الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات
تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة
200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)
سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير
فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين
محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة
شارك صحافة من وإلى المواطن
رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025
لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية
الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا
استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة
رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع
'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد
خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول
في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا
وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا
مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة
جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي
«بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز
مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت
اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة
بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا
بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي
بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية
حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل
امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل
أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما
حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)
نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب
إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي
إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم
إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول
رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي
دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت
نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"
أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل
29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها
الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما
خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى
«عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)
اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية
نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023
محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية
خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل
البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة
نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام
حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل
"بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان
علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله
تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)
صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة
الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم
ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟
هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»
كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي
سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه
خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب
البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
رابطة كارهى سليم العشى: جماليات المعرفى والغموض والبحث عن الأسرار
أخبار الأدب
نشر في
بوابة أخبار اليوم
يوم 04 - 07 - 2021
محمد سليم شوشة
رواية رابطة كارهى سليم العشى الصادرة مؤخرا 2021 عن دار العين للروائى المصرى سامح الجباس، تعد فى رأينا نموذجا مغايرا وعلى قدر كبير من الاختلاف بين ما يتم إنتاجه من سرد روائى فى الفترة الراهنة. ترتكز هذه الرواية على غرائبية التاريخى والسيرى وتعمد من البداية إلى تجاوز التخييل أو إنكاره فى السرد، بداية من صوت السارد الذى يتطابق تماما مع صوت المؤلف لأول مرة ربما، بأن يكون اسم السارد الرئيس هو المؤلف بمواصفاته وبياناته، وإن كان هذا يبقى أحد ألعاب السرد، فإنكار التخييل قد يكون هو بذاته تخييلا. وهذه نقطة تحتاج إلى مزيد من التفصيل، لكن ما أشير إليه هنا هو كون الرواية أعلنت من البداية أو عبر علامات عديدة اشتغالها على ما هو تاريخى أو ما يفترض أنه حقيقى فى سيرة غيرية لسليم العشى المعروف بالدكتور داهش الذى مثل ظاهرة دينية مختلفة فى وقته وبقيت أسرار تجربته غير معلومة أو مدركة حتى الآن.
لقد حاول خطاب هذه الرواية استثمار الغرابة الطبيعية فى حياة سليم العشى وما اكتنفها من الأسرار والعجائب والظواهر الروحية والفيزيائية العجية التى شكلت كما هائلا من المعجزات غير المدركة على نحو حسى أو عقلانى واضح، بل وغير المبررة على نحو دينى مفهوم، إذ هو فى النهاية غير محدد الصفة أو محسوم بأمره إذا كان ساحرا أو نبيا أو دجالا أو شاعرا وروحانيا أو عالما مؤثرا بعلمه وأسلوبه فى الناس بما يكفى ليتبعوه. إن حياته بذاتها لتمثل زادا ثريا لأى روائى مجتهد ليشكل منها خطابا سرديا حافلا بالمفاجآت والأسرار والعجائب وهذا ما كانت الرواية موفقة إلى حد بعيد فى الاشتغال عليه لتنتج جمالياتها وتجعل المتلقى مدفوعا لاستكمال القراءة والمتابعة باندفاع وتشويق. لكن ما يمثل إنجازا مهما لسامح الجباس فى مقاربته لموضوع مثل هذا هو قدر الوعى بأبعاد هذا الموضوع من الناحية البحثية، فهو من تلك الموضوعات الملغزة البينية التى تقع فى المساحة المشتركة بين التاريخ وعلم النفس والأديان والسياسة والأدب ومجالات عدة، والغفلة عن أى جانب منها يجعل الموضوع مشوها والخطاب السردى ينأى عن الموضوعية ويصبح ممتلئا بالثغرات والثقوب التى تعيبه أو تشوه عرضه، وفوق هذا التعدد فى جوانبه وزوايا رؤيته فهو يحتاج إلى روح ساردة مرنة وقابلة للاختلاف ومنفتحة فى تصوراتها على احتمالات عديدة ولا تسارع نحو حسم زاوية بعينها أو احتمال ما أو تفرض تصورا معينا. والحقيقة أن مسألة المرونة هذه كانت لها نواتجها الجمالية أيضا فضلا عن كونها حتمية فى معالجة قضية مثل هذه، ذلك لأن السرد أنتج منها قدرا هائلا من القلق لدى السارد أو صاحب الصوت الرئيس فى الرواية وهو الروائى الباحث عن حقيقة سليم العشي، وقدرا من الخوف والاضطراب وعدم وضوح مصير عمله حتى نهاية الرواية، ويصبح السارد الرئيس موازيا ومساويا للمتلقى فى زاوية الرصد والوعى بالعالم المسرود عنه، ويصبح أفق الوعى لديهما صفريا يتفجران معا ويندهشان وما يصل إليه سامح الروائى فى بحثه عن تفاصيل حياة سليم العشى وأسراره يكون قد وصل إليه المتلقى فى اللحظة نفسها، فكأنهما قد أصبحا شريكين فى هذه الرحلة أو المغامرة. صحيح أنى قد لا أتفق على الإطلاق مع فكرة أن يكون الراوى هو نفسه سامح الجباس وأن جعله أى روائى مصرى دون تحديد للاسم وبقية الصفات كان سيجعل الرواية أكثر تحررا وتحليقا وانفلاتا من التقييدات التى حجمتها وبخاصة فى علاقته بفاطمة، وهى قصة حب جميلة كان التحرر من الحقيقى وإفلاتها فى رحابة التخييل يفيدها أكثر ويجعلها منفتحة على مغامرات جسدية وحالا من العشق أكثر انطلاقا.
ما أعنيه هنا أن خطاب هذه الرواية ابن حال من المغامرة والتجريب فى السرد قد يكون لها إنجازاتها ومزاياها، وقد يكون لها ما ليس موفقا بشكل كبير، ولكن مسألة مساواة وعى السارد بوعى المتلقى فى البحث فى حياة الدكتور داهش يفيد كثيرا فى التماهى بينهما وجعل المتلقى يعيش الحال نفسها من الاستعداد للمفاجآت بل الاستعداد للمغامرة والمخاطر، وبخاصة مع ذكاء الكاتب فيما يخص بعض العلامات السردية التى جعلت الاحتمالات مفتوحة على المطلق وعلى مصير غامض وغرائبى ليس لشخصيات الرواية المعروفين تاريخيا أو يمكن التنقيب عنهم خارج خطاب الرواية، ولكن أيضا فيما يخص مصير سامح نفسه الذى يصبح محفوفا بالمخاطر فى ظل القصة الفرعية الخاصة بالروائية التى كانت تشتغل قبله على الموضوع وانتحرت، بالتأكيد لن يكون مصير سامح معلقا باحتمال الانتحار لكون المسألة محسومة بصدور روايته ولكونه سامح الجباس الروائى الحقيقي، ولكن على الأقل سيظل معلقا باحتمالية المخاطر الكبيرة التى قد تجعله مهددا أو على الأقل يكون قد عاش تجربة غريبة وصعبة أو فيها قدر من القسوة.
هذه الرواية الثرية تتماس مع تاريخ المنطقة فى نهاية الثلاثينيات وبعد ذلك بعقود حتى الثمانينيات، وتتقاطع مع مكونات كثيرة فى منطقتنا العربية، منها المكون السياسى والمكون الثقافى والأدبى والمكون الأكثر أهمية وهو المكون الديني. وكلها تمثل أبعاد عالم هذه الرواية المحفوفة بالقلق والملفوفة بالمغامرة وتحتاج إلى حساسية علمية خاصة، تربط بين عالم الروح بطبيعته الميتافيزيقية وعالم المادة بثقل حضوره الذى يستعصى على الإنكار ومسلماته التى تستعصى على الانفلات من المنطق، ومن الصراع بين عالم الروح والمادة تتشكل مفاجآت هذه الرواية ومنابع الإدهاش فيها وقدرتها على صدم المتلقي، ففيها مرويات لكثير من الخوارق أو المعجزات المنسوبة إلى الدكتور داهش، وبصرف النظر عن مدى تفاوت المتلقين فى استقبالهم أو آليات استيعابهم وتفكيرهم فى الظواهر فإنها تبقى معجزات وتبقى محتفظة بطبيعتها الغرائبية ولو كان فى دائرة صغيرة هى دائرة المؤمنين بالدكتور داهش ودعوته وأفكاره.
كان من المهم فى الحقيقة لرواية من هذه النوعية أن يتوافر لها هذا النوع من السارد المدقق فى كافة التفاصيل، الطبيب الذى يمتلك ثقافة علمية ومادية وفيزيائية وثقافة بعلم النفس وعلم الأرواح، العاشق للكتب أيضا والمدقق فى المعلومات التاريخية والأدبية والعاشق للغة والقارئ لما بين السطور من الروابط الخفية بين أصوات عدة ومشايخ مختلفة فى الوطن العربي، يربط بين الخفى لدى توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وبين الظاهر عند الدكتور داهش، يربط بين بعض الحركات الدينية والجماعات أو التنظيمات وبين هذه الدعوى الروحية، سارد يتمتع بقدرة كبيرة على الشك، أو هو بالأحرى متربص بطبعه، وإن سمة التربص البحثى والعلمى لدى السارد لهى واحدة من أهم السمات التى يجب أن نركز عليها فى بحثها عن خصائص ومميزات الخطابات الروائية والسردية، ويمكن تقييم الروايات على أساسها، ذلك لأن كثيرا من رواياتنا هى بالأساس دالة على سمات العقل الجمعى العربى فى آفاته أو أبرز عيوبه، وكثير من الروايات يكون السارد الرئيس أو الراوى فيها مشبعا بكم هائل من اليقين مما ينعكس على الرواية ويطبعها بالجمود أو الاستاتيكية المميتة.
إن مسألة المعجزات أو الظواهر الخارقة لها كيفيات بحثها سواء على مستوى الإدراك الحسى والخديعة أو علم النفس والتشويش على الحواس أو فكرة الإقناع المسبق، كما لها كذلك علاقتها بالإبداع الأدبى وقوة الخطاب وقدرة الكلمة على السيطرة على البشر، وقد كان الدكتور داهش بطل الرواية أديبا سباقا حتى من منظور الأدباء والشعراء مثل غازى براكس أو يوسف الحاج أو الفنان الكبير يوسف وهبي، فهم أرباب الكلمة والأدب والإبداع ويشهدون له وهو ما يعنى أن الرجل كان ذا قدرات أدبية خاصة، وبالتالى يمكن النظر فى القدرات الخارقة للإبداع الأدبى وقدرته على السحر والتأثير، وهذا أيضا جانب مهم كان حاضرا لدى داهش كما هو حاضر لدى كافة الأنبياء، ومن الحديث المأثور عن النبى محمد (ص) قوله: إن من البيان لسحرا. وهكذا ففى تصورنا إن رواية رابطة كارهى سليم العشى لتجدد الأسئلة المهمة عن عدد من القضايا حول الدين والأدب وفكرة التعايش والاختلاف وقبول الآخر، بل تعالج عبر التلميح لا التصريح والهمس لا المباشرة أسئلة أكثر حرجا عن فكرة المعجزة والنبوة ووحدة الأديان ومشاكل الشرق وتمزقاته القديمة المتجددة بفعل الاختلافات الدينية، وتقاطعات الدينى مع السياسى مع الاقتصادى مع الثقافى وغيرها من القضايا المهمة والجوهرية التى مهما كانت قديمة فإنها مازالت متجددة وتلقى بظلالها وتفرض نفسها علينا بقوة.
رابطة كارهى سليم العشى رواية تتبع بنعومة وسلاسة خطوطا متشعبة ومتفرقة أو متشظية ومتناثرة فى فضاء جغرافى شاسع وواسع، فى آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية، وتتبعها كلها انطلاقا مما بينها من الروابط الحقيقية والبارزة ودون افتعال، وبعضها يأتى فى غاية الإحكام وبخاصة ما يتصل بشقة المبتديان التى يبيت فيها الراوى فى أول الرواية وقبل شروعه، ثم اكتشافه لحقيقتها، يتتبع ظواهر حقيقية أو أخبارا متواترة عن الحلول الروحى والوسيط وعن المقتنعين بهذا الفكر تقريبا فى الوطن العربى كله تصريحا وتلميحا، معرفة كاملة أو بمعرفة جزئية، فى مصر من علماء الفيزياء وأساتذة الطب وأساتذة العلوم الشرعية وعلماء الدين الإسلامى ومن الكتاب والصحفيين ورؤساء التحرير والأدباء البارزين، من أعلن وصرّح ومن لم يعلن وانعكست قناعته فى إنتاجه بتورية وإخفاء مقصود. وكل هذا التتبع لم يكن مملا ويفيد من جماليات الكتابة التاريخية والسرد فى البحث العلمى أو التتبع المعلوماتى والمعرفي، ويصبح مربوطا بإحكام بالقصة الإطار وهى قصة سامح وفاطمة التى مازلت مقتنعا بأن تحريرها كان سيفيد أكثر، لكن الكاتب يبدو أنه رغب فى أن يعلن معاداته للتخييل والتزامه بكل ما هو حقيقى حتى لا تتأثر وحداته السردية ببعضها، أو يصبح الجزء التاريخى واقعا تحت تأثير هذا الجزء التخييلى فى حال لو جعله منفلتا بشكل تام.
تمثل رابطة كارهى سليم العشى حالا سردية على أعلى درجة من التماسك والترابط والإحكام برغم انبنائها وتأسسها على حال من العجائبية والأسرار الروحية والمعجزات، ذلك لأن هذه الرابطة على مستوى الشخصيات متنوعة وتتعدد مرجعيات الشخصيات من حيث التكوين والبناء المعرفي، فمنهم الطبيب أو الفيزيائى والشاعر أو غيرهما ممن لا يؤمن إلا بالمادة ومنهم صاحب المستوى الثقافى المتميز الذى لا يمكن خداعه بسهولة أو جعله واقعا تحت تأثير معين، كما منهم الغنى أو الطبقات الارستقراطية التى ليست فى حاجة لعطايا أو مال أو منصب، وهكذا فإن قناعة كل هؤلاء يصنع رابطة محكمة بذاتها أو عبر تكوينها المتنوع، فهم ليسوا فئة معينة من الفقراء أو المشردين أو المظلومين.
فى الرواية جانب أيضا مهم وهو الخاص بلغة السرد التى تجاوبت مع نوازع متنوعة، وتفاوتت لغة السرد لتمثل وتجسد حالات متباينة من الحياة العصرية أو حالات على قدر من السطحية وأخرى على النقيض حيث التنقيب فى أسرار الروح وكتابات آخرين ممن لهم لغات خاصة وجموح وطموح مغاير فى التعبير عن ثقافات ورغبات عميقة وروحانية، كل هذا التنوع فى مستويات اللغة هيمن عليه خطاب رواية كارهى سليم العشى وسيطر عليه بنعومة وسلاسة وتدفق سردى كبير وبحالة خاصة من الشعرية السردية، التى قاربت بين هذه الأصوات المختلفة وقاربت بين المعجزة ونقيضها، وبين السؤال ومحاولات الإجابة عنه، وبين مشاعر متباينة من الخوف والاستقرار والطمأنينة والقلق والحزن والثقة والأمان وغيرها من القيم والنفسية والإنسانية التى صهرها الخطاب بتدرج ناعم ومتناغم. ينتقل من حال الثبات والرسوخ النفسى التى لدى داهش إلى حالات القلق والخوف والأمل فى الحب والرغبة عند سامح أو الراوى الرئيس، حالات من التبدل فى المصير عند المؤمنين به ومصيرهم أو مصير أسرهم عبر الزمن، وحالات الوضوح والاكتشاف إلى حالات الاندهاش والتساهل، وهذه النغمات من الوحدات السردية فى رصها وَصَفِّها وفق نسق تركيبى معين جعل الخطاب الروائى لا يمضى على وتيرة واحدة، بل أصبح حافلا بالتقاطعات والتحولات وحالات من الانتظار والتكامل والتشابك الشجرى بين القصص المختلفة، وبعضها فيها إسقاطات من عالم إلى عالم آخر ومن مرحلة تاريخية إلى مرحلة أخرى لاحقة، وهكذا فى حال من الديناميكية المستمرة.
والحقيقة إنها رواية ثرية وفيها عديد الجوانب التى تستحق النظر والبحث والتأمل وجديرة بقراءات متعددة المرجعيات ووجهات النظر، بما يعنى أنها محركة ومحفزة على القراءة والفكر النقدى وتعد نموذجا سرديا خاصا ومتميزا.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
أفكار منحرفة.. اقتحام لأفكار كُتّاب خرجت عن التقليدى والمعتاد قصة الدكتور داهش نبى القرن العشرين
السرديات والرواية الإماراتية
محمد سليم شوشة يكتب عن رواية إبراهيم عيسى «كل الشهور يوليو».. شعرية المفاجآت وحركية التاريخ
سعيد الوكيل ونزهات أخرى في غابة السرد
صرخة بوجه طغيان الحاكم بأمر الله
أبلغ عن إشهار غير لائق