هائل شاسع ذلك الفارق ما بين النقد والهدم ،أو بين النقد والنقض، وبين التشويه والتنبيه، فالنقد بناء وإسهام فى إحكام الإنجاز، والنقض تدمير وتخريب ،وما أبعد المسافة بين أن تنتقد عملًا ما أو إنجازا لافتا، وأن تشوه صورته وتسعى إلى هدمه، فكل الأعمال، وشتى البصمات نتاج بشرى يمكن أن تشوبه بعض الهنات، مما يتطلب تدقيق النظر ،والتنبيه إلى الثغرات إن وجدت لإصلاحها، والإشارة الى الهنات كى يجرى تداركها، وأى نقد بناء يسعى دوما للاقتراب من الكمال، وتحقيق الصورة الأكثر تماما، ولكن ما يفعله هؤلاء النابحون لا يمت إلى النقد بصلة ،ومنه بالطبع النقد الأدبى الذى يتتبع النصوص الإبداعية فى ميادين الكلمة المختلفة فيشيد بالمميزات، ويشير إلى المثالب والهنات بعيدا عن التحامل والخصومة، وقصد الهدم ،وإشاعة الاحباط سعيا إلى التدمير، فنشر اليأس عند أهل الشر من خوارج العصر المجرمين غرض محموم يطوفون فى الارجاء كلها منفرين، ويسعون فى المدائن حاشرين يحرضون بعض السذج من البسطا، ويرفعون عقيرتهم بالويل والثبور، والبوار العظيم، وكأنهم مبعوثو العدم ، وسفراء الهدم، فالغد مظلم، كما يزعمون، والمستقبل مجهول، مثلما يفترون، والحاضر مؤلم ،كما يرددون متناسين أن الظرف يشمل الإنسانية بأسرها ،وأن الأزمة تخنق العالم كله، والهدف فى النهاية هو بث روح الاحباط الهدام لإيقاف مسيرة البناء المذهلة التى لم تعرف مثلها البلاد منذ قرون عديدة حقا، فالغرض الدنىء لهؤلاء الخوارج من جماعات الشر الموتورة هو الدفع بالأوطان فى نفق الظلام حتى يسود الخراب، والحالة المستهدفة عند هؤلاء المرتزقة هى إشاعة حالة من الموات العام، واليأس القاتل عبر نشر معنى هدام يتلخص فى أنه مادامت أزماتنا معقدة فما جدوى جهودنا للحل؟ فما نبذله من جهد شاق لن يخرجنا من خناق الأزمات مهما فعلنا، وأظن أن مخطط هؤلاء الخطير للتأثير فى الضمير المصري سيبوء بالفشل بإذن رب الأكوان ،لأنهم يراهنون على سذاجة البعض ،ولكنى أراهن على وعى شعبنا،وقدرته الفطرية العجيبة على التمييز ما بين البناة الجادين، والهدامين المضللين.