العائدون من كابول يروون ل «الأخبار» كواليس الهروب العظيم

تفاصيل رحلة «الهروب الكبير»

البعثة: إجلاء كل أبناء الجالية المصرية من أفغانستان
أيام مفزعة تعيشها العاصمة الأفغانية كابول بعد أن سقطت مرة أخرى فى قبضة طالبان لتسجل الحركة عهدًا جديدًا لحكمها المتشدد بعد 20 عامًا من سقوطها .. جميع الجاليات الأجنبية والكثير من الأفغان يحاولون الفرار من جحيم طالبان خاصة قبل نهاية الشهر الحالى.. المتحدث باسم طالبان أعلن أن 31 أغسطس الجارى هو «الخط الأحمر» لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان وأن أى تمديد للجدول الزمنى المتعلق ببقائها فى البلاد سيعنى تمديد «الاحتلال»، وأضاف أنه «إذا طلبت الولايات المتحدة أو بريطانيا مزيدًا من الوقت لمواصلة عمليات الإجلاء فالجواب هو لا، أو ستكون هناك عواقب».
ووسط كل تلك الفوضى الكبرى التى تسيطر على الأراضي الأفغانية نجحت مصر فى إجلاء رعاياها من جميع المناطق فى أفغانستان من خلال عملية فى غاية الاحتراف والسرعة وسط حشود ضخمة من الجاليات الأجنبية التى لاتزال تنتظر فرصة لإجلائهم من هناك .
«الأخبار» كانت داخل مطار قاعدة شرق القاهرة الجوية عند منتصف ليل أمس، حيث استقبلت رحلة العائدين من أفغانستان عبر طائرة عسكرية تقل 43 من أبناء الجالية المصرية و البعثة الأزهرية ومسئولى السفارة المصرية فى أفغانستان .
وصل العائدون على متن رحلة قادمة من مطار حامد قرضاى فى كابول إلى القاهرة تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بإعادة المصريين من أبناء الجالية المصرية فى أفغانستان، وأصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة أوامرها بإقلاع طائرة عسكرية من قاعدة شرق القاهرة الجوية لإعادة الجالية المصرية والبعثة الأزهرية، وكذلك مسئولى السفارة المصرية فى أفغانستان، كما تم توفير سيارات طبية مجهزة لتقديم أى رعاية عقب عودتهم و توفير سيارات إدارية لنقلهم إلى منازلهم.
وروى العائدون ل « الأخبار» المعاناة التى واجهتهم هناك حتى استطاعوا الوصول لمطار قرضاى الأفغانى والتى وصفها الكثيرون منهم برحلة الموت و الهروب العظيم ،حيث كانت تدوى أصوات طلقات الرصاص والقذائف وتعرضوا لإطلاق نيران خلال رحلة وصولهم للمطار.
جحيم وفوضى
فى البداية يقول الشيخ أحمد محمد من أعضاء البعثة الأزهرية قضينا سنوات من العمل هناك لتعليم الشباب الأفغانى العلوم الأزهرية لكن فوجئنا بتدهورالأوضاع هناك عقب إعلان الولايات المتحدة سحب قواتها وتحول الأمر إلى جحيم و فوضى وانفلات أمنى لم أشاهده من قبل و نحمد الله أن القيادة السياسية والأمنية فى بلادنا كانت تعى مبكراً أبعاد ما سيحدث وأنقذتنا من هذا الجحيم.
ويضيف تمكنا من الوصول إلى المطار ونجحنا بأعجوبة فى الهروب من الفوضى التى كانت تحيط بنا والدخول إليه وأضاف «لقد كنا كأننا فى سباق مع الزمن للنجاة « وأقلعت طائرتنا من كابول ومنها إلى مطار أبو ظبى العسكرى ثم مطار قاعدة شرق بالقاهرة .
حماية أمنية
وأكد أحمد عامر أحد العاملين أن ليلة مغادرة القوات الأمريكية لأفغانستان كانت هناك فوضى عارمة و كنت أعيش بالقرب من المطار ،حيث تتمركز القوات الأمريكية واعتقدت أنه مكان آمن لكن كل شىء تغير فجأة و فى اليوم التالى تلقينا تحذيرات بضرورة ترك منازلنا و العودة فوراً إلى مقر السفارة المصرية فى كابول ،حيث تم توفير حماية أمنية لنا و تجهيزنا للعودة فى أقرب وقت إلى القاهرة، وأشار إلى أن الوضع فى كابول أصبح مروعاً وذهب بعض زملائى إلى البنوك لسحب الأموال لكنها تحطمت و الشرطة الأفغانية تركت مواقعها، وأضاف أن الولايات المتحدة أعلنت أن قواتها ستغادر أفغانستان بحلول نهاية أغسطس لكن لم يتوقع أحد أن يتم اجتياح طالبان بهذه السرعة، كنا نظن أنه مع وجود الجيش الأفغانى الوطنى في البلاد لن تدخل طالبان كابول لكن الأمور تغيرت بشكل كبير بين ليلة وضحاها. وأضاف أن الشعب الأفغانى يعيش معاناة كبيرة والجميع أصبح يريد الهروب ونشكرالرئيس السيسى والقيادة العامة للقوات المسلحة على جهودهما لتوفير الحماية و الأمان لنا حتى عودتنا للقاهرة بعد إنقاذنا من مصير مجهول .
مهمة مستحيلة
ويضيف عبد العظيم عبد الحليم موجه أول لغة عربية ويتبع البعثة الأزهرية فى أفغانستان قائلاً: كنت أعمل مدرساً فى مدينة بهارستان الأفغانية وتبعد 10 كيلو مترات عن العاصمة كابول وشاهدت الأمن ينهار فى كل مكان و أصوات الرصاص لا تتوقف وعقب وصولنا للسفارة المصرية و الاحتماء بها كان الدخول إلى مطار حامد قرضاى هو الجزء الأصعب بل كان أشبه بمهمة مستحيلة وتعرضنا فى المحاولة الأولى للوصول إلى المطار لإطلاق نيران بشكل مباشر وعدنا مرة أخرى إلى مقر السفارة وهو بالمصادفة يوجد بالقرب من مقر إقامة القائم بأعمال وزير الدفاع الأفغانى الجنرال بسم الله محمدى والذى قامت طالبان بمحاولة اغتياله من خلال قصف منزله، وأوضح أنه فى المرة الثانية تم إجلاؤنا سريعاً فى توقيت محدد فى اتجاه المطار وكان الدخول إليه معجزة وسط حشود ضخمة من الأفغان والجاليات الأجنبية التى تحاول الفرار، وأضاف أن مسلحى طالبان نصبوا نقاط تفتيش ونشروا عشرات المقاتلين لإغلاق الطرق المؤدية إلى المطار و كان الابتعاد عن تلك النقاط ثم الدخول إلى المطار أشبه بالحلم وكنا جميعاً نبتهل إلى الله لنجاتنا .
العودة بسلام
ويقول محمد السيد من أبناء الجالية المصرية العائدة إن بعض الضباط الأمريكيين عبروا عن دهشتهم عندما شاهدوا أبناء الجالية المصرية بهذا العدد والتنظيم وقد نجحوا فى الدخول إلى المطار والوصول إلى مهبط الطائرات ،حيث توجد الطائرة العسكرية المصرية فى انتظارنا ،وقال لنا أحدهم كيف وصلتم إلى هنا؟!! وذلك لأن بعضاً من جاليات دول أجنبية كبرى لم تستطع فعل ذلك بهذا التنظيم موجهاً الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسى والقوات المسلحة على إعادتهم لأرض الوطن سالمين.
وأكد السيد أنه لم يتبق أحد من أبناء الجالية المصرية فى أفغانستان وتم الاتصال بهم جميعاً حتى العاملين منهم فى شركات أجنبية للتأكد من مغادرتهم الأراضى الأفغانية التى أصبحت كالجحيم .