حسنا فعلت الحكومة المصرية، عندما سارعت بإرسال المساعدات الإنسانية العاجلة وإنشاء الجسر الجوى من طائرات عسكرية متوجهة من مصر إلى كل من الشقيقة سوريا والصديقة والجارة تركيا ، انطلاقا من مواقف مصر الثابتة والمبدئية، والتى لا تتغير تجاه الأشقاء والأصدقاء ولكافة الشعوب الإنسانية ، وهى مواقف محترمة قائمة على المبادئ التى لا تتغير و لا تتجزأ ، بل لن تتوانى مصر عن تقديم المساعدات الإنسانية والضرورية ، وهو حق وواجب اعتادت عليه مصر منذ القدم ، وبصرف النظر عن أي خلافات سياسية أو غير سياسية مع أي دولة فى العالم تتعرض لأي محنة إنسانية أو كارثة طبيعية. ولا ننسى فى هذا المجال مواقف مصر المماثلة والقريبة فى السنوات الأخيرة تجاه العديد من الدول الأفريقية الشقيقة ، بل وبعض الدول الأوروبية مثل إيطاليا وأسبانيا على سبيل المثال ، إبان الحرب العالمية التى كانت مشتعلة تحت اسم وباء كوفيد 19 أو وباء كورونا اللعين . ولم يأت الموقف الرسمى المصرى من فراغ ، بل كان تعبيرا حيا ودقيقا وسريعا عن الشعور الوطنى والإنسانى والدينى ، والذى غمر الشعب المصرى كله من تضامن وتعاطف مع أبناء شعبى تركياوسوريا فى مصابهم الأليم والكارثة المسماة بالزلزال الرهيب ، وهو الأمر الذى يكشف عن مدى التلاحم والتطابق بين شعب عريق وحكومة ودولة تستلهم مشاعره ونبضه وتحافظ على الأدوار التاريخية لمصر العظيمة فى كافة المراحل التاريخية والتى لم تتوان عن مساعدة كل من هو محتاج للمساعدة فى أى مكان فى العالم. هذا الموقف أثلج صدر كل عربى وكل مصرى وأثبت أن العلاقات الإنسانية التاريخية ، وعلاقات النسب والجوار هى أبقى وأكثر استمرارا من أى خلافات ، أو حتى صراعات سياسية هى بطبيعتها عابرة فى التاريخ ولا تشكل أكثر من مجرد دقائق فى مسار حركة التاريخ والتى تمتد لآلاف السنين. وبصرف النظر عن المواقف الإنسانية والمستمرة من جانب مصر دولة وشعبا ومجتمع مدنى ، إلا أن الزلزال الأخير يفتح باب مناقشة وتناول ظاهرة الزلازل والتى ضربت منطقتنا العربية مرات عديدة فى الأعوام الأخيرة ، حتى أنها أصبحت شكلا شبه معتاد حدوثه بين كل فترة زمنية وأخرى ، وهى ظاهرة شملت بعض الدول القريبة من الوطن العربى جغرافيا مثل اليونان وتركيا وقبرص ومالطة ، وهو الأمر الذى يجعلنا نخوض فى هذا الملف من جوانبه المتعددة ، ونعرف على وجه التحديد الأسباب العلمية المتسببة فى كثرة الزلازل نسبيا ، لدرجة أنها أصبحت تعرقل وتعطل بعض مشروعات التنمية والانطلاق فى بعض البلدان ، وهو ملف من صميم اختصاص العلماء الذين عليهم أن يقدموا إجابات واضحة للرأى العام . فمثلا ، هل دخلت المنطقة العربية فى حزام الزلازل ؟ وهل كثرة الزلازل مرتبطة بالتغييرات الجوية و المناخية العميقة واختلاف درجات الحرارة والمناخ ؟ وهل ما يجرى تحت سطح الأرض ما هو إلا نتيجة لما يجرى أحيانا من جنون مطبق فوق سطح الأرض ؟ هل الزلازل ظاهرة طبيعية أم أن هناك عوامل بشرية وصناعية تساعد على كثرة وقوع الزلازل وما يتلوها من توابع لها تحدث بشكل شبه دورى؟ إنها تساؤلات علمية مشروعة يجب أن تُناقَشْ وتُبحثْ لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء هذه الظاهرة مع كثرة الظواهر الأخرى غير الطبيعية والسلبية مثل العواصف والرياح العاتية وغيرها من الأمور التى تحتاج للدراسة العميقة . ولعله من قبيل الصدف البحتة أن يتم إغلاق 13 قنصلية أجنبية لدول الغرب فى تركيا قبل 3 أيام من وقوع الزلزال. عموما أعتقد أنه قد آن الأوان لحسم هذه الأمور والعمل على تجنبها وتقليل آثارها السلبية بقدر الإمكان والمستطاع. حمى الله مصر والشعوب العربية وسائر الإنسانية من هذه الكوارث المدمرة سواء كانت من صنع الطبيعة أو من صنع وعبث الإنسان الذى يتجاوز ويتدخل فى بعض سنن الكون . [email protected]