إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    منال عوض تبحث فرص التوسع في الاستثمارات البيئية بالمحميات الطبيعية    الرقابة المالية توافق على التأسيس والترخيص ل 6 شركات بأنشطة صندوق الاستثمار العقاري والتخصيم والتمويل العقاري وإدارة الصناديق    كوبارسي يدخل تاريخ برشلونة برقم مميز    شوبير يوضح تفاصيل عرض لاعب الزمالك على الأهلي خلال الميركاتو الشتوي    تحريات حادث مصرع الفنانة نيفين مندور في حريق شقتها: النيران التهمت غرفتها وزوجها كان في الصالة    فضيحة شركات السياحة المزيفة.. ضبط المتهمين بالنصب على المواطنين في رحلات الحج والعمرة    درجة الحرارة 1.. غيوم وأمطار غزيرة على مدينة سانت كاترين    محافظ أسوان يشيد بنجاح جراحة دقيقة للعمود الفقرى في مستشفى دراو المركزي    رويترز: ضغوط أمريكية على باكستان للمساهمة في قوة الاستقرار الدولية بغزة    عاجل- الاحتلال الإسرائيلي يرتكب 11 خرقًا جديدًا لوقف إطلاق النار في غزة    إقبال كثيف من المواطنين على التصويت فى جولة الإعادة بالمقطم    نساء المطرية يسيطرن على المشهد الانتخابي فى اليوم الأول بجولة الإعادة    مواعيد مباريات منتخب مصر في أمم إفريقيا 2025 بالمغرب    «إكسترا نيوز» ترصد التصويت في جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب في جنوب سيناء    غرفة عمليات حماة الوطن تتابع التصويت بجولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب بالمرحلة الثانية    "متبقيات المبيدات" يستقبل وفدا صينيا رفيع المستوى لتعزيز جهود فتح الأسواق العالمية    خروج عربة قطار عن القضبان بمحطة الحامول في المنوفية (صور)    صناع فيلم "فلسطين 36" يتحدثون عن ترشيح الفيلم للأوسكار: شرف وفخر وجهد كبير    قاضى قضاة فلسطين: الدور المصرى تجاه القضية الفلسطينية ممتد وتاريخى    فيلم "الست" بطولة منى زكي يحقق إيرادات وصلت إلى 13.5 مليون جنيه    عرض مسرحي في الأوبرا يتتبع روايات «باكثير» احتفالا بمرور 115 عاما على ميلاده    «الخارجية» تصدر الكتاب الأبيض حول مبدأ الاتزان الاستراتيجي في السياسة المصرية    بعد إدراج الكشري على قائمة اليونسكو.. رحلة في جذور الأكلات الشعبية المصرية    محافظ قنا يوجه بحملات مرورية مكثفة للحد من حوادث الطرق    إصابة 4 أشخاص إثر حادث إنقلاب سيارة بصحراوى أسيوط    وأنا أحبك يا سليمة.. أول رواية لشريف سعيد الفائز بجائزة نجيب محفوظ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17-12-2025 في محافظة الأقصر    الأربعاء.. 18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    59 تهمة بينها 15 قتل.. تفاصيل التهم الموجهة لمنفذ هجوم سيدنى الإرهابى    تزايد اقبال المواطنين بلجان انتخابات الإعادة لمجلس النواب بالغربية    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    مصر تواجه تغير المناخ بمشروع الإسكان الأخضر.. تنفيذ 68 ألف وحدة سكنية بتكلفة تتخطى ال 52 مليار جنيه..أكتوبر الجديدة وأسوان والعبور الجديدة والعاشر من رمضان أبرز المدن..المشروع يستهدف ترشيد استهلاك الطاقة.. صور    بعد إدراج الكشري في اليونسكو.. التراث غير المادي مهدد بالاندثار دون توثيق    إعلام الاحتلال: إسرائيل تستعد لمواجهة عسكرية مع حزب الله نهاية العام    شيكاغو فاير يتمسك بصفقة ليفاندوفسكي    سطوحي قائمًا بأعمال عميد علوم عين شمس وطنطاوي للآثار    أبو الغيط: الاحتلال يُمعن في إفراغ وقف إطلاق النار بغزة من مضمونه    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    الصحة تكشف تفاصيل تجديد بروتوكول مواجهة الطوارئ الطبية لمدة 3 سنوات جديدة    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاربعاء 17-12-2025 في محافظة قنا    من سندرلاند إلى ليفربول.. خريطة غيابات الدوري الإنجليزي في كان 2025    مصطفى أبو سريع يعلن انفصاله عن زوجته ويعلق: كانت حق الأم المثالية لأولادي    وفاة نيفين مندور بطلة فيلم "اللي بالي بالك"    «كامل أبو علي»: أتمنى فتح صفحة جديدة وعودة العلاقات مع الأهلي    السجن 5 سنوات لعامل بتهمة إشعال النيران بسيارة مياه معدنية فى قنا    مرونة الإسلام.. وخلافات الصحابة    رسل الموت تنزل فى سراييفو    سعر الدولار اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025 في مصر    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام الطرح الخاص للشركة العملية للطاقة» وإدراجها في بورصة الكويت    اسعار الخضروات اليوم الاربعاء 17 ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    وكيل صحة الإسماعيلية تُحيل المقصرين بوحدة «أبو جريش» للتحقيق    «ترامب» يحذر فنزويلا من صدمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة    أحمد مراد: لم نتعدى على شخصية "أم كلثوم" .. وجمعنا معلومات عنها في عام    اللاعب يتدرب منفردًا.. أزمة بين أحمد حمدي ومدرب الزمالك    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت فى كأس عاصمة مصر    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ياسر رزق يكتب : التقديرات الخائبة لحكومة إسرائيل
ورقة وقلم
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 15 - 05 - 2021

على ‬مدار ‬عقد ‬مضى، ‬ظل ‬الفلسطينيون ‬فى ‬عراء ‬سياسى، ‬دونما ‬غطاء ‬عربى ‬حتى ‬ولو ‬كان ‬رمزياً، ‬باستثناء ‬دور ‬مصر ‬الراعى ‬الحقيقى ‬والوحيد ‬للقضية ‬الفلسطينية.‬
لا الجيوش، ولا الصواريخ، ولا القنابل، هى التى ستدمر إسرائىل.
إسرائيل مدججة بالسلاح حتى الأظافر والأسنان، بأحدث طائرات القتال والدبابات والغواصات ذات القدرة على إطلاق الصواريخ المزودة برؤوس نووية، ومحاطة بسياج دفاعى من مضادات الصواريخ فى منظومة القبة الحديدية، وبسياج سياسى قوامه تواطؤ عالمى يجمع القوى العظمى شرقاً وغرباً يوفر لها حماية دولية من أى عقوبات على أى جرائم ترتكبها، ويكفل لها التفوق العسكرى على كل جيرانها العرب.
لديها ما بين 80 سلاحا نوويا عياريا − أى بقوة القنبلة الذرية التى ألقيت على هيروشيما، وفقا لتقديرات معهد ستوكهلم لأبحاث السلام − إلى 200 سلاح نووى وفقا لما جاء فى رسالة سرية تم تسريبها من أوراق كولين باول وزير الخارجية الأمريكى فى عهد إدارة بوش الابن.
نصف هذه الأسلحة النووية جاهز للإطلاق من صواريخ "أريحا−2" ومداها 1400 كيلومتر، وصواريخ "اريحا−3" ومداها يقترب من 5 آلاف كيلومتر. والباقى يمكن تحميله على طائرات "إف−15" وطائرات الفانتوم "إف−4".
لكن كل تلك الترسانة العسكرية الهائلة، لا تستطيع أن توفر لإسرائيل الأمن أو الاستقرار، ولا تستطيع أن تضمن لها البقاء..!
---
قد تستطيع عناصر المقاومة إلحاق الأذى بإسرائيل، عن طريق الحرب غير المتماثلة، أى الحرب غير النظامية، عن طريق الكمائن وأعمال الإغارة والقصف والتفجير، لكن ذلك لا يدمر قدرة عسكرية، ولا يسفر عن الحاق خسائر بشرية فادحة، وبالقطع لا يحقق نصرا فى معركة.
لكنه فى أقل تقدير يصيب سكان إسرائيل بالرعب ويجبرهم على البقاء فى ملاجئ تحت الأرض، قد تحقق أمانا لأجسادهم، لكنها لا يمكن أن توفر أمنا لنفوسهم.
---
دمار إسرائيل، هو فى قنبلة الظلم والعنصرية وشهوة القتل، التى يشعل فتيلها قادة الدولة العبرية، فى داخل أرض فلسطين التاريخية.
التهديد الأكبر لإسرائيل لا يتأتى من جيرانها، ولا من غزة وفصائلها ورشقات صواريخها محدودة التأثير التى هى أقرب إلى صرخات مظلوم، أو خربشات من يختنق فى وجه من يحكم الخناق على رقبته.
إنما التهديد الحقيقى لأمن واستقرار بل بقاء هذه الدولة، مصدره من داخل إسرائيل نفسها، فى حيفا وعكا وتل أبيب وعسقلان وغيرها من أرض 1948 أو ما يعرف بالخط الأخضر.
---
نحو 21٪ من عدد سكان إسرائيل البالغ 9 ملايين نسمة، من العرب أى أن عددهم فى حدود 2٫3 مليون إنسان.
قد تستطيع الوثائق تغيير جنسية هؤلاء الفلسطينيين، قد تستطيع أن تجعلهم ببطاقات الهوية أو جوازات السفر يحملون الجنسية الإسرائيلية.
لكن لا إسرائيل ولا غير إسرائيل، استطاعت أن تنزع من قلوبهم انتماءهم الفلسطينى وهويتهم العربية.
فى انتفاضة الأقصى الجديدة، التى جاءت بعد مسعى حكومة نتنياهو لإجلاء سكان حى الشيخ جراح المقدسى الفلسطينى من منازلهم ومنحها للمستوطنين، وبعد أعمال اقتحام المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين فى رمضان، وبعد القصف الوحشى لأحياء قطاع غزة وهدم المنازل على رءوس سكانها العزل، تفجرت ثورة غضب فى المدن الإسرائيلية التى يقطنها سكان عرب، أثارت ذعر الرئيس الإسرائيلى الذى قال إن دولته تواجه خطر حرب أهلية، ودفعت رئيس الوزراء نتنياهو إلى مكاشفة الإسرائيليين بأن دولتهم تخوض معركة على جبهتين هما غزة والمدن الإسرائيلية.
- العدوان الغاشم قد يقتل افراداً لكنه لا يمكن أن يقتل شعبا بأكمله
---
ربما تستطيع آلة القتل الإسرائيلية، بالقصف الجوى والصاروخى لقطاع غزة، واغتيال قيادات المقاومة، أن توقف انتفاضة الداخل الفلسطينى ضد العدوان على القدس العربية والمسجد الأقصى، بعض الوقت.
وربما تقدر قوات الشرطة وحرس الحدود المعززة بوحدات الجيش الإسرائيلى والمتسترة على جرائم المستوطنين والمواطنين اليهود، أن تقمع مؤقتا انتفاضة المواطنين العرب الغاضبين فى مدن 1948.
لكن إسرائيل، لن تستطيع بالقتل والقمع والاغتيال الممنهج، أن تنزع من قلوب الفلسطينيين، داخل أرض 1948 وفى الضفة وغزة، تصميمهم على الحرية والاستقلال، والإحتفاظ بعروبة القدس بما فيها البلدة القديمة وفى القلب منها الحرم المقدسى وطريق الآلام.
ولعل أخطر ما فى الاضطرابات التى تشهدها المدن الإسرائيلية، أن محركها ووقودها، حلم شباب عرب، من جيل ولد آباؤهم، بل أجدادهم فى ظل دولة إسرائيل، وتعلموا فى مدارسها تاريخاً مزيفاً يقلب الوقائع، ويجعل من الأباطيل حقائق.
لكن أبناء هذا الجيل لم يفقدوا هويتهم العربية الفلسطينية، ورضعوها مع حليب أمهاتهم، وتجرعوا الظلم والعنصرية فى مجتمع يجعل العرب مواطنين من الدرجة الثالثة.
وأدركوا المغزى الحقيقى من تعبير حل الدولتين، وهو دولة يهودية ودولة فلسطينية، الذى يرفضه حكام إسرائيل برغم عنصريته الفاضحة.
فما معنى إنشاء دولة يهودية، بينما إسرائيل قامت فى عام 1948، واعترف بها المجتمع الدولى، إلا إذا كان القصد هو إقامة دولة لليهود، لا مكان فيها للعرب إلا كمقيمين لا مواطنين فى أحسن الأحوال، أو أن يتم ترحيلهم فى "ترانسفير" جديد إلى الدولة الفلسطينية، لتكون إسرائيل هى دولة تشرعن العنصرية لا مكان فيها لغير اليهود، بموافقة المجتمع الدولى.
ولقد كان المسيحيون العرب الفلسطينيون من سكان أرض 1948، يداً بيد مع إخوانهم المسلمين العرب الفلسطينيين فى انتفاضة الغضب على مخطط استكمال تهويد ما تبقى من القدس العربية وانتهاك قدسية المسجد الأقصى.
ولعل ذلك يضىء إشارات الخطر فى أذهان حكام إسرائيل، بأن محاولات الفصل بين المسيحيين والمسلمين العرب محكوم عليها بالفشل، فالقدس العربية هى مدينة المسلمين والمسيحيين، يتجاور فى بلدتها القديمة الأقصى وقبة الصخرة، مع كنيسة القيامة درة كنائس طريق الآلام المقدس.
ولعله يكشف أن القمع والرصاص لا يفلح أبداً فى تغيير هوية، ولا فى رضوخ لظلم، ولا فى قبول لعنصرية.
---
تحيا إسرائيل فى غلالة من باطل تردده منذ قيامها، بأنها واحة للديمقراطية فى منطقة تتربص دولها بها للقضاء عليها وتدميرها.
لكن الرأى العام العالمى، بدأ يدرك عن طريق وسائل التواصل الاجتماعى وبعض شبكات التليفزيون التى لا تستطيع إخفاء كل الحقائق، أن إسرائيل ليست أبدا واحة للديمقراطية، بدليل الرصاص الحى الذى واجهت به المتظاهرين السلميين من سكانها العرب، وليست دولة سلام، بل إنها نموذج حى لإرهاب الدولة بدليل القصف العشوائى على المدنيين فى غزة وأعداد الضحايا من الأطفال والنساء، واقتحام دور العبادة والاعتداء على المصلين واعتقالهم.
لكن هل يريد العرب تدمير إسرائيل؟
رسمياً على الأقل، لا أحد فى العالم العربى يدعو إلى تدمير إسرائيل أو يسعى إلى القضاء عليها.
منذ حرب أكتوبر.. كان العرب يمدون يد السلام إلى إسرائيل برغم أنها هى المغتصبة لأراضيهم والمعتدية على شعوبهم.
فى عام 1979.. وقعت مصر معاهدة سلام مع إسرائيل لاستكمال الانسحاب الإسرائيلى من سيناء.
فى مؤتمر مدريد عام 1990.. اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعى للفلسطينيين ب "حق إسرائيل فى العيش بسلام وأمن".
بعدها بثلاث سنوات، تم توقيع اتفاق أوسلو بين الفلسطينيين وإسرائيل.
لكن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خرقت الاتفاق مرات عديدة، وتنصلت من كل الاتفاقات والتفاهمات التى جرى التوصل إليها فى السنوات التالية، وأعادت احتلال مناطق كانت قد انسحبت منها فى الضفة الغربية، وواصلت إنشاء المستعمرات اليهودية فى الضفة والقدس، واستمرأت الاعتداء على المدنيين الفلسطينيين بالسلاح الأمريكى.
فى عام 1994، وقعت الأردن معاهدة السلام المعروفة باسم "وادى عربا" مع إسرائيل.
وفى قمة بيروت عام 2002، تبنت الدول العربية مبادرة سلام أطلقها الملك عبدالله عاهل السعودية، تؤكد أن السلام خيار استراتيجى للعرب، وتدعو إلى إنشاء دولة فلسطينية على حدود 1967 والانسحاب من الجولان، فى مقابل الاعتراف وتطبيع الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل.
وبرغم أن إسرائيل لم تقبل مبادرة السلام العربية التى عرفت بعنوان " الانسحاب الشامل فى مقابل التطبيع الكامل"، فقد سارعت دول عربية إلى التطبيع فوق الكامل، دونما انسحاب ولا سلام ولا حتى قبول إسرائيلى بإنشاء دولة فلسطينية.
---
على مدار عقد مضى، ظل الفلسطينيون فى عراء سياسى دونما غطاء عربى حتى ولو كان رمزياً.. باستثناء دور مصر، الراعى الحقيقى والوحيد للقضية الفلسطينية.
بذلت مصر على مدار السنوات الماضية جهوداً مضنية لجمع الشمل الفلسطينى تكللت بالنجاح بإبرام اتفاق القاهرة منذ ثلاثة أشهر الذى أسفر عن توافق الفصائل الفلسطينية، بجهد من المخابرات العامة ورعاية مباشرة من الرئيس عبدالفتاح السيسى على إجراء الانتخابات الفلسطينية التشريعية والرئاسية فى غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ونبذ الانقسام والفرقة بين المكونات الوطنية الفلسطينية.
تربصت إسرائيل بالاتفاق الذى يدحض إدعاءها بعدم وجود شريك فلسطينى يمكن أن تتفاوض معه فى ظل الانقسام.
وحرصت على ألا تتم الانتخابات فى القدس، وأشعلت انتفاضة الأقصى، وأطلقت العنان لمخططها الاستيطانى فى حى الشيخ جراح شرقى البلدة القديمة بالقدس الشرقية، لإخلاء منازله من سكانها الذين يعيشون فيها منذ قديم الأزل، لصالح مستوطنين يهود جىء بهم من شتى بقاع الأرض..!
على ما يبدو كان لذلك المخطط هدفان.
أولهما المضى فى الاستيطان بلا هوادة، حتى إذا جاء أوان المفاوضات تحت أى ظروف أو ضغوط، لا يكون ثمة أراض يمكن التفاوض على الانسحاب منها فى الأرض المحتلة، التى صارت كقطعة الجبن السويسرية المليئة بالثقوب، غير أن الثقوب ليست هى المستوطنات، وإنما هى بؤر فلسطينية فى محيط ملىء بالمستعمرات اليهودية..!
وثانيهما قطع الطريق على الانتخابات التشريعية والرئاسية عبر رفض إجرائها فى القدس، بحجة أن الحكومة المؤقتة القائمة الآن فى إسرائيل لا تستطيع اتخاذ قرار كهذا.
ومن ثم إما يكون أمام الفلسطينيين القبول بعدم تمكين أبناء القدس من التصويت، مما يعنى رضوخاً لإرادة إسرائيل ومسعاها لاعتبار القدس الشرقية جزءا من أراضيها، وأن المقيمين فيها لا يمكنهم حتى مجرد التصويت كجاليات وليس أصحاب أرض ووطن.
وإما الإصرار على عدم إجراء الانتخابات، بغير المقدسيين، وهو ما يؤدى إلى تأجيلها لأمد غير معلوم، يرجئ وجود "شريك" فى التفاوض، ويعيد الانقسام إلى الصف الفلسطينى..!
---
لكن الذى حدث أن قلوب العرب اجتمعت حول القضية الفلسطينية بعد طول بعاد، وأن الانقسام لم يعد مقبولاً فى قاموس الصف الوطنى الفلسطينى، وأن الحواجز والمتاريس والأسوار التى تفصل بين أرض 1948 والأرض المحتلة، لم تقدر على أن تعزل فلسطينيى الضفة وغزة عن فلسطينيى الخط الأخضر أو من تسميهم الدولة العبرية ب "عرب إسرائيل".
خابت تقديرات الحكومة الإسرائيلية التى سقطت أسيرة لفكرة أن القمع والتهويد سينهى ما تبقى من القضية الفلسطينية.
ومن حيث لا تريد ولا ترغب، أخرجت إسرائيل بقنابلها وصواريخها ورصاصاتها قضية فلسطين من حالة الموت السريرى التى ظلت حبيسة فيها منذ أحداث "الربيع العربى"، ووضعتها بأيديها فى دائرة الاهتمام العالمى، وبؤرة تركيز الرأى العام العربى الذى ينتفض غضبا وثورة على العدوان الإسرائيلى على البشر والحجر والحقول فى أرض فلسطين.
---
من موقع المتابع والراصد، أجد ثلاثة أهداف للتحرك المصرى تجاه انتفاضة "الأقصى −2021"، وتداعياتها فى غزة والأرض الفلسطينية.
-- وقف العدوان الإسرائيلى فى مقابل وقف قصفات المقاومة كرد على الاعتداءات، ومحاولة التوصل إلى هدنة طويلة الأمد.
-- الاحتفاظ بثمار اتفاق القاهرة للمصالحة بين الفصائل، وعدم إهدارها والعودة إلى المربع رقم "1".
-- تسليط الأضواء على أهمية العودة إلى مائدة المفاوضات، على أساس حل الدولتين، وحشد الجهود الدولية لتحقيق هذا الهدف، ولعل الاتصالات المقرر أن يجريها الرئيس السيسى خلال الأيام القادمة سوف تتركز على ضرورة استئناف التفاوض وإنهاء الصراع.
ولعلنا نتذكر نداء السيسى للسلام الذى أطلقه قبل 5 سنوات بالضبط من أسيوط.
ثم مطالبته مرتين من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة فى شهر سبتمبر عامى 2016 و2017، بالمضى على طريق السلام كسبيل لا غنى عنه لتغيير وجه منطقة الشرق الأوسط لصالح شعوبها.
---
مازالت إسرائيل تصم أذنيها عن الاستماع لصوت العقل، وتواصل رفض وقف عدوانها، ظنا بأنها سوف تستطيع تدمير قدرات المقاومة وسفك أكبر قدر من الدماء الفلسطينية، لعلها بذلك تردع الفلسطينيين عن الرد على اعتداءاتها فى المستقبل، وتدفعهم إلى الرضوخ والإذعان..!
غير أن التاريخ الذى تتشدق به إسرائيل، وتحاول أن تقلب به أوجه الحقائق، يبدو أن حكام الدولة العبرية لا يجيدون قراءة دروسه.
فإذا كنت تستطيع أن تقتل أفراداً، فلا تستطيع أن تقتل فكرة الحرية فى نفوس جيل حالى وأجيال آتية، وإذا كنت تقدر أن تسفك الدماء انهاراً، فإنك لا تقدر أن تقتل شعباً بأكمله.
تحاول إسرائيل تهويد القدس العربية نهائياً، وتتمنى هدم المسجد الأقصى لإنشاء وهم الهيكل الثالث، غير أنها فى الحقيقة تحول القدس مدينة الأديان من أرض يجب أن تجمع قلوب أبناء الديانات الثلاث، إلى شرارة تشعل حرباً دينية، لن يكون المهزوم فيها العرب والمسلمين.
لست أسدى النصح للحكومة الإسرائيلية، ولست حريصاً على أن تتجنب خوض حرب على جبهتى غزة ومدن الداخل.
لكنى أذكر حكام إسرائيل وقياداتها الدينية بما جاء فى العهد القديم فى ثلاثة من أسفاره عن القصاص من الأذى. ولقد نص سفر اللاويين على أنه: "كسر بكسر، وعين بعين، وسن بسن، كما أحدث عيباً فى الإنسان كذلك يحدث فيه".
تلك شريعة الله فى توراته وقرآنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.