كتبت: منى نور لم يكتف العدوان الإسرائيلى باغتصاب الأرض، وتدمير الأخضر واليابس، وحصد الأرواح، بل أراد - قاصدا ومتعمدا - حرق الورق، الحافظ للهوية الفلسطينية، والمؤسس لبناء العقل الإنساني. وبمجرد أن بثت وكالات الأنباء صورا للاعتداء الذى طال قطاع غزة بمؤسساته ولحق الدمار بأهم مكتبة ودار نشر فى القطاع وهى مكتبة سمير منصور للطباعة والنشر والتوزيع والتى صارت كومة من التراب. تواصلت أخبار الأدب مع صاحبها ومؤسسها سمير منصور نائب رئيس اتحاد الناشرين فى فلسطين، الذى قال: أنا سمير عبدالرؤوف منصور، لاجىء فلسطينى من مدينة برير فى فلسطين، ولدت فى قطاع غزة، ونشأت فى بيت لاهيا، بدأت العمل مع والدي، كان يمتلك مطبعة ومكتبة منصور، وقد تأثرت بعمله هذا، فتعلمت كل شىء عن الورق والكتب، مستفيدا من خبرة والدي. افتتحت مكتبتى الأولى عام 2000، وبدأت العمل الجاد لتوسيع المكتبة من خلال المشاركة فى المعارض الدولية والمؤسسات التعليمية والثقافية والأكاديمية. وقال أن الهدف من تأسيس مكتبة هو الإعلان للعالم أننا شعب محب للحياة، وأننا نريد العيش من خلال نشر الكتب للقارىء والمؤلف الفلسطيني، وقد افتتحت الفرع الثانى للمكتبة عام 2009، وأصبح هذا الفرع المكتبة الرئيسية لعملي. لافتا إلى أن مكتبة منصور، تحتوى على عشرات الآلاف من الكتب المختلفة: التربوية، الأكاديمية، الجامعية، والدراسات، وقصص الأطفال والروايات بلغات مختلفة، وأن مكتبة سمير منصور هى المكتبة الوحيدة المرخص لها بطبعة المصحف الشريف (المسجد الأقصي) فى جميع أنحاء العالم. وعما حدث لمكتبته أوضح منصور: أنه فى 18 مايو، قامت الطائرات الحربية الإسرائيلية بقصف مبنى بناية كحيل، المتواجد فيها مكتبتى، وهو مبنى يتكون من خمسة طوابق، فى الخامسة صباحا شاهدت على شاشة التلفاز استهداف طائرات الاحتلال للمبنى بصواريخ تحذيرية، هنا راودتنى فكرة الذهب إلى المكتبة، لم أكن أتوقع حربا وصواريخ. فى كل مكان كما حدث، كان كل تركيزى الذهاب إلى المكتبة، وبالفعل ذهبت ووجدت المكتبة قد دمرت بالكامل، جلست قرابة الساعة أستوعب ما أراه بعينى وفى النهاية تمالكت نفسى وعدت إلى منزلي، وثمة علامات استفهام دارت فى رأسي، لماذا كل هذه الصواريخ التى تفجر كل مكان، لماذا قصف مكتبتي، وأنا شخص لم أنشر ولم أكتب أو أهاجم أية دولة، أو أى شخص، ولا أنتمى لأى فصيل أو حزب سياسي، لم أنشر الكراهية، بل أنشر الثقافة والعلم والحب. وعن نوعية الكتب التى كانت تقدمها المكتبة لروادها، قال سمير منصور: نقوم بنشر وتوزيع جميع الكتب، الأكاديمية، والأدبية، الثقافية بجميع أنواعها، كتب أطفال، قانون، تنمية بشرية، روايات عربية، روايات مترجمة، ونحن من نقوم بترجمتها من اللغة الأجنبية إلى العربية، كما تقوم المكتبة بتنظيم حفل توقيع لكل إصدار جديد نقدمه للقارىء، نستضيف فيه صاحب الإصدار، ويكون ذلك فرصة للمناقشة مع صاحب الكتاب.