ما هي منطلقات المنهج السلفي؟!، السؤال بمعنى آخر؛ كيف يفكر العقل السلفي؟! الحقيقة والواقع هو لا يفكر، وبالتالي هو لا يطيق أبدًا هذا الجهد؛ لأن لديه الآليات التي ينطلق منها وهم أصنام السلف من أمثال ابن تيمية وابن القيم وأبي حامد الغزالي وأبو الأعلى المودودي وصولًا في النهاية بصاحب الظلال سيد قطب أمير الدم ومنظر التكفيريين والإرهابيين في العالم، لهذا نراه يعادي أصحاب المنهج والتفكير العلمي، ويتهمهم بالهرطقة والزندقة؛ لهذا فهم يرفضون التوافق بين الإسلام والعلم، بل وفي أدبياتهم اعتبروا أن النصوص الدينية التي تحض على العلم، أنها تعني العلوم الدينية فقط لا العلوم بمعناها المطلق. العقل السلفي، يجمع كل ما روي عن سلفه من متناقضات تفوق العقل والمنطق مثل الرقية الشرعية والطب النبوي التي تقي الإنسان من الأوبئة والأمراض، ويروجون لها بعد أن يصدقوها ويسلمون بها وكأنها من عماد الدين. العقل السلفي لا يؤمن بالعاطفة بل بشهوة الجسد التي يغلبها على العقل، لذا تجدهم يؤمنون بأن المرأة بالنسبة لهم هي كائن جنسي يتسبب في ارتفاع معدلات الجريمة، ولولاها ما ارتكب المجرم جريمته الشنعاء بقتل من هي أشرف وأنبل وأطهر منه نيرة أشرف، بل الحقيقة التي لا مراء فيها؛ أن الخطاب السلفي المقيت هو السبب في قتل نيرة أشرف وغيرها من الآمنين، ألم يقد يومًا الشيخ الغزالي المظاهرة التي أدت إلى منع ظهور رواية نجيب محفوظ «أولاد حارتنا» بعد أن نشرت جريدة الأهرام حلقات منها، وهو الذي شهد أمام المحكمة التي نظرت قضية اغتيال المفكر فرج فودة؛ بأنه مرتد ويستحق القتل. العقل السلفي يرفض إعمال العقل ويرحب بالنقل رغم أن الإسلام يمجد العقل ويدعو الإنسان إلى التفكر والتأمل. العقل السلفي يختلط لديه الخرافة بالمقدس؛ لذا تجد أصحاب اللحى الطويلة يحدثونك عن التأثيرات السحرية السفلية والعلوية على الإنسان، وكأنه يحدثك عن طلوع الشمس وجريان النهر، مستخدمًا في ذلك التعزيم والرقي والتمائم وغيرها من سائر أعضاء هذه الأسرة غير الكريمة من أدوات الجهل. السلفي لا فرق عنده بين الإرهاب والخرافة؛ فهو والدجال ينطلقان من أرضية وقاعدة واحدة وهي، كراهية من ينتمون الي هاتين الفئتين الي استقرار المجتمع، فالإرهابي من جماعات الإسلام السياسي مثلما يرفض أن يتخلى عن حلمه القديم والتاريخي في وهم الخلافة وأن تصبح مصر جزءًا من امبراطورية تركية كاذبة، يرفض الحرية الدينية، وحرية المرأة، وحرية النشر والابداع والفنون، أيضًا الدجال يهمه لا نشر الخرافات فقط، وإنما أن تسكن أجسادنا هذه الأساطير التي تغيب عقولنا ولا يصدقها إلا الأغبياء، وللأسف عقولنا ما تزال مهيأة لتسمع وتصدق حكايات الجان والعفاريت، فما الفرق بين دجال يضرب سيدة بالعصا أو بالكرباج حتى الموت بزعم تخليص جسدها من جن تلبسه، أو نصدق إلى درجة الإيمان حكاية ذلك الرجل الذي دخل أحد الحمامات ليلاً فوجد فيها أناس يتوضأون، وأصيب بالذعر عندما وجد أرجلهم كأرجل المعيز، فأطلق ساقيه للريح وهرب من الحمام، ولم يتوقف إلا عندما وجد رجلا آمنا يقف في الشارع يتفحص الحالة الأمنية، فسأله عن سبب ركضه في هذا الوقت المتأخر من الليل، فأخبره الرجل والخوف يعتري وجهه عن المخلوقات الغريبة التي رآها في ذلك الحمام، فما كان من الشرطي إلا أن كشف عن ساقيه وسأله: هل تقصد أن أرجلهم مثل رجلي هذه، ولأن هذا الشرطي من «إخواننا» الجان فواصل الرجل رحلة هروبه ولكن الي المجهول، وبدلاً من أن تقف هذه الحكاية وغيرها عند حد الفلكلور، نصدقها ونخدمها بنشرها! هذه الصور الخرافية التي ينسجها المشعوذون مع ارتفاع نسبة الأمية التثقيفية والتعليمية في مصر، يمارسها جماعات الإسلام السياسي من خلال فتاويهم الشاذة التي إن كشفت عن شيء، فهي تكشف عن طغيان ديني يمارسونه يعيدنا الى ثمانينات القرن الماضي وفوضى الفتاوى التكفيرية الشاذة التي قتلت يومًا ما مفكرًا بحجم الدكتور فرج فودة بفتوى صادرة من أحد أمراء الإرهاب، وهو عمر عبد الرحمن، المفارقة عندما سأل المحقق القاتل لماذا قتلته فرد قائلاً: «إكمنه كافر»، فعاد وسأله المحقق: «هل قرأت له»، وكانت المفاجأة عندما أجاب الإرهابي: «أنا ما بعرفش لا اقرا ولا اكتب»، وهي نفس الفتاوى الشاذة التي فرقت بين الدكتور نصر حامد أبو زيد وزوجته الدكتورة ابتهال يونس، واضطرا معها إلى الهجرة من مصر واللجوء إلى هولندا، ومحاولة اغتيال الأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ بسبب رواية لم يقرأها من حاول قتله بسكين غرزه في رقبته؛ فجماعات الإسلام السياسي لا يريدون حاضرًا ولا مستقبلاً، وإنما عندما وصلوا للسلطة خططوا للعودة للماضي، فثورة 30 يونيو لم تواجه فقط حكمًا إرهابيًا وإنما أيضًا فكرًا ملعونًا سعى لنشر الجهل والظلام في مصر.