أصبحت العلاقات الإنسانية فى هذا الزمن شديدة التعقيد فى أغلب الأحيان، وخاصة فى الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية، ومع ازدياد ضغوط الحياة وصعوباتها تقل قدرة البشر على الاحتمال، وتتراجع القدرة على التسامح والتغاضى عند الخلاف وحين يسود سوء الفهم، وتختفى القدرة على الحوار والإنصات للآخرين، وتتضخم النزاعات الزوجية التى تؤدى إلى الانفصال والطلاق ليتحول الأبناء إلى ضحايا بلا ذنب يحرمون من أحد الأبوين ويعانون من آثار ما بعد الانفصال مدى الحياة. ورغم صدور قانون للأحوال الشخصية منذ مائة عام (تحديدا عام 1920) وإدخال تعديلات عليه ثم إصدار قانون عام 1929 ثم تعديله عام 1985ثم إصدار قانون عام 2000 لتنظيم إجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية، ثم قانون عام 2014 بإنشاء محاكم الأسرة، ظلت مشاكل النزاعات الزوجية فى إزدياد حتى بلغت حالات الطلاق فى مصر 222 الف حالة عام 2020، وفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بخلاف حالات الإنفصال بلا طلاق، وظلت مشروعات القوانين التى تقدمها الحكومة لإصلاح ثغرات القوانين المعمول بها حاليا تثير الجدل وتشعل الخلافات وتتلقى الاتهامات بمخالفة الشريعة الإسلامية، وهو ما حدث العام الماضى، حتى يتم بالنهاية تأجيل النظر فى تعديل القانون الحالى حتى يتم مراجعته مراجعة شاملة، ومؤخرا ظهر مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية تقدمت به للبرلمان النائبة نشوى الديب بمشاركة عشرة نواب فى يناير الماضى بمسمى «قانون أكثر عدالة للأسرة» يراعى حقوق جميع الأطراف وبالأخص مصلحة الأطفال، وينظم حق الرؤية لغير الحاضن من الأبوين أو الأجداد مدة لا تقل عن أربع ساعات أسبوعيا فى أماكن مناسبة للأطفال وغير ضارة بهم نفسيا وبدنيا، وكذلك حق غير الحاضن فى اصطحاب الطفل لقضاء العطلات، بقرار من القاضى، والالتزام بإعادته عند انتهاء المدة، ومنع الطفل من السفر إلا بموافقة والديه مجتمعين. يحتاج مشروع القانون الجديد لمناقشات موسعة وجادة فى المجتمع والبرلمان قبل إصداره لحل كل المشكلات المعلقة وإنهاء حالة التأجيل المستمر التى تفرز كل يوم ضحايا بلا ذنب.