ليست أول صرخة احتجاج على ازدواج المعايير عند الغرب، ولن تكون الأخيرة. لكنها - هذه المرة- تأتى فى سياق مختلف، وفى ميدان كان بعيدا عن السياسة حتى جاءت حرب أوكرانيا. بطلنا العالمى فى الاسكواش «على فرج»، وقف بعد فوزه ببطولة دولية يتحدث للإعلام. سألوه عن أوكرانيا فكان رده الذى يليق ببطل مصرى محترم. قال الرياضى العالمى خريج جامعة «هارفارد» بلغة راقية مثقفة: مادام خلط الرياضة بالسياسة قد أصبح ممكنا، فلابد أن نذكر فلسطين أيضا. إن ما تعانى منه أوكرانيا اليوم تعانى مثله فلسطين منذ 74 عاما. يعرف على فرج أن السياسة التى اختلطت بالرياضة من أجل أوكرانيا، هى نفسها السياسة التى تحاصر قضية فلسطين وتمنع وصول الحقائق بشأنها لشعوب العالم، ولهذا سبق حديثه بالتأكيد على أنه يعلم جيدا أن ما سيقوله سيسبب له المشاكل!! إنها ازدواجية المعايير التى تفرض الآن مقاطعة الرياضة والرياضيين الروس على العالم كله، بينما ظلت تعتبر رفع علم فلسطين فى الملاعب ضد القانون والروح الرياضية، وتعاقب لاعبين عربا لأنهم امتنعوا عن لقاء لاعبين إسرائيليين احتجاجا على ما ترتكبه حكوماتهم فى حق شعب فلسطين من جرائم تقع تحت طائلة المحكمة الجنائية الدولية لولا الضغوط وازدواجية المعايير!! مع حرب أوكرانيا والعقوبات التى فرضها الغرب على روسيا وتعدت المقاطعة الاقتصادية والسياسية إلى المقاطعة الثقافية والفنية والرياضية، ارتفعت أصوات الآلاف من المفكرين والمثقفين فى العالم كله «وفى المقدمة دول الغرب نفسها»، تطلب توحيد المعايير، وتذكر العالم بمأساة شعب فلسطين، وتطلب نفس الموقف من قضايا الحرية ونفس التضامن مع الشعوب وضد العدوان، وبدون تفرقة تحددها مصالح الدول الكبري، وسياسات تجعل التضامن مع أوكرانيا انتصارا للحرية.. بينما تعتبر التضامن مع شعب فلسطين جريمة يدفع الأحرار من المفكرين والمثقفين والفنانين والسياسيين ثمنها الفادح فى دول تتشدق بالحديث عن الديموقراطية والحرية، وتنسى ذلك حين يذكرها العالم بأكثر من مائة وثلاثين قرارا دوليا لم تطبق إسرائيل منها واحدا!! المثير هنا أن يسلط الإعلام الغربى الأضواء على ما يسميه «وساطة إسرائيلية»، لإنهاء الحرب فى أوكرانيا. بينما مئات الأوكرانيين الذين وصلوا لإسرائيل ممنوعون من دخولها لأنهم ليسوا يهودا»!!».. لا يتحدثون عن العنصرية لأنهم يمارسونها حتى ضد الفارين من مخاطر الحرب فى أوكرانيا، ولأنهم يعتبرون اللاجئين من أوكرانيا نوعا آخر غير اللاجئين من غير الأوروبيين!! ومع ذلك يبقى ما قاله بطل الاسكواش على فرج صادما لمن احترفوا ازدواجية المعايير فى الغرب.. لهذا يتوقع المشاكل، ولهذا يستحق كل التضامن والتقدير والاحترام.