الحوار هو أول مظهر من مظاهر الديمقراطية،..، فلا حرية ولا ديمقراطية دون حوار، ودون القدرة والرغبة فى الاستماع لوجهات النظر الأخرى، ودون فحص وتمحيص وتأمل فى رؤى الآخرين. والحوار مع الآخرين وتبادل الرأى معهم والتوافق أو الاختلاف مع رؤاهم ومواقفهم تجاه القضايا الحياتية المختلفة، سواء كانت قضايا سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، هى ضرورة لابد منها لسلامة المجتمع وحيويته، فى إطار السعى اللازم للحفاظ على أكبر قدر من الاستنارة المجتمعية والوعى العام وأيضا السلام الاجتماعي. وفى إطار الحوار الوطنى الشامل بين القوى المدنية والفاعليات السياسية والفكرية والنقابية، المشكلة للمجتمع والمكونة لأطيافه المختلفة، على تعدد وتنوع فئاتها وتوجهاتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، يمكن أن تؤدى إلى صيغة متوافق عليها، لرؤية مجتمعية شاملة للثوابت والمبادئ والأسس الرئيسية التى تقوم عليها الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة والقوية التى نسعى إليها فى ظل الجمهورية الجديدة. وفى ضوء ما جرى ويجرى على الساحة المصرية خلال الأيام القليلة الماضية، وما شهدته الساحة من ترتيب وإعداد للحوار الوطنى الذى انطلقت بداياته الشاملة، نجد أن هناك أملا كبيرا ومتزايدا فى أن ينجح الحوار بالفعل، فى التعبير بصدق وأمانة عن مجمل المصالح الوطنية والقومية للوطن بكل قواه المجتمعية. كما أن هناك أملا كبيرا فى ترسيخ وتعزيز مبدأ المشاركة المجتمعية، وتفعيل الاهتمام الجمعى بالشأن العام والتوافق حول الخطوط الرئيسية للمسيرة الوطنية فى المرحلة القادمة. والمتابع للتطورات الجارية على الساحة المصرية خلال السنوات التسع الماضية، يدرك الأهمية الخاصة للحوار الوطنى الشامل فى هذا التوقيت، بعد أن استطاعت مصر بالفعل تقوية ودعم الأسس الثابتة للدولة الوطنية، وإقامة القاعدة والأساس الصلب للانطلاق نحو المستقبل الأكثر إشراقا بإذن الله. وفى هذا الإطار أصبح من الضروري الإدراك المتصاعد لدى الجميع بأهمية الحوار الإيجابى الشامل، والاستماع إلى كل الرؤى والاجتهادات للوصول إلى توافق عام على الثوابت الوطنية، التى تحكم وتحدد المسيرة الوطنية فى المرحلة المقبلة، انطلاقا وتأسيسا على مبدأ أن الاختلاف فى الرؤى لا يفسد للوطن قضية.