بعد مرور 239 يوما على اندلاع الحرب في أوكرانيا - منذ 24 فبراير 2022- سجّل مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أكثر من 15,956 ضحية مدنية في أوكرانيا، بما في ذلك 6,322 قتيلا، 9,634 جريحا. وقُتل 397 طفلا على الأقل. وترجّح الأممالمتحدة أن تكون الأرقام أعلى بكثير. علاوة على ذلك، فإن أكثر من 40 في المائة من إجمالي سكان أوكرانيا يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية. وفي إحاطة افتراضية خلال جلسة مسائية لمجلس الأمن الدولي الجمعة بشأن "صون سلام وأمن أوكرانيا" ركزت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، على "التطورات المقلقة" إذ شن الاتحاد الروسي سلسلة من الهجمات طالت جميع أنحاء البلاد واستهدفت البنية التحتية الحيوية. ويعقد المجلس الجلسة بطلب من حاملتي القلم فيما يتعلق بالشؤون الإنسانية، فرنسا والمكسيك، على وقع الهجمات الجوية والصاروخية الروسية المكثفة التي تستهدف البنية التحتية الحيوية في جميع أنحاء أوكرانيا، وتطرق الاجتماع إلى حماية المدنيين والبنية التحتية الحيوية في أوكرانيا. وقد بدأ التصعيد الروسي بعد يومين من تضرر جسر مضيق كيرتش – الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم التي تم ضمّها – من جرّاء انفجار وقع في 8 أكتوبر. وقالت السيدة ديكارلو: "في صباح 10 أكتوبر، أفادت تقارير بأن القوات الروسية أطلقت صواريخ وطائرات مسيّرة مما أدى إلى مقتل 20 مدنيّا وإصابة أكثر من 100 بجراح، بما في ذلك في كييف ودنيبرو وزابوريجيا." وأضافت أنه بين 10 و18 أكتوبر أفادت التقارير بمقتل 38 مدنيا أوكرانيا وإصابة 117 على الأقل بجراح بسبب الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة. وأعربت عن قلق الأممالمتحدة العميق بشأن تدمير البنية التحتية للطاقة، مثل محطات توليد الكهرباء. وأضافت أنه وفقا للسلطات الأوكرانية، تم استهداف 30 في المائة من منشآت الطاقة منذ 10 أكتوبر. وأوضحت ديكارلو أنه بحسب القانون الدولي الإنساني، "يحظر شن هجمات تستهدف المدنيين والبنية التحتية المدنية." وحذرت السيدة روزماري ديكارلو من "أننا نسير باتجاه المزيد من التصعيد، والذي سيتسبب بالمزيد من المعاناة لشعوب أوكرانياوروسيا والعالم." وحثت على عكس هذا الاتجاه. وأكدت أن أي طرح لاستخدام الأسلحة النووية أو غيرها من الأسلحة غير التقليدية يزيد التوتر وقد يقود إلى دوامة خطيرة على حدّ تعبيرها. وتطرقت إلى إعلان روسيا بشأن الأحكام العرفية في المناطق الخاضعة لسيطرتها العسكرية في أوكرانيا، وقالت: "يثير هذا القرار، إلى جانب الإعلان عن إجلاء خيرسون وسط قتال مكثف على الأرض، مخاوف جدية." وأكدت المسؤولة الأممية أن الأممالمتحدة تدعم جميع الجهود التي تصبّ في المساءلة: "من الضروري أن تُمنح مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان حق الوصول الكامل وبدون عوائق إلى جميع المناطق الأوكرانية للاستمرار بالقيام بعملها المهم." وأشارت إلى ما توصلت إليه لجنة التحقيق بشأن أوكرانيا إزاء مسؤولية الاتحاد الروسي عن معظم الانتهاكات التي تم تحديدها، ومسؤولية القوات المسلحة الأوكرانية عن ارتكاب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي في بعض المناطق، بما في ذلك حادثتان يمكن اعتبارهما جرائم حرب. وفي إشارة إلى مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب، حثّت ديكارلو على تمديد العمل بالمبادرة الشهر المقبل، كما تطرقت إلى أهمية الوصول بدون عوائق إلى الأغذية والأسمدة الروسية. من جانبها، قالت السيدة دينيس براون، المنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في أوكرانيا، إن مواطني أوكرانيا واقعون تحت ضغط هائل. "تبرز مشكلات ضخمة تتعلق بالصحة العقلية، وسيكون هذا من أكبر موروثات الحرب تدميرا وأطولها أمدا." وكانت براون مؤخرا في ميكولايف أوبلاست حيث أخبرها العمدة بأنه منذ 24 فبراير لم تشهد المنطقة سوى 33 يوما من السكون بدون دوي الانفجارات ولا صفارات الإنذار. وقالت: "دعونا نحسبها: هذا يعني أن يوما واحدا فقط في الأسبوع شهد استراحة من الدوي والرعب، ناهيكم عن الخسائر المادية للحرب. إن العمق الهائل للكارثة الإنسانية مذهل." قالت السيدة بروان إن ما يقرب من 18 مليون شخص – أكثر من 40 في المائة من إجمالي سكان أوكرانيا – يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية. وقد اضطر حوالي 14 مليون شخص إلى الفرار من ديارهم، بما في ذلك 6.2 مليون نازح داخليا وحوالي 7.7 مليون لاجئ. وبحسب اليونيسف، تأثر حوالي 5.7 مليون طفل في سن الدراسة منذ بداية الحرب، بما في ذلك 3.6 مليون طفل بسبب إغلاق المؤسسات التعليمية. بدورها، أكدت منظمة الصحة العالمية أن ثمّة أكثر من 630 هجوما تم التحقق منها استهدفت مرافق الرعاية الصحية، مما حرم المرضى من تلقي العلاج والدواء. أشارت براون إلى بروز أبعاد جديدة لحالة الطوارئ مع كل يوم تتواصل فيه الحرب. وفسّرت بالقول: أولا، درجات الحرارة في أوكرانيا تنخفض مع اقتراب فصل الشتاء، وانتشر تدمير البنية التحتية المدنية في الآونة الأخيرة على نطاق واسع. تعرّضت إمدادات الطاقة والاتصالات السلكية واللاسلكية وبنية المواصلات التحتية للدمار، مما أثر على وصول الناس إلى المياه والكهرباء والتدفئة وقدرتهم على التواصل. وقالت: "يعني الضرر الذي لحق بمحطات الطاقة والحرارة أن الحياة ستكون أكثر صعوبة بالنسبة للضعفاء بالفعل، بما في ذلك كبار السن وذوو الاحتياجات الخاصة." وحذرت من تزايد مخاطر حدوث وفيات في الأشهر المقبلة لأنه لا يمكن للمدنيين الوصول إلى الخدمات الأساسية للبقاء على قيد الحياة. وأكدت أنه بهدف تلبية الاحتياجات الأساسية، تم تطوير خطة منفصلة ومحددة لفصل الشتاء، بالتنسيق مع السلطات، وتركز الخطة على إصلاح المنازل وتوفير البطانيات والفرش والملابس والأغذية والمولدات الكهربائية للمدارس والتدفئة الحرارية التي تشتد الحاجة إليها للمستشفيات. وتابعت براون تقول: "معا وصلنا إلى أكثر من 13 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد." أوضحت براون أن عمال الإغاثة يعملون بسرعة للوصول إلى المحتاجين، مع الأخذ بعين الاعتبار المخاطر الأمنية المترتبة على ذلك. وقالت: "في المناطق التي يمكن الوصول إليها في خاركيفسكا وخيرسونسكا ودونيتسكا، فإن خطر الألغام الأرضية والتلوث بالذخائر غير المنفجرة يعيق العمليات الإنسانية." وقالت براون: "ذلك يشمل النساء والفتيات اللاتي يعانين من العنف الجنسي وأشكال أخرى من العنف القائم على النوع الاجتماعي، أو سماع الأطفال صفارات الإنذار يوميا، أو العائلات التي انفصلت عن بعضها البعض أو الأشخاص الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة كل يوم." وقالت براون: "نحن قلقون للغاية بشأن الأشخاص في هذه المناطق الذين لا يمكننا الوصول إليهم. يستمر تقديم الطلبات المنتظمة لعبور خط المواجهة لكننا لا نتلقى الموافقة اللازمة من جميع الأطراف." من الناحية العملية، تقف الأممالمتحدة على أهبة الاستعداد للتحرك مع القوافل المشتركة بين الوكالات وموظفي الإغاثة إلى المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحكومة. وحذرت من عواقب عدم توزيع المساعدات على الملايين من الأشخاص الذين يعيشون هناك. وقد شهد النداء العاجل دعما غير مسبوق من المانحين – حيث تم تلقي أكثر من 2.9 مليار دولار من جملة المبلغ المطلوب لهذا العام وقدره 4.3 مليار دولار. وهذا هو ثاني أكبر نداء على المستوى القطري تمويلا في تاريخ الأممالمتحدة – فقط بعد اليمن في عام 2019 الذي بلغ 3.6 مليار دولار.