كتب: محمد عطية ◄القضاء ينتصر لضحايا الإبتزاز الإلكتروني ◄د.مصطفى سعداوي: تصدى لاستهتار الشباب ببنات الناس دعك من الكلام المثار حول أى واقعة ابتزاز، ودعك من تفاصيل الوقائع وكيف انتهت، وقل لي حينها؟ ما الوضع إذا لم تتخذ الدولة خطوات جادة وفعلية فى الحد من تلك الظاهرة؟ وما الوضع إن لم ينتصر قضاؤنا الشامخ لهؤلاء الضحايا ورد حقوقهم كاملة دون نقصان؟، إجابة هذين السؤالين حينها ستبدو صعبة، لأننا جميعًا نعرفها، وهى أن الشخص الذي ابتز غيره سيتمادى، دون رادع أو حساب، وأن الضحية ستسقط كمدًا وحزنًا وربما تنتحر من نظرات الناس لها، وهي فى الأول والآخر ضحية، هل تخيلت هذا السيناريو؟ هل أدركت طبيعته؟ فى السطور التالية سندخل إلى تفاصيل أكثر من واقعة ابتزاز جنسي، نبدأ بواقعة بسنت، ابنة محافظة الغربية، وننتهي بواقعة جاسمين، ابنة محافظة المنيا، بعد الحكم على الجناة في الجريمتين ب 15 عامًا سجنًا مشددًا، وطبيعي في النهاية أن نسأل أحد أساتذة القانون الجنائي عن فلسفة هذا التعديل الذي جاء في وقته وحينه. البداية كانت بسنت خالد والذي تصدر اسمها مواقع التواصل الاجتماعي في شهر يناير الماضي، بعدما تبين أنها أقدمت على الانتحار عقب ابتزازها بصور خليعة مفبركة، جاء بعدها العديد من القضايا المشابهة، كانت نهايتها قضية ابتزاز المنيا، لكن حقيقي يظل القضاء المصري سببًا في تعديل القانون وهذا ما حدث في احكامه الردعة. انتحار بسنت «ماما أرجو أنك تفهميني، دي صور متركبة.. والله العظيم وقسمًا بالله دي ما أنا، أنا يا ماما مش البنت دي، أنا يا ماما جالي اكتئاب بجد، أنا مش قادرة أنا بتخنق، أنا تعبت»، بهذه الرسالة المؤثرة التي تركتها الفتاة القاصر بخط يدها لأسرتها قبل انتحارها بتناول حبوب الغلة المسمومة، تصدرت «بسنت خالد» مواقع التواصل الاجتماعي، في شهر يناير الماضي، بعدما تبين أنها أقدمت على الانتحار عقب ابتزازها بصور خليعة مفبركة عندما قام أحد الشباب بتركيب صور لها على أحد برامج تعديل الصور ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. فور نشر أسرتها لرسالتها اهتزت مواقع التواصل باسم «الفتاة الخلوقة» كما لقبها جيرانها، بينما تصدر هاشتاج «حق بسنت لازم يرجع» بينما نشر بعض أهالي كفر الزيات على صفحات السوشيال ميديا أن، «بنت كفر الزيات انتحرت كي تصفع وجه كل مجرم دمرها وكل من لم يصدق روايتها»، كما قال بعض الاهالي إن الضحية كانت مخطوبة وطالبة بالصف الثاني الثانوي الأزهري وتتمتع بأخلاق حميدة وفى أحد الأيام فوجئ والدها بنشر صور عارية لنجلته وبعد التدقيق في الصور تبين أن جسم الفتاة ليس هو المتداول، وأن وجه نجلته هو الصحيح الأمر الذي صدم الفتاة وأربك حياتها وجعلها تشعر بالظلم والقهر النفسي مما أصابها بحالة اكتئاب نفسي تسبب في انتحارها. في الوقت ذاته كشفت التحريات الأمنية؛ أن الفتاة صاحبة العقد الثاني من عمرها قد أنهت حياتها عقب مرورها بأزمة نفسية دفعتها لتناول حبة الغلال السامة. كما تبين أن خمسة شباب هم وراء تلك الجريمة، وتم ضبطهم وإحالتهم إلى النيابة العامة التي أمرت بإحالتهم إلى محكمة جنايات طنطا الدائرة الأولى، وكانت هيئة المحكمة استمعت إلى شهود الإثبات، ومحامي المتهمين في القضية، وتضمن قرار الإحالة، توجيه 6 تهم للمتهمين، هي الإتجار بالبشر، باستغلالهم ضعف المجني عليها أمام تهديداتهم بنشر صور مخلّة منسوبة لها بقصد استغلالها جنسيًّا وإجبارها على ممارسة أفعال مخلة، واتهام بعضهم بهتك عرضها بالقوة والتهديد، وتهديدها بنشر صور خادشة لشرفها، وكان التهديد مصحوبًا بطلبات منها، واعتدائهم جميعًا بذلك على حرمة حياتها الخاصة، وتعديهم على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري باستخدام شبكة المعلومات الدولية، الى أن قضت محكمة جنايات طنطا في القضية المعروفة إعلاميًا «بضحية الإبتزاز الإلكتروني»، وبرئاسة المستشار سامى بريك، وعضوية المستشارين حسام أبوزهرة، ومدحت سالم وإسماعيل الفران، وأمانة سر المحمدى الباجورى، بمعاقبة المتهمين ال 5 في قضية بسنت خالد ضحية الابتزاز الإلكتروني بالسجن 15 سنة ل 3 متهمين، ومعاقبة 2 آخرين بالسجن 5 سنوات. جاسمين ويوسف في واقعة لم تختلف كثيرًاً عن واقعة بسنت، كانت «جاسمين» ضحية أخرى، كانت البداية ببلاغ من سوسن» والدة «جاسمين» 16 سنه بقيام شاب بإرسال 4 صور للمجني عليها تخصها عن طريق تطبيق الواتس اب وهي صورة مخدشة للحياء العام بالوصف واستعمالها دون رضائها، بالإضافة إلى تهديدها كتابيًا مطالبا المجنى عليها بإرسال صور وفيديوهات جنسية تظهر فيها عارية بدون ملابس وفى حالة رفضها سينشر تلك الصور بمدرسة والدتها وأصدقائها وعلى تطبيقات السوشيال ميديا، وبينما أخبرت والدتها حررت محضرًا بالواقعة. وبإجراء التحريات اللازمة أكدت التحريات الأولية لرئيس فرع الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بمنطقة شمال الصعيد بصحه الواقعة، وأن الشاب هو «يوسف.س.م» 22سنه عاطل مقيم مركز سمالوط، كما أكدت تحريات مباحث التليفونات والبريد بمنطقة شمال الصعيد؛ بأن المتهم تعمد إزعاج ومضايقة المجنى عليها بإساءة استخدام وسائل الاتصال من خلال هاتفه المحمول وهو مالك الشريحة المستخدمة في ارتكاب الجريمة من أجل الحصول على فيديوهات جنسية أخرى، وبالعفل تم ضبطه وتحرير محضر وتبين من خلال تحقيقات النيابة التى اشرف عليها المحامى العام الأول لنيابات شمال المنيا؛ أن المتهم هدد المجنى عليها بعدما تواصل معها كتابياً عبر تطبيق «الواتس آب» بافشاء أمور مخدشة بالشرف وكان ذلك مصحوباً للحصول منها على صور خاصة بها ذات طبيعة جنسية، بينما استعمل في غير العلانية صورا خاصه بالمجنى عليها والمتمثل عليها دون رضائها، وهددها بإفشاء تلك الصور لحملها على الحصول منها على صور خاصة بها ذات طبيعة جنسية، بينما اعتدى على حرمة الحياة الخاصة بالمجنى عليها بأن نقل بهاتفه المحمول صورا خاصة بها أرسلتها بمحادثات جرت على تطبيق موقع التواصل الاجتماعي وكان ذلك بغير رضائها. كما استخدم حسابًا خاصًا على مواقع التواصل الاجتماعي تطبيق الواتس اب بهدف ارتكاب الجريمة، بينما قام المتهم بالاحتيال عليا والادعاء زورًا بكونه إحدى صديقاتها والتى تدعى نورهان واستحصل منها اثر ذلك على صورة خاصة بالشرف وهددها بإفشاء تلك الصور فى حال امتناعها عن ذلك سينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة إلا أنه أوقف اثر جريمته لسبب لادخل لإرادته فيه وهو عدم استجابتها لطلبه وإبلاغ والدتها والتى حررت محضرًا ضده، وتم إحالته إلى محكمة جنايات المنيا برئاسة المستشار سليمان عطا الشاهد، وعضوية المستشارين إسلام محمد حمزة، وشعبان مغربي محمد، وسامح أحمد حسين، وبحضور محمد جمال سعد وكيل النيابة، وبامانه سر نبيل بشرى، بمعاقبة المتهم «يوسف.س.م» بالسجن المشدد لمدة 15سنه وإلزامه بدفع المصاريف الجنائية. قالت المحكمة في حيثيات حكمها؛ إن إعطاء المجني عليها صورها الخادشة للحياء والفيديوهات الإباحية برضاء منها لا يمنع من توافر اركان جناية التهديد بتلك الصور والابتزاز، وجناية نشرها وإذاعتها سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها، وأن جناية استغلال هذه الصور او الفيديوهات في الابتزاز تتطلب الحصول على منفعة مالية أو جنسية، كما أوضحت المحكمة بأن العبرة ليست في طريقة الحصول عليها بل استخدام الجاني لها فيما هو غير مشروع ومؤثم قانونًا سواء كان الجاني قد استحصل على الصور الخادشة للحياء والفيديوهات الإباحية برضاء المجني عليها أوبحيلة أو خلسة أو كرهًا أو تركيبًا بأي وسيلة أخرى طالما قام بأفعال التهديد أو الازعاج أو النشر أو الاستغلال للحصول على منفعة مالية أو جنسية أو أي منفعة اخرى. فلسفة تشديد العقوبة وبالتواصل مع الدكتور مصطفى سعداوي استاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة المنيا بدأ حديثه قائلاً: أولاً فيما يتعلق بواقعة المرحومة بسنت فهي واقعة فعل ادت إلى الوفاة، وكان هنا مبدأ لحكم المحكمة وهو عدم تجاوز العقوبة عن 15 سنه، لان المتهمين في القضية دون ال 18 سنة، فهم أحداث فاذا كان المتهم في القضية اقل من 18 سنه فتمتنع المحكمة من الحكم بالاحكام التالية «الإعدام، والسجن المشدد، والسجن المؤبد» كل هذا الاحكام محظورة أمام محكمة الطفل. أما ما يتعلق بعقوبة الابتزاز والتهديد معًا فعقوبتها من ثلاث سنوات إلى السجن المشددد لمدة 15 سنة. فإذا وقعت الافعال الماسة بالحياء مثل هتك العرض أو الفعل الفاضح وغيرها ولو برضا الانثى لكن لو اقل من 18 سنة، فهذا الرضا لا يعتد به ولا يؤخذ بأحكامه وهذا ما حدث في واقعة المنيا عندما هدد المتهم المجني عليها وهنا وقعت جريمة تهديد وابتزاز طبقًا للمادة 326 و 327 من قانون العقوبات خلاف الجرائم الإلكترونية فهنا العقوبة وصلت للسجن المشدد لمدة 15 سنة، فلابد من تشديد العقوبة دائمًا لردع أي مجرم. بلا شك أن الأحكام المشددة التي يصدرها القضاء في هذا الشأن؛ كشف تقصيرًا في متابعة أولادنا وتربيتهم حتى أنهم وصلوا لمرحلة من الاستهتار يتلاعبون فيها ببنات الناس دون رحمة أو وازع من ضمير أو تربية، بلا شك هي جرائم قاتلة ظهرت في مجتمعنا وغريبة عنا.