أيمن فاروق فرنسا ترفع الرايات الحمراء لاستشعارها الخطر من أمواج قادمة قوية من جماعة الإخوان الإرهابية وتواجدها داخل المجتمع الفرنسي، كان بداية هذا الاستشعار ما أعلن عنه رئيس حزب التجمع الوطني «اليمين المتطرف في فرنسا» وهو حال وصوله لرئاسة الحكومة؛ سيحد من توغل الإخوان في فرنسا وسيحظر وجودها على الأراضي الفرنسية، الأمر الذي أربك حسابات جماعة الإخوان الإرهابية، خاصة مع الضربات المتتالية من قبل دول أوروبية أخرى مثل ألمانيا وانجلترا الحاضنة الأم، ليس هذا فحسب بل أخذت فرنسا تراقب أنشطة المدارس التي لديها صلة أو ينتابها شك في تمويلها من منظمات لها علاقة بالإخوان في البلد الأوروبي، جاء هذا في نفس توقيت إحالة حفيد حسن البنا طارق رمضان إلى المحكمة الجنائية بتهمة اغتصاب ثلاث سيدات، ما يشكل تهديدًا للتواجد الإخواني على الأراضي الفرنسية، لتتوالى الصفعات ضد الإرهابية. استشعرت فرنسا مؤخرًا خطر تواجد وتمدد جماعة الإخوان داخل أراضيها بشكل أو بآخر، فتارة نجدها على شكل منظمات وجمعيات إسلامية، تبنت فكر الجماعة الإرهابية في توسيع سياستها ونشاطها بشكل قانوني، ما يحتم على السلطات الفرنسية الوقوف في وجه هذا التيار بعد استفحال ظاهرة تمدده على أراضيها. وكشفت إحدى الدراسات؛ أن خطاب جماعة الإخوان الإعلامي يسير وفق رؤية حسن البنا رغم تطوّر تكنولوجيا الاتصال وامتلاك الجماعة لعشرات المدوّنات والصفحات الإخبارية على الإنترنت واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فقد ظل برغم كل ذلك التطور التكنولوجي والمهني، مرتبطًا وتابعًا لخطاب الجماعة بل ومجسدًا لرؤية مؤسس الجماعة حسن البنا، وهو ما وصف بأحد أهم أسباب جمود الخطاب الإعلامي والدعائي وفشله لدى هذه الجماعة، فرنسا ليست لديها مشكلة مع الإسلام أو المسلمين المقيمين منذ سنوات طويلة ولكن لديها مشكلة كبيرة مع الإسلام السياسي والذي تقود دفته الأولى جماعة الإخوان الإرهابية نحو وضع قوانينها على حساب قوانين الجمهورية الفرنسية، وهنا بدأت السلطات في فرنسا تركز على أنشطة جماعة الإخوان وتراقب أداءها نتيجة اعتقاد السلطات الفرنسية المبني على أدلة ملموسة أنهم يحرضون على الكراهية ونشر الفكر المتطرف في أوساط الجاليات المسلمة في فرنسا تحت مظلة الجمعيات والعمل الخيري ومنظمات الإغاثة وغير ذلك، من أجل تحقيق أهداف خاصة. مؤخرا أصدر «تريندز للبحوث والاستشارات» النسخة العربية من دراسة بعنوان «فرنسا تواجه الإخوان: تحقيق طال انتظاره»، تتناول التحقيق الحكومي الفرنسي حول جماعة «الإخوان»، وتُسلط الضوء على المخاوف المتزايدة بشأن تأثير الجماعة على المجتمع الفرنسي. وأشارت الدراسة التي أعدتها عضوة مجلس الشيوخ الفرنسي السيناتور نتالي جوليه إلى أن قرار الحكومة الفرنسية بفتح تحقيق حول «جماعة الإخوان»، جاء نتيجة أن جماعة الإخوان تُمثل تهديدًا خطيرًا للقيم الأساسية للجمهورية الفرنسية، وأكدت الدراسة أن الحكومة الفرنسية تُولي أهمية كبيرة للتحقيق، وأنها تكلف خبراء ذوي خبرة في هذا المجال لإجرائه. وتكشف الدراسة عن شبكات جماعة الإخوان المالية وتفكيكها، وضمان التعاون مع الشركاء الأوروبيين، والمراقبة الدقيقة لنشاطات جمع التبرعات. وشددت الدراسة على ضرورة التوعية بمخاطر جماعة الإخوان، وتُشير إلى أن شبكات الجماعة تمثل تهديدًا لفرنسا وأوروبا، كما نوهت على أن التحقيق الحكومي الفرنسي يهدف إلى حماية المجتمع ممن يمثلون تهديدًا للأمن الوطني. تحذير وتحليلا لوضع الإخوان في تونس صحيفة «ذا سبيكتاتور» البريطانية كانت قد صرحت بأن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين أجرى مقابلة، حول جماعة الإخوان، ووصفها بأنها «منظمة شريرة». وأوضح وزير الداخلية الفرنسي دارمانين؛ أن تحذيره من جماعة الإخوان بمثابة «جرس إنذار» من أساليب الإخوان، مشيرا إلى أنهم يهاجمون جميع مجالات المجتمع ويشكلون شبكة: الرياضة والتعليم والطب والعدالة والمنظمات الطلابية والنقابية والمنظمات غير الحكومية والسياسة والجمعيات والثقافة، إنهم يعطون تعليمات التصويت، ويدعمون الشركات المجتمعية، ويستخدمون الخطاب المناهض للفرنسيين، ويطلقون العرائض، ويحاصرون الممثلين المنتخبين المحليين، ويوقعون شراكات اقتصادية مع العلامات التجارية الكبرى». كما أشارت الصحيفة في تقريرها مع وزير الداخلية الفرنسي، إلى أن الإخوان يتمددون في مناحي الحياة، كما أنهم يستخدمون أسلوب المظلومية، كما أن تصريحات وزير الداخلية الفرنسي لاقت اهتمامًا وترحيبًا من جانب المتخصصين والخبراء في مجال التطرف والبحث عن جماعات الإسلام السياسي، ومن بينهم فلورنس بيرجود- بلاكلر، التي تدرس الحركة منذ ثلاثة عقود، والتي أصدرت كتاب عن الإخوان عام 2023 قالت فيه؛ أن هدف جماعة الإخوان ليس التكيف مع أوروبا بل تكييف أوروبا معهم. وبالعودة إلى وزير الداخلية الفرنسي أكد في مقابلته أن جماعة الإخوان في فرنسا تعمل بشكل سري فهي ذات طبيعة سرية وتفتقر للتسلسل الهرمي المحدد مما يصعب السيطرة عليها وحظرها، وناشد المجتمع الأوروبي بما أسماه «الصحوة الأوروبية»، وقال إنه سعيد بما يدور في السويدوألمانيا من مراقبة الأجهزة الاستخباراتية لأنشطة جماعة الإخوان. قلق تعليمي أبرز المجالات التي تسعى جماعة الإخوان أن تفرض سيطرتها وتتغلغل فيها داخل المجتمع الفرنسي هو في مجال التعليم، والهدف من ذلك واضح وهو السيطرة على العقول وعلى الأطفال، وهو ما أثار قلقًا بارزًا وتحديدا في مدينة نيس الفرنسية، إذ أنشأت جماعة الإخوان هناك مدرسة للتعليم الثانوي، والأكثر إثارة أن مصادر تمويل تلك المدرسة وغيرها لا أحد يعرفه، وتُطرح تساؤلات هنا حول «كيف تدفع المدرسة نفقاتها لتؤمن سير دروس نحو 100 طالب ممن يرتادونها؟»، لكن المؤكد هو أن لهذه المدرسة «روابط مباشرة» مع ما كان يعرف ب»اتحاد المنظمات الإسلامية»، وبالتالي مع تنظيم الإخوان الإرهابي، وتحديدا إخوان فرنسا، وبحسب ما أكده في تصريحات سابقة، المستشار البلدي في نيس فيليب فاردون، بأن العلاقة عضوية. وأشار المستشار البلدي في نيس إلى أنه بالرغم من محاولة القائمين عليها نفي ذلك بشتى السبل، ومع أن المدرسة حاولت جاهدة البقاء بعيدا عن الجدل المتنامي في فرنسا حول مخاطر مثل هذه المدارس على أمن البلاد واستقرارها، إلا أن قانون 2021 لمكافحة النزعة الانفصالية، أسقط عنها القناع وتزامن ذلك مع تعالي الأصوات الفرنسية المحذرة من تزايد أعداد المنتمين لتنظيم الإخوان بالبلاد، وما يمثله ذلك من خطر على المسار الديمقراطي، علاوة على تأثيراته الوخيمة على التركيبة الديمغرافية المستقبلية، كما أن القانون المذكور يلزم المؤسسات غير المتعاقدة بإبلاغ الإدارة بمصدر تمويلها، وهذا ما شكل كابوسًا للقائمين على مدرسة «ا.س» في نيس، حيث تخبطت الجمعية التي أنشأت المدرسة في الرد على الأسئلة. ماكرون يستشعر الخطر وفي وقت ليس ببعيد منذ ما يقل عن 60 يوما استشعر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مخاطر الأصوات المحذرة من الإخوان، وكلف اثنين من كبار موظفي الخدمة المدنية بإعداد تقرير حول الإخوان، لتقديمه في الخريف المقبل. تحرك جاء في وقت رفع فيه تقرير للكاتبة والباحثة الفرنسية هيلين دي لوزون وتيرة المخاوف، بكشفها أنه منذ عام 2019 زاد عدد أعضاء تنظيم الإخوان في فرنسا من 50 ألفا إلى 100 ألف. والأرقام قدمتها الباحثة نقلا عن تصريحات خبير استخباراتي فرنسي لصحيفة «لو جورنال دي ديمانش»، محذرة من تزايد الأدلة على تغلغل الإخوان في الحياة الفرنسية بشكل شبه يومي. ومؤخرا قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الفرنسية، بإحالة طارق رمضان حفيد مؤسس الإخوان على محكمة جنائية بتهمة اغتصاب ثلاث نساء، وفي 29 مارس الماضي، نظرت غرفة التحقيق بمحكمة الاستئناف الطعن المقدّم من وكلاء الدفاع عن رمضان البالغ 61 عاما ضدّ قرار إحالته إلى المحكمة الجنائية الصادر قبل نحو عام عن قاضيي تحقيق في محكمة باريس. كان مساعد المدعي العام ماتيو بوريت قد طالب في التماسات خطّية اطلعت عليها وكالة «فرانس برس»، بالإبقاء على تهمة اغتصاب واحدة ضدّ طارق رمضان هي حالة اغتصاب «كريستيل» في ظروف مشدّدة للعقوبة بليون في أكتوبر 2009، وسبق أن اعتبر ممثّل النيابة العامة بالفعل أن العناصر متوافرة لتوصيف الحالة بأنها جريمة مماثلة.. اقرأ أيضا : «خانة اليك» بودكاست.. «مخيون»: الإخوان كفّروا السلفيين