نقطه على حرف

علي سعده
من أعمق قصص الأدب الفرنسي تلك القصة الرمزية التي الفها الكاتب الفرنسي الشهير "فرانسوا رابلي"François Rabelais [ 1553 م ] تحت عنوان:"بانتاغرويال"Pantagruel
تروي القصة حكاية رجل اسمه"بانورج"Panurge كان في رحلة بحريّة على متن سفينة رفقة آخرين من بيْنهم "دوندونو"تاجر الأغنام الجشع الذي يمثّل "عُصارة كلّ ما هو سيّء في ذلك العصر!"على حد عبارة "رابلي"،كان الراعي يمتلك عددا كبيرا من الخرفان علي متن سفينه تمهيدا للسفر وبيعهم.
في لحظة ما جرت ملاسنة حادة بين "بانورج"و"دوندونو"عزم على إثرها بانورج على الانتقام من التاجر الطماع والوقح فقرّر شراء اكبر خروف لدي التاجر بأكثر من السعر المرتفع الذي يطلبه فكان ذلك وسط سعادة غامرة لدوندونو وترحيب كبير منه بالصفقة "الرابحة".
وفي مشهد غريب يأخذ "بانورج"بقرنيْ الخروف ويسحبه إلى طرف السفينة ثمّ يُلقي به في البحر ،فما كان من أحد الخرفان إلاّ أنْ تبع خطى الخروف الغريق ليلقى مصيره ،ليلحقه الثاني فالثالث فالرابع في "موكب مهيب" ... وسط ذهول التاجر وصدمته،اصطفّ باقي"أفراد"القطيع وطفقوا يقفزون في الماء الواحد تلو الآخر ،ليتعالى صراخ "دوندونو"وهو يحاول تحويل وجهة القطيع لكنّ محاولاته كلها باءت بالفشل ،فقد كان"إيمان"الخرفان بما يفعلونه على قدر من الرسوخ أكبر من أن يُقاوم .
وبدافع قويّ من الجشع همّ "دوندونو"بالإمساك بآخر الخرفان الأحياء آملا في إنقاذه من مصيره المحتوم ،إلّا أنّ الخروف"المؤمن"كان مصرّا على الاستنان بسنّة الرفاق بالقفز وراءهم ،فكان أنْ سقط كلاهما في الماء ليموتا معا غرقا،في قطعة من الكوميديا السوداء المزدحمة بالرمزيّة المتدفّقة والدلالات العميقة القابلة للاستدعاء في كل الأعصار والأمصار ، فما من مكان أو زمان خلا من "روح القطيع"
ومن هذه القصة صار تعبير "خرفان بانورج" (moutons de Panurge) مصطلحا شائعا في اللغة الفرنسية ويعني انسياق الجماعة بلا وعي أو إرادة وراء آراء أو أفعال الآخرين.
الروايه رغم بساطتها ووضوح فكرتها لم يقرأها للاسف او قرأها ولم يهتم بالفكره الشباب المغرر به والذي انضم للجماعات الارهابيه تحت لواء السمع والطاعه .. فانضموا لاعتصامات رابعه والنهضه وقادو مظاهرات ضد شرطه وجيش وقضاء بلادهم وصاروا كدمي الماريونيت يتلاعب بهم شياطين الشر فيقتلون ويرهبون خيره شبابنا بلا سبب ولا وازع سوي انضمامهم لقطيع خرفان بانورج
لعن الله الغباء .. ورحمنا من آثاره المدمره