أول تعليق من هيثم الحريرى على سبب استبعاده من انتخابات النواب    طب قصر العيني تناقش تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي    نائب وزير المالية: دين أجهزة الموازنة انخفض بأكثر من 10٪؜ من الناتج المحلي    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة المصرية بعد مرور 90 دقيقة من بدء التداولات    رسائل قوية من السيسي خلال افتتاح منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة    خماسية النصر نهاية مشوار جوزيه جوميز مع الفتح السعودي؟    الذكاء الاصطناعي يتوقع نتيجة مباراة ليفربول ضد مانشستر يونايتد    الداخلية تضبط تجار عملة بتعاملات غير مشروعة تجاوزت 12 مليون جنيه    كيت بلانشيت في الجلسة الحوارية بمهرجان الجونة : اللاجئين يمنحونى الأمل والإلهام وطورنا صندوق دعمهم    السياحة: استمرار إتاحة الجولة الافتراضية لكنوز توت عنخ آمون بمتحف التحرير (رابط مباشر)    الرعاية الصحية: إنشاء إطار إقليمي موحد لدعم أداء المنشآت الصحية مقره مدينة شرم الشيخ    بوتين اشترط خلال اتصاله مع ترامب تسليم أوكرانيا أراضٍ رئيسية لإنهاء الحرب    بعد الزيادة الأخيرة.. الوادي الجديد تعلن تفاصيل سعر أسطوانات البوتاجاز بالمراكز والقرى    وصول بعثة الأهلي إلى مصر عقب الفوز على بطل بوروندي (صور)    خاص.. أول تعليق من والد خوان بيزيرا على دعم جمهور الزمالك في مباراة ديكيداها بكأس الكونفدرالية    مواعيد مباريات اليوم الأحد 19 أكتوبر والقنوات الناقلة    لماذا يعد الاعتداء على المال العام أشد حرمة؟.. متحدث وزارة الأوقاف يوضح    قصر العيني يدعو لتسريع رقمنة البيانات في المؤتمر الدولي الأول لجامعة القاهرة    افتتاح أعمال النسخة الخامسة من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 19-10-2025 في محافظة الأقصر    إطلاق قافلة زاد العزة ال53 إلى غزة بحمولة 8500 طن مساعدات    «عبدالغفار» يشهد توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر و«الصحة العالمية»    متحدث الصحة: مبادرة صحة الرئة قدمت أكثر من 55 ألف خدمة للمواطنين    أمل جديد .. طرح أول لقاح يحمى من الإيدز بنسبة 100% يؤخذ مرة كل شهرين    خروج 6 مصابين بعد تلقى العلاج فى حادث انقلاب سيارة وإصابة 13 بالمنيا    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    نقيب الصحفيين: بلاغ لوزير الداخلية ووقائع التحقيق مع الزميل محمد طاهر «انتهاك صريح لقانون النقابة»    أحمد العوضي يحقق أمنية طفلة محاربة للسرطان بالتمثيل في فيلمه مع مي عمر    أحمد سعد يغادر إلى ألمانيا بطائرته الخاصة استعدادًا لحفله المنتظر    بوني يقود إنتر لانتصار ثمين على روما في كلاسيكو الكالتشيو    «العمل العربية» تشارك في الدورة ال72 للجنة الإقليمية بالصحة العالمية    شبانة: أداء اليمين أمام مجلس الشيوخ مسئولية لخدمة الوطن والمواطن    وزارة السياحة والآثار تنفي التقدّم ببلاغ ضد أحد الصحفيين    مصرع عروسين اختناقًا بالغاز داخل شقتهما ليلة الزفاف بمدينة بدر    نتنياهو: الحرب ستنتهي بعد تنفيذ المرحلة الثانية بما يشمل نزع سلاح حماس    ترامب: دمرنا غواصة ضخمة تهرب مخدرات كانت في طريقها للولايات المتحدة    حنان مطاوع تخوض سباق رمضان 2026 بمسلسل "المصيدة"    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    استعدوا لأشد نوات الشتاء 2026.. الإسكندرية على موعد مع نوة الصليب (أبرز 10 معلومات)    100 فكرة انتخابية لكتابة برنامج حقيقي يخدم الوطن    «زي النهارده».. توقيع اتفاقية الجلاء 19 أكتوبر 1954    «الشيوخ» يبدأ فصلًا تشريعيًا جديدًا.. وعصام الدين فريد رئيسًا للمجلس بالتزكية    بعد هبوط الأخضر بالبنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 19-10-2025    ارتفاع يصل إلى 37 جنيهًا في الضاني والبتلو، أسعار اللحوم اليوم بالأسواق    جدول ترتيب الدوري السعودي بعد خماسية النصر.. موقف الهلال والفتح    وائل جسار: فخور بوجودي في مصر الحبيبة وتحية كبيرة للجيش المصري    لا تتردد في استخدام حدسك.. حظ برج الدلو اليوم 19 أكتوبر    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    «سيوافقان على الانضمام».. عمرو الحديدي يطالب الأهلي بالتعاقد مع ثنائي بيراميدز    أسعار طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 19 أكتوبر 2025    محمود سعد يكشف دعاء السيدة نفيسة لفك الكرب: جاءتني الألطاف تسعى بالفرج    غضب ومشادات بسبب رفع «الأجرة» أعلى من النسب المقررة    الخارجية الأميركية تزعم نية حماس شن هجوم واسع ضد مواطني غزة وتحذر من انتهاك وقف إطلاق النار    شبورة كثيفة وسحب منخفضة.. بيان مهم من الأرصاد الجوية بشأن طقس مطروح    رابط المكتبة الإلكترونية لوزارة التعليم 2025-2026.. فيديوهات وتقييمات وكتب دراسية في مكان واحد    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنماري شيمل : قصة شرقية غربية
حفنة كلام

في هذا الشهر تحل ذكري ميلاد المستشرقة أنَّماري شيمل Annemarie Schimmel التي وُلدت في السابع من أبريل 1922 بمدينة إرفورت الألمانية، وقد قرأت في طفولتها إحدي القصص العربية جعلتها تقرر أن تكون حياتها كلها هبة للغة العربية وللتراث الإسلامي كله. وقد درست في الخامسة عشرة من عمرها اللغة العربية وصارت منذ ذلك الحين من عشاقها ، وفي التاسعة عشرة من عمرها حصلت علي درجة الدكتوراه في الدراسات العربية والإسلامية من جامعة برلين وفي 1946 حصلت علي درجة الأستاذية من جامعة ماربورج ولكنها لم تعين أستاذة في الجامعة في ذلك الوقت حيث كان الأساتذة لا يتخيلون أن أستاذة أنثي تحتل منصب الأستاذية ، ولذا فقد عُينت أستاذة بجامعة أنقرة بتركيا وأخذت تلقي محاضراتها هناك باللغة التركية التي تجيدها مع إجادتها لعديد من اللغات كالعربية والفارسية والأردية ومعظم اللغات الهندية والأوروبية وفي 1951 تحصل أنيماري شيمل علي درجة الدكتوراه مرة أخري في تاريخ الأديان ، وفي 1961 تُعين بكلية الآداب بجامعة بون ، وقضت فترة تدريس في جامعة هارفارد وكامبردج وجامعات تركيا وإيران وباكستان وأفغانستان ، وقد اعتادت أنّماري شيمل أن تكون ضمن الوفد الرسمي عند زيارة رؤساء ألمانيا للدول الإسلامية. وعندما فازت في الرابع من مايو 1995 بجائزة السلام السنوية التي تمنح لأحد كبار المفكرين والأدباء الألمان كل عام قبيل معرض الكتاب الدولي في فرانكفورت حيث يُحتفي بالمكرّم ، وقبيل تسليمها الجائزة سُئلت في حوار تليفزيوني عن رأيها في سلمان رشدي فتحدثت كناقدة عن أعماله التي وصفتها بالسطحية ومنافقة الغرب وأنه قد جرح مشاعر المسلمين بكتابه «آيات شيطانية»، وكيف أن روايته آذت مشاعر المسلمين وشعرت هي شخصيا بالإيذاء من كلماته النابية. ولم تكد تنهي حوارها التليفزيوني حتي قامت قيامة أنصار سلمان رشدي في العالم ضدها؛ ولكنها لم تأبه بذلك، وظلت تردد»في 80 كتابا بذلتُ جهدي في نقل صورة الإسلام للقارئ الأوروبي وأنا أري أن ذلك نشاط سياسي وأنني أمضيت حياتي نحو إيجاد تفاهم غربي للحضارة الشرقية»، ولقد عبر سلمان رشدي من مخبئه المجهول عن خيبة أمله لفوزها بهذه الجائزة وتصريحها ضده؛ وقد عقب البروفيسور اشتيفان فيلد العميد بكلية الآداب بجامعة بون علي هذه الجائزة «إن السيدة شيمل تستحق الجائزة حيث قامت بتفهيم الغرب حضارة الاسلام، وبسط التصوف للمتلقي الأوروبي، وأنها تحظي بتقدير كبير في البلدان الإسلامية، إن لاسمها وقع السحر في تركيا وباكستان وإيران، لقد أنفقت حياتها في خدمة الإسلام، حيث سميت أهم شوارع باكستان واستانبول وطهران باسمها وقد زارت مصر واليمن وبغداد والهند». وقد كرمتها مصر وبعض البلدان العربية. وقد قال عنها رئيس الجمهورية الألمانية الاتحادية السابق رومان هيرتسوج في خطابه في حفل تكريمها :«إنه لولا أَنَّماري شيمل لما عرف الألمان الكثير عن الإسلام، ولما أدركوا أن الصورة النمطية التي تروج عنه لا تستند إلي شيء من تعاليم هذا الدين» ودعا رئيس الجمهورية إلي قراءة كتب شيمل جيدا لإدراك تعاطفها الحقيقي مع قيم الإسلام النبيلة وحضارته العظيمة، وأنها كانت دائما ساعية إلي التفاهم بين الثقافات، وهي الرسالة التي يجب أن ينهض بها المثقفون في كل العالم، ومضي قائلا «لقد فتحت لي قلوب المسلمين في كل زياراتي للبدان الإسلامية»
و ظلت تدرّس بكلية الآداب بجامعة بون، وتلقي محاضراتها عن التصوف الإسلامي الذي اتخذته منهجا وحياة وعشقا وسلوكا. ويعد مولانا جلال الدين الرومي أحب الشخصيات الصوفية إلي قلبها وقد ترجمت بعض أشعاره في كتاب بعنوان « رومي؛ أنا الريح وأنت النار» وقدمت في كتابها حدائق المعرفة ترجمة لأربعين وليا من أولياء المتصوفة، بينما يعد كتابها «أبعاد التصوف الإسلامي قصة التصوف» الذي قاربت صفحاته من الألف أهم مرجع في دراسة تاريخ التصوف الإسلامي في كل بلدانه مع تعدد لغاته حيث قدمت فيه التراث الصوفي الأدبي في ترجمة أدبية رفيعة المستوي ونقد أدبي للنصوص وتعريف بأصحابها وبعصورها المختلفة، كما قامت بترجمة أشعار الحلاج . ومن كتبها (فيه ما فيه)، و(شهيد العشق الإلهي) و(إشراقة الشمس)، و (رسالة الشرق) و (عالم الإسلام)، و(إسلام أوروبا)، ومن أهم أعمالها كتابها عن النبي محمد صلي الله عليه وسلم، وقد اقتبست عنوانه من الشهادة: «... وأن محمداً رسول الله» وقد ترجمت في صدر هذا الكتاب رباعية باللغة الأوردية كتبها شاعر هندوسي، يقول فيها: «قد أكون كافراً أو مؤمناً ولكن هذا شيء علمه عند الله وحده، أود أن أنذر نفسي كعبد مخلص، لسيد المدينة العظيم، محمد رسول الله» وعندما هوجمت لاحتفائها الزائد بالإسلام ورسوله أجابت «إنني أحبه».. كما أصدرت ديوانين شعريين من أشعارها وهما «أغنية الناي» و«مرآة قمر شرقي» وأتساءل متي نترجم هذه الأعمال الرائدة إلي لغتنا العربية؟
وقد أوقَفت أموالها منحا دراسية للمستشرقات الأوربيات اللواتي يبحثن في علوم الإسلام والتصوف. وقد حصلت علي عدة جوائز عالمية.
في السابع والعشرين من يناير 2003 توفيت أنماري شيمل عن عمر يناهز الثمانين وعندما بلغني خبر وفاتها تذكرتُ عندما دعتني لبيتها في شارع لينيه ببون حينما كنتُ أستاذا زائرا بجامعة بون فوجدته واحة شرقية بكتبه ومخطوطاته ولوحاته وسجاده وأوانيه ورحت أسألها وهي تقدم لي الشاي والتمر : كيف تتحملين هذا الهجوم الإعلامي ضدك ؟، ابتسمت عيناها وقالت «إنني لا أهتم بذلك الهجوم لأنهم يكتبون عن حقد والحاقد لا يري الحقيقة وأنا أكتب عن حب والعاشق يري الحقيقة والجمال، إنني عاشقة لهذا العالم الإسلامي وسأظل هكذا حتي وفاتي». ما أحوج الشرق والغرب إلي سماحة أمثال أنماري شيمل.
الأمين العام السابق للمجلس الأعلي للثقافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.