وزير التعليم العالي يبحث مع نظيره التشادي سبل تعزيز التعاون بين البلدين    محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير نفق البساتين بشبين الكوم استعدادًا لموسم الشتاء    هبوط شبه جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات اليوم الثلاثاء    جمعية رجال الأعمال تتوقع نمو صادرات الخضر والفاكهة إلى 9 ملايين طن خلال 2025    السيسي يهنئ سلطان عمان بمناسبة الاحتفال بذكرى اليوم الوطني    الهلال الأحمر يدفع بقافلة «زاد العزة» ال 75 مُحملة باحتياجات الشتاء ونحو 9900 طن إمدادات إنسانية لأهالي غزة    عاجل- فيضانات وانهيارات أرضية تهدد شمال إيطاليا.. فرق الإنقاذ تبحث عن المفقودين    حرمان جماهير أتلتيك بيلباو من حضور مواجهة برشلونة    حريق هائل بمنطقة المنشية بالإسكندرية، والحماية المدنية تحاول السيطرة على النيران    اندلاع حريق هائل بممر أكشاك لبيع الأحذية بمحافظة الإسكندرية    إصابة 2 فى حادث تصادم بين توك توك وسيارة بكفر الشيخ    وفاة الفنان السوري عدنان جارو وتشييع الجنازة وإقامة العزاء اليوم    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: مقارنة المهور هي الوقود الذي يشعل نيران التكلفة في الزواج    محافظ أسوان يتفقد مستشفى الرمد ويطمئن على جودة الخدمات الطبية والعلاجية (صور)    وزير الصحة: مصر تُطلق أول اجتماع لوزراء صحة دول «الثماني النامية» D-8    هيئة الرعاية الصحية تعلن نجاح أول عملية تركيب منظم لضربات القلب بمحافظة أسوان    توروب ينتظر عودة اللاعبين الدوليين للأهلي    اليوم، "بنات الباشا" في عرضه العالمي الأول بمهرجان القاهرة السينمائي    التمثيل العمالي بإيطاليا ينظم الملتقى الثاني لحماية حقوق العمال المصريين    انطلاق منتدى دبي للمستقبل بمشاركة 2500 خبير دولي    طارق العشري: عودة فتوح من أهم مكاسب دورة الإمارات.. وإمام إضافة قوية لمصر في أمم إفريقيا    بعد وفاة وإصابة 5 أشخاص.. تفاصيل حادث الطريق الدولي الساحلي بكفر الشيخ: مُدرسين كانوا في طريقهم للمدرسة    انتخابات مجلس النواب.. الهيئة الوطنية تعلن اليوم نتيجة المرحلة الأولى.. البنداري يوضح حالات إلغاء المرحلة الأولى بالكامل.. ويؤكد: تلقينا 88 طعنا في 70 دائرة انتخابية    محافظ أسيوط: إطلاق مسابقة لمحات من الهند بمشاركة 1300 طالب وطالبة    كامل الوزير: طريق «مصر - تشاد» محور استراتيجى لتعزيز التواصل بين شمال ووسط أفريقيا    منال عوض تترأس الاجتماع ال 69 لمجلس إدارة جهاز شئون البيئة    الصغرى بالقاهرة 17 درجة.. تعرف على حالة الطقس اليوم    مقتل 15 مسلحا خلال عمليتين أمنيتين فى شمال غربى باكستان    وزير الصحة: دفع 39 مليون أفريقى نحو الفقر بسبب الزيادة الكارثية فى إنفاق الجيب    دراسة جديدة: جين واحد مسؤول عن بعض الأمراض النفسية    جامعة عين شمس تطلق النسخة ال12 من معرض الزيوت العطرية 2025    وزير التموين يتوجه إلى بيروت للمشاركة في مؤتمر "بيروت وان"    بث مباشر.. "البوابة نيوز" تنقل قداس ذكرى تجليس البابا تواضروس الثاني    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استقيموا يرحمكم الله !?    عندما يتحدث في أمر الأمة من لم يجفّ الحليب عن شفتيه ..بقلم/ حمزة الشوابكة    رئيس منطقة بني سويف عن أزمة ناشئي بيراميدز: قيد اللاعبين مسؤولية الأندية وليس لي علاقة    استئناف عاطل على حكم سجنه بالمؤبد لسرقته شقة جواهرجي في عابدين اليوم    اليوم.. نظر محاكمة 3 متهمين بقضية خلية النزهة    اليوم.. الحكم في دعوى نفقة طليقة إبراهيم سعيد    ترامب لا يستبعد عملا عسكريا ضد فنزويلا رغم بوادر انفتاح دبلوماسي    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 فى المنيا    ترامب: العالم كان يسخر من أمريكا في عهد بايدن لكن الاحترام عاد الآن    أمريكا تمنح حاملي تذاكر مونديال 2026 أولوية في مواعيد التأشيرات    موضوع بيراوده منذ 3 أيام، كامل الوزير يكشف كواليس ما قبل بيان السيسي بشأن الانتخابات (فيديو)    الدكتورة رانيا المشاط: الذكاء الاصطناعي سيساهم في خلق وظائف جديدة    حازم الشناوي: بدأت من الإذاعة المدرسية ووالدي أول من اكتشف صوتي    فاروق جعفر: أتمنى أن يستعين حلمي طولان باللاعبين صغار السن في كأس العرب    مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    عاجل – حماس: تكليف القوة الدولية بنزع سلاح المقاومة يفقدها الحياد ويحوّلها لطرف في الصراع    اتجاه لإعادة مسرحية الانتخابات لمضاعفة الغلة .. السيسي يُكذّب الداخلية ويؤكد على التزوير والرشاوى ؟!    شاهين يصنع الحلم.. والنبوي يخلده.. قراءة جديدة في "المهاجر"    قتلوه في ذكرى ميلاده ال20: تصفية الطالب مصطفى النجار و"الداخلية"تزعم " أنه عنصر شديد الخطورة"    اليوم عيد ميلاد الثلاثي أحمد زكى وحلمى ومنى زكى.. قصة صورة جمعتهم معاً    التأهل والثأر.. ألمانيا إلى كأس العالم بسداسية في مرمى سلوفاكيا    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة يعبد وتداهم عددًا من المنازل    الصحة ل ستوديو إكسترا: تنظيم المسئولية الطبية يخلق بيئة آمنة للفريق الصحي    شاهد.. برومو جديد ل ميد تيرم قبل عرضه على ON    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاء عابد يكتب: الاختلاف والخلاف.. الخيط الرفيع بين الداء والدواء!
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 02 - 09 - 2022


«رأيى صواب يحتمل الخطأ، ورأيك خطأ يحتمل الصواب».
هذه العبارة للإمام الشافعي، هى خلاصة الحكمة التى يمكن استخلاصها من تجارب الحياة فى كل العصور، حتى نتجنب ما قد يُسفر عنه الخلاف فى الرأى من اختلافات، ربما تتحول إلى ضغائن لا تُحمد عقباها فى نهاية المطاف.
ورغم أننا جميعًا نردد مقولة الدكتور أحمد لطفى السيد الشهيرة «إن الاختلاف فى الرأى لا يُفسد للود قضية»، فإن الغالبية العظمى منا تردد هذه المقولة نظريًا فقط، دون إعمال لها. وبمجرد حدوث الاختلاف فى الرأى، نجد كل شخص يسارع بإشهار الأسلحة التى يملكها ضد الآخر، وبذلك يتحول الاختلاف الحميد، إلى خلاف مذموم.
والاختلاف سُنة كونية فى القضايا الإنسانية، اقتضتها المغايرة والتفاضل بين الناس، وضرورة انتظام صيرورة الحياة، وفرضتها طبيعة المجتمع الإنسانى القائم على دافع الاجتماع مع الآخرين. لذلك، كان القبول بالاختلاف والإقرار به، أمراً لا غنى عنه للأسرة الإنسانية بكافة مستويات وجودها، أفرادًا وأممًا وحضارات.
وهنا، يجدر بنا أن نميّز بين الاختلاف والخلاف لغةً واصطلاحًا، حيث يقول الفقهاء إن «الاختلاف والخلاف» جاءا من مادة لغوية واحدة، ولكن جرت العادة على استخدام مصطلح «الاختلاف» بمعنى التنوع والتعدد وتلاحق الأفكار، والتدافع بين الآراء، واختلاف الحجج والبراهين. أما «الخلاف»، فيكون بمعنى التنازع على الحقوق وتعارض المصالح.
إن الاختلاف هو سُنة الله فى خلقه، لأنه بهذا الاختلاف يُعرف التضاد وتُدرك التناقضات. يقول الله تعالى فى كتابه الكريم «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين»، فالاختلاف -إذن- هو تلك التعددية التى تمثلت فى فلسفة الثنائية التى تحتوى الكون وتُسيّر أمور الحياة.
وهذا الاختلاف، يسيطر على حياة الإنسان طوال الوقت، فهناك اختلاف بين الرجل والمرأة. ومع ذلك بدون أى منهما لا تستمر الحياة. والاختلاف بين الإنسان وغيره من المخلوقات حتى تتكامل الحياة، والاختلاف ليس نوعيًا فقط بين الرجل والمرأة، بل كل رجل وكل امرأة، لها سمات وشخصية مختلفة، فلكل شخصيته وفكره ومبادئه ودينه وبصمته وجيناته، إذن فالاختلاف سُنة كونية وإرادة إلهية لا فكاك منها.
وعلى النقيض من ذلك، فإن الخلاف هو التضاد وعدم التوافق، الذى قد يؤدى إلى الاحتكاك أو التصادم بين طرفين أو أكثر، وهذه الأطراف يمكن أن تكون عبارة عن أفراد أو مجموعات أو دول، وينشأ الخلاف حينما يكون لكل فرد استقلالية ذاتية وله قيم واحتياجات ورغبات تختلف عن قيم واحتياجات ورغبات الآخرين، فينشأ خلاف بين طرفين يعتقد كل طرف منهما أنه هو الأصح والأكثر موضوعية، بل إنه يحتكر الحقيقة!
ومن هنا، تأتى أهمية دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى إجراء حوار وطنى بين كافة القوى السياسية والاجتماعية فى البلاد، وذلك بهدف إعلاء المصلحة العامة للدولة والمواطن باعتبارها الأرضية التى تنطلق منها جلسات الحوار الوطنى، مع التأكيد على أن رحابة الصدر وقبول الاختلاف هو الإطار العام الذى يحكمه، ليكون المبدأ العام الذى يلتزم به الجميع، وهو أن «الاختلاف فى الرأى لا يُفسد للوطن قضية».
غير أن «ثقافة احترام الاختلاف»، سواء على المستوى السياسى أو الاجتماعى أو الفردى، لن تولد فى يوم وليلة، ولكنها تنمو مع الفرد. ولكى تنمو هذه الثقافة الحضارية، فإنها تحتاج إلى من يرويها داخل الأسرة والمدرسة والجامع والكنيسة.
وتبعًا لذلك، يجب أن نزرع فى أبنائنا أن الاختلاف يصل بنا إلى التكامل، وأنه ليس مجالًا للصراع، بل هو مجال لاكتساب الخبرات وتفتح العقل وازدهار الشخصية يجب أن نربيهم على التمسك بأخلاق النبلاء فى حالة الاختلاف.
ومن المؤسف أن «ثقافة الاختلاف» بدأت تتراجع بشكل واضح على مستوى العالم الآن، ويحل محلها شعورٌ بالبغضاء يغذيه خطاب الكراهية الشائع فى عالمنا المعاصر وحياتنا الحالية، فقد تراجع حجم السماحة، واختفى إلى حدٍ كبير مفهوم «قبول الآخر»، وتاهت تقاليد الحوار البناء، وضاعت فى الزحام قيم كثيرة نقلتنا من مرحلة الاختلاف إلى مرحلة الخلاف.
لذلك، لا بد من ترسيخ ثقافة تقبُّل الآخر المختلف أو المغاير عنا فى كلّ مجال، وعلى كلّ مستوى، بصفته الوضع الطبيعى للحياة فى هذه الدنيا، والشرط الضرورى للثراء الناتج من التنوع، وتحرير العقل من كلّ قيوده، ليمضى فى أفقه الواعد، متحررًا إلا من التزامه مبدأ المُساءلة الذى يُخضِع له كل شيء، بما فى ذلك العقل الذى لا يكفُّ عن مُساءلة نفسه قبل مُساءلة غيره.
ولا يمكن بأى حالٍ من الأحوال أن نفصل بين الاختلاف وطرق التواصل بين الناس، وهو ما يعبر عنه الكاتب ستيفان كوفى بقوله «إن أعظم مشكل نواجهه ونحن نتواصل هو اننا لا ننصت لكى نفهم، بل ننصت لكى نجيب».
وحينما يندفع المرء إلى الكلام دون أى محاولة لفهم آراء من حوله، فإن ذلك لا يمكن إلا أن يقوده إلى رفض الآخر، فهو يرفض حتى أن تتلقف أذناه خطاب الآخر، فكيف أن يمحصه ويرد عليه، لذلك فإن ثقافتى الاختلاف والحوار لا تنفصلان، كما ان احياء لغة الحوار هى أول خطوة نحو بناء مجتمع يؤمن حقا ب «ثقافة الاختلاف».
ولا جدال، بناء على ما تقدم، ان الخلاف هو الداء، والاختلاف هو الدواء، وبذلك، يكون الفرق بين الخلاف والاختلاف، هو بمثابة الخيط الرفيع بين الداء والدواء!
وقديما، قال أجدادنا الحكماء القول الفصل، فى هذه القضية بالغة الأهمية: «إن اختلافى عنك، لا يعنى أبدا خلافى معك».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.