أصدر المنتدى العربى الخامس للمياه والذي عقد على مدار 3 أيام بمدينة دبي بالإمارات العربية مجموعة من التوصيات المهمة بشأن تحقيق الأمن المائى العربى، والحفاظ على حقوق الدول العربية في حصصها كاملة من الأنهار المشتركة، وتأمين الاحتياجات المستقبلية للشعوب العربية من المياه باستغلال المياه غير التقليدية. ودعا المنتدى لإنشاء "تحالف عالمي لدول المصب" للعمل على حماية الحقوق المائية لدول المصب والدفاع عنها، وأن يكون تقاسم المياه والمنافع على مستوى مياه أحواض الأنهار بأكملها وعدم الاقتصار على مياه الأنهار فقط، بما يحقق التنمية المستدامة للجميع، وأن تقاسم المنافع في حوض النيل يمكن أن يشمل تعظيم التبادل التجاري بين الدول حسب الميزة النسبية كما دعا إلى ضرورة التشاور مع دول مصب الأنهار المشتركة قبل الشروع في بناء المنشآت على أعالي الأنهار في دول المنبع. وقال الدكتور خالد أبو زيد رئيس اللجنة التنفيذية للمنتدى والمدير الإقليمى للموارد المائية بمنظمة سيداري: إن التوصيات اشتملت على العديد من المقترحات التى جاءت فى الجلسات النقاشية للمنتدى والتى دارت حول 3 محاور رئيسية هى :"الأمن المائي العربي، والتعاون حول المياه العابرة للحدود، والمياه من أجل التنمية المستدامة"، بالإضافة لبعض المحاور القطاعية تشمل دور الابتكار والتكنولوجيا، الشباب والمرأة، والمعلومات ومؤشرات الوضع المائي، مبينا أن المنتدى اشتمل على 5 جلسات عامة، و21 جلسة حوارية، تحدث فيهم ما يزيد على 120 متحدثا. وأضاف الدكتور خالد أبو زيد أن من بين أبرز التوصيات التى أجمع عليها المشاركون هى, ضرورة تأمين مصادر المياه خارج الحدود، ومحطات مياه الشرب، ومحطات معالجة الصرف الصحي وإعادة الإستخدام، ومحطات تحلية المياه المالحة، والسدود والمنشآت المائية وخطوط نقل المياه، وخزانات مياه الطوارئ. كما طالبت التوصيات الدول العربية بالعمل على زيادة ما هو متاح من موارد مائية غير تقليدية لتعويض العجز المائي حيث وصل عدد الدول المصنفة تحت حد الفقر المائي المعروف ب1000 مترمكعب للفرد سنويا من المياه السطحية والجوفية المتجددة إلى 18 دولة من 22 دولة عربية، ووصل عدد الدول المصنفين تحت حد الفقر المدقع والمعروف ب 500 متر سنويا إلى 13 دولة. وشملت التوصيات أن يكون الترابط بين الأمن المائي والأمن الغذائي وأمن الطاقة والمناخ هو محور الاستراتيجيات المائية الوطنية ,وان- الأمن المائي والأمن المناخي فيما يتعلق بالتغيرات المناخية قد يتطلب تحقيقه التعاون عبر الحدود لأن معظم الموارد المائية بالمنطقة العربية تأتي من خارج حدودها,إلى جانب أن يكون إعادة استخدام مياه الصرف "خيار استراتيجي أساسي "يجب أن تتضمنه جميع الاستراتيجيات المائية الوطنية، والتي يجب أت تتعاون جميع الجهات ذات الصلة في إعدادها وتنفيذها. وبالنسبة للتعاون الإقليمى قال خالد أبو زيد أنه تم التوصيه بضرورة تبادل خبرات إعادة إستخدام المياه بين الدول العربية وبما يعطي فرص وآفاق واسعة لسد الفجوة المائية وتعد مشروعات "ReWater" و "MENAWARA" أمثلة ناجحة لتحقيق هذا التعاون، بالإضافة لوجود نماذج لمشروعات معالجة الصرف وإعادة الاستخدام في المنطقة العربية هي الأكبر على مستوى العالم,و ضرورة دعم الجهود المبذولة في المنطقة العربية في مجال تحلية المياه المالحة، وتوطين تكنولوجيا التحلية، واستخدام الطاقة الطاقة الشمسية في التحلية، والتي تشهد تقدم ملموس على مستوى خفض تكلفة التحلية في العديد من الدول العربية. واكدت التوصيات على أنه لابد من تبادل الخبرات حول تكنولوجيات الري الحديثة وآليات التمويل والاستثمار والترتيبات المؤسسية اللازمة لمشروعات الري المحلية الصغيرة ودعم صغار المزارعين وتطوير زراعاتهم ونظم الري والزراعة المناسبة لهم ,وكذلك العمل على تطوير آليات للتعاون حول أحواض الأنهار المشتركة تعتمد على الحفاظ على الحقوق المائية القائمة وتقاسم المنافع والمياه بجميع أشكالها من مياه خضراء وزرقاء، باستخداماتها الاستهلاكية وغير الاستهلاكية. -وبالنسبة للمياه العابرة للحدود اوصى المنتدى بأن يكون تقاسم المياه والمنافع على مستوى مياه أحواض الأنهار بأكملها وعدم الاقتصار على مياه الأنهار فقط، بما يحقق التنمية المستدامة للجميع ,وأن تقاسم المنافع في حوض النيل يمكن أن يشمل تعظيم التبادل التجاري بين الدول حسب الميزة النسبية مثل استفادة دول المصب من الثروة الحيوانية المعتمدة على المراعي المطرية الطبيعية ومنتجات الزراعات المطرية في دول المنبع، واستفادة دول المنبع من الخبرة المصرية في زيادة الانتاجية الزراعية والمجالات الاقتصادية والصناعية الاخرى. كما أوضح المنتدى أنه يجب ألا تكون التنمية الجديدة والمستحدثة بدول المنبع على حساب التنمية القائمة بدول المصب، أو على حساب حياتهم,مبينا أن ممارسات تركيا وإيران وأثيوبيا أحادية الجانب في أعالي أنهار الفرات ودجلة والنيل تمثل تهديدا للأمن المائي والقومي العربي لما تمثله من خطر على حياة وإقتصاد الملايين من شعوب العراق وسوريا ومصر والسودان. ودعا المشاركون فى توصياتهم إلى ضرورة الاسراع في انخراط أثيوبيا ومصر والسودان في مفاوضات جادة بهدف الوصول لإتفاق قانوني ملزم في أسرع وقت حول ملء وتشغيل سد النهضة، وهو ما أوصى به البيان الرئاسي لمجلس الأمن، والذي يعكس قلق المجتمع الدولي تجاه طول أمد المفاوضات. كما وجهوا بإن الشروع في ملء وتشغيل سد النهضة الأثيوبي دون الوصول لإتفاق قانوني ملزم بين الدول الثلاث (مصر والسودان واثيوبيا) قد يحدث ضررا جسيما بالحقوق المائية وبمصالح دول المصب (مصر والسودان)، الأمر الذي يتطلب من أثيوبيا الإرادة السياسية اللازمة، ومن المجتمع الدولي الدعم السياسي اللازم، للعمل على إبرام اتفاق قانوني ملزم وعادل حول ملء وتشغيل سد النهضة، بما يضمن لأثيوبيا تحقيق التنمية المنشودة ولمصر والسودان الحفاظ على حقوقهم المائية. و أوضحت الدراسات التي قامت بها منظمة سيداري أن ضرورة الاتفاق على قواعد تشغيل سد النهضة لا تقل أهمية عن ضرورة الاتفاق على قواعد ملء السد، وأن الإكتفاء بارتفاع (يقارب مخزون 18,5 مليار م3) أقل من الارتفاع المعلن لسد النهضة (يقارب 74 مليار م3) سوف يخفف كثيرا من التأثيرات السلبية لسد النهضة على مصر والسودان. -وقال د.خالد أبو زيد أن التوصيات أكدت على أن المياه هي محور التنمية المستدامة والعمل عل تحقيق الهدف السادس الخاص بالمياه ضمن أهداف اجندة التنمية المستدامة 2030 يجب أن يأخذ الإهتمام الكافي من الدول، والدعم اللازم لتوفير الإعتمادات المالية المطلوبة,وانه في 2020 وصل عدد السكان المحرومين من خدمات مياه الشرب الاساسية في الدول العربية إلى 48 مليون نسمة والمحرومين من الخدمات الاساسية للصرف الصحي وصلوا 71 مليون نسمة، ويتطلب تحقيق الهدف ذات الصلة من أجندة التنمية المستدامة 2030 لتغطية خدمات مياه الشرب والصرف الصحي لجميع المواطنين زيادة الانفاق على هذه الخدمات بمعدلات تقرب من اربع مرات الانفاق الحالي بالمنطقة العربية، وتم التأكيد على أهمية اشراك أصحاب المصلحة في القرارات المتعلقة بإدارة المياه وتعظيم دور الشباب والمرأة وكذلك القطاع الخاص فيما يتعلق بالمساهمة في التشغيل والصيانة وتمويل المشروعات من خلال مشروعات الشراكة بين القطاع العام والخاص. ولفتت التوصيات إلى مؤشرات مهمة اوضحتها بيانات التبادل التجاري في المياه الإفتراضية في الدول العربية الذي وصل عدد سكانهم في 2020 إلى 436 مليون نسمة، انخفاض الواردات الزراعية والغذائية اثناء سنوات وباء الكورونا من 439 مليارمترمكعب في عام 2018 إلى 415 مليارا في 2019 ثم إلى 361 مليار م3 في 2020، مما يرجح أسبابه إلى انخفاض معدلات النقل بين الدول والتجارة العالمية مما أحدث ضغطا إضافيا على الموارد المائية المحلية الشحيحة لإنتاج الإحتياجات الغذائية للدول العربية محليا، الأمر الذي يستدعي أخذه في الاعتبار عند وضع السياسات المائية في المستقبل. ودعت التوصيات إلى ضرورة دعم الابتكار والتكنولوجيا والبحث العلمي في مجال المياه لما لذلك من أثر بالغ في زيادة كفاءة استخدام المياه، وتوفير موارد مائية إضافية وغير تقليدية. كما تم التأكيد على دور الإعلام الهام في التوعية بقضايا المياه وبأهمية ترشيد الاستهلاك وكذلك بالتقبل المجتمعي لاعادة استخدام المياه بعد معالجتها للدرجات التي تتمشى مع نوع الاستخدام. واختتمت التوصيات بمطالبة الجامعة العربية والمجلس العربى للمياه العمل مع المجتمع الدول والمنظمات الإنسانية بسرعة التحرك تجاه الوضع المائي في بعض الدول العربية التي تعاني من الحروب والنزاعات السياسية والتى يترتب على ذلك نزوح وعدم استقرار وعدم الحصول على الخدمات الأساسية للمياه والصرف الصحي ومتطلبات سبل العيش الكريم. وكان المنتدى قد شارك فيه عدد من الوزراء العرب من بينهم وزير الطاقة والبنية التحتية بالامارات ووزيرة الدولة للأمن الغذائي والمائي بالامارات والتي تولت أيضا وزارة التغير المناخي والبيئة بعد المنتدى، ووزير الموارد المائية والري بمصر، ووزير الاسكان والمجتمعات العمرانية بمصر، ووزراء الموارد المائية بسوريا وليبيا والبحرين والسنغال، ونواب الوزراء المسؤولين عن المياه بقطر وعمان والبحرين والاردن والعراق وسوريا ومصر والامارات والسعودية، ومساعد وزير الخارجية المصري، ورئيس المجلس العالمي للمياه الذي أشاد بالدكتور محمود أبوزيد مؤسس المنتدى العالمي للمياه والمجلس العالمي للمياه والرئيس الشرفي له، والرئيس الحالي للمجلس العربي للمياه والمنتدى العربي للمياه. وقد شارك في المنتدى حوالي 600 من خبراء المياه والمسؤولين والوزراء السابقين من المنطقة العربية وخارجها، وشارك حوالي 100 آخرين عن طريق الإنترنت ، كما شارك في المعرض العربي للمياه المصاحب للمنتدى أكثر من 45 شركة. اقرأ أيضا الري: دراسات تتوقع انخفاض الجريان السطحي لنهر النيل بنسبة 15% بحلول 2090