أكثر من 40 بالمئة من سكان العالم ونحو 20 بالمئة من الناتج المحلى الإجمالى العالمي، وسط ترجيحات بأن يتوسع مدفوعا بالنمو الذى تحققه الصينوالهند. وتضم المنظمة فى عضويتها الصينوالهندوروسيا ودول آسيا الوسطى وهذا العام حصلت إيران وبيلاروس على عضويتها الكاملة. ويشارك عدد من الدول العربية فى المنظمة كشريك حوار على رأسهم مصر والمملكة العربية السعودية، ولا تخفى مصر رغبتها فى الحصول على العضوية الكاملة فى هذه المنظمة. هذا ما أكده السفير على الحفنى الأمين العام للمجلس المصرى للشئون الخارجية خلال حديثه معنا حول أهمية المنظمة وأهمية عضوية مصر بها.. وقال الحفنى إن مصر تشارك هذه المرة كشريك حوار بعد أن كانت تشارك فى السابق بصفتها مراقبا، مشيرا إلى أن هذا التدرج فى المشاركة سينتهى إلى حصول مصر على العضوية الكاملة.. ورغم ذلك يرى الحفنى أن مصر دائما لا تتعجل مثل هذه الأمور وتتركها تسير فى مسارها الطبيعى إلى أن تتهيأ الأوضاع المناسبة لمثل هذه الخطوة وهو ما حدث خلال المشاركة فى تجمع بريكس.. ورغم أن منظمة شنغهاى تم إنشاؤها فى الأساس بهدف معالجة التحديات الأمنية المشتركة التى تواجهها الصينوروسيا وجمهوريات آسيا الوسطى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، لكنها سرعان ما تغيرت ووسعت عضويتها وأصبحت تكتلا اقتصاديا وأمنيا وسياسيا. اقرأ أيضا| شي يشيد بالعلاقات الصينية البيلاروسية ويؤكد أنها في تطور مستمر وتعمل الصين على توسيع عضوية المنظمة على اعتبار أن ذلك يمنحها المزيد من القوة والنفوذ ويخلق ما يمكن أن يطلق عليه تحالف الجنوب فى مواجهة تحالف الغرب. وتعهد الزعيم الصينى خلال القمة بتعزيز التعاون الاقتصادى والعلمى بين الأعضاء، وحثهم على دعم الابتكار والحفاظ على سلاسل التوريد المستقرة وتعزيز النمو الإقليمى وتعزيز تحقيق أهداف التنمية المشتركة.. وبدون تسمية دول محددة، حذر شى من أن أعضاء منظمة شنغهاى للتعاون يواجهون «التهديدات والمخاطر والتحديات» التى تأتى من «عقلية الحرب الباردة».. ورغم أن هناك سردية قديمة بأن هذه المنظمة معادية للغرب وأطلق عليها «الناتو الشرقي» عندما تأسست، لكن مع دخول الهند ودول أخرى حليفة للغرب من الصعب المضى قدما فى هذا التوجه.. وتسعى الصين ومن خلفها روسيا إلى الاعتماد على تجمعات مثل شنغهاى وبريكس لمواجهة التجمعات الغربية التى ترفض ضم الدولتين لعضويتها مثل مجموعة السبع والتى عادة ما تستخدم لمهاجمة سياسات بكين وموسكو.. وتنتهج بكين مقاربة تسعى من خلالها توسيع عضوية المنظمة لزيادة نفوذها عالميا حتى وإن تسبب ذلك فى وجود عدم تجانس بين الأعضاء على أمل اللعب على نقاط الالتقاء والمصالح المشتركة مع الدول فى تحقيق أهداف وسياسات المنظمة.. وبالعودة إلى الأهداف الأمنية، حث الرئيس شى الدول الأعضاء على الالتزام برؤية الأمن المشترك والشامل والتعاونى والمستدام، ومعالجة التحديات الأمنية المعقدة والمتشابكة من خلال الحوار والتنسيق، والاستجابة للمشهد الدولى المتغير بشكل عميق من خلال نهج مربح للجانبين. وفى بيان عقب القمة، دعا زعماء الدول الأعضاء فى منظمة شنغهاى للتعاون إلى بناء عالم متعدد الأقطاب لمعالجة المخاطر والتحديات الأمنية الملحة، وهو ذات النهج الذى تدعو إليه الصينوروسيا وتسعيان إلى تحقيقه. وقالوا فى البيان إن المخاطر والتحديات الأمنية الحالية ذات طبيعة عالمية، ولا يمكن حلها إلا من خلال بناء عالم متعدد الأقطاب، وتحسين الحوكمة الاقتصادية العالمية، وتنسيق الجهود لمعالجة التهديدات الأمنية التقليدية وغير التقليدية. يمنح ظهور تجمعات اقتصادية وسياسية كبرى مثل بريكس ومنظمة شنغهاى مساحة مناورة أكبر للدول النامية لاسيما الدول العربية، كما أنه يعد خطوة على طريق خلق عالم متعدد الأقطاب قد يكون أكثر عدلا من العالم الأحادى القطب الذى تهيمن عليه الولاياتالمتحدة.