تشهد صناعة صناديق الاستثمار عالميًا تحولًا تاريخيًا بفضل الذكاء الاصطناعى مع دخول أول صندوقى استثمار حيز التنفيذ يتم إدارتهم واتخاذ القرارات الاستثمارية بهما بالكامل عبر روبوتات وعقول الذكاء الاصطناعي وليس عبر الإدارة التقليدية لصناديق الاستثمار المتمثلة فى مدير الاستثمار والفريق المعاون له. ووفقًا لموقع بنك «ريت»، تعتبر الصناديق المدعومة بالذكاء الاصطناعي هي تلك التي تستخدم تقنيات التعلم الآلي للبحث واختيار الأسهم والاستثمارات الأخرى، ولذلك فإن هذه الصناديق لا تستثمر بالضرورة فى شركات الذكاء الاصطناعي بل تستخدم التكنولوجيا للعثور على أنماط في البيانات ثم اختيار الأسهم التي يتم شراؤها. وفى كثير من الحالات، يجمع الذكاء الاصطناعى العديد من البيانات عامة للمساعدة فى تحديد توجهات السوق نحو الأسهم، ويقوم الذكاء الاصطناعى بجمع معلومات عن الأسهم من وسائل التواصل الاجتماعى والأخبار والبيانات المالية وتقارير المحللين ولوحات الرسائل عبر الإنترنت وأى مصدر آخر يوضح نبض السوق، كما يقوم الذكاء الاصطناعى بفحص البيانات المالية بعناية والتنبؤ بالشركات التى من المُرجح أن تستمر فى الأداء الجيد، وقد يلخص أبحاثه فى قائمة الأسهم لمديرى الصناديق، وبعضها يقوم بتنفيذ عملية التداول وشراء الأسهم بنفسها.. ووفقًا لتقرير موقع «تيك برو»، أطلقت شركة إيكوتى بوت الأمريكية أول صندوق استثمار تحت اسم «ايه ال اى كيو» يتم إدارته بالكامل عبر عقول وروبوتات الذكاء الاصطناعى تحت اسم «ايه اى ايى كيو» والذى حقق أرباحًا بلغت 18% العام الماضى متفوقًا على المؤشر الرئيسى للبورصة الأمريكية «ستاندرد اند بورز 500». استراتيجية العمل وتقوم الشركة باستخدام البيانات المُتعلقة ب 6000 شركة أمريكية تتعقبها، نظرًا لأن الصندوق يضم 80 ألف نموذج من نماذج الذكاء الاصطناعى هو عدد كبير جدًا. ويعتمد تحليل روبوت الصندوق على البيانات المالية فى تقييم أسهم الشركات وهو النوع التقليدى الذى تم استخدامه دائمًا فى عالم التمويل، مثل الإيرادات والنمو ونفقات البحث والتطوير وحركات السوق، ولكنها تحصل أيضًا على رؤى من البيانات غير المالية مثل الرؤى من المقالات الإخبارية والمدونات ووسائل التواصل الاجتماعى. وقد تم تدريب الروبوت الذى يدير الصندوق على البيانات التاريخية التى تتراوح بين 5 سنوات إلى 30 سنة، مع البيانات الحديثة والتى تشمل المعلومات المالية والتحليلية للمقالات وغيرها من البيانات حتى يستطيع أن يتنبأ بالعائد المُتوقع بكفاءة دون تدخل بشري. ووفقًا لبيانات صحيفة فايننشال تايمز، يستثمر الصندوق 99% من رأسماله البالغة 150 مليون دولار فى أسهم الشركات الأمريكية، وتصل نسبة استثماراته فى أسهم قطاع التكنولوجيا حوالى 40%، وتبلغ نسبة استثمارات الصندوق فى قطاع خدمات الاتصالات حوالى 19%، وتصل نسبة استثماراته فى قطاع الخدمات المالية حوالى 13%. أما صندوق الاستثمار الثانى فيدعى دى بى تى كابيتال تحت رمز دى آى بى إن المدعوم بالذكاء الاصطناعى والذى أطلقته شركة كايجو الأمريكية، وهو يُعد ثانى صندوق يستخدم الذكاء الاصطناعى ليس فقط لاختيار الأسهم، ولكن لتوجيه قرارات التداول فعليًا، وقد ارتفعت وثيقة الصندوق بنسبة 19% خلال العام الماضى لتصل حاليًا إلى 30 دولارًا وفقًا لتقرير ياهو فاينانس. استراتيجية الاستثمار وصممت شركة كايجو الروبوت الخاص بالصندوق الذى يدير أصولًا بقيمة 1,2 مليون دولار بناءً على استراتيجية الشراء فى أوقات تراجع الأسهم، حيث تتطلب الاستراتيجية البسيطة شراء الأسهم بأسعار مخفضة ثم بيعها عندما تنتعش لاحقًا. ولكن تنفيذ هذا النهج فى الواقع قد يكون بطيئًا وغير فَعَّال فى الممارسة العملية، حتى مع وجود استراتيجية مبنية على الأبحاث، فمن غير العملى بالنسبة للمستثمر البشرى أن يقوم بمسح السوق بأكمله فى جميع الأوقات بحثًا عن الأسهم المنخفضة. وهذا ما جعل شراء الأسهم المنخفضة استراتيجية مثالية للصندوق المدعوم بالذكاء الاصطناعى خاصة أنها استراتيجية قائمة على أساس علمى بحت وتعتمد بشكل كبير على التعرف على الأنماط وتحليل كميات كبيرة من البيانات، وهما من الأشياء التى تتفوق فيها الآلات. وتم بناء روبوت الذكاء الاصطناعى فى الصندوق على استراتيجية شراء خاصة صممها فريقٌ من علماء البيانات وعلماء السلوك المالى وعلماء الرياضيات وغيرهم من الخبراء، وبعد ذلك تم تدريبه على 15 عامًا من بيانات السوق للعثور على الانخفاضات وتحديد إشارات الدخول والخروج المثالية لتداول تلك الانخفاضات. ويقوم روبوت الصندوق الآن بمسح السوق بالكامل، وتحديد الانخفاضات الواعدة للشراء، ويقوم مدير الصندوق البشرى ببساطة بتنفيذ تلك المعاملات على النحو الذى يحدده الذكاء الاصطناعى. ومن المؤكد أن النمو المطرد الذى حققه الصندوق بنسبة 7.36٪ خلال الأشهر الثلاثة الماضية يُعد دليلًا على أن مؤسس شركة كايجو ومديرها التنفيذى، رايان بانيل، ليس مجنونًا تمامًا لأنه سمح للآلة بتوجيه قرارات التداول. ومع إطلاق صناديق الاستثمار فى البورصة والمبنية حول ثورة الذكاء الاصطناعى إلى السوق، تظل هناك أسئلة حول ما إذا كانت الصناديق التى تستخدم الذكاء الاصطناعى لاختيار الأسهم تُوفِّر ميزة معلوماتية. وقال تود روزنبلوث، رئيس الأبحاث فى شركة فيتافاى لشبكة سى أن بى سي، إنه ربما يكون استخدام الذكاء الاصطناعى الطريقة أكثر ذكاءً لاختيار الأسهم، والأمر يتعلق بما إذا كانت ستكون أفضل فى التفوق على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وهو ما حدث بالفعل. وأوضح روزنبلوث أن الشركة تشهد اهتمامًا متزايدًا بصناديق الاستثمار المُدارة بشكل نشط والتى يقودها الذكاء الاصطناعى.