لا تدور أحداث مسرحية «مش روميو وجولييت» فى فلك مسرحية وليم شكسبير الخالدة التى طافت العالم شرقًا وغربًا بكل اللغات ومختلف الرؤى والمعالجات، لكن الرؤية التى قدمها الشاعر المبدع أمين حداد صارت بها في اتجاه آخر، بفكرة ذكية طرحت كثيراً من الهموم المصرية وعلى رأسها الفتنة الطائفية وكيف تطل برأسها بين حين وآخر دون أساس من الواقع. العرض تدور أحداثه في قالب استعراضى عبر أغنيات تعبر بعمق عن حكاية تدور داخل مدرسة ثانوية تتناثر فيها الشائعات بين الطلبة والطالبات عن قصة حب طرفاها فى الواقع بريئان منها وعلاقتهما لا تتجاوز الجيرة فى حى شبرا العريق الذي يعد رمزاً للتسامح والتآخى، وتجمعهما الزمالة بالمدرسة، لكن هناك من أشاعوا بذور الفتنة واختلقوا قصة وهمية، أثارت الطلبة المراهقين. يقرر مديرها قيامهم بنشاط مسرحى بتقديم مسرحية «روميو وجولييت» لينخرط الطلبة فى نشاط فنى يجعلهم يتوحدون لتقديمه وتتغير رؤيتهم ويدركون الحقيقة وتتفتح أعينهم على معان جديدة لم يكن يدركونها. لا شك أن النص الجيد كان نقطة انطلاق المخرج الكبير عصام السيد الذى برع فى أن يجعل منه عرضًا ممتعًا جذابًا، بما يضمه من غناء واستعراضات يقدمها الطلبة والطالبات بزى المدرسة، وبمشاركة الفنان الكبير علي الحجار الذى ينطلق صوته ليملأ جنبات المسرح القومى بخبرته الواسعة وحضوره اللافت، أما الفنانة رانيا فريد شوقي فقد أعاد المخرج عصام السيد اكتشافها فى هذا العرض وهى تؤدى حوارات مغناة وتتمتع برشاقة وحيوية ما يجعلنا نندهش من غيابها مؤخرًا عن الأعمال الفنية، فيما يؤكد ميدو عادل موهبته ولياقته كأحد الوجوه الشابة التي حققت نجاحا بعروض عدة بمسرح الدولة، ويتفوق الفنان عزت زين وأميرة أحمد وفريق المسرحية من فنانين ومصممي الاستعراضات والملابس والموسيقى والألحان، هذا العرض الجميل الذي يحقق نجاحا دون دعاية ويجتذب جمهوراً واسعاً من العائلات وجدوا ضالتهم فى عرض فنى ممتع يحمل الفكر والفن الجميل يفتقد وجود دعاية كافية بعد إلغاء بند الدعاية فى مسارح الدولة ترشيدًا للنفقات، مع أنه لو حظى بدعاية مناسبة لحقق نجاحًا مزدوجًا لمسرح الدولة من جهة وللجمهور الذى يرتاده من جهة أخرى، لتظل أضواء المسرح مزدهرة بعروض ناجحة.