جلال عارف يكتب: ماكرون.. واستقلال أوروبا !!

في الصميم

ليس جديداً أن يدعو الرئيس الفرنسي «ماكرون» إلى استقلالية القرار الأوروبي. وليس جديداً أيضا أن تأتى الدعوة لذلك من فرنسا التى مازالت تتذكر زعيمها التاريخي ديجول وموقفه من استقلال القرار الفرنسى، ورفضه للتبعية لأى قوة كبرى ولو كانت بحجم أمريكا فى عز سطوتها فى أعقاب الحرب العالمية الثانية !
ومع هذا تبدو التصريحات الأخيرة للرئيس ماكرون مختلفة عما سبقها بسبب الظروف الجديدة التى يمر بها العالم، وبسبب توقيت التصريحات وما تعنيه فى سياق صراع دولى يزداد اشتعالاً، ونظام عالمى يفقد صلاحيته لكنه مازال يقاوم نظاماً عالمياً جديداً يتشكل على أنقاضه سيكون أبرز معالمه سقوط الهيمنة المنفردة التى أمتلكتها أمريكا لسنوات طويلة !!
التصريحات الجديدة لماكرون أطلقها وهو على الطائرة عائداً من زيارته للصين . أثناء الزيارة كان التوتر يزداد حول قضية تايوان بين الصين وأمريكا، ومن هنا كان تأكيده على ضرورة استقلال أوروبا وأن « أسوأ شىء هو الاعتقاد بأننا فى أوروبا يجب أن نكون أتباعاً حول مسألة تايوان، وأن نتكيف مع الإيقاع الأمريكى ورد الفعل الصينى المبالغ فيه » .
وتأتى تصريحات ماكرون بعد عام على حرب أوكرانيا التى عانى منها الجميع وأولهم أوروبا . حاول ماكرون فى البداية أن يوقف النيران المشتعلة، لكن الطرفين الأساسيين ( أمريكا وروسيا ) كانا يندفعان نحو الصدام الذى كلف العالم غالياً، وأعاد لأوروبا الرعب من حرب عالمية ثالثة .
وتأتى تصريحات ماكرون بعد أن أعادت حرب أوكرانيا الحياة لحلف الناتو وأكدت سيطرة أمريكا على القرار الغربى، وسعى واشنطن لكى تخوض الصراع القادم مع الصين ومعها التحالف الغربى .. وهو ما يحذر منه ماكرون مؤكداً أن على أوروبا أن تسعى لما يسميه « الاستقلال الاستراتيجى » وألا تدخل فى منطقة « الكتلة مقابل الكتلة » وأن تطرح دائما السؤال الأساسى الذى يحدد مواقفها وهو : أين تكمن مصلحتنا ؟ !
يحلم « ماكرون » بأن تكون أوروبا هى القطب الثالث فى زعامة العالم مع أمريكا والصين، وأن ما تحتاجه هو الوقت !! حتى لو صح ذلك، وحتى لو انتهت الانقسامات داخل أوروبا .. فمن سيمنحها الوقت؟ ومن سيحجز لها مقعدها فى قيادة العالم حتى تأتى؟ !
رد الفعل فى واشنطن لايبشر بخير !!