كانت تدرك أنها متزوجة من شبح، تستيقظ ليلا فلا تجده بجوارها، نهارا يخرج حاملا فأسه للعمل فى مزارع الصحراء، لا يجتمعان معا سوى سويعات قليلة عصرا، بعدها تعود الكرة، يظهر ويختفى، حتى حدث ما كانت تخشاه.. خرج ولم يعد. هى فتاة صغيرة فى السن لا يتجاوز عمرها 17 عاما، بل قد تكون أصغر من تزوجت فى قريتها، لكن رغم ذلك كانت تملك عقلا واعيا، فهى الوحيدة التى كشفت سر زوجها الذى حير أهل القرية، بعد زواج لم يدم سوى أشهر قليلة. كانت تعلم أن وراء هذا الإختفاء سببا، ليس معقولا أن يكون هذا الرجل الغريب الذى هبط فجأة على قريتهم لا يحمل سرا دفعه إلى مغادرة بلدته فى الصعيد أقصى الجنوب والذهاب إلى أبعد قرية فى محافظة البحيرة أقصى الشمال. كثيرا ما كانت تتحفظ على هذا السر، لم تخبر أباها باختفاء زوجها وظهوره كل فترة، لكنها قررت أن تبحث عن لغز هذا الرجل الشبح الذى يسكن حجرتها نهارا ويختفى ليلا. قررت الزوجة بعد تفكير استمر أيام، أن تراقب زوجها لتكتشف سر اختفائه ليلا.. أعدت عدتها، وعندما حان وقت النوم وأظلمت الحجرة، أغمضت عينيها، وأوحت إليه أنها قد غرقت فى النوم، وعندما اطمأن زوجها، نهض ببطء من على الفراش، تحرك سيرا على أصابع قدميه فى اتجاه باب الحجرة، ارتدى جلبابه المعلق على الحائط ثم خرج وهو يلتف بعينيه يمينا ويسارا وكان هناك شخص آخر يسكن البيت ويخشاه غير وزوجته. بمجرد أن أغلق باب المنزل..ساد السكون البيت لدقائق، وبعد أن اطمأنت الزوجة، أنه قد غادر، نهضت مسرعة إلى النافذة، تتبعت خطواته بعينيها، ورسمت طريق وجهته بعقلها، فالقرية لا تعدو عن كونها شارعين تحيط بها مزارع الليمون..، إلا انه فجأة اختفى عن أنظارهم..تاه وسط الأشجار، دخل مزارع يغلقها الظلام. فى هذه اللحظة توقفت الزوجة..عادت بأدراجها إلى الخلف فى قلق وترقب..فهى تعرف جيدا أنه ليس مطلوبا منها أن تدخل هذه المزارع، فقد امتلأ عقلها وهى طفلة صغيرة بقصص وحكايات عن أشباح وعفاريت تسكن هذه المزارع والأشجار. ظلت دقائق تفكر، حتى انتبهت إلى أمر هام، لقد حمل زوجها غطاء وهو فى طريقه إلى مزارع الليمون..من هنا أدركت انها يجب ان تخاطر، قد يكون متزوجا من امرأة أخرى، تناست أضغاث الطفولة، وقادتها أقدامها إلى المكان الذى يختفى فيه زوجها..لتكتشف أنه يبيت هنا تحت إحدى الأشجار.. يشعل النيران بجواره، ثم يخلد للنوم حتى الصباح. عادت أدراجها بسرعة إلى البيت، ظلت مستيقظة حتى شروق الشمس.. دخل زوجها المنزل، وهو يردد أدعية وتسابيح وكأنه أراد أن يقطع الطريق عليها ويخبرها أنه قادم من صلاة الفجر. لم تعط الزوجة الشابة زوجها وقتا للراحة، واجهته بما شاهدته ليلة أمس، وطلبت منه أن يقول لها الحقيقة قبل أن تخبر والدها بما رأت..تحجج الزوج بأسباب كثيرة، لكنه اعترف أخيرا. أخبرها بالسر الذى كان يردده أهل القرية بينهم عن الرجل الذى هبط فجأة إلى بلدتهم، وتزوج من ابنتهم دون أن يحضر زفافه أحد أو حتى يتحدث عن عائلته وموطنه ونسبه.. اعترف الزوج أنه هارب من ثأر فى الصعيد.. قال إنه قتل كبير عائلة هناك، لذلك قررالهروب بعيدا حتى لا يقتل كما يحدث بين العائلات. تقول الفتاة لقاضى محكمة الأسرة بحوش عيسى..لم أقتنع بما قاله زوجى، الهارب من الثأر يسكن الجبال، يختفى عن الأنظار يغير هيئته واسمه، أما زوجى فهو يذهب إلى العمل نهارا، يختلط بالناس،يرتاد المدينة ويتجول بين المحافظات، لكنه كثيرا ما يخشى الأماكن التى تتواجد فيها الشرطة، أما الأماكن الأخرى فيظهر فيها للعلن. وتضيف: أدركت سيدى القاضى أن هناك لغزا يجعل زوجى يختفى ليلا، حصلت على صورة من بطاقته الشخصية وأرسلتها لقريب لى يعمل فى المباحث، ليخبرنى بصاعقة مدوية.. زوجى مطلوب قضائيا لاتهامه فى أكثر من 50 قضية أسرة، تشمل نفقة ومتعة وتبديد وسرقة كما أنه هرب من قسم الشرطة أكثر من مرة منذ عامين.. والغريب سيدى القاضى أن الدعوى مقامة من 4 سيدات كن زوجات له، منهن اثنتان فى البحيرة والثالثة من الاسكندرية والرابعة من سوهاج. وتضيف الزوجة: انتظرته حتى أخبره بحقيقته، لكنه لم يعد، مر يوم، أسبوع، شهر وزوجى لم يظهر، حتى أنجبت ابنى بعد عام من زواجنا وهو مختفٍ عن المنزل. لم أصبر سيدى القاضى، قررت أن أصل لحقيقة الرجل.. طلبت من قريب لى أن يعطينى عنوان إحدى السيدات مقيمات الدعاوى ضد زوجى..حصلت عليه وتوجهت إليها بصحبة والدى..وهناك اكتشفت اللغز الأكبر. نعم سيدى القاضى اكتشفت أن زوجى دائم الهروب عندما يكتشف أن بداخل زوجته طفلا، لقد فعل ذلك مع 4 سيدات قبلى، ويتركهن بمجرد أن يخبرنه أنهن حوامل، كما أنه دائم التنقل من محافظة إلى أخرى، وآخر زيجاته سيدة تزوجها فى الإسكندرية عندما كان يعمل بواب هناك منذ عام وتركها بعد أن حملت فى طفلها، ليهرب إلى محافظة البحيرة ويتزوج منى ويتركنى كعادته. أنا هنا سيدى القاضى ليس لطلب الطلاق للهجر فقط، بل أطلب وأرجو أن يشمل حكمك مبدأ عاما يجبر الأزواج على تقديم شهادة للمأذون قبل عقد القران تثبت أنه ليس متزوجا من ثانية، وفى حال كان متزوجا عليه أن يخبر الزوجة الثانية بالموافقة فى الارتباط به أم لا،ويجب أن تكون هناك آلية لدى السيدات فى الكشف عن الزوجة الثانية بمجرد أن تدون اسم زوجها أو المتقدم إليها فى الخدمة المخصصة لذلك. وأخيرا سيدى القاضي.. اعترف أنني ووالدي أخطأنا في الموافقة على الارتباط من رجل غريب لا نعرف عن حقيقته شيئا، لكن ما يؤلمني هو ابني الذي أصبح يتيما كغيره من أبناء الزوجات الأربع بعد ان تأكدنا أننا لن نرى هذا الزوج مرة أخرى.. وما يؤلمنى أكثر أنه إذا لم يتوقف هذا الشبح عن جرمه، فإن ضحاياه سيكونون بالعشرات فى جميع المحافظات. روح القانون تلقينا وجهتي نظر يحملان دعوات ومطالب بمراجعة تعديلات قوانين وقرارات بعضها صدر والبعض الآخر مازال محل دراسة