عن الوحدة والعزلة

صباح الفن

بايقاع هادئ يليق بقضيته يأخذنا مسلسل «دواعى السفر» إلى أغوار النفس البشرية باحثاً عن تأثير الوحدة والعزلة وكيف يمكن أن تقود المرء إلى الإصابة بأزمات نفسية، المسلسل الذى تعرضه منصة «وتش ات» من تأليف محمد نايرصاحب الأعمال الدرامية الناجحة الذى يقدم نفسه مخرجاً لأول مرة، وأتصور أن حماسه لإخراج هذا العمل نابع من حساسية مايطرحه وإرتباطه بعلم النفس الذى درسه وكان الأقدرعلى إخراجه.
فى مشهد ببداية الأحداث وبأسلوب الكوميديا السوداء يستسلم الشاب على لحالة الاكتئاب التى سيطرت عليه ويقرر الانتحار وبينما يستعد لتنفيذ قراره تصله مكالمة تدعوه لشراء فيلا فاخرة، فيعتذر لصاحب الاتصال بأدب قائلا «معلش أصلى كنت بنتحر»، لكن المتحدث لايستوقفه هذا الأمر ويواصل ترديد ماحفظه عن مزايا المشروع!!
تتكشف الأحداث بين بطلى المسلسل القبطان إبراهيم الذى يعيش وحيداً بعد وفاة زوجته وسفر ابنته ويؤديه الفنان الفلسطينى كامل الباشا و»علي» مخرج الإعلانات الشهيرالناجح ويجسد دوره الفنان أمير عيد، الذى يصده فى البداية لكنه يتحول من موقفه تماماً بعد أن يكتشف سقوطه فى شقته، فيقوم بنقله للمستشفى مؤجلاً قرار انتحاره، وسرعان ما تجمعهما علاقة صداقة ويسعى على لتحويل أكاذيب إبراهيم إلى واقع ، ويجد فى كل منهما ونسا كان يفتقده.
يمضى السيناريو فى سلاسة كاشفاً عن شخصيات أبطاله الذين يعانون حالات مرتبكة ولكل منهم أزمته التى جعلته ينكفئ على ذاته فى حياتهم ويشعر بعدم التوافق مع المجتمع، بينما ينجح العمل الدرامى فى تحريرهم منها بمواجهة أنفسهم أولاً والاعتراف بما يعانونه.
يقدم الفنان الفلسطينى كامل الباشا واحدا من أجمل أدواره معبرا ببساطة عن شخصية القبطان فيما تبرع نادين فى أداء دورها وينجح المخرج محمد ناير فى إدارة ممثليه مقدما وجوه جديدة واعدة فى أدوار لافتة
بينما يخوض أمير عيد فى هذا المسلسل لأول مرة تجربة التمثيل دون غناء وقد أدى دوره بشكل طبيعى وتلقائى ليؤكد موهبته وحضوره كممثل بعد أن حقق نجاحا لافتاً كمطرب. وهو قرار يتردد كثير من المطربين فى الإقدام عليه خوفا من عدم تقبل الجمهور لهم، بل إن العندليب الأسمركان يتطلع لذلك وسعى لتقديم فيلم «لا» مع المخرج الجزائرى أحمد راشدى لكن القدر لم يمهل حليم لذلك.