أجابت دار الإفتاء في فتوى مفصلة عن حكم زرع الشعر، منوهة أن زرع الشعر عبارة عن عملية جراحية تجميلية حديثة، يقوم فيها الطبيب بأخذ جزء من المنطقة التي يقل فيها تساقط الشعر ليغرسها في المنطقة التي تساقط منها الشعر بحيث يكون الشعر ناميًا. وأوضحت دار الإفتاء زرع الشعر له حالات: 1- الزرع من شعر نفس الشخص المنتفع: وحكمه الجواز؛ فالإنسان له أن يأخذ من نفسه لنفسه مقدمًا المصلحة الراجحة له، فمن ضُرب على وجهه بشيء من شأنه أن يقتل أو يكسر أو يشين فاتقاه بيده فله ذلك في كل الحالات، مع أن اليد سيصيبها ضرر، فإن كان الأمر كذلك فنزع الشعر من بعض الأماكن من الجسد لوضعها في مكان آخر من البدن جائزٌ أيضًا. ولفتت دار الافتاء الي انه صدر عن مجلس الفقه الإسلامي -التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة- قرارات؛ منها: يجوز نقل العضو من مكان من جسم الإنسان إلى مكان آخر من جسمه، مع مراعاة التأكد من أن النفع المتوقع من هذه العملية أرجح من الضرر المترتب عليها، بشرط أن يكون ذلك لإيجاد عضو مفقود، أو لإعادة شكله، أو وظيفته المعهودة له، أو لإصلاح عيب، أو إزالة دمامة تسبب للشخص أذًى نفسيًّا أو عضويًّا. نقلًا عن "أحكام الشعر" (ص: 184). 2- الزرع من شعر غير المنتفع: وهو جائزٌ أيضًا على قول من قال بجواز الانتفاع بشعر الآدمي، وهو مذهب محمد بن الحسن. واستشهدت دار الافتاء بقول الحافظ العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (8/ 166، ط. دار الكتب العلمية): [ولا يجوز بيع شعر الإنسان ولا الانتفاع به، ولا خلاف فيه للفقهاء إلا رواية عن محمد رحمه الله يجوز الانتفاع بشعر الآدمي، استدلالًا بما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين حلق رأسه قسم شعره بين أصحابه، وكانوا يتبركون به، ولو كان نجسًا لما فعل؛ إذ النجس لا يتبرك به] اه. ويقوِّي هذا أيضًا أن دفن شعر الآدمي ليس بواجب؛ إذْ لم يرد أمر صحيح صريح بذلك، فلا يصحُّ في الباب حديث؛ كما صرح بذلك البيهقي في "شعب الإيمان" (8/ 444، ط. مكتبة الرشد)، فيبقى أمر الدفن على الاستحباب فقط. وقال الإمام النووي في "المجموع" (1/ 289، ط. دار الفكر): [يستحب دفن ما أخذ من هذه الشعور والأظفار ومواراته في الأرض، نقل ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما، واتفق عليه أصحابنا] اه. وختتمت دار الافتاء فتواها بأنه يتبين أن صورة زرع الشعر الواردة ليست داخلة في الوصل الذي ورد النهي عنه في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَعَنَ اللهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ»، وفي الباب عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم.