"الوطنية للانتخابات" تعلن أسماء المرشحين بجولة الإعادة للمرحلة الأولى ل30 دائرة انتخابية ملغاة بحكم قضائي    بتكلفة 10.5 مليون جنيه، افتتاح 5 مساجد بمراكز إهناسيا والفشن وبني سويف    صوتي أمانة.. "غازي" عنده 60 سنة ونازل ينتخب بكفر الشيخ: شاركت أنا وعيلتي كلها| صور    محافظ سوهاج يحيل العاملين بمركز شباب قرية عنيبس للتحقيق    البورصة: ارتفاع رصيد شهادات الإيداع الدولية ل"CIB" إلى 164 مليون شهادة    البنك المركزي الأوروبي يثبت أسعار الفائدة للاجتماع الرابع على التوالي    «إنفنيتي» توقع اتفاقية مع «فاليو» لتوفير خدمات شحن السيارات الكهربائية المنزلية    الصحة اللبنانية: 4 جرحى فى الغارة على الطيبة قضاء مرجعيون    ترامب يوافق على 10 مليارات دولار أسلحة لتايوان.. والصين تحذر من نتائج عكسية    رغم الأمطار الغزيرة، توافد الجماهير على استاد لوسيل لحضور نهائي كأس العرب (فيديو)    جدول امتحانات النقل الثانوي العام والبكالوريا بالقليوبية    الأرصاد: تغيرات مفاجئة فى حالة الطقس غدا والصغرى تصل 10 درجات ببعض المناطق    طوابير على لجان كفر الشيخ للإدلاء بأصواتهم فى انتخابات النواب.. مباشر    المفتى: الطعن فى العربية بدعوى التحديث استهداف للهوية وضرب لأساس الوحدة الثقافية    عرض فيلم صوت هند رجب المُرشح للأوسكار في 12 دولة عربية    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    وزارة التموين تفتتح سوق اليوم الواحد بحدائق الأهرام    هل تتازل مصر عن أرص السخنة لصالح قطر؟.. بيان توضيحي هام    إطلاق مبادرة مصر معاكم لرعاية الأبناء القصر لشهداء وضحايا الحرب والإرهاب    ضبط أحد الأشخاص لقيامه ببيع مشروبات كحولية مغشوشة ومجهولة المصدر بالإسكندرية    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن النتائج الرسمية لانتخابات 30 دائرة ملغاة    البرهان يزور القاهرة لبحث تهدئة الأزمة السودانية وتعزيز العلاقات الثنائية    لحظة خروج جثمان الفنانة نيفين مندور من مشرحة الإسكندرية.. مباشر    كلية العلوم بجامعة قناة السويس تستقبل طلاب مدرسة السادات الثانوية العسكرية    وفد الأهلي في ألمانيا لبحث التعاون مع نادي ريدبول    الأمطار توقف مباراة السعودية والإمارات بعد الشوط الأول    محافظ الجيزة يعتمد مواعيد امتحانات الفصل الدراسي الأول للصفوف الدراسية    الداخلية تضبط شخصين يوزعان أموالا بمحيط لجان أجا بالدقهلية    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    الحماية المدنية تواصل جهودها في رفع الركام من أسفل العقار المنهار من أجل الباحث عن ضحايا بالمنيا    هيئة البث: نتنياهو يترأس فريقا وزاريا لتحديد اختصاصات لجنة التحقيق فى 7 أكتوبر    الرعاية الصحية: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي قدّم 27 ألف خدمة منذ بدء تشغيل التأمين الصحي الشامل    الصحة: تقديم 11.6 مليون خدمة طبية بالمنشآت الصحية بالمنوفية    ضبط شخص نشر أخبار كاذبة عن تحرش بالأطفال داخل مدرسة في التجمع الخامس    مدن سودانية رئيسية بلا كهرباء عقب قصف بطائرات مسيّرة استهدف محطة طاقة    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    مدبولى: التخطيط القومى أصبح نموذجا رائدا أقيمت على غراره معاهد عربية وإفريقية    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    الداخلية تضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متنوعة خلال 24 ساعة    استهداف سيارة عبر طائرة مسيّرة في مرجعيون بجنوب لبنان    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    أستاذ علوم سياسية: التوسع الاستيطاني يفرغ عملية السلام من مضمونها    مركز التنمية الشبابية يستعد للبطولة التنشطية لمشروع كابيتانو مصر    الكوكي: الأهلي المرشح الأبرز للدوري وبيراميدز أقرب منافسيه    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    نفي ادعاءات بوجود مخالفات انتخابية بلجنتين بدائرة زفتى بالغربية    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    راشد الماجد يشعل حفله في مصر ويهدي أغنية ل ملك السعودية: "عاش سلمان" (فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    خالد أبو بكر يدعو الجماهير والأندية لدعم الزمالك.. جزء من تاريخ مصر    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حفنة كلام
أنماري شيمل : قصة شرقية غربية

في هذا الشهر تحل ذكري ميلاد المستشرقة أنَّماري شيمل Annemarie Schimmel التي وُلدت في السابع من أبريل 1922 بمدينة إرفورت الألمانية، وقد قرأت في طفولتها إحدي القصص العربية جعلتها تقرر أن تكون حياتها كلها هبة للغة العربية وللتراث الإسلامي كله. وقد درست في الخامسة عشرة من عمرها اللغة العربية وصارت منذ ذلك الحين من عشاقها ، وفي التاسعة عشرة من عمرها حصلت علي درجة الدكتوراه في الدراسات العربية والإسلامية من جامعة برلين وفي 1946 حصلت علي درجة الأستاذية من جامعة ماربورج ولكنها لم تعين أستاذة في الجامعة في ذلك الوقت حيث كان الأساتذة لا يتخيلون أن أستاذة أنثي تحتل منصب الأستاذية ، ولذا فقد عُينت أستاذة بجامعة أنقرة بتركيا وأخذت تلقي محاضراتها هناك باللغة التركية التي تجيدها مع إجادتها لعديد من اللغات كالعربية والفارسية والأردية ومعظم اللغات الهندية والأوروبية وفي 1951 تحصل أنيماري شيمل علي درجة الدكتوراه مرة أخري في تاريخ الأديان ، وفي 1961 تُعين بكلية الآداب بجامعة بون ، وقضت فترة تدريس في جامعة هارفارد وكامبردج وجامعات تركيا وإيران وباكستان وأفغانستان ، وقد اعتادت أنّماري شيمل أن تكون ضمن الوفد الرسمي عند زيارة رؤساء ألمانيا للدول الإسلامية. وعندما فازت في الرابع من مايو 1995 بجائزة السلام السنوية التي تمنح لأحد كبار المفكرين والأدباء الألمان كل عام قبيل معرض الكتاب الدولي في فرانكفورت حيث يُحتفي بالمكرّم ، وقبيل تسليمها الجائزة سُئلت في حوار تليفزيوني عن رأيها في سلمان رشدي فتحدثت كناقدة عن أعماله التي وصفتها بالسطحية ومنافقة الغرب وأنه قد جرح مشاعر المسلمين بكتابه «آيات شيطانية»، وكيف أن روايته آذت مشاعر المسلمين وشعرت هي شخصيا بالإيذاء من كلماته النابية. ولم تكد تنهي حوارها التليفزيوني حتي قامت قيامة أنصار سلمان رشدي في العالم ضدها؛ ولكنها لم تأبه بذلك، وظلت تردد»في 80 كتابا بذلتُ جهدي في نقل صورة الإسلام للقارئ الأوروبي وأنا أري أن ذلك نشاط سياسي وأنني أمضيت حياتي نحو إيجاد تفاهم غربي للحضارة الشرقية»، ولقد عبر سلمان رشدي من مخبئه المجهول عن خيبة أمله لفوزها بهذه الجائزة وتصريحها ضده؛ وقد عقب البروفيسور اشتيفان فيلد العميد بكلية الآداب بجامعة بون علي هذه الجائزة «إن السيدة شيمل تستحق الجائزة حيث قامت بتفهيم الغرب حضارة الاسلام، وبسط التصوف للمتلقي الأوروبي، وأنها تحظي بتقدير كبير في البلدان الإسلامية، إن لاسمها وقع السحر في تركيا وباكستان وإيران، لقد أنفقت حياتها في خدمة الإسلام، حيث سميت أهم شوارع باكستان واستانبول وطهران باسمها وقد زارت مصر واليمن وبغداد والهند». وقد كرمتها مصر وبعض البلدان العربية. وقد قال عنها رئيس الجمهورية الألمانية الاتحادية السابق رومان هيرتسوج في خطابه في حفل تكريمها :«إنه لولا أَنَّماري شيمل لما عرف الألمان الكثير عن الإسلام، ولما أدركوا أن الصورة النمطية التي تروج عنه لا تستند إلي شيء من تعاليم هذا الدين» ودعا رئيس الجمهورية إلي قراءة كتب شيمل جيدا لإدراك تعاطفها الحقيقي مع قيم الإسلام النبيلة وحضارته العظيمة، وأنها كانت دائما ساعية إلي التفاهم بين الثقافات، وهي الرسالة التي يجب أن ينهض بها المثقفون في كل العالم، ومضي قائلا «لقد فتحت لي قلوب المسلمين في كل زياراتي للبدان الإسلامية»
و ظلت تدرّس بكلية الآداب بجامعة بون، وتلقي محاضراتها عن التصوف الإسلامي الذي اتخذته منهجا وحياة وعشقا وسلوكا. ويعد مولانا جلال الدين الرومي أحب الشخصيات الصوفية إلي قلبها وقد ترجمت بعض أشعاره في كتاب بعنوان « رومي؛ أنا الريح وأنت النار» وقدمت في كتابها حدائق المعرفة ترجمة لأربعين وليا من أولياء المتصوفة، بينما يعد كتابها «أبعاد التصوف الإسلامي قصة التصوف» الذي قاربت صفحاته من الألف أهم مرجع في دراسة تاريخ التصوف الإسلامي في كل بلدانه مع تعدد لغاته حيث قدمت فيه التراث الصوفي الأدبي في ترجمة أدبية رفيعة المستوي ونقد أدبي للنصوص وتعريف بأصحابها وبعصورها المختلفة، كما قامت بترجمة أشعار الحلاج . ومن كتبها (فيه ما فيه)، و(شهيد العشق الإلهي) و(إشراقة الشمس)، و (رسالة الشرق) و (عالم الإسلام)، و(إسلام أوروبا)، ومن أهم أعمالها كتابها عن النبي محمد صلي الله عليه وسلم، وقد اقتبست عنوانه من الشهادة: «... وأن محمداً رسول الله» وقد ترجمت في صدر هذا الكتاب رباعية باللغة الأوردية كتبها شاعر هندوسي، يقول فيها: «قد أكون كافراً أو مؤمناً ولكن هذا شيء علمه عند الله وحده، أود أن أنذر نفسي كعبد مخلص، لسيد المدينة العظيم، محمد رسول الله» وعندما هوجمت لاحتفائها الزائد بالإسلام ورسوله أجابت «إنني أحبه».. كما أصدرت ديوانين شعريين من أشعارها وهما «أغنية الناي» و«مرآة قمر شرقي» وأتساءل متي نترجم هذه الأعمال الرائدة إلي لغتنا العربية؟
وقد أوقَفت أموالها منحا دراسية للمستشرقات الأوربيات اللواتي يبحثن في علوم الإسلام والتصوف. وقد حصلت علي عدة جوائز عالمية.
في السابع والعشرين من يناير 2003 توفيت أنماري شيمل عن عمر يناهز الثمانين وعندما بلغني خبر وفاتها تذكرتُ عندما دعتني لبيتها في شارع لينيه ببون حينما كنتُ أستاذا زائرا بجامعة بون فوجدته واحة شرقية بكتبه ومخطوطاته ولوحاته وسجاده وأوانيه ورحت أسألها وهي تقدم لي الشاي والتمر : كيف تتحملين هذا الهجوم الإعلامي ضدك ؟، ابتسمت عيناها وقالت «إنني لا أهتم بذلك الهجوم لأنهم يكتبون عن حقد والحاقد لا يري الحقيقة وأنا أكتب عن حب والعاشق يري الحقيقة والجمال، إنني عاشقة لهذا العالم الإسلامي وسأظل هكذا حتي وفاتي». ما أحوج الشرق والغرب إلي سماحة أمثال أنماري شيمل.
الأمين العام السابق للمجلس الأعلي للثقافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.