رئيس جامعة المنصورة يفتتح مجمع الاختبارات الإلكترونية بكلية التجارة    وزير العمل: نتعاون مع القطاع الخاص لتطوير منظومة التدريب من أجل التشغيل    إحالة 20 مفتشا وإداريًا بأوقاف بني سويف للتحقيق    "بحوث الصحراء" ينظم ورشة عمل تدريبية للشباب الأفريقي بمحطة رأس سدر    وزير التموين يبحث مع وفد روسي وتحالف تقني دولي تطبيق نظام لتتبع السلع الاستراتيجية    الحرس الثوري الإيراني: نعتبر ترامب قاتل قاسم سليماني    زيلينسكي بصدد إرسال وفد أوكراني إلى اسطنبول لإجراء مباحثات سلام مع مسئولين روس    منذ الفجر.. استشهاد أكثر من 100 شخص في ضربات إسرائيلية على قطاع غزة    أموريم يحفز لاعبي مانشستر يونايتد قبل مواجهة تشيلسي    تحديد فترة غياب مهاجم الزمالك عن الفريق    تعرف على أرقام هواتف غرفة عمليات وزارة الخارجية استفسارات المصريين فى ليبيا    الإعدام شنقا لربة منزل والمؤبد لآخر بتهمة قتل زوجها فى التجمع الأول    بعد منعهما من الغناء.. «الموسيقيين» تعلن عن قرار جديد بشأن رضا البحراوي وحمو بيكا    طرح الإعلان التشويقي لفيلم «عائشة لا تستطيع الطيران» قبل عرضه بمهرجان كان السينمائي    محافظ الإسكندرية يشهد ندوة توعوية موسعة حول الوقاية والعلاج    وزير السياحة يبحث المنظومة الجديدة للحصول على التأشيرة الاضطرارية بمنافذ الوصول الجوية    وزير الكهرباء: الوصلات غير القانونية تضر بالشبكة، وسنستمر في تركيب العدادات الكودية    محسن صالح يكشف لأول مرة تفاصيل الصدام بين حسام غالي وكولر    بوكيه ورد وصرف فوري.. التأمينات تعتذر عن إيقاف معاش عبد الرحمن أبو زهرة    ملائكة الرحمة بالصفوف الأولى.. "أورام الأقصر" تحتفل بصنّاع الأمل في اليوم العالمي للتمريض    تصل ل42.. توقعات حالة الطقس غدا الجمعة 16 مايو.. الأرصاد تحذر: أجواء شديدة الحرارة نهارا    غلق مستشفى و11 عيادة خاصة في بورسعيد.. ما السبب؟ - صور    محافظ الجيزة يكرم 280 عاملا متميزا بمختلف القطاعات    ضمن خطة تطوير الخط الأول للمترو.. تفاصيل وصول أول قطار مكيف من صفقة 55 قطارًا فرنسيًا    زيلينسكي: وفد التفاوض الروسى لا يمتلك صلاحيات وموسكو غير جادة بشأن السلام    فقدان السيطرة.. ما الذي يخشاه برج الجدي في حياته؟    متحف شرم الشيخ يستقبل زواره الأحد المقبل مجانًا -صور    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    ماريسكا: جيمس جاهز لقمة اليونايتد وجاكسون أعترف بخطأه    افتتاح جلسة "مستقبل المستشفيات الجامعية" ضمن فعاليات المؤتمر الدولي السنوي الثالث عشر لجامعة عين شمس    محافظ الإسكندرية يشهد ندوة توعوية موسعة حول الوقاية والعلاج بديوان المحافظة    «بدون بيض».. حضري المايونيز الاقتصادي في المنزل لجميع الأكلات    "فشل في اغتصابها فقتلها".. تفاصيل قضية "فتاة البراجيل" ضحية ابن عمتها    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    أشرف صبحي: توفير مجموعة من البرامج والمشروعات التي تدعم تطلعات الشباب    تحت رعاية السيدة انتصار السيسي.. وزير الثقافة يعتمد أسماء الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير في دورتها الخامسة    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    عامل بمغسلة يهتك عرض طفلة داخل عقار سكني في بولاق الدكرور    رئيس إدارة منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع امتحانات شهادة القراءات    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    «جوازة ولا جنازة».. نيللي كريم تكشف تفاصيل فيلمها الجديد    مسئول تركي: نهاية حرب روسيا وأوكرانيا ستزيد حجم التجارة بالمنطقة    تشكيل منتخب مصر تحت 16 سنة أمام بولندا فى دورة الاتحاد الأوروبى للتطوير    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    ترامب: الولايات المتحدة تجري مفاوضات جادة جدا مع إيران من أجل التوصل لسلام طويل الأمد    رفع الحد الأقصى لسن المتقدم بمسابقة «معلم مساعد» حتى 45 عامًا    4 وزراء في افتتاح المؤتمر العلمي الدولي ال13 ل جامعة عين شمس    تعديل قرار تعيين عدداً من القضاة لمحاكم استئناف أسيوط وقنا    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    أمين الفتوى: لا يجوز صلاة المرأة خلف إمام المسجد وهي في منزلها    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    مؤسسة غزة الإنسانية: إسرائيل توافق على توسيع مواقع توزيع المساعدات لخدمة سكان غزة بالكامل    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    ريال مدريد يقلب الطاولة على مايوركا ويؤجل حسم لقب الليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفعت الجلسة| قربان «سعادة»
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 13 - 10 - 2022

أعلم سيدى القاضى أن المحكمة ليست طرفا فى النزاع مع زوجى، لكنها بالنسبة لى وللكثير من النساء ملجأ وأمان لهن، ليس من جبروت الأزواج فقط، بل لأننا بداخلها نمتلك الحرية كاملة دون قيد فى سرد مآسينا، وطلب القصاص العادل ممن كانوا سببا فى معاناتنا..
وأتمنى لو كان القرار بيدى، لأمرت بالقبض على من داخل قاعة المحكمة من أفراد أسرتى وأسرة زوجى، فهم مشتركون جميعا فى تحويلى من فتاة حالمة لم يتجاوزعمرها ال17 عاما إلى سيدة بائسة، تقف أمامك الآن، بجسد متهالك ووجه شاحب، وعقل وقلب توقفا عن التفكير والإحساس، وأخيرا أم بالاسم فقط.
كانت الساعة قد اقتربت من الحادية عشرة صباحا، فتاة تجاوز عمرها الثلاثين عاما بقليل ، ترتكن بجسدها النحيل على باب قاعة محكمة الأسرة بالمعادى، فى انتظار الفصل فى دعواها بخلع زوجها.
فى ذلك الوقت كان محاميها مشغولا مع سيدة أخرى، ورغم ذلك لم تكن تعبأ بما يحدث حولها، هناك أمر ما يسيطر على تفكيرها، تفاصيل كثيرة تحاول ترتيبها فى عقلها وإعادتها إلى ذاكرتها من جديد، على أمل أن تسردها كاملة للقاضى بعد أن أغلقت أمامها جميع الأبواب، وأصبحت فى نظر القريبين منها مذنبة، مخطئة تعدت شروط الوصاية وتمردت على الأوضاع التى رسموها لها منذ الصغر وحتى الآن.
بدأت الجلسة وسط حضور أسرتى الفتاة وزوجها، لقد تفاجأوا جميعا بدعوى الخلع، أرادوا من حضورهم الى المحكمة إيقاف الأمر قبل أن يتطور، جاءوا لإقناع الفتاة بالتنازل عن الدعوى، مازالوا يرونها صغيرة، متهورة، تحتاج للنصح والإرشاد، لكنهم لم يدركوا حقيقة أن ما مرت به كان كافيا لأن يخلق منها وحشا يدفعها للانتقام من الجميع.
وقفت الفتاة أمام القاضى، قوية ، واثقة من نفسها ، رتبت أوراقها جيدا، وأخبرت المحكمة أن ما دونه محاميها من أسباب لطلب الخلع فى دعواها لا يعدو عن كونه سطرا من معاناتها الكبيرة.
قالت «منذ 13 عاما سيدى القاضي كنت فتاة لم يتجاوز عمرها السابعة عشر عاما، كانت السعادة تغمرنى فى ذلك الوقت ، لقد اجتزت أخيرا المرحلة الثانوية، تحقق حلمى بدخول الجامعة، وقتها كان والدى سعيدا، احتضننى بقوة، وكذلك والدتى وأشقائي، فأنا ابنة وحيدة على 4 أولاد.
لكن فجأة وأنا أشترى ملابس الكلية، صممت والدتى على شراء فستان «سواريه» ، أخبرتها أنني لا أريده ، وأن ما أحتاجه فقط هو لبس الجامعة، لكنها اشترته لى، وبعد عودتى إلى المنزل كانت المفاجأة ، شاهدت شابا فى منتصف العشرينيات من عمره يجلس مع والدى، يتحدثان فى أمور تخصنى، كان صوتهما مسموعا، وبعد دقائق طلبت منى والدتي ارتداء الفستان الجديد والخروج لتقديم المشروبات لذلك الضيف، الذى حضر مهنئا بنجاحى فى الثانوية العامة».
لم أكن أعلم سيدى القاضى حقيقة ما يحدث، لكن نظرات ذلك الشاب وأنا جالسة معه ، كانت غريبة ، لقد كان يتفحص جسدى ، يلقى إلى بابتسامة، وينتظر أن أبادله إياها.
خرج الشاب، وفجأة وجدت والدتى تحتضننى، كانت تقبلنى ، ثم أخبرتني ، ان الله يحبنى، كيف ذلك لا أعرف؟! ، المهم أنها بشرتني أن ذلك الشاب الوسيم الغنى، شاهدني، وأنا عائدة من مدرستى الثانوية العامة فأعجب بى، وحضر لخطبتى.
وقتها سيدي القاضي، لم تكن صدمتى من طلب الشاب ، بل من سعادة والدتى المبالغ فيها، فهى تعلم جيدا، أننى صغيرة ، بريئة ، لا أصلح أن أكون زوجة، لدى أحلام أريد تحقيقها مثل كل زميلاتي، والمصيبة أنها كانت تحلم معى، وتشجعنى على ذلك.
رفضت سيدى القاضى الفكرة من الأساس، أخبرت والدتى قرارى، لكن ما لم تعرفه، أننى من أسرة تزعم أنها متدينة، ترى أن ستر البنت بزواجها خير من الكثير من الأعمال الصالحة، قابل الجميع قرارى بغصب شديد، قاطعونى، صممت على رأى ، لكن كان والدى رجلا ذا بأس شديد، لا يعطى وعدا لأحد إلا ونفذه حتى ولو كان على حساب نفسه، أما والدتى فقد اختارت سعادتى بمال زوجى، فى حين رسم أشقائى أحلامهم بالعمل فى شركته.
تجاهل والدى سيدى القاضى قرارى، قام بدعوة الشاب وأبيه وأمه إلى المنزل، أخبرهم أنني وافقت على الخطوبة ثم الزواج ، حضر الجميع ، وقرأوا الفاتحة، حاولت الخروج للصراخ..
لكن منعنى اخى الكبير، كتم أنفاسى ودفعنى بقوة على الفراش، فى حين قامت والدتى بضربى وإهانتى، وهددنى والدى بقطع رقبتى إذا رفضت كلمته أمام الناس.
أجبرت على الارتباط من شاب لا أعرفه، ارتضيت بالأمر الواقع، حاولت أن أتجاوب مع الجميع، لكننى لم أستطع، ماتت أحلامى فجأة، تزوجت بعد عام من خطبتى، وأنا لا أعرف ما هو الزواج؟ ، فلم أدخل المطبخ يوما، ولم أتعلم حتى التجاوب مع زوجى، ألقونى مثل القربان لكسب رضا الأسرة الثرية.
دأت معاناتى سيدى القاضى بعد شهر من الزواج، لقد أصبحت حاملا، زاد قلقى، وبدأ جسدى يستقبل الأمراض، شعرت بتعب فى كل مكان، أصبت بانفلونزا الخنازير فى الشهر الثالث من الحمل، كدت أفقد روحى، لم أفهم ماذا يحدث لى، كل ما كنت أسمعه، هذه أعراض الحمل، تحملى، فما زلت صغيرة، مرت معاناتى على خير، أنجبت سيدى القاضى، وبعدها رفض جسدى إرضاع صغيرتى، تكفلت حماتى بكل شىء، كانت تقتلنى بكلامها عندما تخبرنى أننى صغيرة على تحمل تربية ابنتى، أخذتها منى واعتبرتها ابنتها، كانت تعاملها هكذا، وكلما حاولت الاقتراب وممارسة دورى كأم كانت تبعدنى.
كان الجميع يرونى صغيرة، غير قادرة على تحمل المسئولية، حتى إعداد الطعام لم يتطوع أحد لتعليمى، كان مطلوب منى فقط أن أشبع رغبات زوجى، ألا أجعله ينظر لفتاة اخرى، هكذا أخبرتنى أمى وحماتى، أما دورى كأم فقد سلبوه منى بزعم أننى مازلت صغيرة.
وكعادتهم سيدى القاضى، لم يتركوا لجسدى الراحة، عامين فقط، وبدأ الجميع يضغط علىّ لإنجاب طفل ثان، استجبت لهم، فلم يكن لدى حرية الرفض، امتلأت بطنى بطفل صغير، ومر جسدى بعشرات الأمراض التى هلكتنى، حتى أصابني مرض الضغط ، وهاجمنى على استحياء مرض السكر، وسكنتنى الانيميا، ورغم ذلك أنجبت طفلى، وكالعادة سلبته منى حماتى، وبنفس الحجة المتداولة على ألسنتهم «مازلت صغيرة « ، فأنا بالنسبة لهم الفتاة المطيعة، التى ضحت بأحلامها وتركت تعليمها من أجل حياة سعيدة مع شاب وسيم غنى، كما كانت تريد أمى، وسترة لى كما أراد ابى.
لم أتحمل الضغوط سيدى القاضى، صرخت فى وجه الجميع، طلبت منهم أن يتركوني أربي ابنائى، أعيش حياتى كما اريد ، أعود لأستكمل جامعتى، وأحقق حلمى الذى سلبوه منى، لكنهم وقفوا ضدى، خيرونى بين الحياة الزوجية وأحلامى .
أطلق والدى اللاءات الثلاث «طاعة الزوج فوق كل شىء «، ونثرت والدتى نصائحها ، « طالما موفر لك كل حاجه عيشى ويااه، كتير تعلموا وقاعدين في البيت» وأطلقت حماتى تهديداتها «سأزوجه غيرك اذا عصيت أمره وكملتى تعليمك» ، اما زوجى فطاعة أمه فوق كل شىء ، كان سعيدا بكونها من تربى أولاده ، رافضا استكمال تعليمى، مهددا بالزواج من امرأة اخرى اذا اقدمت على تنفيذ قرارى.
لم تكن تعنينى كل هذه التهديدات أكثر ما كان يؤلمنى أن ابنتى الكبرى لم تنطق كلمة ماما على لسانها، لقد بلغت ال 13 عاما، وجسدها قارب جسدى، ومازالت تعاملنى كونى شقيقتها الكبرى، تستمع إلى نصائح وأوامر حماتى متجاهلة وجودى أصلا فى الحياة ، وهذا الأمر ينطبق كذلك على ابنى.
صرخت سيدى القاضى ، فاض بى الكل، سلبت منى حياتى، تحملت مسئوليات لا اعرفها ، فى وقت كنت فى حاجة فيه إلى تحقيق احلامى، اكثر ما يؤلمنى نظرتي الى زميلاتى فى الثانوية العامة، لقد تخرجوا وتولوا وظائف مرموقة، وتزوجوا وأنجبوا ومازالوا متمسكين بأعمالهم.
أنا هنا سيدى القاضى فى رحاب بيت من بيوت العدالة، واقفة أمام قاض جليل، وخلفى كل من ساهموا فى قتلى بالبطيء، اسرتى واسرة زوجى ، انا لا اطلب الخلع فقط، بل أن تشمل العدالة الجميع، فما يحدث معى، سيحدث مع الآلاف من الفتيات مثلى، اللاتى حرمن من استكمال تعليمهن واجبرن على الزواج فى سن صغيرة.
نهاية .. لى رجاء سيدى القاضى، آمل أن يكون هناك قانون يحظر ارتباط الفتاة قبل إنهاء دراستها الجامعية، حفاظا على مستقبلها، وحتى تكون قادرة على ممارسة حياتها الزوجية بصورة طبيعية.
بعد أن استمع القاضى لحديث الفتاة، أصدر حكمه بخلع الزوج.
إقرأ أيضاً|محامي نيرة أشرف: لن نقبل أي دية.. ونُطالب بالقصاص العادل |فيديو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.