كتبت: حبيبة جمال ..بعد ثمانية أشهر من ارتكاب جريمة قتل بشعة شهدتها محافظة الفيوم، جاءت جلسة السبت الماضي لتكتب نهاية القتلة، حيث وقفت المتهمة الأولى كريمة داخل قفص الاتهام مرتدية عباءة سوداء وخمار بني اللون، وبجوارها ابنتها دينا ترتدي أيضا عباءة سوداء، وقف الاثنان في حالة من الهدوء غير عابئين بما ارتكبتاه من جريمة بشعة أدمت العيون وأحزنت القلوب، ليصعد المستشار محمد إيهاب رئيس المحكمة منصة الحكم وبجواره المستشارين خالد عبد السلام، ومحمد محمد الحلواني، ويصدر حكمه الذي كان عنوان الحقيقة: «حكمت المحكمة حضوريًا وبإجماع الآراء بإحالة أوراق المتهمة كريمة جمعة إلى مفتي الديار المصرية لإبداء رأيه الشرعي في إعدامها، وذلك لقتلها جارتها المسنة خضرة الصواف من أجل سرقة حلق ذهبي، وتحديد جلسة 3 يوليو القادم للنطق بالحكم»، لتهتز بعدها ساحة المحكمة بالصراخ والعويل للمتهمتين، حيث تحضن دينا والدتها وتبكي بحرقة.. ليكون بذلك الحكم العادل اقتصت المحكمة لتلك السيدة العجوز التي قتلاها بدم بارد لا لشيء إلا لسرقة حلقها، وفي السطور التالية نسرد لكم تفاصيل القصة كاملة. الأم وابنتها.. قتلا بائعة الزبدة لسرقة قرطها خضرة الصواف، هو اسم بطلة قصتنا، تبلغ من العمر 88 عاما، تعيش في منزل صغير رفقة أبنائها، بشارع الجبل بمدينة طامية بمحافظة الفيوم، هي مثال للأم المثالية، توفى زوجها، تاركا لها ثلاثة أبناء، عاشت على تربيتهم بالحلال، فكانت تتاجر في الزبدة والجبن، لم يكن لها أي عداوات مع أحد، الكل يحبها، عاشت حياتها بهدوء، لم يتوقع أحد أن تكون نهايتها بهذه الطريقة البشعة وعلى يد من، أنهم جيرانها، الأم كريمة وابنتها دينا، امرأتان قست قلوبهما، خلعتا عباءة الأنوثة وارتديتا عباءة الإجرام، لم يصن الاثنتان العشرة والجيرة، ولم يرحما كبر سن تلك السيدة وقررتا قتلها لسرقة قرطها الذهبي التي كانت تحتفظ به لشراء كفنها، وشاركهما أبناؤهم لتصبح العائلة بأكملها مجرمة. إقرأ أيضاً | السجن المشدد 7 سنوات ل5 متهمين بسرقة أستاذ بكلية الطب بالإكراه أزمة مالية كانت كريمة تمر بضائقة مالية وتحتاج للأموال، فجلست تفكر كيف تحصل على المال بأقل مجهود ممكن، فلم يخطر ببالها سوى جارتها الحاجة خضرة، فهي تتاجر في الألبان ومعها الكثير من الأموال كما إنها ترتدي حلقا ذهبيا يصل سعره لعشرة آلاف جنيه، سيطر عليها الشيطان وبدأت ترسم الخطة، وقررت تشارك أبناءها عما يدور بعقلها، ولم تبذل مجهودًا كبيرا في إقناعهم، يبدو أنهم كانوا يفكرون في ذلك أيضا، عائلة بالكامل لم يكن فيها أحد يرجعهم عن جريمتهم البشعة، عائلة بالكامل بلا قلب، وكأنهم نزعوا قلوبهم ووضعوا مكانها قطعا من الحجارة أو أشد قسوة، انتظروا حتى تأتي الفرصة المناسبة للتنفيذ. قبل الجريمة بساعات خرجت الحاجة خضرة في الصباح كعادتها مع ابنتها متجهين نحو السوق لبيع الزبدة والجبن، وبعدما رزقهما الله بالحلال عادتا للبيت، وتناولتا وجبة الفطار سويا، ثم بعدها قررت خضرة الذهاب لنجلها الكبير لتبارك له على إنجابه طفلة، وتأخرت الأم كثيرا عن عودتها للبيت، فبدأ القلق يساور عقل وقلب الأبناء، خرجوا للبحث عنها، بداية من الأهل والجيران، حتى المستشفيات وصولا بأقسام الشرطة، ولكن باءت جميع المحاولات بالفشل، فلم يكن أمامهم سوى تحرير محضر باختفائها. تلقى العميد محمد تعيلب مأمور مركز شرطة طامية بلاغا باختفاء سيدة تدعى خضرة الصواف، تبلغ من العمر 88 عاما، اكتشف أبناؤها اختفاءها فجأة وبحثوا عنها في كل مكان ولم يعثروا عليها.. على الفور بدأ التحرك للبحث عن تلك السيدة وكشف ملابسات البلاغ. كاميرات المراقبة تشكل فريق بحث لكشف لغز الواقعة، وكان الخيط الأول لكشف اللغز هو فحص كاميرات المراقبة، والتي أصبحت هي الشاهد الصامت على كل جريمة يتم ارتكابها، وكانت الصدمة ما رصدته؛ مشهد مخيف أعاد للأذهان جرائم ريا وسكينة، في كيفية استدراج ضحاياهم، حيث ظهرت خضرة وهي تجلس أمام بيتها، ثم جاءت إليها كريمة وقفت معها لعدة ثواني ثم طلبت منها أن تأتي معها للبيت لتناول الشاي سويا، بالفعل تحركت كريمة أولا ومن خلفها كانت تسير خضرة، وبعد نصف ساعة خرجت دينا ابنة المتهمة تحاول البحث عن توك توك، وبعدما جاء إليها، دخلت للبيت وخرجت بصحبة والدتها يحملان جوالا، ثم أخذاه وألقيا به في صندوق القمامة بعيدا عن منزلهما. على الفور تم إلقاء القبض على المتهمين، ولم يصمتوا كثيرا، فانهار كل واحد منهم واعترفوا بتفاصيل الجريمة كاملة، بأنهم استدرجوا الضحية لسرقة الحلق التي كانت ترتديه، فهو يزن ما يقرب من 15 جراما، وبمجرد دخولها للبيت قدموا لها كوبا من الشاي به مخدر، تناولته ثم سقطت مغشيا عليها، وبكل قسوة وجحود خنقوها حتى يتأكدوا من وفاتها، ثم وضعوها داخل جوال وألقوا به بمكان جمع القمامة، اعتقادا منهم أنه سيتم نقلها دون أن يكتشف أحد جريمتهم البشعة، لكنهاعدالة السماء، وبعد اعترافاتهم وتمثيلهم للجريمة وسط حراسة أمنية مشددة تحولوا لمحكمة الجنايات. حزن عم القرية بأكملها لفقدانهم تلك السيدة، فلم تغضب أحد منها، وكانت تمتاز بالطيبة والسماحة، وتقف مع جيرانها في الحزن قبل الفرح، فودعها المئات لمثواها الأخير مطالبين بالقصاص العادل، بينهما رفض نجلها تلقى العزاء حتى يقول القضاء كلمته. النهاية وبعد مرور ثمانية أشهر على تلك الجريمة البشعة التي أطلق عليها الأهالي جريمة ريا وسكينة أسدلت محكمة الجنايات الستار عنها بحكمها العادل، وكان مشهد الصراخ والعويل درسا لكل من تسول نفسه لارتكاب مثل هذه الجرائم، فماذا جنى المتهمون، ولا شيء سوى أن الأم تنتظرها طبلية عشماوي والأبناءالثلاثة سيقضون بقية عمرهم خلف أسوار السجن.