محمد التلاوى - مروة أنور الكوميديا من أصعب أنواع الدراما فهى تحتاج حرفية للإضحاك، كما أنها تخاطب عقل ووعى الجمهور، فى السنوات الأخيرة لاحظنا تراجعًا كبيرًا فيما يقدم من أعمال كوميدية، وكان الأمر بمثابة خيبة أمل، بعد أن تحولت الكوميديا إلى مجرد إفيهات وقفشات، وألفاظ خادشة للحياء، وأصبح ما يقدم من كوميديا بلا هدف أو مضمون. فى السطور التالية، تبحث «آخرساعة» مع عدد من المخرجين والمؤلفين والنقاد، أسباب غياب الأعمال الكوميدية عن الدراما المصرية فى الفترة الأخيرة.. كرم النجار: مسرح مصر ليس كوميديا السيناريست الكبير، كرم النجار، قال إن الكوميديا موهبة فطرية، وأنه ليس هناك مصنع للكوميديا، وأن أهم ما يتصف به كاتب الكوميديا هو قدرته على خلق الموقف الكوميدى وليس الكوميديا التى تعتمد على الإفيه والألفاظ أو ما يسمى بالمصطلح الدارج مُشددًا على أهمية التفرقة بين كوميديا الموقف والإفيهات، وفى وصف سريع للظاهرة المنتشرة حاليا قال: لا يمكن وصف ما يقدمه أبناء مسرح مصر بالكوميديا. نادر صلاح الدين: عجز فى الكتابة السيناريست والمخرج نادر صلاح الدين، يرى أن هناك عجزا فى الكتابة الكوميدية، وأن فكرة الإضحاك تعد الأصعب، مؤكدا أنه عندما بدأ المؤلفون الأوائل تقديم الكوميديا كانوا يعتمدون على الاقتباس من المسرحيات العالمية، فكان إنتاجهم غزيرا، ولكننا اليوم لا نستطيع الاقتباس، حيث لم يعد هناك أفكار كوميدية فى العالم كله كما أن الأفكار الأساسية استهلكت، بالإضافة إلى اختلاف الأجيال، كما أن المؤلف الكوميدى أصبح عملة نادرة ولا يأخذ حقه فى التكريم أو الاحتفاء فى المحافل والمهرجانات. كاملة أبو ذكرى: الكوميديا باقية المخرجة كاملة ابو ذكرى، قالت إن الكتابة الكوميدية لا تعانى من أزمة، فالدراما الرمضانية كشفت عن وجود أعمال جيدة، وهى كوميديا باقية والدليل على ذلك أفلام نجيب الريحانى وإسماعيل يس القديمة، فالموقف الكوميدى يظل محفورا فى ذاكرتنا حتى وفاة صاحبه، حتى وإن ظهرت أنواع أخرى من الكوميديا، ومنها على سبيل المثال «كوميديا» الألش ولكن هذه لها فترة محددة. إنعام محمد على: الأزمة فى الاهتمام ب«النجم» فقط تقول المخرجة إنعام محمد، إنه رغم أننا لدينا أزمة فى وجود الكوميديا مع الأجيال الجديدة، إلا أنه كانت هناك أعمال ونماذج تم تقديمها فى رمضان الماضى كانت راقية وهادفة، منها مسلسل "نجيب زاهى زركش" الذى قدمه الفنان يحيى الفخرانى، وهو نموذج ممتاز للممثل الكوميدى بدون مبالغة فهو فنان لديه المقدرة أن يضحكك ويبكيك فى نفس الوقت وأعماله بها رسائل هادفة لدرجة أنك عندما تشاهد هذه الأعمال تخرج بطاقة إيجابية بعد مشاهدتها، كما كان هناك أيضا مسلسل "خلى بالك من زيزى" نموذجا للمسلسل الكوميدى الهادف الذى يجعلك تبتسم وفى نفس الوقت تتلقى رسالة إيجابية، هذا بالإضافة إلى مسلسل "ب100 وش" رمضان قبل الماضى، الذى قام ببطولته الفنان آسر ياسين والفنانة نيللى كريم من الأعمال الفنية الكوميدية الراقية فهناك نماذج جيدة تقدم حتى نكون منصفين. وتؤكد أنه رغم كل ذلك إلا أن هناك أعمالا مبالغاً فيها وتتسم بالسذاجة والسطحية ومحاولة الإضحاك "بالعافية" بل هناك بعض الأعمال تخطت ذلك بوجود ألفاظ نابية وسلوكيات فظة وهذا نموذج مرفوض جدا وموضوعات لا تستطيع أن تفهم منها شيئا. وتشير إلى أن السبب الرئيسى وراء هذه الأزمة هى الاهتمام بالفنان أكثر من المؤلف وأصبح النجم هو الذى يتحكم فى كل شيء فى العمل الفنى فهو الذى يختار المؤلف ويتدخل فى الفكرة ويعتمد على مجموعة "إفيهات" تعلق فى ذهن المتلقى خصوصا الأطفال فالنتيجة أن دور المؤلف فى المسلسل الكوميدى تقلص جدا لدرجة أننى كنت أتخيل أحيانا أنه لا يوجد "اسكريبت". هشام الشافعى: النص أولًا المخرج هشام الشافعى، يقول: إن فن الكوميديا فى الأساس يعتمد على قاعدتين أساسيتين هما "النص" والكوميديان الذى يتمتع بخفة دم يستطيع من خلالها إضحاك الجمهور وإذا قمنا بحل الأزمتين سوف تكون هناك أعمال كوميدية كبيرة هذا بالإضافة إلى الإنتاج ومضيفا إلى ذلك أيضا وجود مخرج يتمتع بخفة دم ويكون على دراية وفهم فى تقديم هذه النوعية من الأعمال وإنها تختلف عن الأعمال الفنية الأخرى. خيرية البشلاوى: نعيش أزمة عمرها 50 سنة ترى خيرية البشلاوى، الناقدة الفنية، أننا نعيش أزمة فى الكوميديا منذ 50 عاما وليس الآن، وأن الذى حدث الآن هو اعتماد المسرح على الممثل وليس الحوار فأصبح الممثل هو صاحب الكوميديا من خلال النكتة أو الإفيه، ولفتت إلى أن دور الفن فى بناء الأسرة مهم للغاية فالتلفزيون وسيلة اتصال جماهيرية ومنذ أن بدأ رحلته ونحن نهتم بالطفل وبالثقافة والتعليم لذلك دور الفن تهذيبى ويستطيع الفن أن يعيد القيم والأخلاق للأسرة بل للأمهات ويجب أن يضع المسئولون فى الاعتبار أن الفن ليس وحده هو المؤثر. رامى عبد الرازق: تمر بأسوأ فتراتها يؤكد رامى عبد الرازق، ناقد فنى، أن الكوميديا تعيش أسوءأ فترة فى التاريخ، ففى الماضى كانت تفتقد الحوار والآن تفتقد الحوار وتنشر التنمر والتعصب والعنف وكل ذلك نتاج السماح لكل من لديه نكتة أو إفيه وأصبح يضحك الجمهور يقف على المسرح. أضاف: «نحن أمام ضعف خطير وأزمة تراجع فى الكتابة الكوميدية، واكتفى الجميع بالإفيهات والكوميكس والكتابة السريعة التى تعتمد على الاسكتش، وليس على البناء الدرامى الصحيح، ومن أكثر الأشياء التى دمرت الكوميديا الارتجال العشوائى، والسوشيال ميديا، أو الاسكتشات الكوميديا». طارق الشناوى: كل فترة ولها نجومها الناقد طارق الشناوى، يقول: إن كل حقبة زمنية يظهر كوميديان ومعه مجموعة تعبر عن الواقع وفى الحقيقة ظهر مجموعة الشباب الذين كانوا يعملون فى مسرح مصر وكان يقودهم الفنان أشرف عبد الباقى لكنهم كانوا لا يتمتعون بدرجة كبيرة من الحضور لتجعل منهم أبطالا ونجوما كبارا بالرغم من أنهم انطلقوا من المسرح ولكن مسرحهم كان يعتمد على "الإفيه" وأقرب "للاسكتش". ويتابع: "وعندما قاموا بنقل أعمالهم للسينما وللتلفزيون لم تحقق نفس القدر من النجاح لأن "الاسكتش" من الممكن أن تتقبله على المسرح لكن من المستحيل أن ينجح فى الدراما. ماجدة موريس: لم يظهر أحد فى قوة الزعيم تؤكد الناقدة ماجدة موريس، أنه رغم ظهور العديد من فنانى الكوميديا إلا أنه لم يظهر أحد فى قوة الفنان عادل إمام بحضوره الطاغى وأعماله الفنية وهو لم يصل إلى ماهو عليه الآن متربعاً على عرش الكوميديا إلا بعد سنوات طويلة من العمل والكفاح بدأها بأدوار صغيرة. والمسألة هنا تخص عملية صناعة النجوم أن يكون هناك مؤلفون وكتاب جيدون ويكون لديهم بالفعل المقدرة والحس الفنى الراقى على كتابة ماهو جديد ويكون لدينا "أسطوات" عبارة عن كاتب كبير وفنان كبير يستطيع أن يحتوى كل هؤلاء الشباب من النجوم كما كان يفعل فى السابق على سبيل المثال الفنان فؤاد المهندس. أحمد سعد: الجمهور «مش عايز كده» يقول الناقد أحمد سعد، إن أزمة الكوميديا تعود لعدم وجود مؤلف كوميدى مثل فيصل ندا أو لينين الرملى. ويرى سعد، أن الجمهور برىء من المقولة السيئة التى يرددها جميع المؤلفين والممثلين "الجمهور عايز كده"، وقال: "هذا غير صحيح الجمهور عايز فن راقٍ يتذوقه بالدليل القاطع أنه عندما يتم عرض مسرحيات ليحيى الفخرانى فى المسرح القومى تكون الصالة كاملة العدد ولمدة شهر".