الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
منتخب مصر بصورة داخل الطائرة: أنجزنا المهمة.. وفى الطريق راجعين
كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج
هاني شاكر ل اليوم السابع: شكرا لمصر وأخيرا أطفال غزة هتنام في أمان
جامعة جنوب الوادي تقيم حفل تأبين للدكتور أحمد عمر هاشم
حقيقة زيادة أسعار البنزين اعتبارا من اليوم الخميس| البترول تكشف
الحكومة تعلن أسعار الحديد والأسمنت اليوم.. زيادة جديدة في مواد البناء
الموعد الرسمي لبدء التوقيت الشتوي في مصر 2025 وطريقة ضبط الساعة بعد انتهاء التوقيت الصيفي
نائبة وزيرة التضامن تبحث مع وزير التنمية الدولية بالنرويج سبل تعزيز التعاون المشترك
موعد سحب قرعة كأس العالم 2026 والقناة الناقلة بعد تأهل منتخب مصر
إطلاق قافلة زاد العزة ال47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات
لليوم الثاني.. محكمة شمال بنها تواصل استقبال المرشحين لانتخابات مجلس النواب
الرئيس السيسي يوجه رسالة لمنتخب مصر بعد تأهله لكأس العالم
6 ميداليات لمصر في صباح اليوم الأول لبطولة العالم للسباحة بالزعانف
محافظ البحيرة تشهد ورشة نقل وتبادل الخبرات بالإدارة المحلية
مصرع وإصابة 20 شخصا في تصادم ميكروباص وملاكي بالصحراوي الغربي بالأقصر
يقتل شقيقه الأكبر بسبب الميراث بالشرقية
ننفرد بنشر بنود اتفاق إنهاء خصومة راح ضحيتها 11 قتيلا في أبو حزام| خاص
إصابة مواطنين في انهيار جزء من منزل بالفيوم
حبس المتهمين بقتل التيك توكر يوسف شلش فى المطرية 4 أيام
حقيقة تغيير امتحان اللغة العربية لصفوف النقل| مصدر بالتعليم يكشف
محافظ أسيوط يشهد احتفالية قصور الثقافة بالذكرى ال 52 لانتصارات اكتوبر المجيدة
بالحبر الطائر: صوت المرأة المتلاشى تحت وطأة القهر والخيبات
تفاصيل حفل أنغام المقبل في قطر أكتوبر الجاري
شباب المسرح يبدعون اليوم بثلاث تجارب جديدة في مهرجان نقابة المهن التمثيلية
هبة رشوان توفيق: والدي متألم من شائعات وفاته وجالى اكتئاب
نائب وزير الصحة يتفقد منشآت صحية بالإسكندرية
الصحة العالمية: مستعدون لتلبية احتياجات المرضى في غزة
تيودور بلهارس يعزز التعاون الدولى مع منظمة الصحة العالمية لمكافحة البلهارسيا
برشلونة يعلن رسميا إقامة مواجهة فياريال في أمريكا
منسوب بحيرة ناصر مرتفع، خبراء بحوض النيل: السد العالي يستقبل مياه الفيضان من "مروى"
أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و119 ألفا و390 فردا منذ بداية الحرب
لبنان.. انطلاق رابع مراحل خطة الحكومة لعودة اللاجئين السوريين
لليوم الثاني، محكمة شمال بنها تتلقى أوراق المرشحين المحتملين لانتخابات النواب
المنافذ "حاجة" والأسواق "حاجة تاني خالص"، مفاجأة في أسعار الطماطم اليوم الخميس
مواقيت الصلاه اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا
موعد حسم اعتراضات رئيس الجمهورية على مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية
التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط
قاتلة ابن شقيق زوجها تدلي باعترافات أمام جهات التحقيق بقنا
طريقة عمل بطاطس بيوريه بالجبن والثوم، أكلة سريعة التحضير ومغذية
الصحة: نجاح استئصال ورم بالجفن لمريضة عمرها 87 عامًا في مستشفى أتميدة المركزي
عاجل- رئيس الوزراء يحضر القمة الرابعة والعشرين لتجمع الكوميسا نيابة عن الرئيس السيسي في نيروبي
هل يجوز منع النفقة عن الزوجة لتقصيرها في الصلاة والحجاب؟.. دار الإفتاء تجيب
وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تستهل مشاركتها بالنسخة الثانية من منتدى «البوابة العالمية 2025» ببروكسل بلقاء مديرة الشئون المالية والاقتصادية بالمفوضية الأوروبية
فيفا: منتخب مصر يمتلك مقومات تكرار إنجاز المغرب فى كأس العالم 2026
متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد
اتحاد الكرة: نشكر الرئيس السيسي على دعمه للرياضة.. ونتمنى أن يكرر حسام حسن إنجاز الجوهري
محافظ أسيوط يكرم أبطال السباحة بعد فوزهم بالمركز الأول في بطولة الصعيد لمراكز الشباب
شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»
عاجل- ترامب: قد أزور مصر يوم الأحد.. ومفاوضات اتفاق غزة "بالغة القرب"
عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام
سما المصري توجه رسالة ل المستشار مرتضى منصور: «ربنا يقومه بالسلامة بحق صلحه معايا»
«مقنعة جدًا».. وليد صلاح الدين يكشف ردود سوروب على أسئلة «الأهلي»
من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج
8 شهداء في غزة خلال الساعات ال24 الماضية جراء الغارات الإسرائيلية
وزير الداخلية: مصر تمضي بثبات وسط عالم يموج بالصراعات والأزمات
سوء تفاهم قد يعكر الأجواء.. برج العقرب اليوم 9 أكتوبر
حساب فيفا يحتفى بصعود الفراعنة للمونديال: مصر البهية تُطِل على كأس العالم
دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
رابطة كارهى سليم العشى: جماليات المعرفى والغموض والبحث عن الأسرار
أخبار الأدب
نشر في
بوابة أخبار اليوم
يوم 04 - 07 - 2021
محمد سليم شوشة
رواية رابطة كارهى سليم العشى الصادرة مؤخرا 2021 عن دار العين للروائى المصرى سامح الجباس، تعد فى رأينا نموذجا مغايرا وعلى قدر كبير من الاختلاف بين ما يتم إنتاجه من سرد روائى فى الفترة الراهنة. ترتكز هذه الرواية على غرائبية التاريخى والسيرى وتعمد من البداية إلى تجاوز التخييل أو إنكاره فى السرد، بداية من صوت السارد الذى يتطابق تماما مع صوت المؤلف لأول مرة ربما، بأن يكون اسم السارد الرئيس هو المؤلف بمواصفاته وبياناته، وإن كان هذا يبقى أحد ألعاب السرد، فإنكار التخييل قد يكون هو بذاته تخييلا. وهذه نقطة تحتاج إلى مزيد من التفصيل، لكن ما أشير إليه هنا هو كون الرواية أعلنت من البداية أو عبر علامات عديدة اشتغالها على ما هو تاريخى أو ما يفترض أنه حقيقى فى سيرة غيرية لسليم العشى المعروف بالدكتور داهش الذى مثل ظاهرة دينية مختلفة فى وقته وبقيت أسرار تجربته غير معلومة أو مدركة حتى الآن.
لقد حاول خطاب هذه الرواية استثمار الغرابة الطبيعية فى حياة سليم العشى وما اكتنفها من الأسرار والعجائب والظواهر الروحية والفيزيائية العجية التى شكلت كما هائلا من المعجزات غير المدركة على نحو حسى أو عقلانى واضح، بل وغير المبررة على نحو دينى مفهوم، إذ هو فى النهاية غير محدد الصفة أو محسوم بأمره إذا كان ساحرا أو نبيا أو دجالا أو شاعرا وروحانيا أو عالما مؤثرا بعلمه وأسلوبه فى الناس بما يكفى ليتبعوه. إن حياته بذاتها لتمثل زادا ثريا لأى روائى مجتهد ليشكل منها خطابا سرديا حافلا بالمفاجآت والأسرار والعجائب وهذا ما كانت الرواية موفقة إلى حد بعيد فى الاشتغال عليه لتنتج جمالياتها وتجعل المتلقى مدفوعا لاستكمال القراءة والمتابعة باندفاع وتشويق. لكن ما يمثل إنجازا مهما لسامح الجباس فى مقاربته لموضوع مثل هذا هو قدر الوعى بأبعاد هذا الموضوع من الناحية البحثية، فهو من تلك الموضوعات الملغزة البينية التى تقع فى المساحة المشتركة بين التاريخ وعلم النفس والأديان والسياسة والأدب ومجالات عدة، والغفلة عن أى جانب منها يجعل الموضوع مشوها والخطاب السردى ينأى عن الموضوعية ويصبح ممتلئا بالثغرات والثقوب التى تعيبه أو تشوه عرضه، وفوق هذا التعدد فى جوانبه وزوايا رؤيته فهو يحتاج إلى روح ساردة مرنة وقابلة للاختلاف ومنفتحة فى تصوراتها على احتمالات عديدة ولا تسارع نحو حسم زاوية بعينها أو احتمال ما أو تفرض تصورا معينا. والحقيقة أن مسألة المرونة هذه كانت لها نواتجها الجمالية أيضا فضلا عن كونها حتمية فى معالجة قضية مثل هذه، ذلك لأن السرد أنتج منها قدرا هائلا من القلق لدى السارد أو صاحب الصوت الرئيس فى الرواية وهو الروائى الباحث عن حقيقة سليم العشي، وقدرا من الخوف والاضطراب وعدم وضوح مصير عمله حتى نهاية الرواية، ويصبح السارد الرئيس موازيا ومساويا للمتلقى فى زاوية الرصد والوعى بالعالم المسرود عنه، ويصبح أفق الوعى لديهما صفريا يتفجران معا ويندهشان وما يصل إليه سامح الروائى فى بحثه عن تفاصيل حياة سليم العشى وأسراره يكون قد وصل إليه المتلقى فى اللحظة نفسها، فكأنهما قد أصبحا شريكين فى هذه الرحلة أو المغامرة. صحيح أنى قد لا أتفق على الإطلاق مع فكرة أن يكون الراوى هو نفسه سامح الجباس وأن جعله أى روائى مصرى دون تحديد للاسم وبقية الصفات كان سيجعل الرواية أكثر تحررا وتحليقا وانفلاتا من التقييدات التى حجمتها وبخاصة فى علاقته بفاطمة، وهى قصة حب جميلة كان التحرر من الحقيقى وإفلاتها فى رحابة التخييل يفيدها أكثر ويجعلها منفتحة على مغامرات جسدية وحالا من العشق أكثر انطلاقا.
ما أعنيه هنا أن خطاب هذه الرواية ابن حال من المغامرة والتجريب فى السرد قد يكون لها إنجازاتها ومزاياها، وقد يكون لها ما ليس موفقا بشكل كبير، ولكن مسألة مساواة وعى السارد بوعى المتلقى فى البحث فى حياة الدكتور داهش يفيد كثيرا فى التماهى بينهما وجعل المتلقى يعيش الحال نفسها من الاستعداد للمفاجآت بل الاستعداد للمغامرة والمخاطر، وبخاصة مع ذكاء الكاتب فيما يخص بعض العلامات السردية التى جعلت الاحتمالات مفتوحة على المطلق وعلى مصير غامض وغرائبى ليس لشخصيات الرواية المعروفين تاريخيا أو يمكن التنقيب عنهم خارج خطاب الرواية، ولكن أيضا فيما يخص مصير سامح نفسه الذى يصبح محفوفا بالمخاطر فى ظل القصة الفرعية الخاصة بالروائية التى كانت تشتغل قبله على الموضوع وانتحرت، بالتأكيد لن يكون مصير سامح معلقا باحتمال الانتحار لكون المسألة محسومة بصدور روايته ولكونه سامح الجباس الروائى الحقيقي، ولكن على الأقل سيظل معلقا باحتمالية المخاطر الكبيرة التى قد تجعله مهددا أو على الأقل يكون قد عاش تجربة غريبة وصعبة أو فيها قدر من القسوة.
هذه الرواية الثرية تتماس مع تاريخ المنطقة فى نهاية الثلاثينيات وبعد ذلك بعقود حتى الثمانينيات، وتتقاطع مع مكونات كثيرة فى منطقتنا العربية، منها المكون السياسى والمكون الثقافى والأدبى والمكون الأكثر أهمية وهو المكون الديني. وكلها تمثل أبعاد عالم هذه الرواية المحفوفة بالقلق والملفوفة بالمغامرة وتحتاج إلى حساسية علمية خاصة، تربط بين عالم الروح بطبيعته الميتافيزيقية وعالم المادة بثقل حضوره الذى يستعصى على الإنكار ومسلماته التى تستعصى على الانفلات من المنطق، ومن الصراع بين عالم الروح والمادة تتشكل مفاجآت هذه الرواية ومنابع الإدهاش فيها وقدرتها على صدم المتلقي، ففيها مرويات لكثير من الخوارق أو المعجزات المنسوبة إلى الدكتور داهش، وبصرف النظر عن مدى تفاوت المتلقين فى استقبالهم أو آليات استيعابهم وتفكيرهم فى الظواهر فإنها تبقى معجزات وتبقى محتفظة بطبيعتها الغرائبية ولو كان فى دائرة صغيرة هى دائرة المؤمنين بالدكتور داهش ودعوته وأفكاره.
كان من المهم فى الحقيقة لرواية من هذه النوعية أن يتوافر لها هذا النوع من السارد المدقق فى كافة التفاصيل، الطبيب الذى يمتلك ثقافة علمية ومادية وفيزيائية وثقافة بعلم النفس وعلم الأرواح، العاشق للكتب أيضا والمدقق فى المعلومات التاريخية والأدبية والعاشق للغة والقارئ لما بين السطور من الروابط الخفية بين أصوات عدة ومشايخ مختلفة فى الوطن العربي، يربط بين الخفى لدى توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وبين الظاهر عند الدكتور داهش، يربط بين بعض الحركات الدينية والجماعات أو التنظيمات وبين هذه الدعوى الروحية، سارد يتمتع بقدرة كبيرة على الشك، أو هو بالأحرى متربص بطبعه، وإن سمة التربص البحثى والعلمى لدى السارد لهى واحدة من أهم السمات التى يجب أن نركز عليها فى بحثها عن خصائص ومميزات الخطابات الروائية والسردية، ويمكن تقييم الروايات على أساسها، ذلك لأن كثيرا من رواياتنا هى بالأساس دالة على سمات العقل الجمعى العربى فى آفاته أو أبرز عيوبه، وكثير من الروايات يكون السارد الرئيس أو الراوى فيها مشبعا بكم هائل من اليقين مما ينعكس على الرواية ويطبعها بالجمود أو الاستاتيكية المميتة.
إن مسألة المعجزات أو الظواهر الخارقة لها كيفيات بحثها سواء على مستوى الإدراك الحسى والخديعة أو علم النفس والتشويش على الحواس أو فكرة الإقناع المسبق، كما لها كذلك علاقتها بالإبداع الأدبى وقوة الخطاب وقدرة الكلمة على السيطرة على البشر، وقد كان الدكتور داهش بطل الرواية أديبا سباقا حتى من منظور الأدباء والشعراء مثل غازى براكس أو يوسف الحاج أو الفنان الكبير يوسف وهبي، فهم أرباب الكلمة والأدب والإبداع ويشهدون له وهو ما يعنى أن الرجل كان ذا قدرات أدبية خاصة، وبالتالى يمكن النظر فى القدرات الخارقة للإبداع الأدبى وقدرته على السحر والتأثير، وهذا أيضا جانب مهم كان حاضرا لدى داهش كما هو حاضر لدى كافة الأنبياء، ومن الحديث المأثور عن النبى محمد (ص) قوله: إن من البيان لسحرا. وهكذا ففى تصورنا إن رواية رابطة كارهى سليم العشى لتجدد الأسئلة المهمة عن عدد من القضايا حول الدين والأدب وفكرة التعايش والاختلاف وقبول الآخر، بل تعالج عبر التلميح لا التصريح والهمس لا المباشرة أسئلة أكثر حرجا عن فكرة المعجزة والنبوة ووحدة الأديان ومشاكل الشرق وتمزقاته القديمة المتجددة بفعل الاختلافات الدينية، وتقاطعات الدينى مع السياسى مع الاقتصادى مع الثقافى وغيرها من القضايا المهمة والجوهرية التى مهما كانت قديمة فإنها مازالت متجددة وتلقى بظلالها وتفرض نفسها علينا بقوة.
رابطة كارهى سليم العشى رواية تتبع بنعومة وسلاسة خطوطا متشعبة ومتفرقة أو متشظية ومتناثرة فى فضاء جغرافى شاسع وواسع، فى آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية، وتتبعها كلها انطلاقا مما بينها من الروابط الحقيقية والبارزة ودون افتعال، وبعضها يأتى فى غاية الإحكام وبخاصة ما يتصل بشقة المبتديان التى يبيت فيها الراوى فى أول الرواية وقبل شروعه، ثم اكتشافه لحقيقتها، يتتبع ظواهر حقيقية أو أخبارا متواترة عن الحلول الروحى والوسيط وعن المقتنعين بهذا الفكر تقريبا فى الوطن العربى كله تصريحا وتلميحا، معرفة كاملة أو بمعرفة جزئية، فى مصر من علماء الفيزياء وأساتذة الطب وأساتذة العلوم الشرعية وعلماء الدين الإسلامى ومن الكتاب والصحفيين ورؤساء التحرير والأدباء البارزين، من أعلن وصرّح ومن لم يعلن وانعكست قناعته فى إنتاجه بتورية وإخفاء مقصود. وكل هذا التتبع لم يكن مملا ويفيد من جماليات الكتابة التاريخية والسرد فى البحث العلمى أو التتبع المعلوماتى والمعرفي، ويصبح مربوطا بإحكام بالقصة الإطار وهى قصة سامح وفاطمة التى مازلت مقتنعا بأن تحريرها كان سيفيد أكثر، لكن الكاتب يبدو أنه رغب فى أن يعلن معاداته للتخييل والتزامه بكل ما هو حقيقى حتى لا تتأثر وحداته السردية ببعضها، أو يصبح الجزء التاريخى واقعا تحت تأثير هذا الجزء التخييلى فى حال لو جعله منفلتا بشكل تام.
تمثل رابطة كارهى سليم العشى حالا سردية على أعلى درجة من التماسك والترابط والإحكام برغم انبنائها وتأسسها على حال من العجائبية والأسرار الروحية والمعجزات، ذلك لأن هذه الرابطة على مستوى الشخصيات متنوعة وتتعدد مرجعيات الشخصيات من حيث التكوين والبناء المعرفي، فمنهم الطبيب أو الفيزيائى والشاعر أو غيرهما ممن لا يؤمن إلا بالمادة ومنهم صاحب المستوى الثقافى المتميز الذى لا يمكن خداعه بسهولة أو جعله واقعا تحت تأثير معين، كما منهم الغنى أو الطبقات الارستقراطية التى ليست فى حاجة لعطايا أو مال أو منصب، وهكذا فإن قناعة كل هؤلاء يصنع رابطة محكمة بذاتها أو عبر تكوينها المتنوع، فهم ليسوا فئة معينة من الفقراء أو المشردين أو المظلومين.
فى الرواية جانب أيضا مهم وهو الخاص بلغة السرد التى تجاوبت مع نوازع متنوعة، وتفاوتت لغة السرد لتمثل وتجسد حالات متباينة من الحياة العصرية أو حالات على قدر من السطحية وأخرى على النقيض حيث التنقيب فى أسرار الروح وكتابات آخرين ممن لهم لغات خاصة وجموح وطموح مغاير فى التعبير عن ثقافات ورغبات عميقة وروحانية، كل هذا التنوع فى مستويات اللغة هيمن عليه خطاب رواية كارهى سليم العشى وسيطر عليه بنعومة وسلاسة وتدفق سردى كبير وبحالة خاصة من الشعرية السردية، التى قاربت بين هذه الأصوات المختلفة وقاربت بين المعجزة ونقيضها، وبين السؤال ومحاولات الإجابة عنه، وبين مشاعر متباينة من الخوف والاستقرار والطمأنينة والقلق والحزن والثقة والأمان وغيرها من القيم والنفسية والإنسانية التى صهرها الخطاب بتدرج ناعم ومتناغم. ينتقل من حال الثبات والرسوخ النفسى التى لدى داهش إلى حالات القلق والخوف والأمل فى الحب والرغبة عند سامح أو الراوى الرئيس، حالات من التبدل فى المصير عند المؤمنين به ومصيرهم أو مصير أسرهم عبر الزمن، وحالات الوضوح والاكتشاف إلى حالات الاندهاش والتساهل، وهذه النغمات من الوحدات السردية فى رصها وَصَفِّها وفق نسق تركيبى معين جعل الخطاب الروائى لا يمضى على وتيرة واحدة، بل أصبح حافلا بالتقاطعات والتحولات وحالات من الانتظار والتكامل والتشابك الشجرى بين القصص المختلفة، وبعضها فيها إسقاطات من عالم إلى عالم آخر ومن مرحلة تاريخية إلى مرحلة أخرى لاحقة، وهكذا فى حال من الديناميكية المستمرة.
والحقيقة إنها رواية ثرية وفيها عديد الجوانب التى تستحق النظر والبحث والتأمل وجديرة بقراءات متعددة المرجعيات ووجهات النظر، بما يعنى أنها محركة ومحفزة على القراءة والفكر النقدى وتعد نموذجا سرديا خاصا ومتميزا.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
أفكار منحرفة.. اقتحام لأفكار كُتّاب خرجت عن التقليدى والمعتاد قصة الدكتور داهش نبى القرن العشرين
السرديات والرواية الإماراتية
محمد سليم شوشة يكتب عن رواية إبراهيم عيسى «كل الشهور يوليو».. شعرية المفاجآت وحركية التاريخ
سعيد الوكيل ونزهات أخرى في غابة السرد
صرخة بوجه طغيان الحاكم بأمر الله
أبلغ عن إشهار غير لائق