مايزال لعلماء مصر صوت مسموع يقرع أسماع العالم ويثير دهشتهم،لكن مايثير الدهشة أكثر أن معظمهم هو نتاج العملية التعليمية داخل الحدود باختلاف أنظمتها الحكومية والخاصة والتجريبية والدولية شديدة الخصوصية. نعم نجح أغلبهم خارج الحدود وبرزوا وتقدموا الصفوف بعدما أتيحت أمامهم الإمكانيات المطلوبة للبحث العلمى والاختراعات والاكتشافات، وهو مايعيد تأكيد حقيقة يعلمها العالم ونبخس حق أنفسنا فيها وهى حقيقة تميز العقلية المصرية وحاجتها الشديدة لتهيئة الأجواء المناسبة لانطلاقتها من هنا إلى العالم ،وليس من العالم إلى مصر ،فنحن أحق بعلمائنا وعقولهم ونتاجهم العلمى المتميز، وألا نتحول إلى مستوردين لهذا النتاج لأبنائنا بعد أن يثمروا هناك بما نبذره هنا. الأرقام دائما تكون كاشفة للحقيقة خاصة حين تصدر عن جهات دولية ،حتى لو كانت صادمة فوفقاً لإحصاءات الاتحاد العام للمصريين فى الخارج، يبلغ عدد العلماء المصريين فى الخارج نحو 86 ألفا، منهم 3000 عالم فى الولاياتالمتحدة وحدها، لتحتل مصر بذلك المركز الأول عالمياً بالنسبة لعدد العلماء الأجانب خارج بلدانهم . وتقول الإحصاءات إن أكثر من 42 عالماً مصرياً فى الخارج يشغلون منصب رئيس جامعة، ويشغل عالم مصرى، منصب وزير البحث العلمى فى كندا. ويرى هؤلاء، أن الغربة قاسية للغاية، وأن نجاحهم لم يأت من فراغ ولكنه جاء بعد معاناة ومعافرة فاقت الحدود. أما باب الأمل المفتوح فيطلعنا على إحصائية أخرى مبشرة تدلل على قدر العلماء المصريين على مستوى العالم من خلال إحصائية أصدرها مؤشر «SCOPUS» الدولى، الذى يُصنف علماء العالم، طبقاً لضوابط وشروط، نهاية العام الماضى حيث كشفت الإحصائية عن دخول عشرة علماء مصريين ضمن أهم 909 علماء على مستوى العالم، طبقا لثلاثة مستويات وتصنيفات عالمية وهى «H-index» و»i10- index» و»Scupes» وهى أجندات دولية لتصنيف العلماء والباحثين والمتخصصين فى مجال العلوم والبحث العلمى طبقاً لما يقدمونه فى مجال العلم حيث تربع عليها العالم المصرى مصطفى السيد، المرتبة الأولى على العلماء المصريين والعرب، ب79 نقطة، يليه الدكتور مجدى يعقوب برصيد 63 نقطة، ثم أحمد زويل برصيد 60 نقطة، ثم الدكتور محمد النشائى برصيد 43 نقطة، والدكتور فاروق الباز برصيد 16 نقطة، وخلفه جاء الدكتور عصام حجى، المستشار العلمى لرئيس الجمهورية برصيد 12 نقطة، ثم الدكتور فينيس كامل جودة بالمركز القومى للبحوث برصيد 4 نقاط، وفى المرتبة نفسها جاء الدكتور كمال رمزى ستينو برصيد 4 نقاط، ثم الدكتور محمد غنيم برصيد 3 نقاط، وأخيراً الدكتورة نادية إسكندر زخارى برصيد نقطتين . المثير للفخر أن مؤشر «SCOPUS» الدولى أكد أن أعلى درجة حصل عليها عالم إسرائيلى كان البروفيسور «Alexander Gideon» وحصل على 30 نقطة، أى أن «السيد ويعقوب وزويل والنشائى» يتفوقون عن العلماء الإسرائيليين. أما أغرب ما كشفه المؤشر فهو حصول عدد من العلماء المصريين والعرب على درجة صفر، وأشهرهم من مصر وزراء التعليم العالى والبحث العلمى السابقون!. لقد آن أوان توجيه ميزانية أكبر وتوفير مناخ بحثى أكثر توفيرا لإبداع العقول المصرية المتفوقة.
