الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
ب أماكن لكبار السن وذوى الهمم.. الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لاستقبال الناخبين للتصويت في انتخابات مجلس النواب
عاطف إمام عن شطبه من نقابة المهن الموسيقية: مصطفى كامل ظلمني
الثوم ب 100 جنيه.. أسعار الخضروات والفواكة في شمال سيناء
حكاية قرار أرعب إسرائيل 16 عامًا وقاتلت لإلغائه
الدفاع الجوي الروسية تسقط 71 طائرة أوكرانية مسيرة
بالرقم القومي.. 3 طرق للاستعلام عن لجنتك في انتخابات مجلس النواب 2025
ارتفاع أسعار النفط مدعومًا بتفاؤل بإعادة فتح الحكومة الأمريكية
مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون تمويل الحكومة لإنهاء الإغلاق الحكومى
خبير أمريكي يتوقع التخلص من زيلينسكي قبل عيد الميلاد
أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت
وزير الاستثمار: 16 مليار دولار حجم التجارة مع الصين.. ولدينا 46 شركة تعمل في مصر
واشنطن تضغط على إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من خطة ترامب
الرئيس اللبنانى يؤكد ضرورة الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها المستمرة على البلاد
هاني رمزي: تجاهل زيزو لمصافحة نائب رئيس نادي الزمالك «لقطة ملهاش لازمة»
لجنة المرأة بنقابة الصحفيين تصدر دليلًا إرشاديًا لتغطية الانتخابات البرلمانية
«طلعوا الشتوى».. تحذير شديد بشأن حالة الطقس: استعدوا ل منخفض جوى بارد
نقل محمد صبحي للعناية المركزة بعد إغماء مفاجئ.. والفنان يستعيد وعيه تدريجيًا
وزير المالية: بعثة صندوق النقد تصل قريبًا ومؤشراتنا مطمئنة
الزراعة: تحصينات الحمي القلاعية تحقق نجاحًا بنسبة 100%
«محدش كان يعرفك وعملنالك سعر».. قناة الزمالك تفتح النار على زيزو بعد تصرفه مع هشام نصر
السوبرانو فاطمة سعيد: حفل افتتاح المتحف الكبير حدث تاريخي لن يتكرر.. وردود الفعل كانت إيجابية جدًا
«لاعب مهمل».. حازم إمام يشن هجومًا ناريًا على نجم الزمالك
شيري عادل: «بتكسف لما بتفرج على نفسي في أي مسلسل»
الأهلى بطلا لكأس السوبر المصرى للمرة ال16.. فى كاريكاتير اليوم السابع
عدسة نانوية ثورية ابتكار روسي بديل للأشعة السينية في الطب
السقا والرداد وأيتن عامر.. نجوم الفن في عزاء والد محمد رمضان | صور
اليوم.. العرض الخاص لفيلم «السلم والثعبان 2» بحضور أبطال العمل
«الكهرباء»: تركيب 2 مليون عداد كودي لمواجهة سرقة التيار وتحسين جودة الخدمة
مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى شمال القدس المحتلة
حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 10 نوفمبر
مساعد وزير الصحة: نستهدف توفير 3 أسرة لكل 1000 نسمة وفق المعايير العالمية
طوابير بالتنقيط وصور بالذكاء الاصطناعي.. المشهد الأبرز في تصويت المصريين بالخارج يكشف هزلية "انتخابات" النواب
ترامب يتهم "بي بي سي" بالتلاعب بخطابه ومحاولة التأثير على الانتخابات الأمريكية
رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة
الطالبان المتهمان في حادث دهس الشيخ زايد: «والدنا خبط الضحايا بالعربية وجرى»
وفاة العقيد عمرو حسن من قوات تأمين الانتخابات شمال المنيا
«مش بيلعب وبينضم».. شيكابالا ينتقد تواجد مصطفى شوبير مع منتخب مصر
معسكر منتخب مصر المشارك في كأس العرب ينطلق اليوم استعدادا لمواجهتي الجزائر
مي عمر أمام أحمد السقا في فيلم «هيروشيما»
باريس سان جيرمان يسترجع صدارة الدوري بفوز على ليون في ال +90
«لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة
«لاعيبة لا تستحق قميص الزمالك».. ميدو يفتح النار على مسؤولي القلعة البيضاء
نشأت أبو الخير يكتب: القديس مارمرقس كاروز الديار المصرية
أمواج تسونامي خفيفة تصل شمال شرق اليابان بعد زلزال بقوة 6.9 درجة
محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة
مساعد وزير الصحة لنظم المعلومات: التحول الرقمي محور المؤتمر العالمي الثالث للسكان والصحة
3 أبراج «مستحيل يقولوا بحبك في الأول».. يخافون من الرفض ولا يعترفون بمشاعرهم بسهولة
ميشيل مساك لصاحبة السعادة: أغنية الحلوة تصدرت الترند مرتين
3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين
تطورات الحالة الصحية للمطرب إسماعيل الليثى بعد تعرضه لحادث أليم
كشف ملابسات فيديو صفع سيدة بالشرقية بسبب خلافات على تهوية الخبز
أداة «غير مضمونة» للتخلص من الشيب.. موضة حقن الشعر الرمادي تثير جدلا
ON SPORT تعرض ملخص لمسات زيزو فى السوبر المحلى أمام الزمالك
هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب
هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب
هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب
خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله
تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
الشعراء العاشقون
البستان
أخبار الأدب
نشر في
بوابة أخبار اليوم
يوم 18 - 05 - 2021
تقديم ومختارات: د.محمد أبوالفضل بدران- [email protected]
كيف يكون العشق؟
العشق هو الموت
والموت هو الحياة
ربما تلخص هذه الجُمل الثلاث موقف هؤلاء من الحب والعشق والجنون والموت، تأتى المغايرة لأنهم ضد العادة ، ألم يقل النفّرى: «العادة حجاب« لذا فهم لا يأبهون بالعادة ، إنهم يشقون طريقهم فى بحار العشق التى لا يرتوون منها مهما شربوا ونهلوا وعلُّو وعبُّوا.
مولانا جلال الدين الرومى
يعد مولانا جلال الدين الرومى أحد أشهر الشعراء الذين وصلت أشعارهم إلى جميع اللغات والبلدان فى العالم وهو الشاعر الذى يسبق اسمه «مولانا»، وقد ولد فى 30 سبتمبر 1207 فى بلخ بأفغانستان (الآن) وتوفى فى 17 ديسمبر 1273 بمدينة قونية بتركيا وقد تزوج وأنجب أبناء؛ وقد تعلم على يد شيخه شمس التبريزى، وكان الرومى أديبا فيلسوفا حنفى المذهب صوفى المشرب وقد أجاد اللغة الفارسية والعربية والرومية كما كان رحالة فقد زار عددا من البلدان واشتهر فى أشعاره بالحكمة والحب والعشق والجمال وألف المثنوى كما أنه صاحب الطريقة المولوية نسبة إلى مولانا إذ انتشرت أشعاره فى العالم وقد كانت المستشرقة الألمانية أَنَّمارى شيمل قد أوقفت جُل حياتها فى دراسة وعشق مولانا جلال الدين الرومى وقد ألفت سفرا كبيرا بعنوان (الشمس المنتصرة دراسة آثار الشاعر الإسلامى الكبير جلال الدين الرومى) فيما يقرب من ثمانى مائة صفحة وقد قام بترجمته إلى العربية الدكتور عيسى على العاكوب فى ترجمة دقيقة بليغة انتقيتُ منها بعض أشعاره التى سأوردها لاحقا ؛ ومن عشق أنمارى شيمل لجلال الدين الرومى حكت فى مقدمة هذا الكتاب المذكور إنها فى أثناء الحرب العالمية الثانية ( كان كتاب المثنوى أحد الأشياء القليلة التى أخرجتها من برلين فى نيسان سنة 1945 عندما بدأت هجرتنا وهى الهجرة التى انتهت أخيرا فى مخيم اعتقال أمريكى فى ماربوغ هنا كان المثنوى بمثابة البلسم المسكن إبان الأيام الطوال من الانتظار والاستعداد لفصل جديد فى سِفر حياتنا وليس غريبا أن الأغزال (جمع «غزل«الفارسية) والرباعيات التى نظمتُها فى تلك السنين تحمل النكهة المميزة لشعر الرومى فإن عنوانها عندما نشرت سنة 1948 Lied der Rohrfloete (اى نغمة الناى) يومئ إلى الأبيات الاولى من المثنوى «أغنية الناي« وتبع ذلك فى سنوات لاحقة دراسات أُخر أصغر مرتبطة باللغة الرمزية وبقضية الدعاء عند مولانا«
وتمضى شيمل قائلة:(بعدئذ جاءت زيارتى الأولى قونية فى آيار سنة 1925 هذا اليوم الربيعى الأرج أحيا الأدب على نحو مفاجئ وبعد ذلك بسنتين كانت أمى وأنا من القلة ذات الحظوة (إذ كنا الغربيتين الوحيدتين!) التى اشتركت فى المهرجان الأول الذى أُعِدّ للاحتفاء بالذكرى السنوية لوفاة الرومى فى كانون الاول 1954م: وهناك أدى «السماع« والرقص الدورانى للدراويش الذى حُظر منذ سنة 1925م على غرار كل مظاهر الطرق الدينية لأول مرة بعد التغير العظيم تجربة لا يمكن أن تنسى، وهكذا غدت قونية موطنا ثانيا لى وإبان السنوات الخمس التى أمضيتها فى أنقرة كثيرا فى أنقرة كثيرا ما كنت أزور المكان مصطحبة أصدقاء من كل أصقاع العالم.
كما أنها قرأت ترجمات المستشرق الألمانى روكرت من ديوان جلال الدين بالالمانية وأُولعت بتلميذ جلال الدين الرومى الروحى الشاعر محمد إقبال (ت 1983م) الذى كان يسمى رومى عصرنا وقد تتبعت شيمل رحلات جلال الدين وزارت المدن التى زارها متلمسة خُطاه وترجمت معظم أشعاره إلى الألمانية
عاشقة الرّومى أنمارى شيمل
لم أر عاشقة عشقت شاعرا مثل المستشرقة أنَّمارى شيمل Annemarie Schimmel التى وُلدت فى السابع من أبريل 1922 بمدينة إرفورت الألمانية ، وقد قرأت فى طفولتها إحدى القصص العربية جعلتها تقرر أن تكون حياتها كلها هبة للغة العربية وللتراث الاسلامى كله. وقد درست فى الخامسة عشرة من عمرها اللغة العربية وصارت منذ ذلك الحين من عشاقها، وفى التاسعة عشرة من عمرها حصلت على درجة الدكتوراه فى الدراسات العربية والإسلامية من جامعة برلين وفى 1946 حصلت على درجة الأستاذية من جامعة ماربورج ولكنها لم تعين أستاذة فى الجامعة فى ذلك الوقت حيث كان الأساتذة لا يتخيلون أن أستاذة أنثى تحتل منصب الأستاذية، ولذا فقد عُينت أستاذة بجامعة أنقرة بتركيا وأخذت تلقى محاضراتها هناك باللغة التركية التى تجيدها مع إجادتها لعديد من اللغات كالعربية والفارسية والأردية ومعظم اللغات الهندية والأوروبية وفى 1951 تحصل أنَّمارى شيمل على درجة الدكتوراه مرة أخرى فى تاريخ الأديان، وفى 1961 تُعين بكلية الآداب بجامعة بون، وقضت فترة تدريس فى جامعة هارفارد وكامبردج وجامعات تركيا وإيران وباكستان وأفغانستان ، وقد اعتادت أنّمارى شيمل أن تكون ضمن الوفد الرسمى عند زيارة رؤساء ألمانيا للدول الإسلامية. وعندما فازت فى الرابع من مايو 1995 بجائزة السلام السنوية التى تمنح لأحد كبار المفكرين والأدباء الألمان كل عام قبيل معرض الكتاب الدولى فى فرانكفورت حيث يُحتفى بالمكرّم، وقبيل تسليمها الجائزة سُئلت فى حوار تليفزيونى عن رأيها فى سلمان رشدى فتحدثت كناقدة عن أعماله التى وصفتها بالسطحية ومنافقة الغرب وأنه قد جرح مشاعر المسلمين بكتابه «آيات شيطانية»، وكيف أن روايته آذت مشاعر المسلمين وشعرت هى شخصيا بالإيذاء من كلماته النابية .ولم تكد تنهى حوارها التليفزيونى حتى قامت قيامة أنصار سلمان رشدى فى العالم ضدها؛ ولكنها لم تأبه بذلك، وظلت تردد«فى 80 كتابا بذلتُ جهدى فى نقل صورة الإسلام للقارىء الأوروبى وأنا أرى أن ذلك نشاط سياسى وأننى أمضيت حياتى نحو إيجاد تفاهم غربى للحضارة الشرقية»، ولقد عبر سلمان رشدى من مخبئه المجهول عن خيبة أمله لفوزها بهذه الجائزة وتصريحها ضده؛ وقد عقب البروفيسور اشتيفان فيلد العميد بكلية الآداب بجامعة بون على هذه الجائزة «إن السيدة شيمل تستحق الجائزة حيث قامت بتفهيم الغرب حضارة الاسلام، وبسط التصوف للمتلقى الأوروبى، وأنها تحظى بتقدير كبير فى البلدان الإسلامية، إن لاسمها وقع السحر فى تركيا وباكستان وإيران، لقد أنفقت حياتها فى خدمة الإسلام، حيث سميت أهم شوارع باكستان واستانبول وطهران باسمها وقد زارت مصر واليمن وبغداد والهند«. وقد كرمتها مصر وبعض البلدان العربية.
إذ قال عنها رئيس الجمهورية الألمانية الاتحادية السابق رومان هيرتسوج فى خطابه فى حفل تكريمها: «إنه لولا أَنَّمارى شيمل لما عرف الألمان الكثير عن الإسلام، ولما أدركوا أن الصورة النمطية التى تروج عنه لا تستند الى شىء من تعاليم هذا الدين« ودعا رئيس الجمهورية إلى قراءة كتب شيمل جيدا لإدراك تعاطفها الحقيقى مع قيم الاسلام النبيلة وحضارته العظيمة، وأنها كانت دائما ساعية الى التفاهم بين الثقافات, وهى الرسالة التى يجب ان ينهض بها المثقفون فى كل العالم ، ومضى قائلا «لقد فتحت لى قلوب المسلمين فى كل زياراتى للبدان الإسلامية«
وظلت تدرّس بكلية الآداب بجامعة بون، وتلقى محاضراتها عن التصوف الإسلامى الذى اتخذته منهجا وحياة وعشقا وسلوكا. ويعد مولانا جلال الدين الرومى أحب الشخصيات الصوفية إلى قلبها وقد ترجمت بعض أشعاره فى كتاب بعنوان « رومى؛ أنا الريح وأنت النار« وقدمت فى كتابها حدائق المعرفة ترجمة لأربعين وليا من أولياء المتصوفة، بينما يعد كتابها «أبعاد التصوف الاسلامى قصة التصوف« الذى قاربت صفحاته من الألف أهم مرجع فى دراسة تاريخ التصوف الإسلامى فى كل بلدانه مع تعدد لغاته حيث قدمت فيه التراث الصوفى الأدبى فى ترجمة أدبية رفيعة المستوى ونقد أدبى للنصوص وتعريف بأصحابها وبعصورها المختلفة، كما قامت بترجمة أشعار الحلاج .ومن كتبها (فيه ما فيه)، و(شهيد العشق الإلهي) و(إشراقة الشمس)، و(رسالة الشرق) و(عالم الإسلام)، و(إسلام أوروبا) ، ومن أهم أعمالها كتابها عن النبى محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد اقتبست عنوانه من الشهادة: «... وأن محمداً رسول الله« وقد ترجمت فى صدر هذا الكتاب رباعية باللغة الأوردية كتبها شاعر هندوسى، يقول فيها: «قد أكون كافراً أو مؤمناً ولكن هذا شىء علمه عند الله وحده، أود أن أنذر نفسى كعبد مخلص، لسيد المدينة العظيم، محمد رسول الله« وعندما هوجمت لاحتفائها الزائد بالإسلام ورسوله أجابت «إننى أحبه«..كما أصدرت ديوانين شعريين من أشعارها وهما «أغنية الناي« و«مرآة قمر شرقى» واتساءل متى نترجم هذه الأعمال الرائدة إلى لغتنا العربية؟
وقد أوقَفت أموالها منحا دراسية للمستشرقات الأوربيات اللواتى يبحثن فى علوم الإسلام والتصوف. وقد حصلت على عدة جوائز عالمية .
فى السابع والعشرين من يناير2003 توفيت أنمارى شيمل عن عمر يناهز الثمانين وعندما بلغنى خبر وفاتها تذكرتُ عندما دعتنى لبيتها فى شارع لينيه ببون حينما كنتُ أستاذا زائرا بجامعة بون فوجدته واحة شرقية بكتبه ومخطوطاته ولوحاته وسجاده وأوانيه ورحت أسألها وهى تقدم لى الشاى والتمر : كيف تتحملين هذا الهجوم الإعلامى ضدك؟، ابتسمت عيناها وقالت «إننى لا أهتم بذلك الهجوم لأنهم يكتبون عن حقد والحاقد لايرى الحقيقة وأنا أكتب عن حب والعاشق يرى الحقيقة والجمال ، إننى عاشقة لهذا العالم الإسلامى وسأظل هكذا حتى وفاتى».ما أحوج الشرق والغرب إلى سماحة أمثال أنمارى شيمل.
الحلاج: اقتلونى
«العارفون يحترقون بالحب فى الدنيا« هكذا صاح الشبلى صديق الحلاج فى إحدى شطحاته، وعندما رأى الشبلى رجلا يبكى موت حبيبته عاتبه قائلا: يا مسكين، لماذا تحب من يموت؟ أى يوجهه إلى حب وجه الله تعالى كما صرح:
وجهك المأمول حجَّتنا
يوم يأتى الناس بالحجج
وإذا كان هذا حال الشبلى صديق الحلاج فكيف كان حال الحلاج؟
مدارج الحلاج
ها هو الطفل الحسين بن منصور المولود فى قرية الطور(244ه- 858م) شمال شرق مدينة البيضاء بمقاطعة فارس بإيران يلهو فى شوارع هذه القرية التى تقع على بعد ثلاثين كيلومترا من مدينة شيراز، ولم ترق الحياة للحلاج بهذه القرية إذ سرعان أن قُتل والده على يد عمرو بن الليث الصغار فانتقلت الأسرة إلى واسط ثم تُسْتَر وهناك يلتقى أحد كبار الصوفية فى القرن الثالث الهجرى سهل بن عبدالله التّسترى ويبدو أنه نصحه بالتوجه إلى بغداد ليأخذ عن شيخ الطائفة الجنيد البغدادى (ت 298ه-910م) ولكن الأجواء تنقلب بين الأستاذ الجنيد وتلميذه الحلاج فيفترقان لأن الحلاج كان يزهو بنفسه وبآرائه، «ويُحكى أنه عندما طرق باب الجنيد، سأل الشيخ: من هناك؟ فقال: أنا الحق «ولذلك تنبأ له الجنيد بنهاية سيئة؛ ويقصد الحلاج مكة حاجا ويصاحبه فى رحلته الثانية للحج أربعمائة مريد وربما كان عدد المريدين مزعجا للخليفة المقتدر بالله العباسى ولوزرائه وسدنة الحكم فى عصره ويعود للأهواز واعظا ويتنقل بين خراسان وفارس والعراق ويقيم فى بغداد ثم الهند ويوضح الحلاج لأهله سبب رحلته للهند دعوة الوثنيين لعبادة الله الواحد، وقد كان لرحلته هذه آثار كبيرة على شعراء الهند ونظرتهم للتصوف وجمال أدبياته ويزداد علما بالتصوف الهندى، ويتجه نحو الصين ويعود أخيرا إلى المقام الأخير ببغداد فى عام 290ه-903م وقد ألَّف الحلاج تسعة وأربعين كتابا والعجيب أنّ له كتابين فى السياسة منهما «الساسة والخلفاء والأمراء« ولم يتبق من كتبه سوى كتابه «الطواسين« وبعض قصائد منسوبة إليه.
اضطراب الدول والأفكار
قَوِى شأن القرامطة الجناح العسكرى للحركة الفاطمية الإسماعيلية فى عهد الدولة العباسية واضطربت البلاد ويُلقى القبض على الحلاج سنة (301ه-913م) بتهمة القرمطة وعندما كان الحلاج فى السجن سأله أحد الدراويش قائلا: «ما الحب؟« فقال: «ستراه اليوم وستراه غدا وستراه بعد غد« وفى اليوم نفسه قتلوه وفى اليوم التالى أحرقوه، وفى اليوم الثالث نثروا رماده فى الرياح على نهر دجلة.
ومن العجب أن أبا العلاء المعرى بعد مائة عام من مقتل الحلاج يقول إن عددا من الناس يأتون نهر دجلة انتظارا لعودته!
أنّمّارى شيمل والحلاج
فى كتاب المستشرقة الألمانية أنمارى شيمل عن تاريخ التصوف (ترجمة محمد اسماعيل ورضا حامد) وكتابها «الحلاج شهيد الحب الإلهى» توقفت حول الأجواء السياسية المضطربة فى عصره وكيف كان الحلاج ضحية البوح بأسرار الحب وأشادت بما كتبه ماسينيون عن الحلاج وكيف قدمه للغرب ومن ثم للعالم وقد كرّس ماسينيون كل حياته فى بحث الحلاج وعالمه الروحى وينشر سيرة الصوفى الشهيد بعد مقتل الحلاج بألف عام .
وتنقل أنمارى شيمل الآراء المتناقضة حوله فمنهم من يراه محتالا كابن النديم الذى يقول عنه فى كتابه الفهرست:
«كان الحسين بن منصور الحلاج رجلاً محتالاً مشعوذًا، يتعاطى مذاهب الصوفية، وينتحل ألفاظهم ويدعى كل علم، وكان صفرا من ذلك كله وكان يعرف شيئا من صناعة الكيمياء، وكان جاهلاً مقداماً متدهورا جسورا على السلاطين مرتكبا للعظائم، يروب أقلاب الدول ...»
وقد تزوج الحلاج من ابنة أحد الصوفيين وهى امرأته الوحيدة التى أنجب منها ابنهما حمد
كرامات الحلاج
ربما جرّت الكرامات على الحلاج الكثير من المشكلات، ويبدو أن زهوه بنفسه وجرأته فى قول الحق وكثرة أتباعه وشطط آرائه جرّ عليه من الاتهامات الكثير فرُمِى بالكفر والزندقة ويرى أبو طريف الشَّيْبى فى مقدمة ديوان الحلاج إنه حاول أن يدعو إلى مذهب سياسى وروحى يقوم على فقه معين ورياضات صوفية تتميز كلها بالشدة والإصرار على الوصول إلى الهدف مستهينا بالعقبات ولو بلغت الموت نفسه.
ومن كراماته التى تحكى عنه أنه فى مكة أحضر حلوى من اليمن فى يوم واحد وحاول أن يجد له أنصارا بين الفقراء والطوائف.
محكمة الحلاج
شُكلت محكمة الحلاج من قضاة بعض المذاهب ويبدو أنه كان مستهينا بهم وأنه آثر الموت ليحكم عليه قاضى القضاة أبو عمر الحمادى وأبو جعفر البهلول وأبو الحسين الأشنانى بالإعدام فيضرب ألف جلدة ثم قطعت أطرافه وفصلت رقبته وأحرقت جثته وألقوا برمادها فى نهر دجلة ليتحول الحلاج إلى رمز لمحاربة الظلم وجرأة الرأى وشهيد الحب الإلهى الذى كان يردد:
تعوّدت مسّ الضرّ حتى ألفتُهُ
وأسلمنى حُسن العزاء إلى الضرّ
وكان يردد وهم يقتلونه: اقتلونى يا ثقاتى/إن فى قتلى حياتى
وقد شكل القدر حيزا كبيرا فى فكره ويُنسب له قوله :
ما حيلة العبد والأقدار جارية عليه فى كل حَالٍ، أيها الرائى؟
ألقاه فى اليم مكتوفا وقال له: إياك إياك أن تبتل بالماء!
وقيل إنه ظلّ يرقص بينما يساق للمحكمة وهو مكبّل فى أغلاله وأخذ يترنم برباعياته الشعرية.
ولم يتناقض الناس حول شخص كما كان حالهم تجاه الحلاج فمنهم من يراه وليا ومنهم من رآه زنديقا .
طواسين الحلاج
من الكتب التى كتبها فى سجنه الذى جاوز عامين ويتكون من ثمانية أبواب كل باب منها يسمى طاسين، وينثر الحلاج فيه آراءه بشىء من الغموض والتلاعب بالألفاظ والتلميح دون التصريح فهو مجموعة من الترانيم فى تعظيم النبى صلى الله عليه وسلم الذى يرى «أن الله لم يخلق أحبّ إليه من محمد وآله» .
ويقول عن النبى صلى الله عليه وسلم وعن شمائله:
أنوار النبوة من نوره برزت، وأنوارهم من نوره ظهرت ،همته سبقت كل الهمم، ووجوده سبق العدم ،واسمه سبق القلم، قبل أن يخلق القلم ، لأنه كان قبل الأمم، ما كان فى الآفاق ووراء الآفاق وخارج نطاق الآفاق أظرف، وأشرف، وأعف، وآرأف، وأخوف، وأعطف مِن صاحب هذه القضية، وهو سيد البرية، العلوم كلها قطرة من بحره، والحكمة كلها حقنة من نهره، والأزمان كلها ساعة من دهره»
وقد دافع عنه الإمام الغزالى والشيخ عبد القادر الجيلى، وتلقفه الأدباء رمزا للحب والحرية ومنهم صلاح عبدالصبور وأدونيس والبياتى وعزالدين المدنى وغيرهم.
وقال الإمام عبدالقادر الجيلانى: عثر الحلاج ولم يكن فى زمانه من يأخذ بيده.. ولو أدركتُه لأخذت بيده.
صلاح عبدالصبور : مأساة الحلاج
من أجمل مسرحيات صلاح عبدالصبور تأتى مأساة الحلاج التى أقتطف منها:
-لا يا أصحابي
لا تلقوا بالا لي
أستودعكم كلماتى
- أحببنا كلماته
أكثر مما أحببناه
فتركناه يموت لكى تبقى الكلمات«
ابن الفارض
عندما كنتُ صغيرا كان أبى رحمه الله يأخذنى معه إلى مجلس الطريقة الخلوتية، وكنا نردد آيات القرآن الكريم والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، والأدعية المتوارثة ثم نردد منظومة الإمام الدردير فى التوسل بأسماء الله الحسنى:
تباركتَ يا الله ربى لك الثنا
فحمدا لمولانا وشكرا لربنا
بأسمائك الحسنى وأسرارها التى
أقمت بها الأكوان من حضرة الفنا
فندعوك يا الله يا مبدع الورى
يقينًا يقينا الهم والكرب والعنا
ويا رب يا رحمن هبنا معارفًا
ولطفًا وإحسانًا ونورًا يعمنا
وسر يا رحيم العالمين بجمعنا
إلى حضرة القرب المقدس واهدنا
ويا مالكً ملك جميع عوالمى
لروحى وخلص من سواك عقولنا
وقدس أيا قدوس نفسى من الهوى
وسلم جميعى يا سلام من الضنى
ويا مؤمن هب لى أمانًا وبهجةً
وجمّل جنانى يا مهيمن بالمُنى
إلى آخر هذه المنظومة الفريدة ثم نذكر الله على أصوات المنشدين الذين كانت أصواتهم تنساب فى عزف موسيقى استهوى الطفل الذى كنتُهُ ، فحفظت معظم الأشعار التى ينشدونها واكتشفت أنها لابن الفارض ومن هنا بدأت أبحث عنه.
وابن الفارض، هو أبو حفص شرف الدين عمر بن على بن مرشد الحموى، ولد بمصر سنة 576 ه الموافق 1181م، أحد أشهر الشعراء المتصوفين، وتدور أشعاره فى العشق الإلهى حتى إنه لقب ب«سلطان العاشقين«. والده من حماة فى
سوريا
، وهاجر لاحقاً إلى مصر وبها نشأ وتوفى رحمه الله سنة 632 ه الموافق 1235م ودُفن بجوار جبل المقطم فى مسجده المشهور.
ويدور ديوان ابن الفارض فى الذوبان عشقا فى ألفاظ فصيحة وجمل بليغة وقد انتقيت بعض قصائده غير المشهورة لكنى أراها من أجمل شعره.
المختارات الشعرية
الحلاج
والله ما طلعت شمس
والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت
إلا وحبّك مقرونٌ بأنفاسي
ولا خلوتُ إلى قوم أحدّثهم
إلا وأنت حديثى بين جُلاسي
ولا ذكرتك محزوناً ولا فَرِحا
إلا وأنت بقلبى بين وسواسي
ولا هممتُ بشرب الماء من عطش
إلا رَأَيْتُ خيالاً منك فى الكاس
ولو قدرتُ على الإتيان جئتُكم
سعياً على الوجه أو مشياً على الراس
ويا فتى الحيّ إن غّنيت لى طربا
فغّننى واسفا من قلبك القاسي
ما لى وللناس كم يلحوننى سفها
دينى لنفسى ودين الناس للناسِ
اقتلونى
أَقَتلونى يا ثِقاتي
إِنَّ فى قَتلى حَياتي
وَمَماتى فى حَياتي
وَحَياتى فى مَماتي
أَنا عِندى مَحوُ ذاتي
مَن أَجَلَّ المَكرُماتِ
وَبَقائى فى صِفاتي
مِن قَبيحِ السَيِّئاتِ
سَئِمَت روحى حَياتي
فى الرُسومِ البالِياتِ
فَاِقتُلونى وَاِحرِقوني
بِعِظامى الفانِياتِ
ثُمَّ مُرّوا بِرُفاتي
فى القُبورِ الدارِساتِ
تَجِدوا سِرَّ حَبيبي
فى طَوايا الباقِياتِ
إِنيّ شَيخٌ كَبيرٌ
فى عُلُوِّ الدارجاتِ
ثُمَّ إِنّى صِرتُ طِفلاً
فى حُجورِ المُرضِعاتِ
ساكِناً فى لَحدٍ قَبرٍ
فى أَراضٍ سَبِخاتِ
وَلَدَت أُمّى أَباها
إِنَّ ذا من عَجَباتي
فَبَناتى بَعدَ أَن كُن
نَ بَناتى أَخَواتي
لَيسَ مِن فِعلِ زَمانٍ
لا وَلا فِعلِ الزُناةِ
فَاجمَع الأَجزاء جَمعاً
مِن جُسومٍ نَيِّراتِ
مِن هَواءٍ ثُمَّ نارِ
ثُمَّ مِن ماءٍ فراتِ
فَازرَعِ الكُلَّ بِأَرضٍ
تُربُها تُربُ مَواتِ
وَتَعاهَدها بِسَقيٍ
مِن كُؤوسٍ دائِراتِ
مِن جَوارٍ ساقِياتٍ
وَسَواقٍ جارِياتِ
فَإِذا أَتَمَمتَ سَبعاً
أَنبَتَت كُلَّ نَباتِ
قلوب العارفين لها عيون
قلوبُ العاشِقينَ لَها عُيونٌ
تَرى ما لا يَراهُ الناظِرونا
وَأَلسِنَةٌ بِأَسرارٍ تُناجي
تَغيبُ عَنِ الكِرامِ الكاتِبينا
وَأَجنِحَةٌ تَطيرُ بغَيرِ ريشٍ
إِلى مَلَكوتِ رِبِّ العالِمينا
وَتَرتَعُ فى رِياضِ القُدسِ طَوراً
وَتَشرَبُ مِن بِحارِ العارِفينا
فَأَورَثَنا الشَرابُ عُلومَ غَيبٍ
تَشِفُّ عَلى عُلومِ الأَقدَمينا
شَواهِدُها عَلَيها ناطِقاتٌ
تُبَطِّلُ كُلَّ دَعوى المُدَّعينا
عِبادٌ أَخلَصوا فى السِرِّ حَتّى
دَنَوا مِنهُ وَصاروا واصِلينا
قُل لِمَن يَبكى عَلَينا حَزَناً
قل لمن يبكى علينا حزنا
إِفرَحوا لى قَد بَلَغنا الوَطَنا
إِنَّ مَوتى هُوَ حَياتى إِنَّني
أَنظُرُ اللَهَ جهاراً عَلَنا
مَن بَنى لى دارا فى دُنيا البَقا
لَيسَ يَبنى دارا فى دُنيا الفَنا
إِنَمّا المَوتُ عَلَيكُم راصِدٌ
سَوفَ يَنقُلكُم جَميعاً مِن هُنا
أَنا عُصفورٌ وَهَذا قَفَصي
كانَ سِجنى وَقَميصى كَفَنا
فَاِشكُروا اللَهَ الَّذى خَلَّصَنا
وَبَنى لى فى المَعالى مَسكَنا
فَاِفهَموا قَولى فَفيهِ نَبَأٌ
أَيَّ مَعنى تَحتَ قَولى كَمنا
وَقَميصى قَطّعوهُ قطَعاً
وَدَعوا الكُلَّ دَفين زَمَنا
لا أَرى روحِيَ إلا أَنتُمُ
وَاِعتِقادى أَنَّكُم أَنتُم أَنا
أَجرَيتُ فيكَ دُموعى
أجريتُ فيك دموعي
وَالدَمعُ مِنكَ إِلَيكَ
وَأَنتَ غايَةُ سُؤلي
وَالعَينُ وَسنى عَلَيكَ
فَإِن فَنى فيكَ بَعضي
حُفِظتُ منكَ لَدَيكَ
كادَت سَرائِرُ سَرّي
كادَت سَرائِرُ سَرّى أَن تُسَرَّ بِما
أَولَيتَنى مِن جَميلٍ لا أُسَمّيهِ
وَصاحَ بِالسِرِّ سِرٌّ مِنكَ يَرقُبُهُ
كَيفَ السُرورُ بِسِرٍّ دونَ مُبديهِ
فَظَلَّ يَلحَظُنى سِرّى لِأَلحَظَهُ
وَالحَقُّ يَلحَظُنى أَن لا أُخَلّيهِ
وَأَقبَلَ الوَجدُ يَفنى الكُلَّ مِن صِفَتي
وَأَقبَلَ الحَقُّ يُخفينى وَأُبديهِ
وقصرتُ عقلى
وَقَصَرتُ عَقلى بِالهُوِيَّةَ طالِباً
فَعادَ ضَعيفاً فى المَطالِبِ هاوِيا
وَكُنتُ لِرَبِّ العالَمينَ لِنُصرَةٍ
فَلا تَتَعَجَّل فى التَطَلُّبِ جارِيا
تَحَقَّق بِأَنَّ الحَقَّ بِمُدرَكٍ
فَلا تَدَّعيهِ جَهلاً وَمُرائِيا
وَلَكِنَّهُ يَبدو مِراراً وَيَختَفي
فَيَعرِفُهُ مَن كانَ بِالعِلمِ حالِيا
جلال الدين الرومى
(ترجمة د.عيسى على العاكوب)
يقول الرّومىّ فى المثنوىّ:
ذلك الذى يجعل الوردَ والشجر نارًا
قادرٌ أيضاً على أن يجعل النارَ بَرْدًا وسلاما.
ذلك الذى يخرج الوردَ من قلب الأشواك
قادرٌ أيضاً على أن يجعل الشتاءَ ربيعا.
ذلك الذى به يتحرّر كلُّ سَرْوٍ (يظلّ دائمَ الخضرة)
قادرٌ على أن يجعل الألَم سروراً.
ذلك الذى به يغدو كلُّ معدومٍ موجودا
ماذا يضيره لو أبقاه دائما؟
ويقول أيضًا:
التمس معنى القرآن من القرآن وحدَه،
ومن شخصٍ أضرم النارَ فى هوَسه وهواه،
وصار قربانا للقرآن مزدريًا لنفسه،
حتى صار عينُ روحه قرآنا.
والزيتُ الذى صار كلّه فداءً للورد
سواءٌ أشممتَ منه الزيتَ أم الورد!
ويقول فى ديوان: شمس تبريز:
قُرِع طبْلُ الوفاء، ونُظّف طريقُ السماء،
فرحُك هنا اليوم، فماذا يبقى لغدٍ؟
جيوشُ النهار هزمت جيش اللّيل،
والسّماءُ والأرضُ مملوءتان باللّمعان والصّفاء
آهِ، أيّ فرح ينتظر مَنْ نجا من عالم العطور والألوان هذا!
لأنّ وراء هذه الألوان والعطور ألوان أخرى فى القلب والرّوح.
آهِ، أيُّ فرح لهذا الرّوح وهذا القلب اللذين نَجَوا من أرض الماء والطين،
رغم أن هذا الماء وهذا الطّين مَعْدِنُ الكيمياء (الحجر الفلسفيّ).
ويقول أيضًا:
كلٌ لحظةٍ يصلُ صوتُ العِشْق من الشمال واليمين؛
نحن ماضون إلى الفلَك، ، فمَنْ لديه عزْمُ التنزّه
كنّا حينًا فى الفلَك، وكنّا أصدقاء للملّك،
فدَعْنا جميعًا نَعُدْ إلى هناك، فتلكَ مدينتُنا.
نحن أسمى من الفلك' وأعظم من الملَك،
فلماذا لا نمضى إلى ما بعدهما؟
- إنّ منزلنا هو الكبرياءُ
أين الجوهرُ الخالصُ مِنْ دنيا التراث؟
لِم نزلتَ إلى هنا؟- تحمَّلْ [ارحَلْ] مِنْ هنا، أيّ مكان هذا؟
الحظّ الحسَنُ حبيبُنا، وتقديم الرّوح مذهبنا، وأمير قافلتنا فخْرُ الدنيا المصطفى!
الخَلْق مثُل طير البحر، يولدون من بحر الرّوح،
كيف يمكن هذا الطائرَ، الآتى من ذلك البحر، أن يجعل إقامته هنا؟
لا، نحن دُرَرٌ فى قلب البحر، مقيمون جميعًا فيه،
وإلاّ فِلم يتعاقبُ الموجُ مِنْ بحر القلْب؟
جاءت موجةُ «ألستُ بربّكم« فحطّمت مركب الجسد؛
وعندما يتحطم المركبُ ثانيةً، تكون نوبةُ الوَصْل واللقاء.
أمّا فى الرّباعيات فيطالعنا مثلُ قوله:
فى يمّ الإخلاص، ذُبتُ كالمِلْح،
ليس عندى مزيدُ عقوق وإيمان، ولا يقين ولا شكّ
فى قلبى نجم يسطع،
وفى ذلك النجم توارت السّمواتُ السبّع.
هيّا فقد جاء، جاء، ذلك الذى لم يغادر.
هذا الماءُ لم يبعد عن النهر.
إنّه نافجةُ المسك، ونحن عبيره.
هل رأيت المِسْك يومًا مفصولاً عن رائحته
آهِ، يا قلبيَ المتيَّم! نحو المعشوق طريق يأتى من الرّوح.
آهِ، أٌيها التّائهُ! هناك طريق، خفيّ لكن يمكن رؤيته.
هل امّحت الجهاتُ السٌتُّ؟- لا تحزن:
فى صميم وجودك، ثمة طريق إلى المعشوق.
منذ أن أترع الحبُّ قلبي،
لم يستطع جارى النومَ بسبب آهاتي
والآن تضاءلت آلامي، ونما حبّي:
فعندما تشتعل النارُ بقوّة الرّيح، لا يبقى لها دخان
قصيدة لجلال الدين الرومى ترجمة زهير سالم عن الفارسية بتصرف
أنصت إلى الناى يحكى حكايته..
ومن ألم الفراق يبث شكايته:
ومذ قطعت من الغاب، والرجال والنساء لأنينى يبكون
أريد صدراً مِزَقاً مِزَقاً برَّحه الفراق
لأبوح له بألم الاشتياق..
فكل من قطع عن أصله
دائماً يحن إلى زمان وصله..
وهكذا غدوت مطرباً فى المحافل
أشدو للسعداء، وأنوح للبائسين
وكلٌ يظن أننى له رفيق
ولكن أياً منهم (السعداء والبائسين) لم يدرك حقيقة ما أنا فيه!!
لم يكن سرى بعيداً عن نواحي، ولكن
أين هى الأذن الواعية، والعين المبصرة؟!!
فالجسم مشتبك بالروح، والروح متغلغلة فى الجسم..
ولكن أنى لإنسان أن يبصر تلك الروح؟
أنين الناى نار لا هواء..
فلا كان من لم تضطرب فى قلبه النار..
نار الناى هى سورة الخمر، وحمى العشق
وهكذا كان الناى صديق من بان
وهكذا مزقت ألحانه الحجب عن أعيننا..
فمن رأى مثل الناى سماً وترياقاً؟!
ومن رأى مثل الناى خليلاً مشتاقاً؟!
إنه يقص علينا حكايات الطريق التى خضبتها الدماء
ويروى لنا أحاديث عشق المجنون
الحكمة التى يرويها، محرمة على الذين لا يعقلون،
إذ لا يشترى عذب الحديث غير الأذن الواعية.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
أنماري شيمل : قصة شرقية غربية
حفنة كلام
حفنة كلام
أنماري شيمل : قصة شرقية غربية
حفنة كلام
أنماري شيمل : قصة شرقية غربية
خالد محمد عبده يكتب: في ذكرى مولانا جلال الدين الرومي
الشاعر والفقيه والصوفي (حضرة مولانا) جلال الدين الرومي
أبلغ عن إشهار غير لائق