الكنيسة الأرثوذكسية تعلن تأسيس الأمانة العامة للمؤسسات التعليمية    الأهلي يتوج ببطولة السوبر المصري لكرة اليد بعد الفوز على سموحة    الهيئة القومية للأنفاق: تشغيل المرحلة الأولى من الخط الأول للقطار السريع في الربع الأول من 2027    "الزراعة": توزيع 75 سطارة مطورة لرفع كفاءة زراعة القمح على مصاطب ودعم الممارسات الحديثة المرشدة للمياه في المحافظات    الزراعة": توزيع 75 سطارة مطورة لرفع كفاءة زراعة القمح على مصاطب ودعم الممارسات الحديثة المرشدة للمياه في المحافظات    الطيران المدني توضح حقيقية إنشاء شركة طيران منخفض التكاليف    محافظ المنيا يبحث مع وفد الإصلاح الزراعي خطة تطوير المشروعات الإنتاجية    الخريطة الكاملة لمناطق الإيجار السكنى المتميزة والمتوسطة والاقتصادية فى الجيزة    "البرهان" يعلن التعبئة العامة من منطقة السريحة بولاية الجزيرة    وزيرا خارجية مصر والسعودية يبحثان تطورات غزة والسودان    وزير الخارجية يبحث مع نظيره في تركمانستان العلاقات الثنائية بين البلدين    الإصابة تبعد مارك جويهى عن معسكر منتخب إنجلترا    روسيا تجدد استعدادها لعقد القمة الروسية الأمريكية ولكن بشرط واحد    وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يبحثون مقترحًا لتدريب 3 آلاف ضابط شرطة من غزة    وزارة الشؤون النيابية تصدر إنفوجراف جديدا بشأن المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    شاهد بث مباشر.. مباراة مصر وأوزبكستان اليوم في نصف نهائي بطولة العين الدولية الودية    سيطرة آسيوية وأوروبية على منصات التتويج في بطولة العالم للرماية    تحذير عاجل من الأرصاد: خلايا رعدية وأمطار على سكان هذه المحافظات    مدير التصوير محمود عبد السميع: التعلم يزيد من سرعة تطور خبرات المصور    بدء تطبيق نظام الحجز المسبق لتنظيم زيارة المتحف المصرى الكبير الأحد    المسلماني: مجلس «الوطنية للإعلام» يرفض مقترح تغيير اسم «نايل تي في»    وبالوالدين إحسانًا.. خطيب المسجد الحرام يوضح صور العقوق وحكم الشرع    "سد الحنك" حلوى الشتاء الدافئة وطريقة تحضيرها بسهولة    الصحة: إنشاء سجل وطني لتتبع نتائج الزراعة ومقارنتها بين المراكز    حبس زوجة أب في سمالوط متهمة بتعذيب وقتل ابنة زوجها    اليوم.. عبد الله رشدي ضيف برنامج مساء الياسمين للرد على اتهامات زوجته الثانية    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    اللهم صيبا نافعا.. تعرف على الصيغة الصحيحة لدعاء المطر    محمد عبدالعزيز عن ابنه كريم عبدالعزيز: "ابني ينوي إعادة تقديم فيلم انتخبوا الدكتور"    «الصحة» و«الاتصالات» تستعرضان دور الذكاء الاصطناعي في دعم التنمية البشرية    اليوم العالمي للسكر| وزير الصحة يعلن توجيه ميزانية موسعة للوقاية منه    سلامة عيون أطفال مصر.. مبادرة الداخلية "كلنا واحد" تكشف وتداوي (فيديو)    الأمم المتحدة: التهجير الدائم للسكان الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة يرقى لجريمة حرب    الإئتلاف المصرى لحقوق الإنسان والتنمية : خريطة جديدة للمشهد الانتخابي: صعود المستقلين وتراجع المرأة في المرحلة الأولى    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تنظم جلسة حول الاستثمار في الشباب من أجل التنمية    ضبط مصنع غير مرخص لإنتاج أعلاف مغشوشة داخل الخانكة    قبل نظر محاكمتها غدا.. تفاصيل تشويه سيدة وجه عروس طليقها ب 41 غرزة    الداخلية تضبط آلاف المخالفات في النقل والكهرباء والضرائب خلال 24 ساعة    نشاط الرئيس الأسبوعي.. قرار جمهوري مهم وتوجيهات حاسمة من السيسي للحكومة وكبار رجال الدولة    أحمد سليمان ينعى محمد صبري: «فقدنا أكبر مدافع عن نادي الزمالك»    زيارة الشرع لواشنطن ورسالة من الباب الخلفي    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    توافد الأعضاء فى الساعة الأولى من التصويت بانتخابات نادي هليوبوليس    قيصر الغناء يعود إلى البتراء، كاظم الساهر يلتقي جمهوره في أضخم حفلات نوفمبر    أيمن عاشور: انضمام الجيزة لمدن الإبداع العالمية يدعم الصناعات الثقافية في مصر    جبران: تعزيز العمل اللائق أولوية وطنية لتحقيق التنمية الشاملة    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    أسعار اللحوم اليوم الجمعة في شمال سيناء    زى النهارده.. منتخب مصر يضرب الجزائر بثنائية زكي ومتعب في تصفيات كأس العالم 2010    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    كيف بدأت النجمة نانسي عجرم حياتها الفنية؟    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    اليوم.. أوقاف الفيوم تفتتح مسجد"الرحمة"بمركز سنورس    أدار مباراة في الدوري المصري.. محرز المالكي حكم مباراة الأهلي ضد شبيبة القبائل    غلق مخزن أغذية فى أسوان يحوي حشرات وزيوت منتهية الصلاحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالحليم قنديل يكتب: اانفجار عقل «إسرائيل»

سحب "إسرائيل" للفرقة (36) من "غزة" لن يكون الخروج الأخير ، فمع بدء التوغل "الإسرائيلى" بعد عشرين يوما من هجوم "طوفان الأقصى" المزلزل ، ومع الاندفاع الجنونى لتدمير كل "غزة" بشرا وحجرا ، تواصلت زيادة عديد قوات الغزو ، وإلى أن بلغت نحو ست فرق ، وبما يزيد على 120 ألف جندى ، أغلبهم من لواءات النخبة ، وتراجع العدد اليوم إلى النصف ، بعد تضاعف الخسائر البشرية لجيش الاحتلال ، وفشله المتراكم فى شمال القطاع ومخيمات الوسط ، وتعثره المتصل فى "خان يونس" عاصمة الجنوب ، رغم محارق الإبادة الجماعية ، التى راح ضحيتها لليوم نحو مئة ألف فلسطينى ، بين شهداء وجرحى ومفقودين تحت الأنقاض ، ونزوح ثلثى سكان "غزة" ، وتهجير أكثر من مليون فلسطينى إلى "رفح" فى جنوب الجنوب.
والمفارقة المدهشة فى كل ماجرى ويجرى ، أن الشعب الفلسطينى الذى ترك وحيدا من الأقربين والأبعدين إلا من قليل ، هو الذى صنع الفارق بصموده الأسطورى ، وصنعته فصائل المقاومة بإبداعها القتالى المذهل ، وصار العدو الأمريكى "الإسرائيلى" فى وضع المهزوم بالحرب التى تطوى شهرها الرابع ، فلم يتحقق أى هدف معلن للعدوان الوحشى البربرى الهمجى ، فلا هو قادر على اجتثاث "حماس" ولا حتى إضعافها ، ولا هو قادر على تحرير أسراه بالقوة المسلحة ، ولا هو فاز فى حرب الإعلام والمعارك النفسية ، رغم الفوارق المهولة فى الأسلحة والإمكانات والتكنولوجيا الأحدث لصالح الغزاة ، التى لم تنجز سوى آلاف مجازر الإبادة الجماعية للمدنيين الأبرياء العزل ، وبالذات من الأطفال والرضع والنساء ، ومن دون أن تظهر لها كرامات فى ملاحم القتال وجها لوجه ، مع مقاومة فريدة عنيدة قادرة ، تصنع أسلحتها بأيديها ، وتبدى عقيدة قتال غاية فى التفوق ، وتصور كثيرا من معاركها بالصوت والصورة فى "فيديوهات" عظيمة الإتقان ، إضافة لأشرطة لأسرى العدو ، تكثف الضغط النفسى والشعبى على حكومتى "إسرائيل" فى "تل أبيب" و"واشنطن" ، وتبدد آمالهم فى خلق أى انطباع بنصر قائم أو محتمل ، فالمقاومة نفذت خطتها الهجومية المحكمة صباح السابع من أكتوبر الماضى.
وثبت أنها أعدت وتنفذ خطة دفاعية فعالة لصد التوغل البرى الذى توقعته مسبقا ، بينما يعانى العدو "الإسرائيلى" من تخبط ومن انفجار عصبى فى المخ ، ومن انفجار للعقل والخطط الموضوعة ، فقد كان تصور العدو ، أنه ما هى إلا أيام أو أسابيع قليلة ، وينتهى كل شئ ، وقد استخدموا كل ما فى الترسانة العسكرية الأمريكية "الإسرائيلية" ، ومن دون أن يتحقق لهم شئ مما رغبوا به ، بل ضاعوا فى متاهة موحلة ، دفعتهم لتغيير الخطط العسكرية يوما بيوم ، وقد كان الظن دائما ، أن "إسرائيل" تعرف ما تريد ، وأن استنادها إلى الجدار الغربى الأمريكى ، يكفل لها النصر الحاسم فى حروب خاطفة ، لكن صناع العقل "الإسرائيلى" فوجئوا وصدموا بما جرى ، فهذه أطول حرب عربية "إسرائيلية" متصلة أيامها ، ولا يمثل الطرف العربى فيها سوى فصائل المقاومة الفلسطينية ، وقد أرادوها حربا تستنفد طاقة الصمود الفلسطينى الشعبى ، و"كى" الوعى الفلسطينى بدفعه إلى نكبة جديدة ، وتهجير الفلسطينيين إلى خارج أراضيهم ، وعلى نحو ما جرى فى نكبة 1948 ، وفات صناع العقل "الإسرائيلى" الأمريكى ، أن الأوضاع تتغير بالجملة ، وأن الشعب الفلسطينى وعى من زمن درس النكبة الأولى ، وعرف أن خروجه من أرضه المقدسة سيكون بلا عودة ، وأن العدو ليس قوة لا يمكن أن تقهر أو تنهزم ، فلم تنتصر "إسرائيل" أبدا فى أى حرب لحقت عدوان 1967 ، لا فى حرب الاستنزاف على جبهة مصر ، ولا فى حرب 1973 ، ولا فى حرب لبنان وجنوبه ، ولا فى حروب متعددة ضد "غزة" ذاتها.
وكان تراكم الوعى الفلسطينى الجديد ، مع تضاعف عدد السكان العرب فى فلسطين التاريخية بكاملها ، وتجاوزه لأعداد اليهود المجلوبين للاستيطان ، وهروبهم بالهجرة العكسية ، كان لذلك كله أثره المحسوس فى انقلابات الصورة ، خصوصا مع الوعى المضاف لدى أجيال الفلسطينيين الجديدة ، وإدراكها المتزايد لحقائق العصر ، وإبداعها الكفاحى المستند إلى بيئة هى الأكثر تعليما فى كل العالم العربى ، وضراوة المحن التى خلقتها خلقا مقتدرا ، وانخراط الكثير منها فى موجة المقاومة من نوع مختلف ، التى تطورت من مقارعة أعلى قيمة تكنولوجية يحوزها العدو بالحس الاستشهادى الذى هو أعلى قيمة إنسانية ، وباكتساب تكنولوجيا سلاح متحدية لتكنولوجيا العدو ، وهكذا قلصت المقاومة الجديدة من فوارق التفوق التكنولوجى للعدو ، مع شفع عقيدة القتال ذات الطابع الاستشهادى بفنون مبدعة ، وإلى أن تحولت المقاومة الجديدة إلى قوة لا تقهر ، زادت معدلات الثقة بنفسها فى إطراد ، بلغ الذروة فى إثبات المقدرة على الخداع الاستراتيجى و"مرمطة" وإذلال جيش العدو فى هجوم "طوفان الأقصى" ، واختراق تحصيناته التكنولوجية الفائقة الامتياز ، وسحبه إلى متاهات الموت فى "غزة" ، التى بدا فيها العدو مختالا مزهوا بعتاده وعديده فوق سطح الأرض ، بينما المقاومة تظهر له فجأة كالأشباح من حيث لا يحتسب ، ومن مدن أنفاق تحت الأرض ، جرى حفرها بإعجاز هندسى بارع ، وكلما ظن العدو أنه عرف السر ، وهدم أنفاقا وجد فتحاتها ، زادت الألغاز غموضا ، وبما دفع صحيفة "نيويورك تايمز" قبل أيام ، إلى إشهار إخفاق الأمريكيين والإسرائيليين فى اكتشاف خرائط الأنفاق الفلسطينية ، رغم البحث الذى لم ينقطع يوما ولا لحظة ، وباستخدام أرقى وسائل التكنولوجيا الحربية.
وقد كانت "إسرائيل" ومعها أمريكا تقدر أن الأنفاق ممتدة بطول 500 كيلومتر تحت الأرض أو تزيد قليلا، بينما التقديرات اليوم ، تصل بطول شبكات الأنفاق المتشعبة إلى 720 كيلومترا ، وهو ما يجعل حروب العدو غير منتهية ، ربما حتى لو استمر القتال لألف يوم ، ويزيد من حالة الهياج العصبى وفوات العقل لدى قادة العدو ، فقد بدأوا حربا لا يعرفون آخرتها بالضبط ولا بالتقريب ، وتبددت حساباتهم جميعا ، وفى المأزق الراهن ، تحاول حكومة "إسرائيل" فى "واشنطن" بغير جدوى منظورة حتى تاريخه ، أن تكون أكثر تعقلا ، وأن تنصح حكومة "إسرائيل" فى "تل أبيب" بالانسحاب التدريجى من الحرب ، بينما تبدو حكومة "بنيامين نتنياهو" عالقة فى المتاهة ، وتتأجج الخلافات فيها بين المستوى السياسى والمستوى العسكرى ، فنتنياهو وصحبه الأشد تطرفا وإجراما ، من نوع "إتمار بن غفير " و"بتسلئيل سموتيريتش" و"ميرى ريجيف" وغيرهم ، يحسون بدنو أجل حكومتهم مع الهزيمة الوشيكة ، ويعرفون أن الهزيمة يتيمة ، ويقذفون بكرة النار فوق رأس جيش الاحتلال وقادته ، ويستفزون وزير الحرب "يوآف جالانت" ، ويسخرون من رئيس الأركان الجنرال "هيرتزى هاليفى" ، والأخير يحملهم المسئولية من الآن ، ويقول أن المستوى السياسى لم يحدد أهدافا للحرب يمكن بلوغها ، وأن ما أسماه "إنجازات عسكرية" تضيع بسبب فوضى الحكومة ، بينما مجلس الحرب الموسع الذى شكله "نتنياهو" ، وإنضم إليه حزب "المعسكر الرسمى" ، يعانى هو الآخر من انشقاقات متزايدة، ويخرج قادة "المعسكر" المنضم عن طوع "نتنياهو" ووزراء حكومته الجهلة ، ويذهبون للمشاركة علنا فى المظاهرات التى تطلب إقالة "نتنياهو" ، سواء بسبب التعثر فى عقد صفقات إطلاق الأسرى مع "حماس"، أو تجاوبا مع رغبة المعارضة فى إجراء انتخابات مبكرة .
وفيما يبدو قائد حزب المعسكر "بينى جانتس" متحفظا فى تقييم نتائج الحرب ، وداعيا إلى جعل هدف استعادة الأسرى أو "المحتجزين" فى الصدارة ، وأيا ما كان الثمن الذى يتعين على "إسرائيل" دفعه ، فى إشارة إلى خطة "حماس" باشتراط وقف العدوان قبل استئناف مفاوضات الأسرى ، بينما بدا رفاق "جانتس" أكثر صراحة وتسليما بخسارة "إسرائيل" ، على طريقة الجنرال "أيزنكوت" ، الذى كان رئيسا للأركان ، وقتل إبنه الضابط فى الحرب الجارية ، وهو ما يلقى دعما علنيا من "جدعون ساعر" ، الذى كان تمرد على "نتنياهو" ، وخرج من حزب "الليكود" قبل سنوات ، أضف إلى ذلك عربضة لافتة ، وقعها 176 قائدا عسكريا "إسرائيليا" سابقا ، كلهم يدعون إلى وقف نزيف الجيش ، وعقد هدنة طويلة مستديمة لحين مراجعة كل ما جرى ويجرى ، بينما يندفع "نتنياهو" كالثور معصوب العينين إلى حتفه فى مزابل التاريخ ، ويتحدى الكل بمن فيهم محكمة العدل الدولية ، فهو يدرك أن نهاية الحرب هى نهايته ، وتخيفه زيادة أسهم وشعبية "جانتس" وصحبه فى التجمع "الإسرائيلى" ، فقد كان يحلم ولا يزال بوهم القضاء على "حماس" وكتائب المقاومة ، بينما تبدو النتيجة المرجحة للحرب ، هى القضاء على "نتنياهو" شخصيا ، وهو الذى كان ولا يزال رئيس وزراء العدو الأطول عمرا فى منصبه ، والقاعد على تلالها حتى خرابها .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.