تحل اليوم ذكرى رحيل الأديب الفليسوف زكي نجيب محمود صاحب الدور البارز في إثراء وتطوير علم الفلسفة في مؤلفاته وأرائه التي قد تختلف معها ألا أن تلك هي سمات التعدد الثقافي حيث يمكن أن يفهم سلبيا أوإيجابيا . فمن المنطق أن الثقافات منفصلة، ومتصارعة كل يحاول إقصاء الأخر اقرأ أيضًا| محمد كُريم أًعجب نابليون بشجاعته.. واستشهاده أشعل ثورة القاهرة الأولى أما في الفهم الإيجابي الثقافات المتعددة تمثل بيئة حافزة التعددية الفكرية و تخلق حالة تنافس إيجابي نحو الإبداع وتقدم الإنسانية نحو آفاق جديدة. الفيلسوف المفكر: في الأول من فبراير عام 1905 ولد الفيلسوف المفكر زكي نجيب محمود في قرية ميت الخولي بمحافظة دمياط، ثم انتقل مع أسرته إلى السودان، حيث امضى معظم سنوات طفولته، بسبب عمل والده، وفي عام 1930 حصل على الليسانس في الآداب والتربية من مدرسة المعلمين العليا. سافر في بعثة إلى إنجلترا عام 1944 لدراسة الفلسفة في جامعة لندن، وبقي بها حتى نال درجة الدكتوراة من كلية الملك عام 1947 وحملت رسالته عنوان "الجبر الذاتي"، عمل أستاذا للفلسفة في كلية الآداب بجامعة القاهرة بعد عودته من لندن، كما عمل استاذا زائرا بجامعة كولومبيا في اكرولينا الجنوبية بالولايات المتحدةالأمريكية عام 1952. عمل زكي نجيب محمود طوال حياته جاهدا، حتى يجعل الفلسفة قريبة من كل قارئ مهما كان مستواه وخلفيته الثقافية، جعل قارئه محيطًا بالعالم من حوله، وبتياراته الفكرية الحديثة المتطورة، من فلسفة وأدب واقتصاد وحقوق الإنسان، كما أعطانا صورة عن عصور الفكر العربي الأولى، مثل حديثه عن أبي حامد الغزالي في كتابه المنقذ من الضلال، كان الدكتور زكي نجيب المدشّن الأول لتيار الوضعية المنطقية في مصر والعالم العربي والإسلامي، في كتبه: المنطق الوضعي من جزئين، وخرافة الميتافيزيقا، وهي فلسفة لا تعترف إلا بما تثبته الحواس بالتجربة. أديب الفلاسفة: لقب بفيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة؛ لأنه كان أديبا موسوعيا يحاول مزج الفلسفة بالأدب، وتقديم وعرض خلاصة فكره للناس ليكون قريبا من فهمهم وادراكهم. مفكر مستنير، ومن أبرز رموز الفكر والفلسفة في مصر والعالم العربي في العصر الحديث، وأخذ دور ريادي في تنوير العقل العربي وتكسير الفجوة مع العصر الحديث. فهو صاحب أسلوب أدبي متماسك وأنيق يخلق صلة بين الوعي الفلسفي والذوق الأدبي عمله الصحفي: في فترة مبكرة من حياته، وكانت بدايته مع عالم الصحافة من خلال مجلة الرسالة التي أنشأها أديب العربية الكبير أحمد حسن الزيات منذ صدورها سنة 1932 وصار يواليها بمقالاته ذات الطابع الفلسفي و في سنة 1965 عهدت إليه وزارة الثقافة في عهد وزيرها محمد عبد القادر حاتم بإنشاء مجلة فكرية رصينة تعنى بالتيارات الفكرية والفلسفية المعاصرة، فأصدر مجلة "الفكر المعاصر" ورأس تحريرها وقام عليها خير قيام، ودعا كبار رجال الفكر في مصر للكتابة فيها، وشارك هو فيها بمقال شهري ثابت تحت عنوان "تيارات فلسفية"، وظل يرأس تحريرها حتى سافر إلى الكويت للعمل في جامعتها. وبعد عودته من الكويت انضم إلى الأسرة الأدبية بجريدة الأهرام سنة 1973، وشارك بمقاله الأسبوعي الذي كان ينشره على صفحاتها كل ثلاثاء، وبلغ من اهتمام الصحافة بهذه المقالة الرصينة أن خمس صحف عربية كانت تنشر هذا المقال في نفس يوم صدوره بالقاهرة. جائزة الدولة التقديرية: منح الدكتور زكي نجيب محمود على جائزة الدولة التقديرية، وقد سلّمه إيّاها الأستاذ بسام مؤنس حسن. الوفاة: توفى الدكتور زكي نجيب محمود في الثامن من سبتمبر 1993 ولا تزال فلسفته وإنتاجه الفكري محل نقاش ودراسة ولا تزال كتبه الأولى تشكل مرجعاً لناشدي الثقافة الفلسفية المتلمسين لمبادئها، وقد كان على الدوام يمتلك الجرأة لقول ما يعتقده ويدافع عنه بكل قوة.